هل يجوز إخفاء المال عن الزوج
هل يجوز إخفاء المال عن الزوج؟ وهل يجوز للمرأة أن تأخذ مال زوجها بدون علمه؟ يحدث في الحياة الزوجية الكثير من العقبات التي قد تؤدي إلى هدم الحياة الزوجية، الأمر الذي جعل المرأة المتزوجة دائمًا في حالة قلق من المستقبل وبالتالي تبدأ في إخفاء أموالها عن زوجها، والعكس صحيح، فمن الممكن أن يخفي الزوج عن زوجته أمواله، لكن بدايةً هل يجوز إخفاء المال عن الزوج؟ هذا ما سنتعرف عليه من خلال منصة وميض.
هل يجوز إخفاء المال عن الزوج؟
إن الحكم في إخفاء المرأة المال الخاص بها عن زوجها يرجع إلى أسباب إخفائها في الأصل، فمن الممكن أن يكون السبب وراء إخفاء المرأة الأموال هي أنه يشتري السجائر، أو ينفقها في غير محلها وتأتي الفتوى في هذا الأمر على أن الإخفاء في هنا يعد حلال ولا تأثم الزوجة نتيجة فعل هذا، وهذا يرجع إلى قول الله تعالى:
“وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ”
الزواج الناجح هو الذي يقوم على مبدأ المشاركة بين الزوجين، ولكن الزواج في الإسلام ينص على أن ينفق الزوج على زوجته من حر ماله ولا يلجأ إلى أن يأخذ أموال منها أو من أي أحد آخر، لذلك فإن المرأة العاملة لا يلزمها أن تخبر زوجها بقيمة أموالها.
كما أن هناك حالة أخرى ذكر فيها أنه لا يجوز للمرأة أن تخفي مالها عن زوجها، وهذه الحالة تنص على أنه في حالة مرض الزوج إذا كان لا يوجد من يعينه من أهله فعليها مساعدته في ذلك حتى، والجدير بالذكر أن مساعدتها له ليست إلزامية ولكنها إن فعلت ذلك تنال ثواب عظيم.
اقرأ أيضًا: فسخ عقد الزواج من قِبل الزوجة
حكم أخذ الزوجة من مال زوجها دون علمه
بعد أن تمكنا من الإجابة على هل يجوز إخفاء المال عن الزوج؟ يجب العلم أنه من المعروف أن أخذ الزوجة لمال زوجها من الأشياء التي لا يعاقب عليها القانون، ويرجع ذلك الأمر إلى أن الزوجة التي تضطر إلى أخذ مال زوجها بدون علمه إلى عدم قيامه بواجباته أي أنه يبخل في الإنفاق على زوجته أو على أبناءه.
ترجع الفتوى في هذا الأمر إلى أنه في الصحيحين “عن عائشة رضي الله عنها أن هند بنت عتبة بن ربيعة زوجة أبي سفيان بن حرب، وأبو سفيان من سادات قريش ومن رؤساء قريش، اشتكت على النبي ﷺ بعد الفتح – بعد فتح مكة – اشتكت عليه وقالت: «يا رسول الله! إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني ما يكفيني ويكفي بني إلا ما أخذته من ماله بغير علمه فهل لي ذلك؟ فقال ﷺ: خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك يعني: ولو لم يعلم خذي من ماله بالمعروف ما هو بالإسراف والتبذير خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك”.
هناك حالة لا يجوز فيها أخذ الزوجة من مال زوجها دون أن يعلم، وهذا في حالة أن الزوجة كانت تأخذ الأموال لكي تعطيها لوالديها، أو لأي أحدٍ آخر كصدقة أو هبة.
اقرأ أيضًا: شروط زواج الرجل على زوجته
حكم أخذ الزوج ذهب زوجته
في ضوء الإجابة عن سؤال هل يجوز إخفاء المال عن الزوج؟ يجب العلم أنه انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة بيع الزوج لذهب زوجته، ويرجع ذلك إلى ارتفاع تكاليف الزواج مما يجعل الأزواج في حاجة إلى تسديد ديونهم.
الأمر الذي جعل أغلب الأزواج يتساءلون حول حكم أخذ ذهب الزوجة، والجدير بالذكر أن الحكم في هذا الأمر يتوقف على عدة عوامل.
جاءت فتوى محمود شلبي الدكتور في دار الإفتاء على أن الذهب الذي أهداه الزوج إلى زوجته قبل الزواج كمهر لها لا يجوز له بيعه أو أخذه منها مرة ثانية، حيث إنه في هذه الحالة أصبح من ممتلكاتها، ولكن إذا أرادت هي ذلك فلا إثم عليه من فعل هذا الأمر.
كما أن دار الإفتاء أعطت رأيها في ها الأمر وأشارت إلى أن أخذ ذهب الزوجة رغم عنها فيه أثم كبير ويندرج تحت مسمى السرقة، أو أخذ أموال الناس بالباطل دون وجه حق، كما استشهدت بقول الله تعالى:
«وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا».
كذلك ترجع هذه الفتوى إلى قوله تعالى:
«وَإِنْ أَرَدْتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا * وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا».
حكم نفقة الزوج على زوجته العاملة
كثر السؤال حول الأمور المادية بين الزوجين، الأمر الذي دفع دار الإفتاء إلى تفسير تلك الظاهرة، كما أشارت على أن نفقة الزوج على زوجته حقًا إلزاميًا لا جدال فيه، وهذا تبعًا للسنة والشريعة الإسلامية، كما جاء في كتاب الله تعالى:
«لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللهُ لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا»
لم يترك الدين الإسلامي ثغرة واحدة في الحياة لم يتحدث عنها، وهذا يدل على عظمة الدين الإسلامي واشتماله على جميع أمور الحياة، وجاء في سورة البقرة ما يدل على وجوب إنفاق الزوج على زوجته حين قال الله تعالى:
«وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ».
أيضًا السنة النبوية عن الرسول صلى الله عليه وسلم شملت العديد من الأمور الحياتية بين الأزواج، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«اتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ، وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ» أخرجه مسلم في “صحيحه”.
اقرأ أيضًا: رسوم توثيق عقد الزواج من الخارجية المصرية
حكم مشاركة الزوجة في تكاليف المعيشة
تحدثنا إجابة سؤال هل يجوز إخفاء المال عن الزوج؟ يجدر بنا ذكر أن هناك الكثير من الأزواج قد يطلبون من زوجاتهم اللاتي يعملن الإنفاق على البيت والمشاركة في تكاليف المعيشة، الجدير بالذكر أن هذا الأمر يرجع الحكم في لاتفاق الزوجين نفسه، وإذا حدث نزاع بشأن هذا الأمر لا يجوز للرجل أن يجبر زوجته على الإنفاق معه في مصاريف البيت.
كما أن الشرع والسنة النبوية تنص على إنفاق الزوج على بيته، وجاء رأي الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الأمر بقوله: «وعليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف».
الجدير بالذكر أن المرأة غير ملزمة بالإنفاق على المنزل أو الأبناء والزوج وحده هو المسؤول الأول عن ذلك، ولكن في ظل الظروف المعيشية الصعبة في هذا الوقت لا مانع أن تساعد الزوجة زوجها في مصاريف المعيشة، ولكن لا يجب أن يقوم الزوج بإرغام زوجته على فعل ذلك كما جاء في الكتاب العزيز قال تعالى: «فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا».
تمُر الحياة الزوجية بالكثير من المشكلات الصعبة التي قد تؤدي في النهاية إلى الانفصال، ولكن لنتجنب مثل هذه الأمور علينا الرجوع إلى كتاب الله تعالى لِما فيه من حلول لجميع المشاكل التي تواجهنا في الحياة.