قصة الزير سالم الحقيقية
قصة الزير سالم الحقيقية كاملةً صاحبها كان من أمهر الفرسان الذي يتبعون قبيلة القاتل وتزعم فيما بعد قبيلة ربيعة، فهو من أقوى المحاربين الذي يشهد التاريخ بهم، ومن الجدير بالذكر أن تاريخ الملاحم العربية يحفل بهذه الشخصية الفذة كذلك، والآن سنعرض لكم قصته كاملةً من خلال منصة وميض.
قصة الزير سالم الحقيقية
هو المهلهل بن ربيعة، وهو أحد الفرسان الزعماء الذين يتبعون قبيلة تغلب، أو قاتل كما كان يطلق عليها، وتعود التسمية إلى أنها من أكثر القبائل التي كانت تشتهر بالقتال في قديم الزمان، وعلى الرغم من أنه فارس ومُحارب عظيم، إلا أنه كان شاعرًا باسلًا بعواطفه، ومشاعره الجياشة.
فتم تصنيفه من أبسل شعراء الجاهلية، حيث كان له ديوان شعر في غاية الروعة، بالإضافة إلى ذكره في المعلقات، والأدب العربي، والمأثورات الفولكلورية، أو الشفهية.
بالإضافة إلى الشعر النضالي الذي ظهر في وقته، وشارك فيه كذلك، وقد ظهر هذا النوع من الشعر أثناء حرب البسوس التي دامت لمدة أربعين عام، ومن الجدير بالذكر أنه جد الشاعر العريق عمرو بن كلثوم.
من أهم الأشخاص الذين يؤثرون في قصة الزير سالم الحقيقية، هم اليمامة، وأُمّها الجليلة، وكُليب، الذي قُتل في المنطقة التي تقع ما بين فلسطين ودمشق.
يرجع السبب وراء تسميته بهذا الاسم أنه كان يهوى النساء منذ طفولته، ولكنه أنقطع عن ملذات الحياة بعد مقتل أخيه وائل بن ربيعة الذي كان يُلقب بكُليب، حتى يأخذ بالثأر.
اقرأ أيضًا: قصة موت عنترة بن شداد
بداية القصة
عند الحديث عن قصة الزير سالم الحقيقية، يجب علينا العودة بالتاريخ إلى ما قبل الهجرة بحوالي 100 عام وأكثر، حيث بدأت قصة الزير سالم عندما أغار ربيعة” والد الزير سالم” على الملك الكِندي، وانتصر عليه، وكان ذلك في معركة السلادة، وهذا الشيء أثر على حياة الربيعة، حيث أرسل الملك الكِندي إلى التبع اليماني، حتى يرسل له مساعدة.
بالفعل أرسل له جيشًا، وكان هذا الجيش أقوى من جيش والد الزير، وتمكنوا من أسر الربيعة وقتله، وهنا أصبح والدي الربيعة وهما الزير وكُليب أخيه لدى التبع اليماني، كثأر مُحقق لهم، على الرغم من أنهما كانوا صغار السن كثيرًا.
مرت السنوات وكبر كُليب شقيق الزير سالم زعيم قبيلة أبيه ربيعه، وكان هذا الشاب يحب ابنة عمه جليلة حبًا جمًا، ولكن قرر أباها تزويجها من الملك التبع، وذلك حتى يمكن على القبيلة الخاصة بهم، وتم هذا الزواج بعد أن أهدى الملك صناديق كثيرة، تكتظ بالذهب.
بسبب هذا الأمر قرر كُليب أن يختبأ هو وأصدقائه من القبيلة، واختبأوا داخل الصناديق الخاصة بمتاع العروسة جليلة، وفور وصلوهم إلى قصر الملك، خرج كُليب وشباب القبيلة وتمكنوا من قتل الملك في الليل، عاد كُليب المنتصر ومعه حبيبته جليلة إلى قبيلتهم، وتزوجها بعد مرور فترة قصيرة على هذه الحادثة.
مقتل كُليب
كان شقيق جليلة زوجة كُليب مُتسلط بعض الشيء على كُليب، وذلك بسبب قوته وسطوته على القبيلة بأكمله، بصفته ابن مؤسسها ربيعة، وفي يوم من الأيام كانت البسوس” خالة الجساس، شقيق جليلة” تضع ناقتها بجانب إبل الجساس، فرآها كُليب، وهو لم يكن يسمح لأي شخص خارج دائرة أنسابه يرعى الإبل.
من خلال حديثنا حول قصة الزير سالم الحقيقية، فقام كُليب بتوجيه سهم أمامها أصاب به ضرعها، وتسبب في قتل الناقة، ويجب علينا الإشارة إلى أنه يوجد في رواية أخرى لنفس الموقف، وهو أن هذه الناقة كانت لضيف لدى البسوس، فعندما رأت كُليب يقتلها صرخت لأنه تعدى على ممتلكات الضيف، وهنا قال لها الجساس مقولته الشهيرة وهي:
” اسكتي فإني سأقتل بها (علالاً) والذي هو فحل إبل كليب“، ومنذ هذا الموقف وبدأت العداوة بين كُليب والجساس، وزادت كراهية الجساس له كثيرًا، حتى أصبح يترصد أعماله، ومع مرور الوقت زادت الأحقاد على كُليب بسبب زيادة سطوته وتعنته وتصرفاته الشنيعة مع أهالي القبيلة.
حتى بلغت أقصاها عند خروج مجموعة من النساء حتى يملأن جرارهن بالماء من الموارد الخاصة بها، ولكن كُليب لم يسمح لهم بهذا الشيء، بل منعهم وتعدى عليهم، ولسوء الحظ أن هؤلاء النسوة كان معهن فرسان للحماية.
كان من ضمنهم الجساس سابق الذكر وعمرو بن الحارث، في أثناء الشجار تذكر الفارسين موقف البسوس والناقة الخاصة بها، فنشأت حمية بداخلهما، وبدأ الشجار بينهم مما أدى على دفع الجساس لقتل كُليب.
في أثناء معاناة كُليب من سكرات الموت طلب من الجساس أن يمنحه شربة من الماء، ولكنه أبى عن ذلك، حتى ترجل عمرو بن الحارث عن جواده وأعطاه الماء، ومن بداية هذا الأمر علم الجساس أن بقتله لكُليب سوف تُضرم نيران الحرب في القبيلة بأكملها ولن يتمكن أي شخص من إطفائها.
اقرأ أيضًا: كيف مات عثمان بن عفان
بداية الحرب
في إطار حديثنا حول قصة الزير سالم الحقيقية، فوصلت الأخبار إلى سكان القبيلة، وتورات إلى أن وصلت إلى همام ونديمه الزير، حيث قام الزير سالم بدفن أخيه ورثائه لسنوات طويلة، ورجعوا إلى الديار، ومن هذه اللحظة بدأ الزير يتجهز للحرب التي سوف يشنها على الجساس الذي قتل أخيه.
فبدأ في جمع الفرسان ممن يعرف أو يجهل، حتى يُكون جيشًا على استعداد لمواجهة القبيلة الأخرى، وشمر ذراعيه، وبدء في تجهيز شعره، وتقصير ثوبه، ليكون على استعداد للحرب، وقد تعاهد الزير سالم بأنه لن يتذوق الخمر، ولا يدهن بدهن، ولا يشم أي شيء طيبًا، إلا بعدما يأخذ بثأر أخيه.
قادت القبيلتين بقيادة الزير سالم من جهة ومن الجهة الأخرى الجساس حروبًا طائلة، عانت على أثرها جميع نساء القبيلة، حتى انقسمت قبائل بكر بين مؤيد ومعارض، حيث استمرت هذه الحرب لأكثر من 40 عام، وخلال هذه الفترة كان البغض يضرب في الشحناء.
حتى تلاقى البكري بالتغلبي، وهي من أبرز الوقعات الخمسة التي تتلخص بها الحرب التي دارت كل هذه السنوات، وهم: يوم الذنائب -وفيه قتل همّام بن مرّة- ويوم الواردات، ويوم عنيزة، ويوم القصيبات، ويوم تحلاق اللمم، ومن الجدير بالذكر أن كثير من القبائل الأخرى المجاورة تدخلت حتى تنهي هذه الحرب، ولكنها لم تنجح في ذلك على الإطلاق.
نهاية قصة الزير سالم
في نهاية حديثنا حول قصة الزير سالم الحقيقية، فبسبب السنوات الطويلة من الحرب، كانت الجيوش قد أنهكت والقبيلة قد تفككت، فلجأ الكثير منهم إلى عقد الصلح، إلا أن الزير سالم لم يرغب في ها على الإطلاق، حتى قام بالإغارة على قيس بن ثعلبة، فتمكن عمرو بن مالك من أسره ولكنه أحسن معاملته.
حتى رأى الزير يلقي شعرًا على ابنته وهو مخمور، فأقسم عمرو بن مالك ألا يسقي الزير شربة مياه واحدة حتى يرد الخضير” وهي عبارة عن بعير لا يرد إليها الماء سوى في اليوم السابع فقط”، وظل الأمر هكذا حتى هلك الزير تمامًا بالفعل وتوفاه الله.
لكن توجد رواية أخرى تُفيد بأن مقتل الزير كان على يد اثنين من عبيده، الذين كانوا معه لخدمته أثناء سفره، وهكذا انتهت حياة هذا الشاعر والفارس الجليل، أما بالنسبة للجساس فقد كانت نهايته على يد الهجرس، وهو ابن كُليب من جليلة” أخت الجساس”، وقد قتله بضربه رمح غرزت في صدره وخرجت من ظهره.
اقرأ أيضًا: شعر عنترة بن شداد في الغزل
نبذة عن أشعار الزير سالم
بعد أن تعرفنا على قصة الزير سالم الحقيقية كاملة، وجب علينا أن نعرض لكم بعض من الأشعار الخاصة به، والتي تُعد من أهمها وأفضلها هي “قصيدة أَهاجَ قَذاءَ عَينِيَ الإِذِّكارُ”، والتي قام بعملها لأجل أخيه كُليب، والآن سنعرض لكم بعضٍ من أبياتها في السطور القادمة:
أَهاجَ قَذاءَ عَينِيَ الإِذِّكارُ…هُدُوّاً فَالدُموعُ لَها اِنحِدارُ
وَصارَ اللَيلُ مُشتَمِلاً عَلَينا… كَأَنَّ اللَيلَ لَيسَ لَهُ نَهارُ
وَبِتُّ أُراقِبُ الجَوزاءَ حَتّى…تَقارَبَ مِن أَوائِلِها اِنحِدارُ
أُصَرِّفُ مُقلَتَيَّ في إِثرِ قَومٍ… تَبايَنَتِ البِلادُ بِهِم فَغاروا
وَأَبكي وَالنُجومُ مُطَلِّعاتٌ… كَأَن لَم تَحوِها عَنّي البِحارُ
عَلى مَن لَو نُعيتُ وَكانَ حَيّاً… لَقادَ الخَيلَ يَحجُبُها الغُبارُ
دَعَوتُكَ يا كُلَيبُ فَلَم تُجِبني… وَكَيفَ يُجيبُني البَلَدُ القِفارُ
أَجِبني يا كُلَيبُ خَلاكَ ذَمُّ… ضَنيناتُ النُفوسِ لَها مَزارُ
أَجِبني يا كُلَيبُ خَلاكَ ذَمُّ… لَقَد فُجِعَت بِفارِسِها نِزارُ
سَقاكَ الغَيثُ إِنَّكَ كُنتَ غَيثاً… وَيُسراً حينَ يُلتَمَسُ اليَسارُ
أَبَت عَينايَ بَعدَكَ أَن تَكُفّا… كَأَنَّ غَضا القَتادِ لَها شِفارُ
وَإِنَّكَ كُنتَ تَحلُمُ عَن رِجالٍ… وَتَعفو عَنهُمُ وَلَكَ اِقتِدارُ
وَتَمنَعُ أَن يَمَسَّهُمُ لِسانٌ… مَخافَةَ مَن يُجيرُ وَلا يُجارُ
وَكُنتُ أَعُدُّ قُربي مِنكَ رِبحاً…إِذا ما عَدَّتِ الرِبحَ التِجارُ
فَلا تَبعَد فَكُلٌّ سَوفَ يَلقى… شَعوباً يَستَديرُ بِها المَدارُ
يَعيشُ المَرءُ عِندَ بَني أَبيهِ… وَيوشِكُ أَن يَصيرَ بِحَيثُ صاروا
أَرى طولَ الحَياةِ وَقَد تَوَلّى… كَما قَد يُسلَبُ الشَيءُ المُعارُ
كَاَنّي إِذ نَعى النّاعي كُلَيباً… تَطايَرَ بَينَ جَنبَيَّ الشَرارُ
فَدُرتُ وَقَد عَشِيَّ بَصَري عَلَيهِ…كَما دارَت بِشارِبِها العُقارُ
سَأَلتُ الحَيَّ أَينَ دَفَنتُموهُ… فَقالوا لي بِسَفحِ الحَيِّ دارُ
فَسِرتُ إِلَيهِ مِن بَلَدي حَثيثاً…وَطارَ النَومُ وَاِمتَنَعَ القَرارُ
وَحادَت ناقَتي عَن ظِلِّ قَبرٍ… ثَوى فيهِ المَكارِمُ وَالفَخارُ
لَدى أَوطانِ أَروَعَ لَم يَشِنهُ…وَلَم يَحدُث لَهُ في الناسِ عارُ
أَتَغدوا يا كُلَيبُ مَعي إِذا ما… جَبانُ القَومِ أَنجاهُ الفِرارُ
أَتَغدوا يا كُلَيبُ مَعي إِذا ما… حُلوقُ القَومِ يَشحَذُها الشِفارُ
أَقولُ لِتَغلِبٍ وَالعِزُّ فيها… أَثيروها لِذَلِكُمُ اِنتِصارُ
تَتابَعَ إِخوَتي وَمَضوا لِأَمرٍ… عَلَيهِ تَتابَعَ القَومُ الحِسارُ
خُذِ العَهدَ الأَكيدَ عَلَيَّ عُمري… بِتَركي كُلَّ ما حَوَتِ الدِيارُ
وَهَجري الغانِياتِ وَشُربَ كَأسٍ…وَلُبسي جُبَّةً لا تُستَعارُ
وَلَستُ بِخالِعٍ دِرعي وَسَيفي… إِلى أَن يَخلَعَ اللَيلَ النَهارُ
وَإِلّا أَن تَبيدَ سَراةُ بَكرٍ…فَلا يَبقى لَها أَبَداً أَثارُ
قصة الثأر بدأت من شجار فتية في مقتبل العمر، كانوا يحملون الكراهية لبعضهما البعض، وانتهت بمقتل جميع الأطراف، وتشتت القبائل وتشرد النساء والأطفال، وتكللت في النهاية بقتل ابن الأخت لخاله.