حديث عن حسن التعامل مع الآخرين
حديث عن حسن التعامل مع الآخرين يحثنا على تحري التعامل الطيب مع من حولنا، ذلك نظرًا للأجر الكبير لذلك والانعكاسات الهامة الدنيوية والأخروية الناتجة عن حسن الخلق، ومعاملة الناس بالحسنى، والأثر النفسي العائد على سالكها، كما أننا نتناول الأشخاص الذين يجب معاملتهم بالحسنى وذلك من خلال عرض موقع جربه
حديث عن حسن التعامل مع الآخرين
من أبرز الأحاديث التي نقلت عن رسولنا الكريم، هو حديث عن حسن التعامل مع الآخرين، وهو حديث صحيح، جاء نصًا كما يلي،
“مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أوْ لِيَصْمُتْ”.
الراوي: أبو هريرة | المحدث: البخاري | المصدر: صحيح البخاري.
كما تنص كثير من الأحاديث النبوية الشريفة والآيات القرآنية على أهمية حسن الخلق، وحسن معاملة الآخرين والتي تعد الأساس الذي يقوم عليه المجتمع الإسلامي، كما أنها واجب شرعي، ولا يكن الإنسان مؤمنًا بالله دون تهذيب خلقي ينعكس على سلوكياته ومعاملته مع الآخرين، ومن الأحاديث النبوية الشريفة التي تنص على حسن معاملة الآخرين، ما يلي:
- “إنكُمْ لا تسَعُونَ النَّاسَ بأموالِكُم، ولْيَسَعْهُمْ منكمْ بسطُ الوجهِ وحسنُ الخلقِ“.
الراوي: أبو هريرة | المحدث: ابن حجر العسقلاني | المصدر: إتحاف المهرة، حكم الحديث: (ضعيف).
- “رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا إذا باعَ، وإذا اشْتَرَى، وإذا اقْتَضَى.“
الراوي: جابر بن عبد الله | المحدث: البخاري | المصدر: صحيح البخاري.
- “عليكَ بالرِّفقِ، إنَّ الرِّفقَ لا يكونُ في شيءٍ إلَّا زانه ولا نُزِع من شيءٍ إلَّا شانه“
الراوي: [عائشة أم المؤمنين] | المحدث: الزرقاني | المصدر: مختصر المقاصد.
نتبين مما سبق أهمية المعاملة الحسنة، والتي لا تقتصر حتى على الأقوال أو التصرفات فقط، وإنما كذلك أشار النبي الكريم إلى بسط الوجه، وهو ما يقصد به تعابير الوجه، من ابتسامه وانفراج الوجه، والبشاشة، والتي تعد صورة من صور حسن الخلق، كما أن النبي الكريم أكد على صفة الرفق والرحمة، والتي هي واحدة من مظاهر حسن الخلق، والتعامل الحسن مع الآخرين.
كما يلاحظ أن النبي في الحديث عن حسن التعامل مع الآخرين، تحدث على وجه الإطلاق، أي أن حسن التعامل لا يقتصر على فئة دون غيرها، ولا يتحدد بجنس أو لون أو عرق أو سن أو حتى دين، والذي من المهم جدًا الالتفات له.
اقرأ أيضًا: كيفية التعامل مع الطفل الغير مؤدب
أحاديث عن تعامل المسلمين بين بعضهم
من مظاهر عناية الرسول صلى الله عليه وسلم هو نصه على التعاليم الصحيحة لكيفية التعامل بين المسلمين وبعضهم البعض، والتي تهدف إلى بناء مجتمع إسلامي متسامح ورائع، كما أنه تجعل الأفراد يتفاضلون في إبراز حسن خلقهم وصفاتهم الحميدة، ومن تلك الأحاديث ما يلي:
- “المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ، لا يَظْلِمُهُ ولا يُسْلِمُهُ، ومَن كانَ في حاجَةِ أخِيهِ كانَ اللَّهُ في حاجَتِهِ”.
الراوي: عبد الله بن عمر | المحدث: البخاري | المصدر: صحيح البخاري.
- “مَثَلُ المُؤْمِنِينَ في تَوادِّهِمْ، وتَراحُمِهِمْ، وتَعاطُفِهِمْ مَثَلُ الجَسَدِ إذا اشْتَكَى منه عُضْوٌ تَداعَى له سائِرُ الجَسَدِ بالسَّهَرِ والْحُمَّى”.
الراوي: النعمان بن بشير | المحدث: مسلم | المصدر: صحيح مسلم.
- “الْمُسْلِمُ مَن سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِن لِسانِهِ ويَدِهِ”.
الراوي: جابر بن عبد الله | المحدث: مسلم | المصدر: صحيح مسلم
يحثنا رسولنا الكريم أنه يجب على المسلم أن يكون رحيمًا بأخيه المسلم، وأن يلزم رعايتهم ببعضهم البعض، والعمل على قضاء حوائج المسلمين والإحسان إليهم، والتماس الأعذار لهم، ومحاولة الشعور بظروفهم والتعامل معهم وفق ذلك، والسؤال عليهم ومؤزرتهم في المرض إلخ..
كما يشير النبي الكريم إلى كون إسلام المرء متوقف على عمله من اللسان كذلك، وما يتسبب به من نتائج، أي أنه يلزم أن يكون قول المرء غير مؤذي لغيره من المسلمين.
أحاديث تنهى عن سوء الخلق
تعد من وسائل التأكيد على أهمية حسن الخلق، وإبراز معاني حديث عن حسن التعامل مع الآخرين، هي ذكر الأحاديث التي نهت عن نقيض ذلك، وأوضحت الجزاء الذي يتلاقها، من يتعامل بسوء خلق، أو يسيء لمن حوله من الآخرين، ومنها ما يلي:
- “يا مَعشَرَ مَن آمَن بلسانِهِ ولم يدخُلِ الإيمانُ قلبَهُ، لا تغتابوا المُسلِمِينَ، ولا تتَّبِعوا عَوْراتِهم؛ فإنَّه مَن اتَّبَع عَوْراتِهم يتَّبِعِ اللهُ عَوْرتَهُ، ومَن يتَّبِعِ اللهُ عَوْرتَهُ يفضَحْهُ في بيتِهِ”.
الراوي: أبو برزة الأسلمي نضلة بن عبيد | المحدث: أبو داود | المصدر: سنن.
في هذا الحديث بيان عظيم عن جزاء من يفعل ما ورد فيه من سوء الخلق، حيث إنه لا يمكن للمسلم أن يغتاب غيره أو يحاول تتبع خصوصياته والتجسس عليه، إلا ولقى جزاءً من جنس عمله، والذي يجعل المسلم حريص على تجنب سوء الخلق.
- “أنَّهُ بَلَغَهُ أنَّ رَجُلًا يَنِمُّ الحَدِيثَ فقالَ حُذَيْفَةُ: سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ نَمَّامٌ”.
الراوي: حذيفة بن اليمان | المحدث: مسلم | المصدر: صحيح مسلم.
إن النميمة واحدة من أسوء الصفات التي تشير إلى سوء خلق صاحبها، والذي حذر النبي منها حيث إنها تجعل صاحبها في النار، أو تحرمه الجنة والعياذ بالله.
- “أَتَدْرُونَ ما المُفْلِسُ؟ قالوا: المُفْلِسُ فِينا مَن لا دِرْهَمَ له ولا مَتاعَ، فقالَ: إنَّ المُفْلِسَ مِن أُمَّتي يَأْتي يَومَ القِيامَةِ بصَلاةٍ، وصِيامٍ، وزَكاةٍ، ويَأْتي قدْ شَتَمَ هذا، وقَذَفَ هذا، وأَكَلَ مالَ هذا، وسَفَكَ دَمَ هذا، وضَرَبَ هذا، فيُعْطَى هذا مِن حَسَناتِهِ، وهذا مِن حَسَناتِهِ، فإنْ فَنِيَتْ حَسَناتُهُ قَبْلَ أنْ يُقْضَى ما عليه أُخِذَ مِن خَطاياهُمْ فَطُرِحَتْ عليه، ثُمَّ طُرِحَ في النَّارِ”.
الراوي: أبو هريرة | المحدث: مسلم | المصدر: صحيح مسلم.
في هذا الحديث توضيح هام عن النتائج المترتبة على من لا يعامل الناس بالحسنى، وجزاء من يسيء لغيره، والذي يكون من خلال انتقاص حسناته وانتقالها للشخص الواقع عليه الضرر أو الإساءة، مما يخل بميزان المرء ويلقي به في النار.
- “ليسَ المؤمنُ بالطَّعَّانِ ولا اللَّعَّانِ ولا الفاحشِ ولا البذيءِ”.
الراوي: عبد الله بن مسعود | المحدث: السيوطي | المصدر: الجامع الصغير.
هنا إشارة أنه لا يصلح إيمان المرء ما دام يسب غيره أو يلعن أو ينطق لسانه بالبذاءة، والتي فيها ما يناقض حسن التعامل مع الغير، وبالتالي يحرم حلاوة الإيمان.
اقرأ أيضًا: أحاديث فتن آخر الزمان الصحيحة
قيمة حسن التعامل مع الآخرين
مما يجعلنا نتناول حديث عن حسن التعامل مع الآخرين، والذي جعل نبينا الكريم يحث على تحسين الخلق وتهذيب النفس والإحسان للآخرين، هو القيم الكبيرة التي تعود على الفرد ومن حوله والمجتمع أجمع، وكذلك الجزاء الأخروي لمن يفعل ذلك ابتغاء لوجه الله، ومن تلك الدوافع ما يلي:
- إن من يتحلى بحسن معاملة الغير، يتفاضل على من حوله إلى أن يصل إلى كونه من خير الناس أو أخيرهم عند الله عز وجل.
- اكتمال الإيمان كما في قول رسول الله،
“أكْمَلُ المؤمنين إيمانًا أَحْسَنُهم خلقًا“.
الراوي: أبو هريرة | المحدث: الألباني | المصدر: صحيح أبي داود.
- الاقتداء بالرسول الكريم، والبذي قيل في خلقه أنه كان قرآنا يمشي على الأرض.
- إرتفاع الأجر، وزيادة ميزان حسنات المرء، وحصوله على الثواب.
- عموم الخير والود والرحمة بين الناس.
- الجزاء الذي يراه العبد المؤمن في الدنيا قبل الآخرة، حيث إن جزاؤه من جنس عمله.
- زيادة حب الآخرين من حولك لك، وتوقيرهم لشخصك، ومبادلتك التعامل الحسن.
- تحول الأعداء إلى أصدقاء، كما في قول الله، والذي فيما معناه ادفع بالتي هي أحسن فيتحول العدو إلى صديق، وذلك من خلال مقابلة السوء بالتعامل الحسن والذي من المؤكد يجعل الشخص يراجع نفسه ويحرج أمام حسن تعاملك معه، مما يغير من طبيعة مشاعره تجاهك ومحاولته التعويض عن ذلك.
الأولى بحسن المعاملة
نص النبي صلى الله عليه وسلم على الكثير من الإشارات التي تخص من يقع عليهم إحسان المرء، والتي كما ذكرنا سابقًا لا تتعلق بفئة دون غيرها، والتي تعني معاملة كافة الناس بكافة الاختلافات التي بينهم بخلق حسن، حيث أنه يرتبط ويتوقف على سلوك المرء بشكل عام، وليس من حوله.
لكن هناك تحديد وتمييز في درجات الإحسان تبعًا للأجر الحاصل عليه المسلم، والتي تحتل المرتبة الأولى فيه هو حسن معاملة الدرجة الأولى من القرابة والأهل وذوي الأرحام، كما في قول رسول الله صل الله عليه وسلم، “خيرُكم خيرُكم لأهلِه، وأنا خيرُكم لأهلي”.
الراوي: عائشة أم المؤمنين | المحدث: الألباني | المصدر: صحيح الترغيب.
اقرأ أيضًا : آيات قرآنية عن جبر الخواطر
آيات قرآنية عن حسن التعامل
لم يقتصر تناول حسن التعامل مع الآخرين وحسن الخلق، على الذكر في السنة فقط، وإنما كذلك في القرآن الكريم، والذي يدل على مدى أهميته ووجوبه لكل مسلم، مؤمن بالله، ومن الآيات التي أشارت إلى حسن الخلق ما يلي:
- {وَإِنَّكَ لَعَلَى خلقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4].
فيه توثيق لخلق النبي الكريم، والذي على كل مسلم الاقتداء به، وتتبع ما يأمر وينهى عنه، وتلمس الطرق التي تهدي إلى حسن الخلق، التي تفيد عظم ورفعة الإنسان، حيث ارتبط الخلق بالعظمة.
- {وَأَنفِقواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تلْقواْ بِأَيْدِيكمْ إِلَى التَّهْلكَةِ وَأَحْسِنوَاْ إِنَّ اللّهَ يحِب الْمحْسِنِينَ} [البقرة: 195].
إن من إحسان المرء، هو الإحسان في المعاملة والسلوك، ويشير الله أن للمحسن أجر كبير، وفخر الانضمام إلى صفوف من يحبهم الله عز وجل.
- {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبدونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقولوا لِلنَّاسِ حسْنًا وَأَقِيموا الصَّلَاةَ وَآتوا الزَّكَاةَ ثمَّ تَوَلَّيْتمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكمْ وَأَنْتمْ معْرِضونَ} [البقرة: 83]
تتناول الآية الكريمة وصاية المسلم، ببعض الأشخاص الذين يلزم العناية بهم، وحسن معاملتهم، نظرًا لحاجتهم ذلك، وهي توصية على المساكين واليتامى وغيرهم من المحتاجين.
- {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَة وَلَا السَّيِّئَة ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَه عَدَاوَةٌ كَأَنَّه وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: 34].
في الآية الكريمة بيان واضح بأثر وقيمة وأهمية التعامل الحسن، حتى أنه يبلغ إلى انتهاء العداوة وتحولها إلى حب وصداقة.
بقولنا حديث عن حسن التعامل مع الآخرين، فإننا على الأغلب نشير إلى كم هائل من وصايا الرسول والتي اختلفت في المواقيت والمواقف، والأسباب إلا أنها جميعًا تشير إلى أهمية تهذيب المرء نفسه والإحسان لغيره.