هل يجوز لبس الحجاب بالغصب
هل يجوز لبس الحجاب بالغصب؟ وما هي طرق الترغيب فيه؟ بعض من الناس يقومون بإجبار بناتهن على ارتداء الحجاب، بالرغم من أن الدين يسر وليس عسر، فهؤلاء يتكلمون بالعسر فقط مع إن المنهج الإسلامي مبني على الترغيب وليس الترهيب، مما يزرع ويعزز النفور من تلك الفريضة، ومن خلال منصة وميض نجيب عن سؤال هل يجوز لبس الحجاب بالغصب؟ عبر الفقرات الآتية.
هل يجوز لبس الحجاب بالغصب؟
في العصر الحالي أثير جدل كبير حول فرضية الحجاب وهل يجوز ارتداؤه بالغصب أم لا، فهناك من قال بعدم الغصب وهناك من قال بالغصب، ونوضح الآراء المختلفة بالأدلة المستند بها من خلال السطور التالية:
1- من قال بعدم ارتداء الحجاب بالغصب
في نفي الحكم هناك عدة آراء نذكرها في النقاط الآتية:
- قال أحد شيوخ دار الفتوى المصرية أنه لا يجوز إجبار الفتاة بأساليب التعنيف على ارتداء الحجاب، الحجاب ليس من الأركان الخمسة في الإسلام، التي هي الشهادة والصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان والحج، كما أكمل المفتي أن فرضية الحجاب أكيدة وبالنص القرآني فلا يمكن إنكار فرضيته، وترك الفريضة معصية لله عز وجل.
- يرى بعض علماء المذهب الشافعي أنه لا يجوز إجبار الفتاة على ارتداء الحجاب ولكن يجب على الآباء أن يربي أبنائه على فضائله.
- يقول بعض العلماء في التفسير الحديث أنه لا يجوز إجبار المرأة على ارتداء الحجاب فعليها أولًا أن تفهم ما هو الدين وما فضائله، ترتدي المرأة الحجاب عن اقتناع به وبعد الفهم الصحيح له.
- كما يجب على الآباء والأمهات أن يقوموا بترغيب بناتهن في الحجاب فهو من الفضائل التي يجب أن ننشأ عليها بناتنا من صغرهن.
- يقول بعض العلماء بعدم جواز إجبار الفتاة أو غصبها على ارتداء الحجاب مهما بلغ درجة إنكارها، لأنه من أساسيات الإسلام، الترغيب وتنشئة الأطفال على الفضائل الإسلامية وطرق الوصول لمرضات الله عز وجل، والغصب لا يحقق ذلك بل يوجب النفور أكثر من تلك الفريضة.
- إن الإجبار على ارتداء الحجاب له من العواقب ما قد يفسد ولا يصلح، من تلك العواقب، كره الدين الإسلامي وهذا خطر جدًا، وزيادة النفور في نفوس بناتنا.
- الترغيب في الحجاب هو أفضل الوسائل التي يجب استخدامها في إقناع بناتنا بارتداء الحجاب، من حيث بيان فضائله وثواب فاعله.
اقرأ أيضًا: هل يجوز للخاطب رؤية شعر خطيبته
2- من قال بالغصب على ارتداء الحجاب
أجاب البعض على سؤال هل يجوز لبس الحجاب بالغصب؟ بالموافقة على هذا الرأي تبعًا لعدة أمور نذكرها في النقاط الآتية:
- البعض يقول إنه يجب إجبار المرأة على ارتدائه لورود النصوص الشرعية التي توجب فرضيته، والفرائض لا يجب أن نتهاون في حقها، لذا يجب الإلزام المرأة به.
- يرى ابن باز أنه لم يرد نص في القرآن أو السنة ذكر فيه وجوب غصب الفتاة على الحجاب، لكن يجوز إجبارها على ارتداء الحجاب بعد بلوغها سن البلوغ بشكل ثابت.
- يرى بعض علماء المالكية أن إجبار الفتاة على ارتداء الحجاب واجب شرعًا استدلالًا بقولة تعالى: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ).
طرق الإقناع لارتداء الحجاب
بعد الإجابة على سؤال هل يجوز لبس الحجاب بالغصب؟ نوضح أن الدين الإسلامي دين عادل، الأصل فيه هو التحبيب والترغيب، وقد ساعد ذلك بشدة على بلوغ الدعوة للإسلام مبلغها إلى جميع أقطار الأرض ودخول أفواج كثيرة في الإسلام في كل عصر وكل زمان بل كل يوم، فقد كان منهج الإسلام من البداية هو بيان المعروف والأمر به وبيان المنكر والتنفير منه.
تعد الدلائل على تلك الأمور ما يجلب المنفعة على صاحبه وليس ما يجلب الضرر، فبالرغم من عدم وجود الطب في ذلك العصر لكن علماء العصر الحالي أثبتوا صحة ما جاء به الإسلام وما دل عليه القرآن من أكثر من 1400 عام، الحجاب فريضة من فرائض الإسلام التي خص بها المرأة ولا خلاف على كونه كذلك.
لذا على كل امرأة بلغت المحيض ارتدائه لكن من حقها أن يتم عرض الأمر عليها بطرق ترغيب حتى لا تنفر من تلك الفريضة الجليلة، ويمكن أن نستخدم بعض تلك الطرق التالية:
- تنشئة الأطفال من صغرهم على القيم والمبادئ الإسلامية، حتى لا يتفاجأن به عند مرحلة البلوغ.
- اتباع الأسلوب الحسن والجيد في النصح والإرشاد وبيان فضائل الحجاب.
- بيان فرضية الحجاب من الصغر وعدم إلزام الأطفال به قبل مرحلة البلوغ، لأن ذلك يوجب النفور في نفوسهم.
- عدم استخدام أساليب التعنيف مثل الضرب والسب، أو الغصب بأي طريقه كانت فذلك يوجب النفور بل كره الحجاب وكره الإسلام وكره الشخص الغاصب حتى إذا كان وليها، لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّـهُ غَفُورًا رَّحِيمًا).
- في الآية الكريمة أمر بفرضية الحجاب ولكن برفق وخوفًا على النساء من الأذية فتلك رحمة من الله عز وجل بالنساء.
على من تجب فريضة الحجاب؟
بعد الإجابة عن سؤال هل يجوز لبس الحجاب بالغصب وجب الإشارة لمن ملزم بتلك الفريضة، وتجب فريضة الحجاب على كل مسلمة بلغت سن الحيض ولا يحق لأبويها إلزامها بالحجاب قبل هذا الوقت، لكن يحق لهم ويجب عليهم تعليمها وتفهيمها أهميته وبيان فضائله لها، ولكل فريضة فرضها الله على عباده لها دليل واضح من الكتاب والسنة التي يستدل بها الأئمة في الإجماع على الآراء، نوضحها فيما يلي:
1-الدليل من القرآن الكريم
يوجد عدة أدلة من القرآن نذكرها فيما يلي:
- قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ) سورة الأحزاب: 59.
- قوله تعالى: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ) سورة النور: 31.
وجه الدلالة من الآيات هو أن الخمار مقصود به الحجاب الذي يستر الرأس وجميع البدن، والجيوب هي منطقة الصدر، والمقصود في الآية بما ظهر منها أي الوجه والكفين، ونهي النساء عن إظهار زينتهن أمام جميع الرجال.
2- الدليل من السنة
أيضًا من أحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- ما يوجب فرضية الحجاب (أن أسماءَ بنتَ أبي بكرٍ دخلَتْ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وعليها ثيابٌ رِقاقٌ فأعرَض عنها وقال يا أسماءُ إن المرأةَ إذا بلغَتِ المَحيضَ لم يَصلُحْ أن يُرَى منها إلا هذا وأومَأ إلى وجهِه وكفَّيه).
3- إجماع الأمة الإسلامية
أجمع علماء الأمة الإسلامية على فرضية الحجاب، وإنه أمر معلوم من الدين بالضرورة.
الحجاب في الأمم السابقة
بعد الإجابة عن سؤال هل يجوز لبس الحجاب بالغصب؟ أشرنا إلى وجود الحجاب الذي كان فريضة على النساء أيضًا من قبل الإسلام وكانت نساء العصور القديمة تتحجب من باب الحياء والستر، نعرض ذلك في النقاط الآتية:
- في العصور اليونانية التي دلت عليها النقوش أن الفتيات والسيدات يقمن بتغطية وجوههن قبل الذهاب إلى السوق.
- أما في العصور الرومانية كانت النساء تقوم بتغطية جميع جسدها فلا تستطيع الخروج من بيتها إلا وهي مغطاة كاملة من الرأس للقدمين.
- كما في عصر الجاهلية كان الحجاب فرض على نساء العرب فلا يجوز أن تخرج امرأة حرة للسوق أمام أعين الرجال قبل ارتداء البرقع، ومن كانت تتبرج منهن كانوا العبيد أو الراقصات أو في بيوت الخمر.
- الحجاب عند اليهود ما جاء في الشريعة اليهودية وما يلتزم به بعض اليهود المتدينين في هذا العصر، الحجاب الذي يغطي جميع البدن وقد يصل الأمر لتغطية وجوههن لدرجة أن الرداء يكون طويل جدًا حتى يغطي قدميها، وكانت من تخرج بدون حجاب يتم تغريمها لارتكابها تلك الجريمة.
- الحجاب في المسيحية فنرى في الصورة المصورة للسيدة مريم عندهم أنها بالحجاب فهو دليل للعفة عندهم وهو فرض على الراهبات الموجودات في الكنيسة، ويلتزم به بعض المسيحيين المتشددين أيضًا.
اقرأ أيضًا: هل يجوز صوم عاشوراء فقط
الغرض من فريضة الحجاب
بعد الإجابة عن هل يجوز لبس الحجاب بالغصب؟ يخرج لنا سؤال ما الغرض منه؟ فلكل أمر شرعه الله هو لغرض وحكمة وهناك عدة أغراض لفريضة الحجاب، نوضحها في النقاط الآتية:
- الحجاب يصون المرأة فهو فريضة خص الله سبحانه وتعالى المرأة ليحفظها من عيون ضعاف النفوس، وسترًا لمفاتنها حتى لا تكون عرضة بين الرجال.
- حفظ حقها ودفع الأذى عنها الذي قد يسببها بعض الرجال لها لقوله تعالى: (ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّـهُ غَفُورًا رَّحِيمًا).
- حفظ الرجال أيضًا من الوقوع في النظرة المحرمة إن كانت المرأة مظهرة مفاتنها تعد موقع لإثارة غرائز الرجال.
- الحجاب يتوافق مع الفطرة السليمة وهو وسيلة من وسائل الحياء وحفظ للمرأة.
- كما يحفظ جسد المرأة من نظرات الحسد التي قد تصاب بها لتميزها بالجمال الفائق أو الجسد الممشوق.
- الحجاب ستر للجسد وهي أهم فضيلة وأرقى وسيلة حيث لا تكون المرأة مباحة للجميع.
شروط الحجاب الشرعي
بعد الإجابة عن سؤال هل يجوز لبس الحجاب بالغصب؟ وجب بيان شروط الحجاب الصحيحة، وقد وردت عدة شروط في الكتاب والسنة خاصةً باللباس الشرعي يجب أن تتحقق في لباس المرأة نعرضها فيما يلي:
- أن تكون الثياب ساترة لجميع الجسم.
- ألا يكون شفافًا فلا يشف جسد المرأة.
- ألا يبرز تفاصيل جسم المرأة.
- أن يكون واسع بحيث لا يظهر تفاصيل الجسد، لقوله صلى الله عليه وسلم: (سيكونُ في آخرِ أمتي نساءٌ كاسياتٌ عارياتٌ، على رؤوسِهن كأسنمةِ البُخْتِ، العنُوهن فإنهن ملعوناتٌ. زادَ في حديثٍ آخرٍ: لا يدخلْنَ الجنةَ ولا يجدْنَ ريحَها، وإن ريحَها لتوجدُ من مسيرةِ كذا وكذا).
- كأسنمة البخت، أي يضعن على رؤوسهن ما يجعلها كبيره ومرتفعة مثل استخدامهم لعمائم تحت الحجاب أو غيرها من تلك الأشياء.
- ألا تتشبه أو تتبرج مثل نساء الجاهلية، فعليها الظهور كما هي ببساطة.
- كما ألا يحتوي على الكثير من الأشياء اللافتة للأنظار.
- بالإضافة إلى ألا يشبه ملابس الرجال.
- ألا يكون الغرض من الملابس هو التكبر بها والتفاخر بين الناس.
- عدم وضع العطر على الملابس ويمكنها استخدام وسائل أخرى لإزالة رائحة العرق بدلًا من التعطر لأن النبي نهى عن التعطر للنساء لأن بعضهن يستخدمنه في جذب انتباه الرجال إليها.
فضائل الحجاب
يؤرق سؤال هل يجوز لبس الحجاب بالغصب؟ بعض الناس لعدم معرفتهم بفضل الحجاب فنذكر تلك الفضائل في النقاط الآتية:
- هو وسيلة لحفظ نقاء القلب بعد المحافظة على الحياء.
- كما أنه وسيلة لحفظ جسد المرأة وهو خاصية لها أجرها وثوابها عند الله منفردة بهذا الثواب عن الرجال.
- يعف الرجل من النظر لما تجبره عليه فطرته.
- كما تعف المرأة ويحفظ خصوصية جسدها لها ويحفظ عرضها من النظرات المريضة سواء كانت نظرة شهوة أو نظرة حقد أو حسد لهيئة جسدها أو مفاتنها.
اقرأ أيضًا: هل خلع الحجاب من الكبائر
هل يجوز منع الفتاة من النفقة إن لم تتحجب؟
الحجاب فريضه واجبه على بناتنا وعلى نسائنا والواجب علينا إلزامهم بها بالطرق اللينة من غير قهر أو عنف، ولا يجوز أبدًا لولي الأمر أن يقطع نفقته عليها سواء كان زوج أو كان أب، لأن النفقة واجبه وفرض عليه أيضًا سواء كانت ابنته محجبة أو غير محجبة ولا خلاف في ذلك.
فتركه لتلك النفقة مخالفة لأمر الله وعدم التزام بواجباته وعدم رعاية مسؤولياته، لقوله تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ).
الحجاب فريضة واجبة على كل مسلمة فمن التزمت به وبضوابطه الشرعية حصدت الأجر والثواب من عند الله ومن أنكرته فهي آثمة لإنكارها شيئًا معلوم من الدين بالضرورة.