شروط الحجاب الشرعي لابن عثيمين
شروط الحجاب الشرعي لابن عثيمين متعددة، فهو من أبرز علماء الإسلام في العصر الحديث، فكان رحمة الله عليه من أعضاء كبار هيئة العلماء ومدرسًا للعلوم الشرعية بعدة جامعات، وله الكثير من الكتب الخاصة بالعقيدة الإسلامية بشتى الأمور من أبرزها الحجاب، لذا نعرض لكم شروطه في تلك المسألة عبر منصة وميض.
شروط الحجاب الشرعي لابن عثيمين
الحجاب في اللغة يعني الستر، وفي الشرع ينطوي على بعض التعريفات أي الحجاب الساتر لجسد المرأة الذي يكون غير شفافًا، وفي المعنى الآخر للشرع فالحجاب يعني بعد المرأة عن أنظار الرجال الأجانب.
بالأخير فإن معنى الحجاب في اللغة والشرع يتفقان في الستر، يتم تناول مسألة الحجاب بكثرة بين علماء المسلمين على الرغم من ثبوت فرضيته منذ عهد الرسول –صلى الله عليه وسلم- فقد أنزل الله تعالى على النبي الكريم قوله: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) [سورة الأحزاب: الآية 59]، أي تغطية الوجه من فوق الرأس عبر الجلابيب ويظهرن عين واحدة.
أما عن شروط الحجاب الشرعي لابن عثيمين فهو يرى أنه فرض وعلى سائر نساء المؤمنين ارتدائه بالشكل الذي ارتدته نساء الرسول –صلى الله عليه وسلم- حيث إنه كان ساترًا لكامل البدن لا يشف أو يصف البشرة والجسد حيث يجب اتساعه كي لا يبرز ملامح الجسم، كما أنه لا يجب أن يكون خاص بالشهرة أو يتضمن زينة لافتة للانتباه، مع الابتعاد عن التبخر والتعطر.
حيث يرى وجوب تغطية الوجه لأنه أعظم رموز الفتنة، والإنسان يهتم بجمال الوجه عما غيره من سائر الأعضاء وأول ما يراه الرجال بالمرأة حيث قال مثال أن الرجل حين يخطب المرأة يطلب النظر إلى وجهها لا أقدامها، لذلك يراه بأنه أولى الأعضاء بالستر.
تتوافق شروط حجاب الشيخ ابن عثيمين مع شروط الحجاب العامة بالإسلام لا اختلاف بينهما سوى فيما يخص الوجه لأن الكثير من شروط الحجاب تستند إلى حديث الرسول الكريم مع أسماء بنت أبي أنها إن بلغت لا يظهر منها إلا الوجه والكفين ولكنه حديث ضعيف.
اقرأ أيضًا: هل يجوز لبس الحجاب بالغصب
صفات الحجاب بالإسلام
بينما نعرض شروط الحجاب الشرعي لابن عثيمين، نتطرق إلى صفات الحجاب الشرعي في الإسلام التي يجب الالتزام بها مثل بقية الأوامر التي يدعو الله تعالى لها كالصلاة والصوم، لذا نعرضها في الفقرات التالية:
1- يكون فضفاضًا
لا يجوز للمسلمات أن ترتدي في حجابها الملابس الضيقة التي تصف وتكشف أجزاء الجسد، فالحجاب لا يعني فقط تغطية الرأس أو الشعر وستره عن الرجال الأجانب، إنما به ستر لكافة أجزاء الجسم.
2- بعد الحجاب عن الرقة
يجب أن يكون الحجاب نفسه غير ظاهر لما تحته من الجسم أو كاشفًا لما تحته من ملابس مثيرة للفتنة عند الأجانب، فقد أمر الرسول السيدة أسماء بنت أبي بكر بأن تظهر فقط كفيها ووجها من الحجاب لأن ما كانت ترتديه لم يكن حجابًا بسبب إظهاره لما تحته المثير للفتنة.
اقرأ أيضًا: هل خلع الحجاب من الكبائر
3- عدم التشبه بالرجال
هنا لا يجب على السيدة المحجبة أن ترتدي الملابس الرجالية للتشبه بهم لما في ذلك نهي من الإسلام بسبب التغيير من خلقة الله تعالى والمخالفة لشروط الحجاب الشرعي الصحيح، فقد ورد عن عبد الله بن عباس عن النبي الكريم
” لَعَنَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بالنِّسَاءِ، والمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بالرِّجَالِ“.
4- لا يكون من ملابس أهل الكفر
يجب أن يكون الحجاب الإسلامي بعيدًا عن ملابس الديانات الأخرى، أو من ملابس أهل المجون والفسق أي لباس اشتهر به مجموعة من الناس بين العامة ليكون خاص بهم، كذلك لا يجب أن يتضمن أي صور للكفار أو صلبان أو كتابة باللغة الأجنبية التي حال ترجمتها يكون لها المعنى السيئ الذي لا يليق بالمسلمات.
5- لباس الشهرة
لا يجب أن يكون الحجاب الشرعي للمسلمات من لباس شهرة، أي ظاهر به الخيلاء والإسراف بوضوح، بالإضافة إلى أنه يجب خلوه من العطر.
اقرأ أيضًا: حكم كشف الوجه في المذاهب الأربعة
لماذا يضعف حديث عدم ستر الوجه والكفين
يتناقل حديث للرسول –صلى الله عليه وسلم- إلى أسماء بنت أبي بكر-رضي الله عنها يقول:
” يا أسماءُ إنَّ المرأةَ إذا بلَغتْ المحيضَ لم يَصلُحْ أن يُرَى منها إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهِهِ وكفيْهِ”.
لكتن احتج الكثيرون على ما محتواه من جواز كشف الكف والوجه للمسلمة بسبب تعلق الكثيرين به، ولكن الكثير من العلماء رؤوا أنه حديث ضعيف لا يمكن الارتباط والاحتجاج به؛ لأن السيدة عائشة –رضي الله عنها- قالت “كنا قبل الحجاب” أي أنهن قبله كانوا يكشفون أوجههن، ولكن بعد نزوله قاموا بتغطيتها.
تم ذلك خلال غزوة الإفك حال الاستماع إلى صفوان بن المعطل يرجع إليها، فقامت بإخمار وجهها حيث إنه من قبل قد رآها دون الحجاب مشيرة إلى قول الله تعالى:
{وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ۚ ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ۚ} [الأحزاب: الآية 53].
فقد ذهب بعض من أهل الحديث إلى أن حديث السيدة أسماء يختلف عن حديث السيدة عائشة بالصحيحين بسبب دلالته على جواز كشف الوجه والكفين، ولكن بعض أهل العلم ذهبوا في ذلك الشأن لبضع الآراء التي نذكرها في النقاط التالية:
- الرأي الأول: من روى حديث السيدة عائشة هو خالد بن دريك الذي لم يلتقي بها وبالتالي فإن رواية الحديث منقطعة.
- الرأي الثاني: أنه يسند لرجل يعرف ب “سعيد بن بشير” لذلك هو ضعيف لا يمكن الاحتجاج به.
- الرأي الثالث: قتادة من روى الحديث عن خالد الذي روى بالعنعنة من فلان، من المدلسين الذين يروى عنهم المجاهيل، لذا فإنه لم يصرح بالاستماع وبالتالي تضعف روايته.
- الرأي الرابع: لا صراحة بالحديث، أي انه كان بعد الحجاب، ويحتمل أن يكون قبله لأن السيدة عائشة كان زواجًا من الرسول الكريم بعد الحجاب لذا يحتمل أن ما تم كان قبله.
- الرأي الخامس: أن السيدة أسماء هي بنت أبي بكر الصديق –رضي الله عنه- واخت السيدة عائشة زوجة الرسول –رضي الله عنها- لذلك هي تكون من خير النساء في العقل والدين فكيف لها الدخول على النبي الكريم بتلك الملابس الرقيقة الكاشفة للوجه والكف والعورة، ويقوم النبي بمعارضتها بستر كل جسدها عدا الوجه والكفين، فيعني ذلك أنها دخلت عليه في ملابس كاشفة للساق والرأس والصدر وما يتشابه معهم.
ذلك الرأي نابع من تأمل المتن، وفي ذلك المعني يعرف المتن بأنه منكرًا لا يمكنه الوقوع على السيدة عائشة رضي الله عنها بسبب اشتهارها بالخير وأنها من الصالحات، كذلك هي زوجة الزبير بن العوام أكثر الناس غيرة على الإسلام، وأبوها أفضل الصحابة بعد الأنبياء -عليهم السلام- فكيف لها الدخول بالثياب الرقيقة الكاشفة لعوراتها للنبي الكريم.
إن شروط الحجاب الشرعي لابن عثيمين تشمل تغطية الوجه مع كامل الجسد لأنه يراه من الفتن الواجب سترها، فبشكل عام يوجد خلاف بذلك الصدد بين العلماء من جواز إظهار الوجه والكفين للمحجبة من عدمه لاختلاف الروايات والأحاديث بين الصحيحة والضعيفة.