علاج الكذب عند المراهقين
ما هو علاج الكذب عند المراهقين؟ وما هو سبب كذب الأبناء على الآباء في المقام الأول؟ فيُعتبر الكذب من الآفات التي تنتشر كالنار في الهشيم بين فئة صغار السن، وتصل هذه الخصلة السيئة إلى قمة مستوياتها في مرحلة المُراهقة وما قبل البلوغ، وإيمانًا بدورنا المُجتمعي قررنا عبر منصة وميض تعريفكم بعلاج الكذب عند المراهقين.
علاج الكذب عند المراهقين
على الرغم من شيوع فكرة كذب الأبناء على آبائهم في سنين المُراهقة إلا أن هذه الأكاذيب في المقام الأول تبدأ في مراحل عُمرية وسنية أصغر بكثير في واقع الأمر، ويُمكن القول إنها واحدة من صور الغرائز البشرية السلبية، فمن المُستحيل ألا يكون الأبناء قد أنكروا أبسط الأمور في مرحلة الطفولة.
عند قولنا إن هذه الآفة تظهر في مراحل مُبكرة للغاية فإننا نعني تمامًا ما نقول، فقبل أن يبلغ الطفل عامه الثاني حتى يكون قد دون في تاريخ الكذب لديه عِدة جرائم لطيفة، فإنكار كون الحفاضات مُمتلئةً مثلًا تُعتبر الكذبة الأشهر من عُمر العام وحتى أربعة أعوام تقريبًا.
كما أن إنكار الأسئلة الصريحة التي يرى فيها الأطفال بعض العواقب مثل هل تناولت الحلوى اليوم؟ أو هل أنت من أخذ الشطيرة من الثلاجة يُعتبر شائعًا للغاية، وفي واقع الأمر يُعتبر هذا الموضوع طريفًا بعض الشيء.
ففي غالب الأحيان يطرح الآباء هذه الأسئلة عندما يكون الأبناء بالفعل مُمسكون بهذه الشطيرة، أو تلطخت وجوههم بآثار تناول الحلوى بكل نهم وشراهة، ولكن في واقع الأمر لا يُعتبر هذا النوع من الكذب مؤذيًا بقدر اعتباره طريفًا.
على الرغم من توجيه بعض أصابع الاتهام إلى هذه الأكاذيب لكونها سببًا رئيسيًا في انتشار طُرق التحايل التي يتم اللجوء إليها في مراحل أكبر سنًا إلا أنها ليست بخطيرة، والتعامل معها يُعتبر من المسؤوليات التي تقع على عاتق الآباء.
فالأمر طريف لا يُمكننا إنكار ذلك، ولكن من الضروري نصح الأبناء بكون قول الحقيقة والتحلي بالصدق من الشيم الحميدة والخصال الجميلة مُنذ الصغر، لكن موضوعنا اليوم يختص بالحديث عن أكاذيب من دورها حقًا إلحاق الأذى بأهالي المُراهقين وذويهم، ولكن قبل الحديث عن أسبابها وجب علينا ذكر سُبل علاج الكذب عند المراهقين لكونه من الأمور شائعة الحدوث، وجاء في علم النفس والاجتماع عِدة سُبل علاجية أبرزها:
1- لا تأخذ الموضوع بشكل شخصي
الخطوة الأولى في الوصول إلى علاج الكذب عند المراهقين هو التيقن من كون الأبناء لا يكذبون على آبائهم بسبب عدم احترامهم لهم أو التقليل منهم، ولا يُعتبر من صور التطاول على الآباء أو الهجوم السلبي عليهم في الكثير من الأحيان، فتأكد تمامًا من كون الكذب في سن المُراهقة يتعلق بهم وليس بك.
فهم لا يقصدون الكذب عليك في المقام الأول، بل يُعانون من ذلك في العموم، ففي حال ما اطلعت على حديثهم مع أصدقائهم، إخوتهم، وحتى المعارف وغير المُقربين من الأشخاص ستجد أن الانطباع العام الذي يُحيط بحديثهم وكلامهم هو الكذب، فحافظ على رباط جأشك.
اقرأ أيضًا: علاج الكذب في علم النفس
2- تعامل مع الأمر بهدوء وعقلانية في آنٍ واحد
من الضروري تحلي الآباء بالهدوء خلال عملية علاج الكذب عند المراهقين، فثق تمام الثقة أن الغضب، رفع الصوت والبدء في رمي الأشياء وغيرها من صور الاعتداء الجسدي واللفظي على الأبناء لن يزيدهم إلا إصرارًا على الكذب إلى درجةٍ قد يجعلونك تُصدقها ويُصدقونها بدورهم.
فكل ما يدور في بالهم حينها كون الكذب واختلاق المُبرر يُعتبر أفضل بكثير من الحقيقة القاسية أدى إلى ذلك، فما بالك بقول الحقيقة التي تُدينهم بشكل صريح؟ كما أن اعترافهم بالحقيقة سيجعلهم كاذبين في أعينهم وأعين آبائهم، وهو ما يُعاكس في المقام الأول خصال الشخص الكذوب.
على النقيض تمامًا وعلى الضفة الأُخرى لنهر التعامل الأبوي سنجد أن خلق جو آمن للأبناء ينم عن ثقة الآباء بهم وعلمهم أن الأبناء يكذبون حتى لا يجعلون الآباء مُنزعجين وغاضبين منهم ومما فعلوه يُعتبر أولى خطوات علاج الكذب عند المراهقين.
فهذا من دوره أن يُدخل الثقة في قلوب الأبناء وأفئدتهم، ولكن اعلم تمامًا أن خداع أبنائك بكونك واثقٌ بهم لن ينتج عنه إلا بعض العواقب الوخيمة، ولكن في الوقت ذاته احذر من التعامل بشكل عاطفي بشكل مُبالغ فيه، فحينها سيأمن الأبناء رد الفعل، ومن أمن العقاب أساء الأدب.
3- اجعل العملية تأخذ مجراها
عليك أن تعلم علم اليقين أن فكرة عدم كذب الأبناء مرة أُخرى على آبائهم لن تكون من النتائج التي يصل إليها المرء بين ليلةٍ وضُحاها، فهذا الأمر يتطلب إجراء عملية طويلة بعض الشيء يحتاج الأبوين فيها إلى بذل الجُهد، الوقت والتفكير بشكل سليم حتى تمام علاج الكذب عند المراهقين.
فما اعتاد المرء على القيام به لشهورٍ طويلة ورُبما سنين لن يتخلى عنه بهذه السهولة، فجذور الكذب تكون قد تأصلت في المُراهقين، والأمر حينها يُصبح أشبه بالبحث عن إبرةٍ في كومةٍ من قش، تابع التسلسل الطبيعي للعملية، وتذكر أن حدوث تحسن طفيف يبلغ 1% بشكل يومي يعني أنه على مدار العام سيكون ابنك أفضل ثلاث مرات مما كان عليه، فدائمًا ما تبدأ رحلة الألف ميل بخطوة.
4- كُن نموذجًا يُحتذى به
في الكثير من الأحيان يمتد المُراهقون من آبائهم فكرة الكذب في المقام الأول، ففقط تخيل أن يقوم ابنك الصغير الذي يراك قُدوة له وبطله الخارق تكذب بشكل مُستمر، فمن المؤكد حينها أنه سيبدأ بالتحلي بهذه الصفات في سبيل تقليدك، حتى يُصبح الكذب في النهاية مرضٌ عُضال لا يقوى على مُفارقته وتركه أو الشفاء منه.
تُسمى هذه النظرية في علم النفس بكُرة الثلج، فمن المعروف أنه في حال ما قُمت بدحرجة كُرة ثلجية على جبلٍ تكسوه الثلوج ستبدأ هذه الكُرة في الازدياد حجمًا حتى الوصول إلى هيئة تكون مؤذية ومُخيفة، ومُجرد ارتطامها بالأشخاص والأشياء يُمسي كابوسًا لا يؤتمن أثره.
لذا فكر قبل الإقدام على كُل فعلٍ صغير وقبل النطق بكل كلمة، فادّعاء كونك مشغولًا وأنت لا تُحرك ساكنًا سيجعل ابنك يتخصل بنفس هذه الخصال، وأول من يتضرر حينما يُمارس الابن ما تعلمه من أكاذيب هم الأبوين، الإخوة والدائرة الأقرب من المعارف.
اقرأ أيضًا: عبارات عن الظلم والكذب
5- احرص على تذكير ابنك بأهمية الصدق بين الحين والآخر
في الكثير من الأحيان يعمل الآباء على تعليم أبنائهم الخصال الحميدة منذ الصغر، ولكن ماذا عن المراحل الأكثر أهمية؟ ولما تنقطع هذه الوصايا والنصائح مع كِبَرِ الابن؟ هل خُيل لك أنه لم يُعد بحاجة إلى معرفة أساسيات الحياة؟ ابنك الصغير سيبقى ابنك الصغير حتى وإن بلغ من العُمر أرذله.
خذ وقتك الكافي للحديث مع ابنك حول أهمية الصدق والعواقب الوخيمة التي قد يتسبب بها الكذب، ولكن احرص على خلو كلامك من صيغة التهديد والوعيد، فهذا آخر ما قد ترغب في القيام به مع شخصٍ يكذب بالفعل دون أن يشعر بالحاجة إلى القيام بذلك، فما بالك حين يُذنب ويرى أن القيام بالكذب هو الحل الأوحد والأمثل للخروج من هذه المُشكلة؟
قُل له إن الكذب قد يتسبب في تعرض الغير للأذى، وقول الحقيقة يُحترم ويجب القيام به حتى وإن قوبل بالعقاب، فالعقاب مهما بلغ حين القيام بشيء خاطئ لن يكون على الإطلاق كعقاب الكذب وشعور الآباء بأن أبناءهُم لا يثقون بهم، فذكرهم أن الكذب قد يتسبب في ابتعاد الناس عنهم وعدم قول الأسرار له.
كما أن القيام باختلاق الحجج الواهية لن يزيد المُشكلات والأُمور إلا تعقيدًا، واشرح لهم أن قولهم كذبة صغيرة سيتسبب في حاجتهم لاختلاق العشرات ورُبما المئات من الأكاذيب الأُخرى حتى لا يُكشف أمرهم ويُقال لهم إنهم كانوا يكذبون في كُل شيءٍ قالوه، والخوف الدائم من كشف الأشخاص لهذه الأكاذيب سيكون كابوسًا نحن في غنى عن العيش فيه.
من أبرز المخاوف التي يجب زرعها في عقول الأبناء كون الكذب قد يتسبب في خسارة ثقة آبائهم في المقام الأول، وهي خسارة لو تعلمون لا تُعوّض، ويترتب على ذلك العديد من الأمور في المُستقبل مثل جعلهم يذهبون في الرحلات مع أصدقائهم، الاعتماد عليهم في الأمور المحورية وغيرها من الحالات.
الفئة الأكثر إطلاقًا للأكاذيب حسب الدراسات
بعد أن استعرضنا لكم سُبل وطُرق علاج الكذب عند المراهقين فعلينا التطرق بكل تأكيد إلى الدوافع والأسباب التي تجعل الأبناء يكذبون في المقام الأول، فهذا من دوره أن يجعلكم تُسيطرون على بذرة الكذب في أشقائهم الأصغر سنًا في مهدها قبل تطور الأمر ووصوله إلى ما لا يُحمد عُقباه.
حيث أظهرت العديد من الأبحاث العلمية والدراسات المُجتمعية كون فئة المُراهقين هي أكثر الفئات التي ينتشر فيها الكذب والخداع على الإطلاق، فلا يصل المرء إلى مرحلة يفوق فيها اختلاقه للأكاذيب هذه المرحلة.
الجدير بالذكر أن بعض هذه الأكاذيب تستمر في فترة البلوغ، ولكن بنسب أقل بكل تأكيد، وفي واقع الأمر هذه الدراسات أظهرت كون أقل الفئات كذبًا هم الأطفال وكبار السن على حدٍ سواء، وهذا بإمكانه أن يوضح لنا أسباب الكذب في المقام الأول.
فخلال فترة المُراهقة يسعى الأبناء إلى تقمص شخصياتٍ تجعلهم أفضل مما هُم عليه، فهُم يرون بشكل يومي العشرات ورُبما المئات من الأصدقاء الذين يمتلكون خصالًا أفضل، حياةً أفضل وغيرها من المُميزات.
اقرأ أيضًا: هل يجوز الكذب على الزوجة
سبب اختلاق المُراهقين للأكاذيب
لذا يشيع في هذه المرحلة مُحاولة الأبناء أخذ بعض الخصال من كُلِ شخصٍ يُعجبون به والقيام بتكوين صورة مثالية من وجهة نظرهم للشخص الذي سيُحبه الجميع بكل تأكيد، والخطوة السيئة هُنا هي تقمص هذه الشخصية التي تُعتبر خيالية من الأساس في المقام الأول.
فيُمكننا القول إن من أبرز أسباب الكذب في هذه الفئة العُمرية والمرحلة السنية هي عدم الرضا عن الوضع الحالي، سواء ما كان هذا الامتعاض عن الشكل، الحالة المادية، بعض المهارات الشخصية وحتى الشعبية الخاصة بزُملائه في المدرسة، الشارع والنادي.
هذه الأمور تُعزز كذب المرء وعيشه في حياةٍ وهمية ليس له في سبيل نيل ثقة الغير أو جعل إحدى الفتيات أو الفتية يقعون في غرام المُراهق، لكن في الأساس تكون هُناك غرائز وأسباب تُنشئ الكذب بشكل طبيعي لدى الإنسان مثل الهروب من المشاكل، عدم الثقة في الآباء، الحفاظ على الخصوصية والاستقلال وغيرها العشرات من المُتسببات.
هُناك ثلاثة تصنيفات للكذب أو يُمكننا القول إنها أنواعه، وهُنا نتحدث عن الكذب عن طريق التجنب، ويحدث في سبيل التهرب من الحديث عن موضوعٍ مُعين، كما أنهم قد يكذبون لشعورهم أن هذه المعلومات غير مُهمة وهو كذب بالإغفال، أما النوع الأكثر شيوعًا فهو اختلاق الأكاذيب لمُجرد الكذب العمد.