عقوبة ظلم الزوج لزوجته في الدنيا
عقوبة ظلم الزوج لزوجته في الدنيا أكد عليها بعد فقهاء الدين وأشاروا إلى ظهورها في حياته بشكل واضح مستدلين ببعض الآيات القرآنية، وذلك لاعتبارهم أن الظلم جزء من ظلمات يوم القيامة، فمن خلال منصة وميض سوف نوضح لكم كيف يتم عقاب الزوج الظالم لزوجته.
عقوبة ظلم الزوج لزوجته في الدنيا
لقد حرم الله – عز وجل- جميع أشكال الظلم بين العباد لا سيما الأزواج، وتم تأكيد ذلك بما رواه أبو ذر الغفاري
“عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فِيما رَوَى عَنِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، أنَّهُ قالَ: يا عِبَادِي، إنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ علَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بيْنَكُمْ مُحَرَّمًا“.
حيث إن الظلم يعد شكل من أشكال الذنوب التي لا يقوم الله – تعالى- بغفرانها إلا عقب التوبة النصوحة، فالزوج الظالم يحاسب على ظلمه في الدنيا والآخرة إن لم يقم بمسامحة زوجته، كما جاء في قوله تعالى
(وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا) [الفرقان: 14].
كذلك في قوله تعالى:
(وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا) [الأحزاب: 58]، ومن الجدير بالذكر أن صور ظلم الزوج لزوجته عديدة فهي غير مقتصرة على التأثير في الإنفاق عليها كما يعتقد البعض.
فقبل أن نذكر هذه الصور، دعونا نتعرف إلى عقوبة ظلم الزوج لزوجته في الدنيا على وجه التحديد لاعتقاد البعض بأن العقاب لا يكون سوى في الآخرة:
- الشعور بعدم الراحة والطمأنينة وكذلك السكينة.
- تعسر الأمور ومواجهة الصعوبة في تحقيقها بالإضافة إلى ضيق الرزق والضنك في العيش.
- عدم الهداية إلى الصواب في شتى الأمور والحرمان من التوفيق والضلالة.
- الهلاك في الدنيا فبلا شك إن الظلم يعود على صاحبه ويجعل حياته سيئة.
- إن قامت الزوجة كشخص مظلوم بالدعاء على الزوج كشخص ظالم فإن دعوتها ستستجاب فلقد روى عبد الله بن عباس قائلًا
“ أن رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ بعَثَ معاذَ بنَ جَبلٍ إلى اليمَنِ، فقالَ اتَّقِ دَعوةَ المظلومِ؛ فإنَّهُ ليسَ بينَها وبينَ اللَّهِ حجابٌ“.
اقرأ أيضًا: كلام عن الظلم في الحياة
جزاء الزوج الظالم في الآخرة
بعد أن تعرفنا إلى عقوبة ظلم الزوج لزوجته في الدنيا فلا بد وأن نشير إلى العقوبة في الآخرة، فإن الله – عز وجل- يمهل ولا يهمل حيث قال تعالى:
(وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ) [إبراهيم: 42].
فمما لا شك فيه أن نهاية الظالمين حاسمة وأليمة، حيث يكون جزاء الزوج الظالم كالآتي:
- العذاب يوم القيامة وذلك لأن الظلم يتحول في النهاية إلى ظلمات يوم القيامة، فلقد ذكر الله – سبحانه وتعالى- في كتابه العزيز مصير الظالمين بصفة عامة في الآخرة في قوله:
(إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ۚ وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ۚ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا) [الكهف: 29]. - قد يتم الحرمان من الشفاعة كما ورد في قوله تعالى:
(وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ ۚ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ)[غافر: 18].
- خسارة العديد من الحسنات يوم القيامة، وذلك لأن الله – تعالى- عادل حيث سيأخذ من حسنات الزوج الظالم لكي يقوم بوضعها في حسنات الزوجة المظلومة، أو ربما يأخذ من أوزار الزوجة حتى يزيد بها كفة الظالم.
اقرأ أيضًا: دعاء تسخير الزوج الظالم
صور ظلم الزوج للزوجة
هناك مجموعة من الأمثلة التي تشير إلى ظلم الزوج لزوجته ففي صدد حديثنا عن عقوبة ظلم الزوج لزوجته في الدنيا والآخرة سوف نشير إليها بوضوح في النقاط التالية:
- الابتعاد عن طريق الحق والهداية حيث يصبح بذلك ضالًا.
- القيام بهجرها دون سبب شرعي إلى جانب ضربها بشكل متكرر.
- أمرها بفعل أي معصية أو السير في طريق الضلال فعلى سبيل المثال قد يطلب منها أن تكذب في أمر ما أو تسرق أو تقوم بالأعمال المحرمة.
- إهانتها والتقليل من شأنها أمام الآخرين على وجه التحديد وعدم حفظ كرامتها.
- في حالة حدوث الخلاف بينهما وشعوره بالانزعاج فإنه يقوم بهجرها دون سابق إنذار باعتبار أن ذلك الأمر هو أفضل عقاب لها.
- التعدي على حدود الله – عز وجل- التي تنص على ضرورة منحها مهرها كما جاء في قوله تعالى:
(…وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)[البقرة: 229].
- أخذ حقوقها على الرغم من أذيته لها سواء بالفعل أو بالقول فلقد حذر الله من ذلك في قوله تعالى:
(… وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُوا ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ…) [البقرة: 231]. - عدم العدل بين زوجاته والقيام بعقاب إحداهما عند ارتكابها لأي حدث لا يرضيه دون الأخرى، أو ربما معاشرتها بقسوة أو هجرها رغبةً منه في إضرارها.
موقف الدين الإسلامي من ظلم الزوجة
لم يقم الإسلام بتوضيح عقوبة ظلم الزوج لزوجته في الدنيا والآخرة فقط، لأنه وضح كيفية تنظيم حقوق الأسرة على أتم وجه وحفظها إلى جانب التأكيد على عدم ظلم المرأة بصفة عامة، وذلك تجلى في الأمور الآتية:
- لقد وصف الله – تعالى- العقد الرسمي للزوجية وكأنه ميثاقًا غليظًا حيث أمر الأزواج بعدم الإخلال بالوعود والواجبات التي ينص عليها هذا العقد.
ذلك كما جاء في قوله تعالى:
(وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا ۚ أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا) [النساء: 20].
- قال الله – سبحانه وتعالى – في كتابه العزيز:
(… وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُم مِّن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ)[البقرة: 8]، حيث إن هذه الآية توضح أن الله – عز وجل- توعد الظالمين بالخسران وأمر بضرورة معاملة الزوجة بشكل جيد وتجنب ظلمها.
- قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-:
“ خَيرُكم خَيرُكم لأهلِه، وأنا خَيرُكم لأهلي“فمن لم يحسن أفعاله مع أهل بيته فبلا شك سيكون آثمًا وظالمًا.
- أشار الشيخ عبد الرحمن السعدي إلى أن الآية القرآنية:
(… وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا)[البقرة: 19] جاءت لتدل على أن المعاشرة لا تقتصر على الفعل بل تشمل القول أيضًا فالخير والإحسان يجب أن يظهر من الزوج في كل وقت.
كيفية تصرف الزوجة مع الزوج الظالم
في حالة إن قام الزوج بالتعدي بشكل ملحوظ في ظلمه ولم يتم ظهور عقوبة ظلم الزوج لزوجته في الدنيا بعد وشعوره بالندم والتوبة على ما فعل، فإنه من الممكن أن تتصرف الزوجة كالآتي:
1- رفع دعوى قضائية
إن أول الأمور التي يمكن للزوجة فعلها قبل اتخاذ الإجراءات القانونية أن تصبر على زوجها قدر الإمكان، فمن الممكن أن يتراجع عن ظلمه له، فإن لم يفعل ذلك وإن لم تتمكن من الاستمرار فهنا يكون الحل المثالي في رفع دعوى قضائية عليه.
حيث إن هذه الدعوى سيكون هدفها منعه عن الظلم وليس للانفصال، فمن المعروف أن القضاة يعملون بمثابة وليّ لمن لا وليّ له.
2- مناقشة الزوج
تستطيع الزوجة أن تحل الأمور من تلقاء نفسها وذلك عبر محاولة مناقشة الزوج وتليين قلبه ومعرفة السبب وراء قيامه بوقوع الظلم عليها والاتفاق على إيجاد الحلول سويًا.
3- الاستعانة بطرف ثالث
قال الله تعالى:
(وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا) [النساء: 25]، حيث إن هذه الآية تدل على ضرورة الاستعانة بطرف ثالث إن لم يتمكن الأزواج من حل الخلافات.
فهذا الطرف من المتوقع أن ينصف الحق بينهما ويساعد الزوج في التراجع عن ظلمه لزوجته، ومن الجدير بالذكر أنه يمكن الاستعانة بأي شيخ أو خطيب بدلًا من الأهل لردع الزوج الظالم.
اقرأ أيضًا: كيف أتعامل مع زوجي المضغوط
نصائح للحياة الزوجية المستقرة
يمكن تحقيق السعادة في الحياة الزوجية بكل سهولة من خلال اتباع النصائح الآتية:
- العفو والسماح للطرف الآخر في حالة صدور أي إساءة منه حيث إن ذلك الأمر سيساهم في تحقيق الأمن الداخلي إلى جانب الاستقرار النفسي.
- الحرص قدر الإمكان على استمرار المودة والألفة بينهما إلى جانب التغافل عن أي أمر سيئ والنظر فقط إلى الجوانب الطيبة والأخلاق المحمودة في الطرف الآخر.
- التمتع بحسن الظن واحتساب الأجر على القيام بذلك وتحقيق قيم العدل والصبر.
لن ينال الزوج الظالم في حياته التوفيق مطلقًا سواء إن كان ظالمًا في الفراش أو النفقة أو من الناحية العاطفية، كما سيعاقب في الآخرة من الله – عز وجل- وهذا ما ورد في الأحكام الشرعية.