شعر عن زعل الحبيب
إن كل شعر عن زعل الحبيب والشعر بوجه عام تمثل كل قطعة وكل غرض منه جزءًا من علاقة الحب، فإن الحب حنان وقسوة وقوة وضعف ولين وشدة وخصام ووصال وهكذا، ولقد عنى الشعر العربي بالذات بتلك الحقيقة واهتم بها أيما اهتمام، ونظرًا لأن الحب لا يخلو أبدًا من الزعل بالذات، سوف نعرض من خلال منصة وميض أفضل الأبيات الشعرية التي قيلت عن المحبين في وقت الخصام بينهما.
شعر عن زعل الحبيب
إن الحب بوجه عام لا يتميز بالصفاء دومًا ولا بالجفاء على طول الخط، فإن الحب لولا مرارته ما كانت لحلاوته وجودًا، ولولا حلاوته ما كانت لوعته مكان ولا كان أحد قادرًا على إدراك قيمته والشعور بالحاجة إليه، ولعل هذا هو السبب الرئيسي في وجود شعر عن زعل الحبيب، الذي تزخر كتب ومؤلفات ودواوين الشعر العربي به، ومن بين الأمثلة على شعر عن زعل الحبيب:
“أرَاكَ عَصِيَّ الدّمعِ شِيمَتُكَ الصّبرُ أما للهوى نهيٌّ عليكَ ولا أمرُ؟
بلى أنا مشتاقٌ وعنديَ لوعة ٌ ولكنَّ مثلي لا يذاعُ لهُ سرُّ!
إذا الليلُ أضواني بسطتُ يدَ الهوى وأذللتُ دمعاً منْ خلائقهُ الكبرُ
تَكادُ تُضِيءُ النّارُ بينَ جَوَانِحِي إذا هيَ أذْكَتْهَا الصّبَابَة ُ والفِكْرُ
معللتي بالوصلِ والموتُ دونهُ إذا مِتّ ظَمْآناً فَلا نَزَل القَطْرُ!
حفظتُ وضيعتِ المودة َ بيننا وأحسنَ منْ بعضِ الوفاءِ لكِ العذرُ”
قصيدة أراك عصي الدمع واحدة من روائع الشاعر أبو فراس الحمداني، والتي تبين مدى عزة وكبرياء العاشق حتى في وقت غضبه والزعل من حبيبه، إلا أن جمال هذه الأبيات يكمن في أنه يؤكد على حقيقة أن العشق والحب الحقيقي يبقى هو الطاغي على المشاعر الأخرى، فبالرغم من غضب الحبيب هنا إلا أنه لا ينكر اشتياقه لحبيبه في قرارة نفسه.
“حزن يغتالني
وهم يقتلني
وظلم حبيب يعذّبني
آه! ما هذه الحياة
التي كلّها آلام لا تنتهي
وجروح لا تنبري
ودموع من العيون تجري
جرحت خدّي
أرّقت مضجعي
وسلبت نومي
آه يا قلبي يا لك من صبور
على الحبيب لا تجور
رغم ظلمه الكثير
وجرحه الكبير
الذي لا يندمل ولا يزول
ما زلت تحبه رغم كل الشّرور
ما زلت تعشقه!”
إن الحب هو الحب بالرغم من الغضب والخصام والزعل والخلافات بين المحبين، والدليل على ذلك نلحظ أن نزار قباني شاعر الحب الأول وصف موضحًا في تلك القصيدة الجميلة، أنه وبالرغم من ثقل العتاب وألم المشاعر، إلا أنه يقر ويعترف بأن سلطان قلبه قد غلب على سيطرة عقله عليه، وبالرغم من كل شيء وأي شيء هو لا يزال يحب الطرف الآخر ويعاتب قلبه على ذلك.
اقرأ أيضًا: كلام يذوب الحبيب في الهاتف
أشعار عن العتاب في الحب
إن كل شعر عن زعل الحبيب يحمل بين سطوره الجميلة المرهفة أسمى أشكال العتاب بين المحبين، فإن الخصام والخلافات بين كل الثنائيات المحبة أمر عادي جدًا ومألوف، وتعد هي الدليل القاطع على مدى صدق الحب، فكلما كان الزعل ممزوجًا بالعتاب فإن الحب يكون حقيقيًا، ولكن إذا ساد الصمت وقت الزعل بين الطرفين فإن هذا مؤشر على خطأ العلاقة.
“أَزورُ فَتُقصيني وَأَنأى فَتَعتَبُ وَأَوهَمُ أَنّي مُذنِبٌ حينَ تَغضَبُ
وَأَرجو التَلاقي كُلَّما بَخِلَت بِهِ كَذَلِكَ يُرجى البَرقُ وَالبَرقُ خُلَّبُ
وَأَعجَبُ مِن لاحٍ يُطيلُ مَلامَتي وَيَعجَبُ مِنّي عاذِلي حينَ أَعجِبُ
هُوَ البُخلُ طَبعٌ في الرِجالِ مُذَمَّمٌ وَلَكِنَّهُ في الغيدِ شَيءٌ مُحَبَّبُ
كَلَفتُ بِها بَيضاءَ سَكرى مِنَ الصِبا وَما شَرِبَت خَمراً وَلا هِيَ تَشرَبُ
لَها الدُرُّ ثَغرٌ وَاللُجَينُ تَرائِبٌ وَشَمسُ الضُحى أُمٌّ وَبَدرُ الدُجى أَبُ
خَليلِيَ أَمّا خَدُّها فَمُوَرَّدٌ حَياءً وَأَمّا ثَغرُها فَهوَ أَشنَبُ”
سطر هذه الأبيات الجميلة الشاعر الكبير إيليا أبو ماضي، ولقد عبر بشكل مرح وعميق في آن واحد عن الثقل والدلال في الزعل بين المحبين وتأثير العتاب عليه، ويعبر عن مدى حيرته في إرضاء حبيبته التي غضبت منه لتصرف ما بدر منه في حقها، وفي حيرته تلك في طريقة مصالحتها دلالة كبيرة على مدى صدق الحب والمشاعر المتبادلة فيما بينهما.
“عَلى قَدرِ الهَوى يَأتي العِتابُ وَمَن عاتَبتُ يَفديهِ الصِحابُ
أَلومُ مُعَذِبي فَأَلومُ نَفسي فَأُغضِبُها وَيُرضيها العَذابُ
وَلَو أَنّي اِستَطَعتُ لَتُبتُ عَنهُ وَلَكِن كَيفَ عَن روحي المَتابُ
وَلي قَلبٌ بِأَن يَهوى يُجازى وَمالِكُهُ بِأَن يَجني يُثابُ
وَلَو وُجِدَ العِقابُ فَعَلتُ لَكِن نِفارُ الظَبيِ لَيسَ لَهُ عِقابُ”
في هذه القصيدة الرائعة من شعر عن زعل الحبيب ومعاتبته، يؤكد أمير الشعراء الراحل أحمد شوقي على أن العتاب جزء لا يتجزأ عن الحب، وبقدر ومدى الحب يكون العتاب شرط ألا يخلو من اللين وألا تتخلله قسوة مفرطة، أي أن الزعل في الحب ليس ممنوعًا ولكن بالرغم من كبره غير مسموح بالقسوة ولا يعد الجفاء مبررًا مقنعًا لطول فترة الخصام والصمت خلالها، فإن الحب من دون عتاب لا يسمى حبًا.
اقرأ أيضًا: بوستات عن الزعل من شخص
قصائد عن الحزن في الحب
إن أكثر ما يدل على أن شعر عن زعل الحبيب رمزًا من رموز الحب هو ما قدمه الشعراء في هذا الغرض، فلولا تجربة الشاعر لذلك الشعور وهذا الألم لما تمكن من خط تلك الأبيات ونظم تلك القصائد الطويلة، فالحزن على خصام أو زعل الطرف الآخر من العلاقة من أبرز الدلائل على صدق الحب، فإن لم يحزن المحب فهو غير غدير بحب من أحبه.
“علمني حبك ..أن أحزن
و أنا محتاج منذ عصور
لامرأة تجعلني أحزن
لامرأة أبكي بين ذراعيها
مثل العصفور..
لامرأة.. تجمع أجزائي
كشظايا البلور المكسور
أدخلني حبك.. سيدتي
مدن الأحزان..
و أنا من قبلك لم أدخل
مدن الأحزان..
لم أعرف أبداً..
أن الدمع هو الإنسان
أن الإنسان بلا حزنٍ
ذكرى إنسان”
قصيدة الحزن هي إحدى روائع الشاعر نزار قباني ومن أجمل قصائده على الإطلاق، وتشرح تلك القصيدة الجميلة كل معاني الحب وكل احتياجاته وكل جوانبه الإيجابية والسلبية أيضًا، ويقول نزار مؤكدًا على ذلك أن الحزن ليس أمرًا جيدًا إلا أن الحب من دونه لا يستحق أن يقال عنه حبًا، فهو لم يشعر بوجوده كإنسان إلا عندما جرب الحزن بسبب الحب والعشق.
“كَيفَ ضَيعتُكِ في زَحمةِ أيَّامي الطَّويلة
إنَّهُ ذَنبي الذي لَنْ أغفِره
وما مِن عَادَتي نُكرانَ ماضيَّ الذي كانا
ولكنَّ كلّ من أحببتُ قبلَكِ ما أحبوني
ولا عَطَفوا عَلي، عَشقت سبعًا كن أحيانا
ترفُّ شعورهُنَّ علي، لتحمَلني إلى الصين
أغوصُ في بَحرٍ منَ الأوهامِ والوجع”
قصيدة أحبيني هي إحدى روائع الشاعر الراحل بدر شاكر السياب، والتي تصور مدى حزنه على ما ضاع من عمره قبل أن يلقى بمن يحبها، ويعاتب نفسه ويعتبر أن هذا التأخير ذنب اقترفته يداه في حق نفسه، ويقر بما مر به من قبلها من تجارب مع أجمل النساء الذي أيقن أنهن إلى جوارها كن مجرد وهم وخيال وحلم عابر.
اقرأ أيضًا: حبيبي زعلان مني كيف أراضيه بمسج
قصائد عامّيّة عن زعل الحبيب
كتابة شعر عن زعل الحبيب لم يقتصر على اللغة العربية الفصحى، بل أبدع شعراء العامية المصرية في كتابة الكثير من هذا النوع من القصائد، والتي تحول العديد منها إلى أعمال غنائية خالدة، لا تزال يتغنى بها كبار المطربين على مستوى الوطن العربي ويهيم فيها المستمع العربي.
“الحب كده
وصال ودلال ورضا وخصام
اهو من ده وده الحب كده مش عايزة كلام
حبيبي لما يوعدني تبات الدنيا ضاحكة لي
ولما وصله يسعدني ما افكر في اللى يجرى لي
ينسيني الوجود كله ولا يخطر على بالي
ولما طبعه يتغير وقلبي يبقى متحير
مع الأفكار أبات في نار وفي حيرة تبكيني
وبعد الليل يجينا النور وبعد الغيم ربيع وزهور
اهو من ده وده الحب كده مش عايزة كلام
الحب كده
حبيب قلبي يا قلبي عليه ولو حتى يخاصمني
ويعجبني خضوعي اليه واسامحه وهو ظالمني
وبعد الغيم ما يتبدد وبعد الشوق ما يتجدد
غلاوته فوق غلاوته تزيد ووصله يبقى عندي عيد
وبعد الليل يجينا النور وبعد الغيم ربيع وزهور
اهو من ده وده الحب كده مش عايزة كلام
الحب كده
يا سعده اللى عرف مرة حنان الحب وقساوته
ويا قلبه اللى طول عمره ما داق الحب وحلاوته
تشوفه يضحك وفي قلبه الأنين والنوح
عايش بلا روح وحيد والحب هو الروح
حبيب قلبي وقلبي معاه بحبه في رضاه وجفاه
اوريه الملام بالعين وقلبي على الرضا ناوي
بيجرح قد ما يجرح ويعطف تاني ويداوي
اهو من ده وده الحب كده مش عايزة كلام
الحب كده”
قصيدة الحب كده واحدة من أروع ما كتب الشاعر المصري الراحل بيرم التونسي رائد الزجل في الوطن العربي، ومن أجمل ما لحن الموسيقار الكبير رياض السنباطي، وواحدة من روائع أغنيات كوكب الشرق أم كلثوم.
هذه القصيدة تؤكد على أن شعر عن زعل الحبيب لا يزيد الحب إلا جمالًا، فبعد كل خصام وخلاف تداوي كلمات الحب والعتاب الرقيق كل ما جرح خلال تلك الفترة، وتؤكد أيضًا على حقيقة أن من يحب بحق وصدق يدرك أن خصام وزعل حبيبه منه ضربًا من ضروب المحبة، وقبوله له مرة أخرى في وقت الصفاء يؤكد على صدق الحب والمشاعر التي تجمع فيما بين الطرفين.
مهما عرضنا من شعر عن زعل الحبيب سوف يبقى كل ما سلف عرضه مجرد مقتطفات، فلا تزال المكتبة العربية ثرية جدًا وتزخر بمئات الآلاف من الأبيات التي تناولت هذا الغرض الشعري.