غزل المرأة في الشعر الجاهلي
غزل المرأة في الشعر الجاهلي من أكثر الأمور التي تم استهدافها في قصائد الأدب الجاهلي، وذلك بسبب اتسام خصائص الأدب الجاهلي بالعاطفة والبكاء على الأطلال، ويعتبر الغزل واحد من أهم فنون الشعر في الأدب الجاهلي وحتى في عصرنا الحالي، لذلك في هذا الموضوع سنتعرف من خلال منصة وميض على أفضل القصائد الشعرية في غزل المرأة.
غزل المرأة في الشعر الجاهلي
يعتبر العصر الجاهلي أحد أهم العصور التي شهدت أثر كبير للأدب والشعر بشكل عام، كما تميز ذلك العصر بوجود الكثير من الشعراء العظماء مثل عنترة بن شداد وعمرو بن كلثوم وغيرهم، اتسم الأدب الجاهلي بالكلام البليغ ذو المعاني العميقة التي تعتمد على الأوصاف بالإضافة إلى الالتزام بالقوافي.
جاء في الشعر الجاهلي الكثير من الأوصاف التي كانت تعبر عن الحياة في هذا العصر كما تميز بأنواع كثيرة ووجود أنماط عديدة منه مثل الهجاء والرثاء، ومن أبرز الأنواع التي كانت مزدهرة هو شعر الغزل، حيث التزم الكثير من شعراء العصر الجاهلي بقصائد الغزل.
من أهم من اتسم بالغزل في الشعر هو الشاعر عنترة بن شداد حيث اعتاد على وصف محبوبته عبلة في أغلب قصائده، واشتهر شعر الغزل منذ قديم الأزل حيث في العصر الجاهلي لا توجد أي قصيدة تخلو من أبيات الغزل حتى وإن كان الغزل ليس الهدف الأساسي من القصيدة.
تمحور الغزل في العصر الجاهلي حول وصف جمال المرأة، لذا سنعرض فيما يلي أبرز قصائد غزل المرأة في الشعر الجاهلي.
اقرأ أيضًا: أجمل أبيات الشعر الجاهلي في الحكمة
قصائد غزل لعنترة بن شداد
عنترة بن شداد هو واحد من أشهر شعراء الأدب الجاهلي اشتهر بشعر الفروسية بالإضافة إلى شعر الغزل، حيث إنه كان متيم بمحبوبته عبلة وقام بتقديم شعر الغزل العفيف في أفضل صوره.
1- قصيدة أتاني طيف عبلة في المنام
في إطار الحديث عن غزل المرأة في الشعر الجاهلي، ونظرًا كون عنترة بن شداد من أبرز الشعراء وأهمهم الذين امتازوا في الغزل، سنذكر فيما يلي قصيدة أتاني طيف عبلة في المنام:
أَتاني طَيفُ عَبلَةَ في المَنامِ
فَقَبَّلَني ثَلاثاً في اللَثامِ
وَوَدَّعَني فَأَودَعَني لَهيباً
أُسَتِّرُهُ وَيَشعُلُ في عِظامي
وَلَولا أَنَّني أَخلو بِنَفسي
وَأُطفِئُ بِالدُموعِ جَوى غَرامي
لَمُتُ أَسىً وَكَم أَشكو لِأَنّي
أَغارُ عَلَيكِ يا بَدرَ التَمامِ
أَيا اِبنَةَ مالِكٍ كَيفَ التَسَلّي
وَعَهدُ هَواكِ مِن عَهدِ الفِطامِ
وَكَيفَ أَرومُ مِنكِ القُربَ يَوماً
وَحَولَ خِباكِ آسادُ الأَجامِ
وَحَقِّ هَواكِ لا داوَيتُ قَلبي
بِغَيرِ الصَبرِ يا بِنتَ الكِرامِ
إِلى أَن أَرتَقي دَرَجَ المَعالي
بِطَعنِ الرُمحِ أَو ضَربِ الحُسامِ
أَنا العَبدُ الَّذي خُبِّرتِ عَنهُ
رَعَيتُ جِمالَ قَومي مِن فِطامي
أَروحُ مِنَ الصَباحِ إِلى مَغيبٍ
وَأَرقُدُ بَينَ أَطنابِ الخِيامِ
أَذِلُّ لِعَبلَةٍ مِن فَرطِ وَجدي
وَأَجعَلُها مِنَ الدُنيا اِهتِمامي
وَأَمتَثِلُ الأَوامِرَ مِن أَبيها
وَقَد مَلَكَ الهَوى مِنّي زِمامي
رَضيتُ بِحُبِّها طَوعاً وَكَرهاً
فَهَل أَحظى بِها قَبلَ الحِمامِ
وَإِن عابَت سَوادي فَهوَ فَخري
لِأَنّي فارِسٌ مِن نَسلِ حامِ
وَلي قَلبٌ أَشَدُّ مِنَ الرَواسي
وَذِكري مِثلُ عَرفِ المِسكِ نامي
وَمِن عَجَبي أَصيدُ الأُسدَ قَهراً
وَأَفتَرِسُ الضَواري كَالهَوامِ
وَتَقنُصُني ظِبا السَعدِي وَتَسطو
عَلَيَّ مَها الشَرَبَّةِ وَالخُزامِ
لَعَمرُ أَبيكَ لا أَسلو هَواها
وَلَو طَحَنَت مَحَبَّتُها عِظامي
عَلَيكِ أَيا عُبَيلَةُ كُلَّ يَومٍ
سَلامٌ في سَلامٍ في سَلامِ
اقرأ أيضًا: أصعب أبيات الشعر الجاهلي
2- قصيدة رمت الفؤاد مليحة عذراء
من أهم قصائد الشعر الجاهلي التي قالها الشاعر عنترة بن شداد في حب عبلة التي كان يتغنى، فيما يلي أبرز أبيات غزل المرأة في الشعر الجاهلي:
رَمَتِ الفُؤَادَ مَليحَةٌ عَذراءُ
بِسِهامِ لَحظٍ ما لَهُنَّ دَواءُ
مَرَّت أَوانَ العيدِ بَينَ نَواهِدٍ
مِثلِ الشُموسِ لِحاظُهُنَّ ظُباءُ
فَاِغتالَني سَقَمي الَّذي في باطِني
أَخفَيتُهُ فَأَذاعَهُ الإِخفاءُ
خَطَرَت فَقُلتُ قَضيبُ بانٍ حَرَّكَت
أَعطافَهُ بَعدَ الجَنوبِ صَباءُ
وَرَنَت فَقُلتُ غَزالَةٌ مَذعورَةٌ
قَد راعَها وَسطَ الفَلاةِ بَلاءُ
وَبَدَت فَقُلتُ البَدرُ لَيلَةَ تِمِّهِ
قَد قَلَّدَتهُ نُجومَها الجَوزاءُ
بَسَمَت فَلاحَ ضِياءُ لُؤلُؤِ ثَغرِها
فيهِ لِداءِ العاشِقينَ شِفاءُ
سَجَدَت تُعَظِّمُ رَبَّها فَتَمايَلَت
لِجَلالِها أَربابُنا العُظَماءُ
يا عَبلَ مِثلُ هَواكِ أَو أَضعافُهُ
عِندي إِذا وَقَعَ الإِياسُ رَجاءُ
إِن كانَ يُسعِدُني الزَمانُ فَإِنَّني
في هِمَّتي بِصُروفِهِ إِزراءُ
3- قصيدة سلا القلب عما كان يهوى
من أبرز قصائد الشاعر عنترة بن شداد في الغزل العفيف هذه القصيدة وفيما يلي أبرز أبيات غزل المرأة في الشعر الجاهلي:
سَلا القَلبُ عَمّا كانَ يَهوى وَيَطلُبُ
وَأَصبَحَ لا يَشكو وَلا يَتَعَتَّبُ
صَحا بَعدَ سُكرٍ وَاِنتَخى بَعدَ ذِلَّةٍ
وَقَلبُ الَّذي يَهوى العُلا يَتَقَلَّبُ
إِلى كَم أُداري مَن تُريدُ مَذَلَّتي
وَأَبذُلُ جُهدي في رِضاها وَتَغضَبُ
عُبَيلَةُ أَيّامُ الجَمالِ قَليلَةٌ
لَها دَولَةٌ مَعلَومَةٌ ثُمَّ تَذهَبُ
فَلا تَحسَبي أَنّي عَلى البُعدِ نادِمٌ
وَلا القَلبُ في نارِ الغَرامِ مُعَذَّبُ
وَقَد قُلتُ إِنّي قَد سَلَوتُ عَنِ الهَوى
وَمَن كانَ مِثلي لا يَقولُ وَيَكذِبُ
هَجَرتُكِ فَاِمضي حَيثُ شِئتِ وَجَرِّبي
مِنَ الناسِ غَيري فَاللَبيبُ يُجَرِّبُ
لَقَد ذَلَّ مَن أَمسى عَلى رَبعِ مَنزِلٍ
يَنوحُ عَلى رَسمِ الدِيارِ وَيَندُبُ
وَقَد فازَ مَن في الحَربِ أَصبَحَ جائِل
يُطاعِنُ قِرنًا وَالغُبارُ مُطَنِّبُ
نَديمي رَعاكَ اللَهُ قُم غَنِّ لي عَلى
كُؤوسِ المَنايا مِن دَمٍ حينَ أَشرَبُ
وَلا تَسقِني كَأسَ المُدامِ فَإِنَّه
يَضِلُّ بِها عَقلُ الشُجاعِ وَيَذهَبُ
اقرأ أيضًا: أجمل أبيات الشعر الجاهلي في الغزل
قصائد الغزل لقيس بن الملوح
اشتهر قيس بن الملوح بقصائد الغزل التي كان يعبر فيها عن حبه لمحبوبته ليلى، حيث إن قصة عشق قيس وليلى من أبرز قصص الحب التي تم ذكرها في الأدب الجاهلي، فيما يلي أبرز قصائد الشاعر قيس بن الملوح:
1- قصيدة لو كان لي قلبان
في هذه القصيدة يعبر الشاعر قيس بن الملوح عن حبه لمحبوبته ليلى من خلال بعض التشبيهات والصور الجمالية، حيث أشار الشاعر أن في حالة امتلاكه لقلبان فإنه سوف يحب ليلى أضعاف ما يحبها، فيما يلي أبيات هذه القصيدة:
لو كانَ لي قلبان لعشت بواحدٍ
وأفردتُ قلباً في هواكَ يُعذَّبُ
لكنَّ لي قلباً تّمَلكَهُ الهَوى
لا العَيشُ يحلُو لَهُ ولا الموتُ يَقْرَبُ
كَعُصفُورةٍ في كفِّ طفلٍ يُهِينُها
تُعَانِي عَذابَ المَوتِ والطِفلُ يلعبُ
فلا الطفل ذو عقلٍ يرِقُّ لِحالِها
ولا الطّيرُ مَطلُوقُ الجنَاحَينِ فيذهبُ
2- قصيدة فواكبدا من حب لا يحبني
من اسم هذه القصيدة فإن الشاعر يعبر فيها عن هجر حبيبته له وأنه مازال يحبها ولن يتوقف عن ذلك حتى وإن كان هي لا تحبه، فيما يلي أبيات هذه القصيدة:
فَواكَبِدا مِن حُبِّ مَن لا يَحُبُّني
وَمِن زَفَراتٍ ما لَهُنَّ فَناءُ
أَرَيتِكِ إِن لَم أُعطِكَ الحُبَّ عَن يَدِ
وَلَم يَكُ عِندي إِذ أَبَيتِ إِباءُ
أَتارِكَتي لِلمَوتُ إِنّي لَمَيِّتٌ
وَما لِلنُفوسِ الهالِكاتِ بَقاءُ
إِذ هِيَ أَمسَت مَنبِتُ الرَبعِ دونَها
وَدونَكِ أَرطىً مُسهِلٌ وَأَلاءُ
فَلا وَصلَ إِلّا أَن يُقارِبَ بَينَنا
قَلائِصُ في أَذنابِهِنَّ صَفاءُ
يَجُبنَ بِنا عُرضَ الفَلاةِ وَما لَنا
عَليهِنَّ إِلّا وَحدَهُنَّ شِفاءُ
إِذا القَومُ قالوا وِردُهُنَّ ضُحى غَدٍ
تَواهَقنَ حَتّى وِردُهُنَّ عِشاءُ
إِذا اِستُخبِرَت رُكبانُها لَم يُخَبَّروا
عَلَيهُنَّ إِلّا أَن يَكونَ نِداءُ
اقرأ أيضًا: الادب في العصر الجاهلي
شعر الغزل في العصر الجاهلي
يوجد الكثير من الشعراء الذين اتصف شعرهم بالغزل والعشق الأسطوري، وأبرز شعراء العصر الجاهلي الذين تميزوا في غزل المرأة في الشعر الجاهلي هم قيس بن الملوح، بالإضافة إلى عنترة بن شداد، والكثير من الشعراء مثل وضاح اليمن وجميل.
يعرف الغزل في عصر ما قبل الإسلام بأنه يقال في وصف النساء، يعتبر هذا النوع فن من فنون الشعر الذي مارسها الشعراء بدايةً من العصر الجاهلي وصولًا إلى عصرنا الحالي، يكون الغزل من خلال وصف جمال المحبوبة والتغني به والبكاء على الأطلال.
يعبر الشعراء عن الاشتياق للمحبوبة من خلال قولهم لشعر الغزل، كما أن الغزل يعبر عن حزن الشاعر عن فراقه للمحبوبة، تحتوي قصائد الغزل على كافة المشاعر التي يرغب الشاعر في التعبير عنها من خلال أحاسيسه وانفعالاته، كما يعمل على عكس التجربة الشعرية للشاعر.
بسبب احتلال شعر غزل المرأة في الشعر الجاهلي مكانة كبيرة، تعددت أنواع شعر الغزل حيث انقسمت إلى نوعين، ألا وهما:
1- شعر الغزل العذري
يعبر الغزل العذري عن حرارة حب الشاعر وأحاسيسه ولكن بدون قول ألفاظ فاحشة أو استخدام بعض التعبيرات الفظة أو الحديث عن جمال جسم المحبوبة، يتميز هذا النوع من الغزل بأن الشاعر يكون له محبوبة واحدة إلى جانب أن القصائد تتميز بالعفة وصدق الأحاسيس والمشاعر.
من خصائص هذا النوع من الغزل هو وحدة الموضوع حيث إنها الصفة الأكثر انتشارًا وذلك لأن الشاعر في الغالب يكون همه هو الحب ولا يشغل باله سوى مشاعر محبوبته فقط.
اقرأ أيضًا: شعر عن الخيل والمرأة
2- الغزل الصريح
يعرف هذا النوع من الغزل بالغزل الفاحش أو الحضري وذلك بسبب أنه ظهر في المدينة بشكل أكبر وكان الشعراء الذين يتسمون به هم من أهل الحضر، وهو فاحش بسبب أن الشعراء كانوا يعبرون ويصفون لذة الوصال بين النساء والرجال.
بالإضافة إلى أنهم بالغوا بشكل كبير في ذلك، كما عملوا على وصف الشهوات الدنيوية والملذات.
يعبر الشعراء في الغزل الفاحش عن كافة المشاعر التي يشعرون بها بكل العبارات اللائقة وغير اللائقة كما يتطرقون إلى وصف مفاتن المحبوبة وجسدها بأدق التفاصيل، يتميز هذا النوع من الغزل بعدم ثبات الشاعر على محبوبة أو امرأة واحدة فقط بل أن الشعراء تميزوا بتعدد المحبوبات والنساء في حياتهم.
يعتبر غزل المرأة في الشعر الجاهلي من أبرز الأشعار التي اهتم بها شعراء الأدب الجاهلي، وذلك بسبب رغبتهم الشديدة في التعبير عن مشاعر حبهم للمحبوبة.