هل خلع الحجاب من الكبائر
هل خلع الحجاب من الكبائر؟ وما هو وقت تكليف الفتاة بارتداء الحجاب؟ الحجاب من الفرائض التي يسرها الله عز وجل للفتاة حفظًا عليها من الفتنة وسترة لجمالها ومفاتنها لمن يستحقها، ولارتداء الحجاب جهاد ونزاع بالغ مع النفس البشرية، لذا فمن خلال منصة وميض سنجيب على سؤال هل الحجاب من الكبائر أم لا عبر الفقرات التالية.
هل خلع الحجاب من الكبائر؟
يعتبر التحدث في هذه المسألة من الأمور المؤرقة للكثير من الأشخاص، فمن خلال إمكانية أن ترك الفتاة للحجاب قد تكون من الكبائر تندفع بعض العائلات إلى إجبار فتياتها على ارتداء الحجاب خلال مراحل الطفولة، بالرغم من أن الشرع قد حدد الوقت لتكليف الفتاة وهو منذ لحظة بلوغها.
كما أن مذهب الحنفية قام بإيضاح الإجابة على سؤال هل خلع الحجاب من الكبائر بحزم قرار وإثبات أن الحجاب فرض من فرائض الله عز وجل وتركه إثم كبير يحاسب عليه ولا يوجد خلاف بهذا الشأن لكن لا يعد الأمر من الكبائر، فلا تصل درجة الذنب في هذه الحالة إلى درجة ذنب ترك الصلاة فالصلاة من أركان الإسلام وهي المفرقة بين المؤمن والكافر أو الوقوع في الزنا مثلًا.
أما أركان الإسلام التي بتركها يقع المسلم في كبيرة من الكبائر هي قول الشهادتين أي الشهادة أن لا إله إلا الله والشهادة بأن محمدًا عبده ورسوله، بالإضافة إلى أداء فريضة الصلاة، وأداء فريضة الزكاة، وأداء فريضة الصيام، وحج البيت الحرام، ويصبح الحج فرضًا لمن لديه القدرة على هذا.
ترك واحدة من هذه الأمور تُعد من الكبائر التي بدونها لا يتحقق الإسلام، أما حكم ترك الفتاة للحجاب من الآثام التي عليها العدول عنها والتوبة منها، وليس من الجيد الخلط بين كبائر الذنوب وصغائرها دون وجه حق، فليس من الجيد التعامل مع الآخرين بتعالي لما يسره الله للإنسان فالذنوب درجات.
بالرغم من أن إجابة سؤال هل خلع الحجاب من الكبائر أثبتت أنه مجرد إثم، إلا أن الحجاب فرض على عكس النقاب الذي لا يُعد مكروهًا ولا ممنوعًا في الإسلام، لا يُمكن القول أيضًا بأن إثم التي تترك الحجاب بعد ارتدائه أشد من التي لم ترتديه في الأساس، ولكن الأكيد أن إجابة سؤال هل خلع الحجاب من الكبائر النفي، بالرغم أن العلم بالحكم دون تنفيذه تكون آثمة.
اقرأ أيضًا: ما هو اليمين الغموس و كفارته ومشروعيه
ضوابط الحجاب الشرعي
بعد التعرف على إجابة سؤال هل خلع الحجاب من الكبائر أم لا، فما هي الضوابط الشرعية؟ الحجاب في الإسلام هو غطاء الرأس الذي يستر جسد المرأة ماعدا الوجه والكفين، وفي اللغة الحجاب يأتي بمعنى الساتر، أي أن حجب الشيء هو ستره.
الرأي العام للفقهاء والعلماء هو فرضية الحجاب وهذا لما جاء من وصف للحجاب في سورة النور، غير أن السورة في بداية تقع الآية:
(سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)
ومن هنا جاء بأن الأمر فريضة من الله عز وجل لنساء المسلمين، أما عن شروط وضوابط الحجاب الصحيح فتتمثل فيما يلي:
- من المهم أن يكون الحجاب ساترًا لعورة الفتاة، ويُظهر منه وجهها وكفيها.
- كما يجب ألا يصف أو يشف ما تحته، وبهذا الشأن يقول صلى الله عليه وسلم: (صِنْفانِ مِن أهْلِ النَّارِ لَمْ أرَهُما، قَوْمٌ معهُمْ سِياطٌ كَأَذْنابِ البَقَرِ يَضْرِبُونَ بها النَّاسَ، ونِساءٌ كاسِياتٌ عارِياتٌ مُمِيلاتٌ مائِلاتٌ، رُؤُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ البُخْتِ المائِلَةِ، لا يَدْخُلْنَ الجَنَّةَ، ولا يَجِدْنَ رِيحَها، وإنَّ رِيحَها لَيُوجَدُ مِن مَسِيرَةِ كَذا وكَذا).
- على الحجاب الشرعي للفتاة أن يكون واسعًا فضفاضًا.
- كما يجب ألا يُشبه الملبس ملابس الرجال.
- يجب الحرص أيضًا ألا يكون الحجاب مبهرجًا ومزينًا بطريقة تُلفت الانتباه.
اقرأ أيضًا: هل الوشم حلال أم حرام وهل يختلف تحريمه أو إباحته حسب طريقة رسمه؟
متى تكلف الفتاة بارتداء الحجاب؟
يُفرض الحجاب على كل مسلمة عاقلة بالغة أي بمجرد أن تبلغ الفتاة الحيض وتراه يقينًا، ويفرض عليها ارتداء الحجاب أمام كل رجل ليس من محارمها، والمحارم هم: “الابن الجد، الإخوة، الزوج، أبناء الزوج، الأعمام والأخوال، الإخوة من الرضاعة، الإخوة من أحد الوالدين”.
هذا لِما ورد في الآية الكريمة رقم 31 من سورة النور: (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)
هُنا يأتي دور ولي الأمر في القرار ويكون الأمر عن طريق نصح الفتاة متى بلغت بالحسنى، ولا يوجد حق في إجبار الفتاة على ارتداء الحجاب، ولكن على وليها بذل الجهد على إقناعها وهذا لِما جاء في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم: (كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيتِه، فالإمامُ الذي على الناسِ راعٍ، وهو مسؤولٌ عنهم، والرجلُ راعٍ على أهلِ بيتِه، وهو مسؤولٌ عنهم).
أما عن أساليب إقناع الفتاة بارتداء الحجاب فيُمكن في البداية أن يكون النصح بالحسنى والنقاش والمحاورة، ثم إظهار أن الأمر ليس مُخير بالنسبة لها، وأن الامتناع عنه هو ضلال مبين، وإظهار كم أن الحجاب طهارة وعفة لها، وحفظًا لها من الفتن والوقوع في المعاصي.
كما تتواجد العديد من الطرق التي في أساسها تعتمد على النقاش وأن يكون الأمر قرارًا نابعًا من النفس بتصديق وتيقن، والإلمام أنه جهاد للنفس لا يقوى عليه الكثيرين، وهذا ما تجزى عليه الفتاة في الأساس.
أدلة من القرآن الكريم على فرضية الحجاب
إن أحكام الله وفرائضه يجب تنفيذها دون السؤال عن السبب أو الأدلة، كما يجب أن يكون قرار الحجاب من نفس الفتاة وتكون على يقين أن ما تقوم به جهاد عظيم للنفس ومرضاة لله عز وجل، أما عن الأدلة من القرآن الكريم على فرضية الحجاب فتتمثل في الآيات التالية:
- الآية رقم 31 من سورة النور، والتي ذكرناها سابقًا وهذا لِما ورد في أول آية من السورة الكريمة كونها سورة مفروض آياتها.
- الآية رقم 60 من سورة النور: (وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)، وتُعتبر هذه الآية أكبر دليل على فرضية الحجاب وضرورة غطاء البدن والامتناع عن الزينة المبالغ بها.
- الآية رقم 53 من سورة الأحزاب والتي تقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا)
تسمى بآية الحجاب وتُعتبر أول آية نزلت في القرآن الكريم متحدثة عن الحجاب الخاص بزوجات النبي صلى الله عليه وسلم، ونساء المؤمنين.
- الآيتان رقم 32 و33 من سورة الأحزاب، والاستدلال الصريح في هاتين الآيتين يأتي في قول الله تعالى:
(وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى)، والمقصود هنا كشف الرأس دون شد على الحجاب فتظهر الأعناق والأقراط وزينة المرأة، ولا تواري بدنها.
- الآية 59 من سورة الأحزاب: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا).
اقرأ أيضًا: هل يجوز صلاة سنة الفجر بعد الفرض وبعد إقامة الصلاة؟
ما هي الكبائر التي حددها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
بعد معرفة حكم ترك الفتاة للحجاب من المهم أن يكون هناك إلمام واضح بالكبائر التي يجب على المسلم تجنبها والامتناع عنها، فالكبائر في الإسلام تختلف عن صغائر الذنوب وهي القيام بذنب شأنه عظيم لا رجعة منه، وبهذا نتفق على وجود نوعين من الذنوب في الدين فهل خلع الحجاب من الكبائر؟
الكبائر موضحة بشكل كبير في الحديث الشريف عن أبي هريرة رضي الله عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ قالوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، وَما هُنَّ؟ قالَ: الشِّرْكُ باللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَومَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلَاتِ).
بهذا حدد الرسول -صلى الله عليه وسلم- سبع من الموبقات وهي المهلكات وأطلق عليها هذا الاسم لِما تعود به على الإنسان من هلاك في الدنيا والآخرة، وأولها الشرك بالله عز وجل فالشرك لا مغفرة له ومنه نوعان:
- الشرك الأعظم وهو أن يجعل الإنسان لله شريكًا في العبادة أو ندًا له، ومنهم من يتقرب إلى الله بعبادة الأشياء المختلفة مبررًا أن هذه الأشياء توصله إلى الله عز وجل، ومنها عبادة الأصنام، أو الشمس والقمر والنباتات وغيرها من العبادات المختلفة.
- الشرك الخفي والذي يتمثل في الرياء على سبيل المثال، وهو أن يعمل الإنسان الأعمال للناس وليس لله، والرياء لا يكشفه إلا الله عز وجل.
أما ثاني الكبائر التي يُمكن أن يقع بها الإنسان هو السحر، وهو نوعان أحدهما يعتمد على الطلاسم وغيرها من الأسحار الورقية التي من خلالها يصل الساحر إلى الشياطين والجن، والآخر هو بعض العقاقير والأدوية التي تؤثر على عقل وبدن المسحور.
ثالث الكبائر التي قد يقع بها الإنسان هي القتل العمد، أو قتل النفس المعصومة التي حرم الله قتلها، ورابع الكبائر هو الوقوع في الربا وبعدها يأتي أكل مال اليتيم، وسادس الكبائر هو ترك ساحة الحرب والهرب منها عند قتال أعداء الدين.
سابع الكبائر وآخرها هو قذف المحصنات، والمقصود هنا هو الاتهام بالزنا لكل مسلمة عفيفة دون دليل واضح، وفي مواضع أخرى ذُكر بأن الزنا هو أحد الكبائر، وبهذا تتضح إجابة سؤال هل خلع الحجاب من الكبائر أم لا بشكل أوضح وشيء من التفصيل.
الحجاب فريضة من الله تعالى لنساء المؤمنين حفاظًا عليهم من الفتن، وهذا لقوله تعالى: (فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ)، فأساس فرض الحجاب حماية المرأة لا الرجال، والامتثال لأمر الله هو أمر تجزى عليه الفتاة في كل صغيرة وكبيرة تقوم بها.