أجمل أبيات الشعر الجاهلي في الحكمة
أجمل أبيات الشعر الجاهلي في الحكمة من شأنها أن تشعرنا بصقل اللغة العربية ومدى اتساعها لتشمل العديد من المصطلحات والمفردات القوية التي لا يمكن أن نجدها في أي من اللغات الأخرى، لذا دعونا نغوص في بحر من بحور الشعر العريقة وهو الشعر الجاهلي الذي يتناول التحدث عن الحكمة، وذلك عبر منصة وميض.
أجمل أبيات الشعر الجاهلي في الحكمة
كنا نسمع قديمًا في الإذاعة المدرسية مقولة “خذوا الحكمة من أفواه الحكماء” ذلك لأن الحكمة والفطنة من أفضل الشيم التي تضمن للشخص أن يصل إلى المراتب العالية في حياته، فهي تحسن من طريقة تعامله مع الكثير من المواقف، فلابد وأن تكون النتيجة رائعة في تلك الحالة.
لذا أراد شعراء العصر الجاهلي أن يوضحوا لنا أهمية تلك الصفة، وذلك من خلال تركهم أجمل أبيات الشعر الجاهلي في الحكمة لنا، حيث تناقلت عبر الأجيال لتصل إلينا، لذلك دعونا نستفيض في تلك الأبيات الشعرية المميزة من خلال التعرف على القصائد الآتية:
1- قصيدة أمن أم أوفى دمنة
فنحن بصدد التعرف على قصيدة (أمن أم أوفى دمنة لم تكلم) تلك القصيدة التي تكونت من عدة أبيات أقل ما يقال عنها إنها توضح مدى عراقة وقوة اللغة العربية، فهي تحتوي على الكثير من الكلمات الصعبة، إلا أنه بالرغم من ذلك نجد أن بها كم هائل من الصفات التي يجب أن تتحلى بها الشخصية السوية.
لذا ومن خلال ما يلي دعونا نتعرف على أجمل أبيات الشعر الجاهلي في الحكمة التي قيلت في تلك القصيدة، حيث جاءت على النحو التالي:
أَمِن أُمِّ أَوفى دِمنَةٌ لَم تَكَلَّمِ
بِحَومانَةِ الدُرّاجِ فَالمُتَثَلَّمِ
وَدارٌ لَها بِالرَقمَتَينِ كَأَنَّها
مَراجِعُ وَشمٍ في نَواشِرِ مِعصَمِ
بِها العَينُ وَالأَرآمُ يَمشينَ خِلفَةً
وَأَطلاؤُها يَنهَضنَ مِن كُلِّ مَجثِمِ
وَقَفتُ بِها مِن بَعدِ عِشرينَ حِجَّةً
فَلَأيًا عَرَفتُ الدارَ بَعدَ التَوَهُّمِ
أَثافِيَّ سُفعًا في مُعَرَّسِ مِرجَلٍ
وَنُؤيًا كَجِذمِ الحَوضِ لَم يَتَثَلَّمِ
فَلَمّا عَرَفتُ الدارَ قُلتُ لِرَبعِها
أَلا عِم صَباحًا أَيُّها الرَبعُ وَاِسلَمِ
تَبَصَّر خَليلي هَل تَرى مِن ظَعائِنٍ
تَحَمَّلنَ بِالعَلياءِ مِن فَوقِ جُرثُمِ
عَلَونَ بِأَنماطٍ عِتاقٍ وَكِلَّةٍ
وِرادٍ حَواشيها مُشاكِهَةِ الدَمِ
وَفيهِنَّ مَلهىً لِلصَديقِ وَمَنظَرٌ
أَنيقٌ لِعَينِ الناظِرِ المُتَوَسِّمِ
بَكَرنَ بُكورًا وَاِستَحَرنَ بِسُحرَةٍ
فَهُنَّ لِوادي الرَسِّ كَاليَدِ لِلفَمِ
جَعَلنَ القَنانَ عَن يَمينٍ وَحَزنَهُ
وَمَن بِالقَنانِ مِن مُحِلٍّ وَمُحرِمِ
ظَهَرنَ مِنَ السوبانِ ثُمَّ جَزَعنَهُ
عَلى كُلِّ قَينِيٍّ قَشيبٍ مُفَأَّمِ
كَأَنَّ فُتاتَ العِهنِ في كُلِّ مَنزِلٍ
نَزَلنَ بِهِ حَبُّ الفَنا لَم يُحَطَّمِ
فَلَمّا وَرَدنَ الماءَ زُرقًا جِمامُهُ
وَضَعنَ عِصِيَّ الحاضِرِ المُتَخَيِّمِ
سَعى ساعِيا غَيظِ بنِ مُرَّةَ بَعدَما
تَبَزَّلَ ما بَينَ العَشيرَةِ بِالدَمِ
فَأَقسَمتُ بِالبَيتِ الَّذي طافَ حَولَهُ
رِجالٌ بَنَوهُ مِن قُرَيشٍ وَجُرهُمِ
يَمينًا لَنِعمَ السَيِّدانِ وُجِدتُما
عَلى كُلِّ حالٍ مِن سَحيلٍ وَمُبرَمِ
تَدارَكتُما عَبسًا وَذُبيانَ بَعدَما
تَفانوا وَدَقّوا بَينَهُم عِطرَ مَنشِمِ
وَقَد قُلتُما إِن نُدرِكِ السِلمَ واسِعًا
بِمالٍ وَمَعروفٍ مِنَ الأَمرِ نَسلَمِ
فَأَصبَحتُما مِنها عَلى خَيرِ مَوطِنٍ
بَعيدَينِ فيها مِن عُقوقٍ وَمَأثَمِ
عَظيمَينِ في عُليا مَعَدٍّ وَغَيرِها
وَمَن يَستَبِح كَنزًا مِنَ المَجدِ يَعظُمِ
فَأَصبَحَ يَجري فيهُمُ مِن تِلادِكُم
مَغانِمُ شَتّى مِن إِفالِ المُزَنَّمِ
تُعَفّى الكُلومُ بِالمِئينَ فَأَصبَحَت
يُنَجِّمُها مَن لَيسَ فيها بِمُجرِمِ
يُنَجِّمُها قَومٌ لِقَومٍ غَرامَةً
وَلَم يُهَريقوا بَينَهُم مِلءَ مِحجَمِ
فَمِن مُبلِغُ الأَحلافِ عَنّي رِسالَةً
وَذُبيانَ هَل أَقسَمتُمُ كُلَّ مُقسَمِ
فَلا تَكتُمُنَّ اللَهَ ما في نُفوسِكُم
لِيَخفى وَمَهما يُكتَمِ اللَهُ يَعلَمِ
يُؤَخَّر فَيوضَع في كِتابٍ فَيُدَّخَر
لِيَومِ الحِسابِ أَو يُعَجَّل فَيُنقَمِ
وَما الحَربُ إِلّا ما عَلِمتُم وَذُقتُمُ
وَما هُوَ عَنها بِالحَديثِ المُرَجَّمِ
مَتى تَبعَثوها تَبعَثوها ذَميمَةً
وَتَضرَ إِذا ضَرَّيتُموها فَتَضرَمِ
فَتَعرُكُّمُ عَركَ الرَحى بِثِفالِها
وَتَلقَح كِشافًا ثُمَّ تَحمِل فَتُتئِمِ
فَتُنتَج لَكُم غِلمانَ أَشأَمَ كُلُّهُم
كَأَحمَرِ عادٍ ثُمَّ تُرضِع فَتَفطِمِ
فَتُغلِل لَكُم ما لا تُغِلُّ لِأَهلِها
قُرىً بِالعِراقِ مِن قَفيزٍ وَدِرهَمِ
لَعَمري لَنِعمَ الحَيُّ جَرَّ عَلَيهِمُ
بِما لا يُواتيهِم حُصَينُ بنُ ضَمضَمِ
وَكانَ طَوى كَشحًا عَلى مُستَكِنَّةٍ
فَلا هُوَ أَبداها وَلَم يَتَجَمجَمِ
وَقالَ سَأَقضي حاجَتي ثُمَّ أَتَّقي
عَدُوّي بِأَلفٍ مِن وَرائِيَ مُلجَمِ
فَشَدَّ وَلَم تَفزَع بُيوتٌ كَثيرَةٌ
لَدى حَيثُ أَلقَت رَحلَها أُمُّ قَشعَمِ
لَدى أَسَدٍ شاكي السِلاحِ مُقَذَّفٍ
لَهُ لِبَدٌ أَظفارُهُ لَم تُقَلَّمِ
جَريءٍ مَتى يُظلَم يُعاقِب بِظُلمِهِ
سَريعًا وَإِلّا يُبدَ بِالظُلمِ يَظلِمِ
رَعَوا ما رَعَوا مِن ظِمئِهِم ثُمَّ أَورَدوا
غِمارًا تَسيلُ بِالرِماحِ وَبِالدَمِ
فَقَضَّوا مَنايا بَينَهُم ثُمَّ أَصدَروا
إِلى كَلَأٍ مُستَوبِلٍ مُتَوَخَّمِ
لَعَمرُكَ ما جَرَّت عَلَيهِم رِماحُهُم
دَمَ اِبنِ نَهيكٍ أَو قَتيلِ المُثَلَّمِ
وَلا شارَكوا في القَومِ في دَمِ نَوفَلٍ
وَلا وَهَبٍ مِنهُم وَلا اِبنِ المُحَزَّمِ
فَكُلًّا أَراهُم أَصبَحوا يَعقِلونَهُم
على الرغم من كثرة أبيات القصيدة السابقة، إلا أنه من غير الممكن أن تشعر بالملل أو الرغبة في الانتقال الى غيرها دون إنهائها، وذلك لكونها تحتوي على الكثير من أجمل أبيات الشعر الجاهلي في الحكمة كما أنها تعمل على تقوية المفردات اللغوية لدينا وتغذي فينا القيم النبيلة التي تتبعها الأشداء في العصر الجاهلي.
اقرأ أيضًا: الادب في العصر الجاهلي
2- قصيدة (لكل هم من الهموم سعه)
يضيق الحال بنا في الكثير من الأوقات، ونجد أننا لا نتمكن من التأقلم على ذلك المستوى المعيشي على الرغم من أننا قد عاصرنا السنوات الطوال في رغد، إلا أن المرء بطبعه جزوع يخاف الفقر ويخشى الوقوع في الأزمات.
هنا نجد أن أجمل أبيات الشعر الجاهلي في الحكمة قد جاءت لتخبره أنه عليه التحلي بالصبر والتصرف بحكمة لا بعفوية قد تفقده مزيدًا مما يملكه، فحسن التصرف ينبع من عقل فطن وقلب مقدام لكن يستطيع تدارك الأمور، لذا دعونا نتعرف على تلك القصيدة الرائعة التي تحمل عنوان (لكل هم من الهموم سعة) حيث أتت على النحو التالي:
لِكُلِّ هَمٍّ مِنَ الهُمومِ سَعَه
وَالمُسيُ وَالصُبحُ لا فَلاحَ مَعَه
ما بالُ مَن سَرَّهُ مُصابُكَ لا
يَملِكُ شَيئًا مِن أَمرِهِ وَزَعَه
أَذودُ عَن حَوضِهِ وَيَدفَعُني
يا قَومِ مَن عاذِري مِنَ الخُدَعَه
حَتّى إِذا ما اِنجَلَت عَمايَتُهُ
أَقبَلَ يَلحى وَغَيُّهُ فَجَعَه
قَد يَجمَعُ المالَ غَيرُ آكِلِهِ
وَيَأكُلُ المالَ غَيرُ مَن جَمَعَه
وَيَقطَعُ الثَوبَ غَيرُ لا بِسِهِ
وَيَلبِسُ الثَوبَ غَيرُ مَن قَطَعَه
فَاِقبَل مِنَ الدَهرِ ما أَتاكَ بِهِ
مَن قَرَّ عَينًا بَعَيشِهِ نَفَعَه
وَصِل حِبالَ البَعيدِ إِن وَصَلَ ال
حَبلَ وَاِقصِ القَريبَ إِن قَطَعَه
وَلا تُهينَ الفَقيرَ عَلَّكَ أَن
تَركَعَ يَومًا وَالدَهرُ قَد رَفَعَه
يجب على المرء مراعاة أن يكون مأكله ومشربه وملبسه من المال الحلال حتى يبارك الله له فيه ويرزقه المزيد منه، فعلى الرغم من تشديد أجمل أبيات الشعر الجاهلي في الحكمة على مكارم الأخلاق، إلا أننا نجد التوجيهات السامية تعتليها مؤكدة الأمر، وهو أجمل ما يميز تلك القصائد الشعرية.
اقرأ أيضًا: فهرس حول مظاهر الحياة العقلية في العصر الجاهلي
3- قصيدة لا يحمل الحقد
القصيدة التالية تركها لنا عنترة بن شداد أقوى وأنبل شعراء العصر الجاهلي، هو الذي أحب عبلة وذكرها في الكثير من قصائده الشعرية، وعلى الرغم من ذلك، لم ينسه حبه لها القيم والمبادئ التي نشأ عليها، فقد ترك لنا أجمل أبيات الشعر الجاهلي في الحكمة من خلال تلك القصيدة.
لذا دعونا نتعرف عليها ونتخذ من زبدها منهاجًا لحياة كريمة خالية من المشكلات والأزمات التي نرى أنها تتفاقم نتيجة عدم التريث والتعامل مع الأمور بروية، فقد جاءت أبيات تلك القصيدة على النحو التالي:
لا يَحمِلُ الحِقدَ مَن تَعلو بِهِ الرُتَبُ
وَلا يَنالُ العُلا مَن طَبعُهُ الغَضَبُ
وَمَن يِكُن عَبدَ قَومٍ لا يُخالِفُهُم
إِذا جَفوهُ وَيَستَرضي إِذا عَتَبوا
قَد كُنتُ فيما مَضى أَرعى جِمالَهُمُ
وَاليَومَ أَحمي حِماهُم كُلَّما نُكِبوا
لِلَّهِ دَرُّ بَني عَبسٍ لَقَد نَسَلوا
مِنَ الأَكارِمِ ما قَد تَنسُلُ العَرَبُ
لَئِن يَعيبوا سَوادي فَهوَ لي نَسَبٌ
يَومَ النِزالِ إِذا ما فاتَني النَسَبُ
إِن كُنتَ تَعلَمُ يا نُعمانُ أَنَّ يَدي
قَصيرَةٌ عَنكَ فَالأَيّامُ تَنقَلِبُ
اليَومَ تَعلَمُ يا نُعمانُ أَيَّ فَتىً
يَلقى أَخاكَ الَّذي قَد غَرَّهُ العُصَبُ
إِنَّ الأَفاعي وَإِن لانَت مَلامِسُها
عِندَ التَقَلُّبِ في أَنيابِها العَطَبُ
فَتىً يَخوضُ غِمارَ الحَربِ مُبتَسِمًا
وَيَنثَني وَسِنانُ الرُمحِ مُختَضِبُ
إِن سَلَّ صارِمَهُ سالَت مَضارِبُهُ
أخذنا عنترة ابن شداد في أمسية شعرية رائعة بأسلوبه المميز الذي لن يتكرر على مدى العصور، لما به من عراقة وصقل، فمن خلال التمعن في أجمل أبيات الشعر الجاهلي في الحكمة التي قيلت من خلال تلك القصيدة يمكنك أن تستخرج عدد كبير من مواطن الجمال من أجل التأمل في لغتنا التي تميزنا بها.
اقرأ أيضًا: أبيات شعر عن الحب قصيرة
4- قصيدة واستبق ودك
أيضًا النابغة الذبياني من أفضل شعراء العصر الجاهلي وقد ترك لنا العديد من الدواوين الشعرية القوية، وانفرد الشاعر باستخدامه للمفردات المستساغة التي لا نجد عناء في فهمها، كما تميز من خلال تلك القصيدة بإيجاز القيم التي يجب اتباعها، لذا دعونا نتعرف على أجمل أبيات الشعر الجاهلي في الحكمة التي تركها لنا عبر القصيدة التالية:
وَاِستَبقِ وِدَّكَ لِلصَديقِ وَلا تَكُن
قَتَبًا يَعَضُّ بِغارِبٍ مِلحاحا
فَالرُفقُ يُمنٌ وَالأَناةُ سَعادَةٌ
فَتَأَنَّ في رِفقٍ تَنالُ نَجاحا
وَاليَأسُ مِمّا فاتَ يُعقِبُ راحَةً
وَلِرُبَّ مَطعَمَةٍ تَعودُ ذُباحا
يَعِدُ اِبنَ جَفنَةَ وَاِبنَ هاتِكِ عَرشِهِ
وَالحارِثَينِ بِأَن يَزيدَ فَلاحا
وَلَقَد رَأى أَنَّ الَّذي هُوَ غالَهُم
قَد غالَ حِميَرَ قَيلَها الصَبّاحا
وَالتُبَّعَينِ وَذا نُؤاسٍ غُدوَةً
وَعلا أُذَينَةَ سالِبَ الأَرواحا
يجب على الشخص أن يكون مدركًا للخطوات التي يقوم بها وأن يفكر في الأمر مرارًا وتكرارًا قبل الوقوع في مشكلات قد يندم على تسرعه عندما تحل به، فنحن لا نقرأ أجمل أبيات الشعر الجاهلي في الحكمة فقط من أجل التزود من لغتنا الجميلة، ولكن أيضًا للتعلم منها وتطبيق ما تعرفنا عليه على أنفسنا.
يجب على العربي أن يكون مفتخرًا أن لغته الأم هي اللغة العربية الفصحى لما تحتويه من مرادفات ومواطن جمال لا يمكن أن نمررها مرور الكرام كما رأينا في أجمل أبيات الشعر الجاهلي في الحكمة.