ما حكم الزوج الذي لا ينفق على زوجته العاملة
ما حكم الزوج الذي لا ينفق على زوجته العاملة؟ وما هي الحقوق المادية للزوجة على زوجها في الإسلام؟ خلال الفترة الأخيرة زادت أعباء الأسرة ومعاناتها من الحاجة، وهو ما جعل الزوجة تبدأ بالمساعدة في الإنفاق، وفي المقابل رفض بعض الأزواج الإنفاق عند مبادرة زوجاتهم بذلك، فما هو الحكم الديني لفض تلك الشاكلة؟ هذا ما سنتعرف عليه بمنصة وميض.
ما حكم الزوج الذي لا ينفق على زوجته العاملة
في بعض الأحيان تقوم الزوجة بالعمل لمساعدة زوجها وإعانة أسرتها على العيش بشكل أفضل، وقد يأخذ الزوج من أموال زوجته سواء كانت موظفة أو ثرية ولا تعمل، وفي المقابل يتخلى الزوج عنها ويتركها هي أن تنفق على نفسها وألا تترك العمل إن كانت تعمل، فما حكم الزوج الذي لا ينفق على زوجته العاملة في تلك الحالة.
أجاب الشيخ عبد الله السلمي في حوار تليفزيوني عن هذا الأمر قائلًا إنه من أعظم حقوق المرأة على زوجها في عقد النكاح هو أن ينفق عليها، وهذا أمر مقرر شرعًا، والمقصود هنا من كلمة شرعًا أنه لو طلبت المرأة أن تسقط حقها على الدوام لم يعتبر هذا الشرط صحيح، ولا يؤخذ به.
أما إن أرادت أن تسقط حقها مما قد مضى فهذا حقًا لها، ولكن لا يجوز لها أن تسقط حقها على الإطلاق وهذا لا يصح، لأن هذا له حق، ويعتبر من الحقوق التي شرعها الله أساسية على الزوج ومن الحقوق المفروضة وأساسية في عقد النكاح.
يمكن الاستدلال على ذلك في قول الله سبحانه وتعالى:
(لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ ۖ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ۚ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ۚ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا)
[سورة الطلاق: الآية 7]
المقصود من تلك الآية الكريمة أنه يجب على الزوج أن ينفق على زوجته على حسب نفقته وماله، وأيضًا على حسب حال الزوجة، فعلى سبيل المثال إن تزوج من امرأة فقيره، فإن أعطاها ما يغنيها عنها وعن أسرتها، وكان غني ويقدر على ذلك فهذا أمر جائز له، وهو ما يرد على سؤال ما حكم الزوج الذي لا ينفق على زوجته العاملة.
أما إن كان متزوج من امرأة غنية فينفق بقدر سعته، وعليها أن تكون على علم بذلك كما هو في آيات القرآن الكريم التي ترد على كافة الأمور الصحيحة في كيفية التعامل وحسن المعاملة بين الزوج والزوجة.
اقرأ أيضًا: دليل وجوب نفقة الزوج على زوجته
نفقة الزوجة على زوجها تابعة بعقد النكاح
القول هنا عقد النكاح وليس بقصد الاستمتاع، فإن فقهاء الإسلام قد اختلفوا، على أن نفقة الزوج تطبق على الاستمتاع أم العقد، لكن الرد الأرجح على ذلك أنه بالعقد يجب عليه أن ينفق على زوجته إلا إذا امتنعت عن الاستمتاع.
القصد هنا أنه إذا تزوج الرجل امرأة وعقد عليها عقد النكاح لكنها قالت لم آتيك إلا في العطلة، وفي تلك الحالة نفقتها لا تجب إلا بداية الدخلة لأنها لا تمكنه من نفسها وذلك يطبق على عقد القران قبل الدخول.
أما إذا مكنته من نفسها أي بعد الدخول بها، وتم عقد النكاح فإنه يجب أن ينفق عليها، حتى ولو لم يستطيع الاستمتاع بها، مثل أن تكون مريضة أو قد أصابها تشوه حركي أو غيره، فقد قال الكثير على أساس مذهب بعض فقهاء الإسلام أن النفقة تجب بالاستمتاع وهذا قولًا فيه ضعف.
لأن الراجح والله أعلم أن النفقة تجب مع تمكين الاستمتاع والمقصود هنا بالتمكين أن تمكنه من نفسها، وإن كانت غير مؤهلة لذلك كما هو الحال بالنسبة لفترة الحيض أو النفاس، وعليه أيضًا أن ينفق على زوجته، والدليل على ذلك لدى أهل السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم قالَ رجلٌ:
يا رسولَ اللَّهِ، عندي دينارٌ. قالَ: أنفِقهُ علَى نفسِكَ. قالَ: عِندي آخرُ، قالَ: أنفقهُ على أهلِكَ قالَ: عِندي آخرُ، قالَ: أنفِقهُ على ولدِكَ. قالَ: عِندي آخرُ. قالَ: فأنتَ أبصَرُ
هذا الحديث دليل على أنه إذا قصر الزوج في نفقة زوجته، فإنها يمكن أن تأخذ من مال زوجها ما يكفيها ويكفي ولدها حتى وإن كان ذلك بدون علمه، وما ذاك إلا لثبوت الحق في ذمة الزوج، وما هذا إلا لثبوت حق النفقة على الزوج، وهذا ما صار في الذمة.
الدليل على ذلك ما روته السيدة عائشة رضى الله عنها وأرضاها قالت:
جاءت هندٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّم، فقالت: يا رسولَ اللَّهِ إنَّ أبا سفيانَ رجلٌ شحيحٌ، لا يعطيني ما يَكفيني وولَدي، إلَّا ما أخذتُ من مالِهِ، وَهوَ لا يعلَمُ، فقال: خُذي ما يَكفيكِ وولدَكِ بالمعروفِ.
في إطار الإجابة عن سؤال ما حكم الزوج الذي لا ينفق على زوجته العاملة، يطلق الفقهاء على هذا الأمر مسألة الظفر وهو ما يشير إلى أنه من له حق ولم يستطع أن يأخذه إلا بغير علم يمكن له ذلك.
وعلى ذلك يجب على الرجل أن يقوم بالإنفاق على زوجته حتى وإن كانت أغنى خلق الله، وهذا من شريعة محمد صلى الله عليه وسلم، التي تكاد لا توجد في القوانين الوضعية التي تقول إنه في حالة إن كان المرأة غنية ليس بالضرورة أن يقوم الرجل بالإنفاق عليها.
اقرأ أيضًا: هل يجوز إخفاء المال عن الزوج
ما الحكم في حالة عدم إنفاق الزوج على زوجته وطلب الانفاق على نفسها
أما إن كان لم ينفق عليها وقامت هي بالإنفاق على نفسها وتقوم أيضًا بالإنفاق على زوجها، جاز لها أن تتراجع عن ذلك فيما بعد، وهذا يدل على أن ما أنفقته كدين يجب تسديده من الزوج.
إذا اشترطت الزوجة العمل قبل العقد ورضى الزوج ذلك، فلا يجوز للزوج أن يقصر في نفقة زوجته الواجبة، ولو حتى كانت تعمل، فلو افترضنا أن راتب الرجل الشهري هو 10 آلاف والزوجة حينما تزوجها اشترطت أن تعمل وأصبح ذلك شرطًا في عقد النكاح، وصار بعد ذلك راتبه 20 ألفًا، فلا يجوز أن يقول لها أنا راتبي أقل من راتبك فيجب أن تقومي بالإنفاق على نفسك، فهذا الأمر لا يجوز، لأنه أمر واجب في العقد للنكاح بالإسلام.
كذلك الأمر يطبق على الأبناء وهو من الأمور ذات الصلة الوثيقة بالإجابة عن سؤال ما حكم الزوج الذي لا ينفق على زوجته العاملة، حيث إن بعض الآباء تمتنع عن الإنفاق على أبنائهم بحجة أن الزوجة(الأم) تقوم بالإنفاق، وقولنا آنفًا إنه إذا اشترطت الزوجة الإنفاق بعقد الزوج فإن شروط وقوانين الإسلام كما هي تطبق، والدليل على ذلك ما رواه عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم:
“إنَّ أحقَّ الشروطِ أن تُوفوا به، ما اسْتحْلَلْتُم به الفروجَ“.
اقرأ أيضًا: هل يمكن رفع قضية نفقة بدون طلاق
الحكم في الإسلام وفر للمرأة جميع حقوقها التي قد منعتها عنها تلك القوانين المطبقة، وما يرتبط في ذلك بحق إنفاق الزوج على زوجته بأنه أمر واجب التطبيق.