شعر الغربة عن الاهل
شعر الغربة عن الاهل من أفضل الأشعار التي تُشعر قارئها أن الاغتراب عن الأهل ليس أمرًا ترفيهيًا أن تنعم بالكثير من الأموال دون أن يكون هناك ضريبة لذلك، لذا ومن خلال منصة وميض سوف نتعرف على الكثير من القصائد التي تضم أبيات شعر الغربة عن الأهل تعبر عن تلك المشاعر التي يكنها الشخص في قلبه، وذلك عبر السطور التالية.
شعر الغربة عن الاهل
لا شيء أقسى على الإنسان من أن يعيش مغتربًا عن بيته وفراشه وذويه، سواء أكان الأمر قبل أن يتزوج أم بعده، ففي كلتا الحالتين يفقد الكثير من المشاعر الدافئة التي تهون عليه مشاق الحياة.
لا ننكر أن الأمر لم يعد كما في السابق، فبعد أن ظهرت وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح من السهل أن يكون هناك اتصالًا مرئيًا بين المغترب وأهله، وهو الأمر الذي لربما يهون عليه الفراق قليلًا، لكن تلك السبل غير قادرة على إيصال المشاعر الحانية.
تلك التي يحتاجها كل منا بين الحين والآخر كي تدعمه وتشعره أن هناك أمورًا مشرقة على وشك الحدوث لكنها تحتاج الصبر قليلًا، لذا علينا أن نعلم جيدًا أن الغربة ليست بمقدور فاعلها، وإنما قدره الذي ساقه لذلك، وسيظهر لنا الأمر بأكمله من خلال قراءة أبيات شعر الغربة عن الأهل، والتي أتت من خلال القصائد التالية:
1- قصيدة (آه من ألم الفراق)
عندما يقف أحد الأشخاص على باب منزله مودعًا أهله وذويه، لابد أن يكون المشهد مبكيًا، حيث تشعر الأم أن فلذة كبدها على وشك الرحيل، لا تعلم متى ستسنح لها الفرصة لتراه مجددًا، ما الذي ينتظره في تلك البلاد البعيدة.
هل سيكون منعم بالحياة التي طالما طمح إليها، أم أنه سوف يخبرها بعكس الحقيقة كي يطمئن قلبها، بينما هو يئن من ألم الفراق، ذلك الألم الذي وصفه الشاعر من خلال الأبيات التالية، حيث ساواه ببرد الشتاء الذي لا يمكن تحمله.
فكلاهما مؤلم للغاية، بل يزيد الشعور بانخفاض درجة الحرارة إن كان الشخص بمفرده، حتى وإن كان وسط الكثير من الأصدقاء، فمن شأنه أن يشعر بالوحدة كون أفراد أسرته ليسوا بجانبه، فهم السكن والدفء الذي لا ينتهي، فهيا بنا نتعرف على قصيدة (آه من ألم الفراق) حيث تمثلت أبياتها فيما يلي:
آه من هم الفراق وعيشة الغربة
آه من برد الشتى وأشواق وجداني
يا زمن عود بساعة طالبك طلبة
لين أجاوب يا زمانِ فنجاني
جاء يصارع للوصل ظروفه الصعبة
جاء يبي يسعف خفوقِ طاح ضمياني
وقلبي اللي من فقدته مشعلِ حربه
كل ما سجيت عنه قام ينخاني
كم شعور في صميم الذات مضطرة
وكم بيوت من بحور الشعر تنصاني
واللحون اللي تجي بلساني العذبة
تستبيح الدمع كله بين الأعيان
الفضا ضايق علي من شرقه وغربه
من فقد بالوقت ربعه عاف الاوطان
يا أهلي كيف الوصل دام القدر غربة
والله أعلم وين وضعي ووين ميداني
ما رحلت من الديار ورفقت الصحبة
إلا وانا ناوي بالمجد عنواني
بتعزوى في كريم يجلي الكربة
الحليم اللي هداني خمس الأركاني
أنت واحد وأنا واحد خايفين ربه
وأنت ربي عالمِ حسني وعصياني
تلك القصيدة التي تعد أفضل شعر الغربة عن الأهل من شأنها أن تشير إلى أمر هام قد يغفل المغترب عنه، وهو علاقته بالله عز وجل التي ينبغي أن تكون قوية للغاية في فترة فراقه لذويه، حتى ينأى بنفسه عن الوقوع في الموبقات.
فالشيطان من شأنه أن يدخل للشخص في لحظات ضعفه ويعمل على استغلالها، مما يدفع المسافر إلى ارتكاب الفواحش ظنًا منه أنها ستمكنه من التغلب على ألم الفراق، فيجد نفسه قد استزاد من الذنوب وأصبحت حياته ضنكًا.
لذا على المغترب ألا يترك الحبل الذي بينه وبين الله عز وجل كونه قد ترك بيته، فهو الله الذي يصاحبنا في كافة البلاد، وبالاعتصام بحبله سنستأنس بوجوده ويهون ألم الفراق قليلًا.
اقرأ أيضًا: عبارات شعر عن الخيل والمرأة
2- قصيدة (بك يا زمن أشكو غربتي)
عندما تغرب الشمس ويبدأ الليل في الولوج، تتسرب الوحشة إلى قلب المغترب، قد لا يظهر ذلك عليه في تعاملاته اليومية، حيث يبدو بشوشًا ضاحك الوجه دائمًا يخفي ما به من شعور بالحزن والخوف.
إلا أنه يتحدث من داخله متألمًا: إلى متى ستظل أغطية النوم لا تقوم بتدفئتي؟ إلى متى سأظل أتناول الأطعمة بمفردي؟ أستستمر الحياة على تلك الوتيرة؟ ما حالي إذا مرضت هنا ولم يكن هناك أحد من أهلي إلى جواري؟ هل سأنجو أم أكون من المغتربين الذين توفاهم الله وهم بعيدًا عن ذويهم؟
لذا لا تظنون أن الأمر من شأنه أن يكون سهلًا على الإطلاق، فهم يدفعون ثمن الأموال التي يجنونها مضاعفًا من روحهم، ويتأكد لنا ذلك من خلال شعر الغربة عن الأهل، والذي عاصر مشاعر أبياته قائليه، فهيا بنا نتعرف على قصيدة جديدة من قصائد شعر الغربة عن الأهل، والتي تحمل عنوان (بك يا زمن أشكو غربتي)، حيث أتت الأبيات على النحو التالي:
بك يا زمان اللهو أشكو غربتي
إن كانت الشكوى تداوي مهجتي
قلبي تساوره الهموم توجعًا
ويزيد همي إن خلوت بظلمتي
يا قلبي إني قد أتيتك ناصحًا
فاربأ بنفسك أن تقودك محنتي
إن الغريب سقته أيام الأسى
كأس المرارة في جحيم الغربة
قد كان نومي هانئًا فوق الثرى
من غير شكوى أو عذول شامت
من غيرهم بالزمان وكربه
من غير تسهاد يشتت راحتي
أنا في ابتسامتي عرفت ولم أزل
حتى أتاني ما ينغص راحتي
إن أسعفتني دمعتي في فرحتي
أنزلتها طربا لأرسم بهجتي
أو أسعفني بالبكاء مرارة
تتسابق العبرات تهجر مقلتي
واليوم أفرغ دمع عيني بالبكاء
ندمًا على ما كان مني ويلتي
جفت دموعي من فواجع ما أرى
لكن صبري في الشدائد قوتي
تلك كانت أول القصائد الشعرية التي تندرج تحت عنوان شعر الغربة عن الأهل، حيث احتوت على الشطور ذات المعنى القويم والقافية المصقلة.
3- قصيدة (جئت من شوقي أعاني)
الشوق كاللهيب في القلب الذي لا يمكنه أن ينطفئ إلا بلقاء الأهل واستشعار وجودهم حولنا، من ناحية أخرى تشعر الأم بالحنين إلى محبوبها الذي سافر وغادر دفء موطنه وأحضانها، لذا دعونا نتعرف على قصيدة جديدة من قصائد شعر الغربة عن الأهل، تحمل عنوان (جئت من شوقي) وأتت الأبيات على النحو التالي:
جئت من شوقي أعاني
في الهوى جور الزمان
أرسل الأشعار لحنًا
صادقًا عذبًا وحان
فجأة من بعد عمري
لن أرى أغلى مكان
وانكوى مني فؤادي
كاليتيم إذا يعاني
ياربوعًا لن أراها
عشت يومًا في رباها
كانت النفس تغني
وترى فيها صباها
ورياضًا كم رتعنا
وانطلقنا في سماها
سوف تبقى في خيالي
كالجنان في بهاها
إن رحلت الآن قلبي
سوف أهديك وحبي
ودموعي سوف تروي
قصة الشوق بدربي
وعلى الذكرى سأبقى
أقسم الآن بربي
لست أنساك فحبي
بين أضلاعي يلبي
موطني يا عزّ ذاتي
يا ربيع الأمنياتِ
أنت لو تهت ملاذي
عندما تقسوا حياتي
أنت في القلب شراع
كان لي طوق النجاة
سيظل العشق فيك
ولهي حتى المماتي
بريقتي ولهي حتى المماتي
على الرغم من أن أبيات تلك القصيدة من قصائد شعر الغربة عن الأهل لا تعد كثيرة، إلا أنها من القصائد المستساغة التي احتوت على الكثير من مواطن الجمال الرائعة التي تدخل القلب دون استئذان.
اقرأ أيضًا: شعر عن زعل الحبيب
4- قصيدة (طبعًا مصلتش العشا)
قصيدة طبعًا مصلتش العشا من القصائد الرائعة التي لا يمكن التغافل عنها، فهي عبارة عن خمس مشاهد، كل منها يشرح مرحلة عمرية للشاعر، فتلك القصيدة ليست من وحي خياله، وإنما هي تجسيد لواقع حياة كاتبها، وهو الشاعر هشام الجخ.
إلا أن المشهد الأخير من شأنه أن يصف توديعه لأمه وهي على فراش الموت، ولا يكاد الشاعر أن يكون واعيًا لهول المشهد، وهنا يبدأ في ندمه على سنوات الغربة التي قضاها بعيدًا عن أمه مما جعله لم يشبع من حنانها، لكنه الآن وبعد فوات الأوان يقف مكتوف الأيدي أمام القدر.
قصيدة (طبعًا مصلتش العشا) من القصائد التي كتبت باللكنة العامية، وتحتوي على الكثير من مواطن الجمال الرائعة مع الكلمات السهلة المستساغة، لذا ومن خلال ما يلي دعونا نتعرف على الجزء المعني بشعر الغربة عن الأهل في تلك القصيدة، والذي أتى على النحو التالي:
كل الدكاترة قالوا: خير
معندهاش أي حاجة ولا حتى محتاجة لدوا
ما احنا عارفين شهر مارس والهوا
شوية برد ما يستاهلوش، والسن برضه ما تنسهوش
أول مرة أشوف حبيبتي بتتوجع وبتتلوي
ونا عارف أمي ما تشتكيش غير م القوي
عجّزتِ يا امة؟ وشاخ جريدك
ده انت لسة ماسحة الشقة بإيدك
عجزت فجأة
ده احنا كل جمعة نبوس أديكي عشان نوضب شقتك وتقولي لا
عجزت فجأة
ومالك ابيضّيتي ليه؟ ياك حاطة بودرة؟
مش كنت زيي سمرا؟
الدكاترة مش بيحكوا حاجة بينّا
وانا قلبي متوغوش وحاسس ان امي فيها إنّ
طب لو مافيشي شيّ قلقانين عليه، حجزوها ليه؟
لأول مرة احس دماغي بتشقق وتفكيري بيعمل صوت
مصدقتش ولا أتخيلت وانا واقف في ساعتها إنه الموت
رسمت الضحكة على وشي وبزيادة
دخلت عليها عارفاني أنا الكداب كالعادة
ومين يقفشني غير امي اللي عاجناني وخابزاني وخالعة بيدها سناني
فعرفت بس من عيني انها شهادة
وشهدت يجي 100 مرة
ساعتها كل احساسي اللي كان محبوس طلع برة
وهاجت ذكريات عبّت عنيا دموع
واحساس الطريق اللي ملوهش رجوع
حاولت اخدعها واستهبل
بقالك عمر بتمثل
وهي معيّشاك في الدور وصدقت انها بتتخمّ
يا راحل خلي عندك دم
دي حافظة عينيك وتقاطيعك وتهتهتك وألاعيبك
مش هاين عليك الويل
عايزها منين تجيب لك حيل عشان ما يبانش في عنيها العذاب والهم
يا راجل، خلي عندك دم
كانت باصالي في عينيها السنين بتفوت
وجوايا كلام من كتره عدّى سكوت
كان نفسي أقول آسف، واقول ندمان، واقول خجلان
وأقول لك إني يا ماية بحبك حب مش معقول
هشام الجخ الشاعر المصري الأصيل الذي تربى وترعرع في صعيد مصرنا الحبيبة، وله عدة دواوين شعرية في مختلف المجالات، كما أن له تأثيرًا لا يستهان به كونه يلقي الأشعار بالمفردات العامية التي تسهل علينا فهمها دون الحاجة إلى استعمال المعاجم.
الجدير بالذكر أنه لم يقل شعر الغربة عن الأهل هباءً، بل إنه سافر الكثير من البلدان حتى عرف المعنى الحقيقي لكونه بعيدًا عن موطنه، وهو الأمر الذي لا يعوض بالمال ولا بأي شيء آخر.
5- قصيدة (أبيت أرعى نجوم الليل)
قصيدة أخرى من قصائد شعر الغربة عن الأهل، تلك التي ألقاها علينا الشاعر ليبث فينا روح الحنين إلى من تركوا جوارنا من أجل ربح المال بالطرق التي شرعها الله عز وجل أو لأي سبب آخر، فعندما يهم الشخص بترك مُحبيه، لابد أن يكون الأمر شاقًا يستدعي ذلك.
الجدير بالذكر أن أبيات القصيدة قد أتت على نحو مميز، حيث القافية المتوازنة ومواطن الجمال التي تتمتع بها لغتنا العربية التي لا يوجد في العالم أي من اللغات من شأنها أن تنافسها أو تضاهيها على الإطلاق، لذا هيا بنا نتعرف على الأبيات، وذلك عبر السطو التالية:
أبيت أرعى نجوم الليل سهرانًا
أقضي الزمان ولا أقضي به وطرًا
وأقطع الدهر أشواقا وأشجانا
ولا قريب إذا أصبحت في حزنٍ
إن الغريب حزين حيثما كانا
تقول سعاد ما تغرّد طائر
على فنن إلا وأنت كئيب
أجارتنا إنا غريبان ههنا
وكل غريب للغريب نسيب
أجارتنا إن الغريب وإن غدت
عليه غوادي الصالحات غريب
أجارتنا من يغترب يلقى للأذى
نوائب تقذي عينه فيشيب
يحن الى أوطانه وفؤاده له
بين أحناء الضلوع وجيب
كما رأينا من خلال إحدى قصائد شعر الغربة عن الأهل، فإن المغترب من شأنه أن يقضي ليلة ناظرًا إلى السماء يقوم بعد نجوم الليل والأيام والليالي أملًا في أن يمنّ الله عز وجل عليه ويعود إلى دياره حاملًا الأخبار السارة لأهله، أولئك الذين صبروا على غيابه وتحملوا الأمر كثيرًا.
اقرأ أيضًا: أجمل ما قيل من شعر عن المطر
6- قصيدة (زهرن فأعجب لروض ماله زهر)
نستكمل معكم تلك الأمسية الشعرية الرائعة التي تنم عن لهيب شوق المغترب لرؤية محبيه، حيث يراهم في أحلامه من فرط اشتياقه لهم، ففي تلك الحالة لا يسع عينه إلا أن تشفق عليه من خلال ذرف الكثير من الدموع.
هنا يهدأ قلبه قليلًا بعد أن يحاول الشخص أن يضمد جرحه ويعده أن اللقاء سيكون في القريب العاجل بأمر الله تعالى، لذا دعونا نتعرف على أبيات قصيدة زهرن فأعجب لروض ماله زهر، والتي أتت على النحو التالي:
زهرن فاعْجَبْ لروض ماله زَهَرُ
إِلا المباسِمُ والأَلحاظُ والطُّرَرُ
ولا تَقُلْ لَهَبُ الوَجْنَاتِ يُحْرِقُها
فللعذارِ على أَرجائِها نَهَرُ
أَعْجِبْ بها غُرَرًا مالَتْ محاسِنُها
بالنفس يَحْمَدُ في أَمْثَالِهَا الغَرَرُ
سَفَرْنَ والليلُ طِرْفٌ أّدْهَمٌ فَجَرَتْ
فيه الحجولُ من الأَنوارِ والغُرَر
وقمنَ يحمِلْنَ في الأَجفانِ مَرْهَفَةً
لو كانَتِ البيضَ قلنا إِنَّها البُتُر
وكان من فِعْلِها بالسحرِ أَن هَجَمَتْ
على العشاءِ بما يأْتي به السَّحَرُ
فما ارتَقَيْتُ الدَّرَارِي إِذْ سهِرْتُ لها
إِلا لأَصدافِ يَمٍّ كلُّها دُرَر
ولا اجتلَيْتُ بدورَ الأُفْقِ عن كَلَفٍ
إِلا لِمَنْ أُتْلِفَتْ في صَوْنِهِ البِدَرُ
وفي الحشا والحشايا صَبْوَةٌ كبِرَتْ
فزادَها عُنْفُوانًا ذلِكَ الكِبَرُ
تورى زنادَ اشتياقٍ ما استطارَ به
لي من مَشِيبي ولكن أَدْمُعِي شَرَرُ
وفي فؤادِيَ لا فَوْدِي قَتِيرُ هوًى
لم يُخْفِهِ الشَّعْرُ إِذْ لم يُبْدِهِ الشَّعَرُ
خذ من غرامِيَ ما تتلُو به سُوَرًا
مُحَذِّرَاتِكَ ما تَبْلو به الصُّوَرُ
أَما الخُدورُ فلم يَسْكُنْ بها قَلَقِي
يومًا ولم يَمْشِ في أَشواقِيَ الحّذَر
فإِنْ تَمَنَّعَ قلبي من تَقَلُّبِهِ
فما انْتَهَى بِي لَعَمْرِي في الهَوَى العُمُرُ
أَنا المُحِبُّ وما بي ما يُقالُ لَهُ
أَوْلَى لك العَذْلُ أَم أَولَى لك العُذُرُ
إِن قلتُ ماسَ فما قصدي به غُصُنٌ
أَو استنارَ فما قصدي به قَمَرُ
خُلِقْتُ كالنَّبْعِ إِلا أَنَّ لي ثَمَرًا
والنبعُ عريانُ ما في فرعِهِ ثَمَرُ
المالُ عِنْدَ ذوي الإقْتَارِ مُحْتَقَبٌ
والمالُ عند ذوي الأَقدارِ مُحْتَقَرُ
فإِنْ عدمْتُ الذي صاروا له عُدُمًا
فما افتقَرْتُ وعندي هذه الفِقَرُ
ولم أُقَلْقِلْ رِكابي إِنْ نَبَا وطَنٌ
ولا أَطَلْتُ اغترابي إِنْ نَأَى وَطَر
لكن بَنُو الْحَجَرِ اسْتَدْعَتْ مكارِمُهُمْ
عَزْمِي وقد كانَ يُسْتَدْعَى بِها الحَجَرُ
نادى لسانُ النَّدى منهم فأَسْمَعَنِي
فقمتُ أَعْبُرُ بحرًا كلُّهُ عِبَرُ
ترى المواخِرَ تَجْرِي في زَوَاخِرِهِ
فترتَقِي في أَعالِيها وتَنْحَدِرُ
من كل سَوْدَاءَ مِثْلِ الخالِ يَحْمِلُها
بِوَجْنَةٍ منه فيها للضُّحى خَفَرُ
حتى وَرَدْت فأَروانِي وأَحْسَنَ بي
صَدْرٌ موارِدُهُ يَشْجَى بها الصَّدِرُ
كانَتْ مناقِبُ آمالي مُنَقَّبَةً
فالآن أَسْفَرَ عن جَبْهَاتِهِا السَّفَرُ
هذا أَبو القاسِمِ المقسومُ نائِلُه
ما السيلُ ما البَحْرُ ما الأَنهارُ ما المَطَر
محاسِنٌ إِنْ أَبو بكرٍ تَقَدَّمَها
فما تَأَخَّرَ عُثْمَانٌ ولا عُمَرُ
سمعتُ عنهُمْ وقد شاهَدْتُهُمْ نَظَرًا
فأَحْسَنَ الخُبْرُ ما لَمْ يَجْلُهُ الخَبَرُ
كذاك جادُوا نَدًى فيه أَجَدْتُ ثَنًا
فليس يُعْرَفُ لا حَصْرٌ ولا حَصَر
والشعرُ فيه قصيرٌ عُمْرُهُ زَهَرٌ
يَذْوَى ومنه طويلٌ عُمْرُهُ زُهُرُ
فكالمواعِظِ سَهْلٌ صَوْغُها زُبُرٌ
وكالحديدِ ثقيلٌ وَزْنُهُ زُبَر
أَو كالعيونِ فهذِي حَظُّها حَوَلٌ
يَغُضُّ منها وهذِي حَظُّها حوَرُ
يا قائدًا قاد من وَصْفِي لِعِتْرَتِهِ
ما تَحْمِلُ المِسْكَ عن أّنْفِاسِهَا العِتَرُ
شعر الغربة عن الأهل من شأنه أن يكون أفضل طريقة للتعبير عما يحس به الشخص حين يفارق محبيه، كما أنه يتناول الكثير من المعاني الرائعة التي تخطف القلب وتسمو بالروح، لذا علينا ألا نكف عن قراءة الشعر بكافة أنواعه وخاصةً شعر الغربة عن الأهل.
7- قصيدة (أصالة الرأي)
(أصالة الرأي) من القصائد التي تعبر عن الكثير من الفضائل كما أنها احتوت على أبيات شعر الغربة عن الأهل، واشتياق المغترب لأقاربه والطرق والمسكن والمكان الذي نشأ فيه وينتمي إليه، لذا دعونا نتعرف على أبيات تلك القصيدة عبر السطور التالية:
أصالةُ الرأي صانتْنِي عن الخَطَلِ
وحِليةُ الفضلِ زانتني لدَى العَطَلِ
مجدي أخيرًا ومجدِي أوّلًا شَرَعٌ
والشمسُ رأْدَ الضُحَى كالشمسِ في الطَفَلِ
فيمَ الإقامُة بالزوراءِ لا سَكَني
بها ولا ناقتي فيها ولا جَملي
نَاءٍ عن الأهلِ صِفْرُ الكفِّ منفردٌ
كالسيفِ عُرِّيَ متناهُ من الخَللِ
فلا صديقَ إليه مشتكَى حزَنِي
ولا أنيسَ إليه منتَهى جذلي
طالَ اغترابيَ حتى حنَّ راحلتي
ورحُلها وقرَى العَسَّالةِ الذُّبلِ
وضَجَّ من لَغَبٍ نضوي وعجَّ لما
يلقَى رِكابي ولجَّ الركبُ في عَذَلي
أُريدُ بسطةَ كَفٍ أستعينُ بها
على قضاءِ حُقوقٍ للعُلَى قِبَلي
والدهرُ يعكِسُ آمالِي ويُقْنعُني
من الغنيمةِ بعد الكَدِّ بالقَفَلِ
وذِي شِطاطٍ كصدرِ الرُّمْحِ معتقلٍ
لمثلهِ غيرَ هيَّابٍ ولا وَكِلِ
حلوُ الفُكاهِةِ مُرُّ الجِدِّ قد مُزِجتْ
بقسوةِ البأسِ فيه رِقَّةُ الغَزَلِ
طردتُ سرحَ الكرى عن وِرْدِ مُقْلتِه
والليلُ أغرَى سوامَ النومِ بالمُقَلِ
والركبُ مِيلٌ على الأكوارِ من طَرِبٍ
صاحٍ وآخرَ من خمر الهوى ثَمِلِ
فقلتُ أدعوكَ للجُلَّى لتنصُرَنِي
وأنت تخذِلُني في الحادثِ الجَلَلِ
تنام عيني وعينُ النجمِ ساهرةٌ
وتستحيلُ وصِبغُ الليلِ لم يَحُلِ
فهل تُعِيُن على غَيٍّ هممتُ بهِ
والغيُّ يزجُرُ أحيانًا عن الفَشَلِ
إني أُريدُ طروقَ الحَيِّ من إضَمٍ
وقد رَماهُ رُماةٌ من بني ثُعَلِ
يحمونَ بالبِيض والسُّمْرِ اللدانِ بهمْ
سودَ الغدائرِ حُمْرَ الحَلْي والحُلَلِ
فسِرْ بنا في ذِمامِ الليلِ مُهتديًا
بنفحةِ الطِيب تَهدِينَا إِلى الحِلَلِ
فالحبُّ حيثُ العِدَى والأُسدُ رابضَةٌ
نِصالُها بمياه الغَنْجِ والكَحَلِ
قد زادَ طيبَ أحاديثِ الكرامِ بها
ما بالكرائمِ من جُبنٍ ومن بُخُلِ
تبيتُ نارُ الهَوى منهنَّ في كَبِدٍ
حرَّى ونار القِرى منهم على القُلَلِ
يقتُلنَ أنضاءَ حبٍّ لا حَراكَ بها
وينحرونَ كرامَ الخيلِ والإِبِلِ
يُشفَى لديغُ الغوانِي في بُيوتهِمُ
بنهلةٍ من لذيذِ الخَمْرِ والعَسَلِ
لعلَّ إِلمامةً بالجِزعِ ثانيةً
يدِبُّ فيها نسيمُ البُرْءِ في عللِ
لا أكرهُ الطعنةَ النجلاءَ قد شُفِعَتْ
برشقةٍ من نِبالِ الأعيُنِ النُّجُلِ
ولا أهابُ صِفاح البِيض تُسعِدُني
باللمحِ من صفحاتِ البِيضِ في الكِلَلِ
ولا أخِلُّ بغِزلان أغازِلُها
ولو دهتني أسودُ الغِيل بالغيَلِ
حبُّ السلامةِ يُثْني همَّ صاحِبه
عن المعالي ويُغرِي المرءَ بالكَسلِ
فإن جنحتَ إليه فاتَّخِذْ نَفَقًا
في الأرضِ أو سلَّمًا في الجوِّ فاعتزلِ
ودَعْ غمارَ العُلى للمقديمن على
ركوبِها واقتنِعْ منهن بالبَلَلِ
رضَى الذليلِ بخفضِ العيشِ يخفضُه
والعِزُّ عندَ رسيمِ الأينُقِ الذُلُلِ
فادرأْ بها في نحورِ البِيد جافلةً
معارضاتٍ مثانى اللُّجمِ بالجُدَلِ
إن العُلَى حدَّثتِني وهي صادقةٌ
فيما تُحدِّثُ أنَّ العزَّ في النُقَلِ
لو أنَّ في شرفِ المأوى بلوغَ مُنَىً
لم تبرحِ الشمسُ يومًا دارةَ الحَمَلِ
أهبتُ بالحظِ لو ناديتُ مستمِعًا
والحظُّ عنِّيَ بالجُهَّالِ في شُغُلِ
لعلَّهُ إنْ بَدا فضلي ونقصُهُمُ
حقًا من يغترب ويتنقل من بلد إلى أخرى سعيًا للحصول على رزقه الذي قسمه الله له من شأنه أن يكون بطلًا يستحق التقدير كما ذكرت تلك القصيدة الرائعة من قصائد شعر الغربة عن الأهل.
اقرأ أيضًا: أسباب تساقط الشعر عند النساء
8- قصيدة (عست دمن بالأبرقين خوال)
على الرغم من أن مفردات تلك القصيدة من قصائد شعر الغربة عن الأهل تعد صعبة على البعض، إلا أنه من الممكن استشعار المعاني من سياق أبياتها، فهي تعبر عن شوق المغترب لأهله وانتظاره كي يطمئن على أخبارهم.
فقلب المغترب من شأنه أن يكون قلقًا على الدوام حتى وإن تأكد من أن جميعهم بخير، فالتواصل عبر مواقع الإنترنت حتى وإن كانت المكالمات المرئية لا يكفي لإيصال الشعور، فقد جاءت أبيات تلك القصيدة الرائعة على النحو التالي:
عَسَت دِمَنٌ بِالأَبرَقَينِ خَوالِ
تَرُدُّ سَلامي أَو تُجيبُ سُؤالي
إِذا ما تَأَيّا الرَكبُ فيها تَبَيَّنوا
ضَمانَةَ مَتبولٍ وَصِحَّةَ سالِ
خَليليَّ مالِلرامِساتِ وَما لَها
وَما لِلشُجونِ المُبرِحاتِ وَما لي
صَبا بَعدَ ماخَلّى لِداتي عَنِ الصِبا
وَنَفَّرَ وَحشَ البِيضِ شَيبُ قَذالي
وَتَرتُ الهَوى إِلّا لَجاجَ مُعَذِّلٍ
وَمُعطي الهَوى إِلّا طُروقَ خَيالِ
وَإِنّي وَذاتَ الخالِ في حالِ مُغرَمٍ
يَزيدُ غَرامًا مِن جَوانِحِ خالِ
وَلَو ثابَ لَي رَأيٌ لَكانَت صَريمَةٌ
أُوامِقُ مُختارًا بِها وَأُقالي
أَبَت أَن تُبَقّي رَغبَةً عِندَ صاحِبي
لَيالٍ يُريني الدَهرُ بَعدَ لَيالِ
وَذي مَلَّةٍ أَوشَكتُ عَنهُ تَرَحُّلي
فَلَم يُحذِهِ الدَهرُ الطَويلُ مِثالي
وَأَكثَرُ فِتيانِ الزَمانِ أَراذِلٌ
مَوازينُهُم في السَروِ غَيرُ ثِقالِ
إِذا كُلِّفوا لِلمَجدِ حَسوَةَ طائِرٍ
أَطالوا الوَنى مِن سَأمَةٍ وَكَلالِ
وَما آفَتي في خَلَّتي وَبُدُوِّها
سِوى خُلَلٍ لَم تُعطَ فَضلَ خِلالِ
تَواكَلَني الإِخوانُ حَتّى تَضَعضَعَت
قُوايَ وَخافَ المُشفِقونَ وِكالي
وَمازالَ خَذلُ الدَهرِ حَتّى تَوَقَّعَت
يَميني غَداةَ النَصرِ خَذلَ شِمالي
عَلى أَنَّ لَي سُلطانَ رُغبٍ وَرَهبَةٍ
أَصولُ بِهِ في العِزِّ كُلَّ مَصالِ
وَأَغفَلَ صَرفُ الدَهرِ عِندي سَوائِرًا
لِوَضعِ مُعادٍ أَو لِرَفعِ مُوالِ
يُغالي بِها ذو الطَولِ وَهيَ رَخيصَةٌ
وَيُرخِصُها ذو النَقصِ وَهيَ غَوالِ
مَتى أَعتَصِم في آلِ مُرٍّ أَجِدهُمُ
حُصوني كَفَت كَيدَ العِدى وَجِبالي
وَكَم خَسَأوا الحُسّادَ وَاِستَحدَثوا لَهُم
خَساسَةَ حالٍ مِن نَباهَةِ حالِ
إِذا سِرتُ عَنهُم لَيلَةً أَوتَلِيَّها
عَرَفتُ اِغتِرابي في حَنينِ جِمالي
وَكَيفَ التَخَلّي عَنهُمُ وَحِبالُهُم
إِذا اِنتَسَبوا مَعقودَةٌ بِحِبالي
وَقَفنا النُفوسَ مِن رَجاءِ اِبنِ مُسلِمٍ
عَلى الدِيمَتَينِ مِن جَدًا وَنَوالِ
فَتى العَرَبِ المُغرى بِتَثبيتِ عِزِّها
لا ننسى أن المغترب حاني القلب يرق فؤاده إلى احتضان أمه وأبيه، فعندما نذكره لا يجدر بنا سوى الدعاء له بظهر الغيب، حتى يمنّ الله عليه بالفضل والنعمة وتقصر فترة سفره، ويعود إلى موطنه في أقرب وقت، فشعر الغربة عن الأهل كفيل بتجسيد المشاعر التي يتعرض لها المغترب بعدًا عن ذويه، وهو ما لا يلمسه سوى المقربين إليه.
بعد أن قرأنا الكثير من شعر الغربة عن الأهل علينا أن ندعو الله عز وجل أن يهون الأمر على المغتربين، وتمضي الأيام سريعًا حتى عودتهم إلى ديارهم وذويهم.