هل يجوز القراءة من المصحف في صلاة الفرض
هل يجوز القراءة من المصحف في صلاة الفرض؟ سؤال هام لابد من معرفة إجابته خصوصًا وأن الصلاة هي عماد الدين وأهم ما يقوم به المسلم في يومه فلابد له من الاحتياط لعمود دينه؛ أما عن القرآن الكريم فكثيرًا ما يحب المرء أن يستزيد من تلاوته؛ فيحاول أن يربط الصلاة بتلاوة القرآن كي ينهل خيرًا من كلاهما لكن هل يجوز قراءته في صلاة الفرض أم لا؟ هذا ما سنستفيض في شرحه من خلال منصة وميض.
هل يجوز القراءة من المصحف في صلاة الفرض
لم ينعم الجميع بحفظ القرآن الكريم كي يستطيعوا الاستزادة في تلاوته أثناء الصلاة عن ظهر قلب دون الحاجة للنظر إلى المصحف وقراءة ما يودون قراءته من الآيات الكريمة؛ وإن حفظ القرآن كاملًا من الفضل العظيم والنعم الجليلة؛ ولكن من لم يؤتى تلك النعمة يتساءل دائما إذا ما كان يستطيع القراءة من المصحف أثناء الصلاة؟ وهل يجوز القراءة من المصحف في صلاة الفرض أم لا؟
اختلف أهل العلم في إجابة سؤال هل يجوز القراءة من المصحف في صلاة الفرض أم لا فهُم على ثلاثة أقوال؛ فمنهم من قال إن القراءة من المصحف خاصة بقيام ونوافل رمضان فقط لطول التراويح والتهجد وعدم حفظ كل المصلين للقرآن الكريم وعليه فإنه جائز في نوافل رمضان وغير مستحب خارج رمضان فالأولى تركه.
قول آخر للعلماء بأن القراءة من المصحف تجوز للنوافل في رمضان وخارجه لعدم اختلاف صلاة النوافل في رمضان وغيره؛ ولكن تُكره القراءة من المصحف في صلاة الفريضة واستدلوا على ذلك بقول الله تعالى(فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ) [المزمل:20]، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم (اقرأ ما تيسر معك من القرآن) وما تيسر لا ينبغي فيه أن يُفتح المصحف بل بالمحفوظ ولو كان آية واحدة بعد الفاتحة فالصلاة صحيحة بإذن الله.
مِن العلماء من أباحه للفريضة أيضًا حيث قال إن الصلاة كلها واحدة وما جاز في النوافل يجوز في الفرائض أيضًا واستدل بحديث من صحيح البخاري؛ ورد أن أم المؤمنين السيدة عَائِشَةَ رضي الله عنها: «كان يَؤُمُّهَا عَبْدُهَا ذَكْوَانُ مِن المُصْحَفِ» رواه البخاريُّ؛ حيث كان يؤمها عبدها في النوافل برمضان ولكن قال من اعتمد ذلك الرأي من العلماء أن صحة صلاة النافلة مثل صحة صلاة الفريضة وعليه فيجوز التلاوة من المصحف في صلاة الفرض.
اقرأ أيضًا: حكم قراءة القرآن بدون صوت
رأي المذاهب في حكم القراءة من المصحف في الصلاة
كما ذكرنا أن هنالك تباين في الآراء حول هذا الموضوع واختلاف في المذاهب الأربعة وهذا للتسهيل على الأمة وليس العكس؛ فهو من السعة في الأمر وعلى كل الأخذ برأي المذهب الذي هو عليه.
1- الشافعية والحنابلة
يفتون بجواز القراءة من المصحف بلا كراهة في صلاة الفرض والنافلة ولا فرق بينهما وللإمام والمنفرد وللحافظ للقرآن وغيره فيجوز في كل حالات الصلاة القراءة من المصحف وذلك قول الجمهور من العلماء استدلالًا على ذلك بصلاة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها خلف عبدها وهو يقرأ من المصحف.
2- مذهب الحنفية
هو أشد الأقوال في ذلك حيث قال ببطلان صلاة الفريضة إذا ما تم القراءة فيها من المصحف وذلك لزيادة الحركة في الصلاة عن الحركة الجائزة التي تُقدر بثلاث حركات؛ فالقراءة من المصحف تستلزم بلا شك تقليب الصفحات وحركة البصر التي ستزيد عن ثلاث في الصلاة كلها وهذا مذهب الحنفية في عدم جواز القراءة من المصحف في صلاة الفرض.
اقرأ أيضًا: هل يجوز للحائض قراءة القرآن من الهاتف
3- مذهب المالكية
هنالك أيضًا القول الوسط وهو ما يقول به المالكية وهو كراهة القراءة من المصحف إن لم يكن هناك حاجة لذلك؛ فيشرع عندهم القراءة من المصحف في النوافل يُكره ذلك في الفرائض.
لأن قراءة القرآن بعد أم الكتاب سُنة والأصل فيها القراءة من المحفوظ عن ظهر قلب لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لِيَؤُمّكُمْ أَكْثَركُمْ قُرْآنًا» رواه البخاري؛ وذلك ليقرأ القرآن في الصلاة دون مصحف فهو الأولى إلا إذا كان هناك حاجة فيجوز عندها القراءة من المصحف ولا حرج بإذن الله.
اقرأ أيضًا: السور التي فيها سجدة
دار الإفتاء المصرية تُجيب
أوضحت دار الإفتاء المصرية أنه من الممكن الاستعانة بالقراءة من المصحف في الصلاة المكتوبة والنافلة عن طريق حمله في اليد أو وضعه على حامل ليتمكن المصلي من القراءة منه؛ وذلك لما ورد عن الفقهاء من اختلاف وسعة في الرأي في هذا الأمر؛ فيمكن الأخذ بالرأي الذي أجاز القراءة من المصحف وقال بعدم تأثيرها في صحة الصلاة.
جاء عن دار الإفتاء أيضًا أنها قالت “إن جمع الإنسان بين الحسنيين: الصلاة قراءة القرآن من أفضل القربات والسنن الحسنات؛ ولذلك فإننا نجد من يحرص على ختم القرآن الكريم في صلاته” واستدلوا لقول ابن حامد (وله – أي المصلي- القراءة من المصحف ولو حافظًا والفرض والنفل سواء).
عرضت دار الإفتاء أراء المذاهب الأربعة وكان قول الجمهور هو جواز القراءة من المصحف في صلاة الفرض؛ وأوضحت دار الإفتاء رأيًا حول مذهب أبي حنيفة حيث إنه المذهب الوحيد القائل بعدم جوازها بسبب الحركة الكثيرة التي قد تُبطل الصلاة فأشارت بخصوص حمل المصحف إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي حاملًا أُمامة بنت أبي العاص على عاتقه فإذا سجد وضعها وإذا قام حملها وأما عن تقليب أوراق المصحف فقالت إنه قد وردت بعض الأحاديث التي تُبيح العمل اليسير في الصلاة والتقليب هو من جنس هذا العمل اليسير المعفو عنه بإذن الله.
قامت دار الإفتاء بحسم الجدل حول القراءة من المصحف وقالت إنها صحيحة في صلاة الفرض والنفل وجائزة شرعًا ولا كراهة فيها لأن مادامت المسألة خلافية فالأمر واسع ولا إنكار في مسائل الخلاف والله سبحانه وتعالى أعلى وأعلم.
قد بينت مسألة الإجابة عن سؤال هل يجوز القراءة من المصحف في صلاة الفرض أم لا سعة في آراء الفقهاء والمذاهب تجعل الأمر يسير بإذن الله فلك أن تأخذ بجوازها أو تتركها خروجًا من الخلاف.