هل يجوز صلاة قيام الليل قبل الساعة ١٢
هل يجوز صلاة قيام الليل قبل الساعة ١٢؟ وما هو فضل قيام الليل؟ إن كثيرًا من المسلمين يولون اهتمامًا كبيرًا بأداء صلوات السنن والنوافل والرواتب، التي تعد فرصة مثالية لأي مسلم يود أن يلتزم دينينًا ويكفر عن ذنوبه ويتقرب إلى الله، وصلاة قيام الليل هي إحدى هذه الفرص الذهبية، وسوف نتعرف إلى كل ما يخصها بالتفصيل من خلال منصة وميض.
هل يجوز صلاة قيام الليل قبل الساعة ١٢
الجواب الشافي عن سؤال هل يجوز صلاة قيام الليل قبل الساعة ١٢ هو نعم يجوز، وذلك لأن وقت صلاة قيام الليل يقع ما بين بعد صلاة العشاء وحتى أذان الفجر، لذا يصح للمسلم ويجوز له أن يصلي قيام الليل في أي وقت خلال هذه الفترة الزمنية، شرط ألا تسبق الصلاة أذان العشاء وألا تلحق أذان الفجر.
لا مانع أن يصلي المسلم قيام الليل قبل أذان الفجر ولو بعشر دقائق فقط، طالما أن أذان الفجر لم يؤذن بعد فهذا الركعات سوف تحسب له ضمن صلاة قيام الليل وهذا هو الثلث الأخير من الليل.
اقرأ أيضًا: دعاء صلاة الوتر في قيام الليل
ما هو قيام الليل
لا يمكننا أن نجيب عن سؤال هل يجوز صلاة قيام الليل قبل الساعة ١٢ من دون أن نعرف ماذا يكون قيام الليل، ويمكننا تعريف صلاة قيام الليل هي إحدى صلوات النوافل تؤدى في الوقت الواقع فيما بين ما بعد صلاة العشاء وفجر اليوم التالي.
هذا إلى جانب أنها تشتمل على صلاة الوتر وراتبة عقب فرض صلاة العشاء وكذلك صلاة التراويح خلال شهر رمضان، كما أنه يمكن إضافة السنن إليها مثل سنة الوضوء.
لقد كانت صلاة قيام الليل إحدى الصلوات المفروضة من قبل، وذلك بالتحديد قبل أن يتم فرض الصلوات الخمسة، إلا أن قرار فرضها قد تم التراجع عنه، ولكنها في النهاية تبقى سنة مؤكدة تقام مثنى ومثنى ثم تختتم بأداء ركعة الوتر.
أما بالنسبة إلى ما يخص عدد ركعات صلاة التي تصلى في قيام الليل، ففي الحقيقة لم يرد نصًا قرآنيًا يوضح عددًا معينًا من الركعات لا يجب أن تزيد أو تقل عنه صلاة قيام الليل، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد ورد عنه حديث عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال:
بِتُّ لَيْلَةً عِنْدَ خَالَتي مَيْمُونَةَ، فَقَامَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ مِنَ اللَّيْلِ، فأتَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، ثُمَّ نَامَ، ثُمَّ قَامَ فأتَى القِرْبَةَ، فأطْلَقَ شِنَاقَهَا، ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءًا بيْنَ الوُضُوءَيْنِ، وَلَمْ يُكْثِرْ، وَقَدْ أَبْلَغَ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى، فَقُمْتُ فَتَمَطَّيْتُ كَرَاهيةَ أَنْ يَرَى أَنِّي كُنْتُ أَنْتَبِهُ له، فَتَوَضَّأْتُ، فَقَامَ فَصَلَّى، فَقُمْتُ عن يَسَارِهِ، فأخَذَ بيَدِي فأدَارَنِي عن يَمِينِهِ، فَتَتَامَّتْ صَلَاةُ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ مِنَ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ اضْطَجَعَ فَنَامَ حتَّى نَفَخَ، وَكانَ إذَا نَامَ نَفَخَ، فأتَاهُ بلَالٌ فَآذَنَهُ بالصَّلَاةِ، فَقَامَ فَصَلَّى، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ، وَكانَ في دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ في قَلْبِي نُورًا، وفي بَصَرِي نُورًا، وفي سَمْعِي نُورًا، وَعَنْ يَمِينِي نُورًا، وَعَنْ يَسَارِي نُورًا، وَفَوْقِي نُورًا، وَتَحْتي نُورًا، وَأَمَامِي نُورًا، وَخَلْفِي نُورًا، وَعَظِّمْ لي نُورًا. رواه عبد الله بن عباس، وحدثه الإمام مسلم، المصدر: صحيح مسلم ،حكم الحديث: صحيح قوي الإسناد، وأخرجه الإمام البخاري.
كيف نصلي قيام الليل
إن من يسأل في إطار عرض الإجابة عن سؤال هل يجوز صلاة قيام الليل قبل الساعة ١٢، يجب توضيح أمر بالغ الأهمية ألا وهو أن صلاة قيام الليل هي نفسها الصلاة في جوف الليل.
صلاة جوف الليل هي التي تعني قيام المسلم بالصلاة في الوقت الذي ينام فيه بقية الناس، أما بالنسبة إلى كيفية صلاتها فهي تبدأ بالوضوء بالطريقة المعتادة، ومن بعدها يقوم المصلي بتحديد عدد الركعات التي يريد أن يقيم الليل بها بالضبط، ثم يختتم صلاته تلك بركعة الوتر.
وقد جاء في السنة النبوية أن صلاة قيام الليل يجب أن تؤدى بعدد ركعات مثنَّى وليست بشكل منفرد، والدليل على صحة وصدق ذلك هو ما رواه عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما حيث قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“صلاةُ الليلِ مثنَى مثنَى فإن خشيت الصبحَ فأوترْ بركعةٍ، قال: قلت: ما مثنَى مثنَى، قال: ركعتان ركعتانِ” ومثنى مثنى أي ركعتان ركعتان”رواه عبد الله بن عمر، وحدثه أحمد شاكر، المصدر: تخريج المسند لشاكر.
جدير بالذكر أيضًا أن صلاة قيام الليل هي إحدى السنن المؤكدة ولا خلاف فيها ما بين قيام المسلم بأدائها في أول الليل أو في نصفه أو في نهايته، إلا أن صلاة الوتر هي ركن رئيسي في صلاة قيام الليل وتكون وترًا أي منفردة.
هناك من يوتر بإحدى عشر ركعة وهناك من يوتر بثلاثة عشر ركعة أو أقل من ذلك، أما المهم أن تكون مثنى ومثنى.
اقرأ أيضًا: دعاء قيام الليل للزواج
صلاة قيام الليل سرية أم جهرية
استكمالًا لعرض الإجابة عن سؤال هل يجوز صلاة قيام الليل قبل الساعة ١٢، يجدر بنا الإشارة إلى أنه يجوز للمسلم أيضًا أن يجهر بتلاوته للقرآن في صلاة قيام الليل أو جوف الليل، كما يجوز له الإسرار فيها أيضًا ولقد أتاح الله الأمرين، والدليل على صحة ذلك هنا هو ما رواه عبد الله بن أبي قيس حين قال:
“عن عبدِ اللهِ بنِ أبي قَيْسٍ، قال: سألتُ عائشةَ رَضِيَ الله عنها عن وتْرِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالت: ربَّما أوتَرَ أوَّلَ اللَّيلِ، وربَّما أوتَرَ مِن آخِرِه، قلتُ: كيفَ كانتْ قراءتُه؟ أكان يُسِرُّ بالقراءةِ أم يَجهَرُ؟ قالت: كلَّ ذلك كان يفعَلُ، ربَّما أَسَرَّ، وربَّما جَهَرَ، وربَّما اغتسَلَ فنامَ، وربَّما توضَّأَ فنامَ”روته السيدة عائشة بنت أبي بكر، وحدثه الألباني، المصدر: صحيح أبي داوود، حكم الحديث: قوي الإسناد.
لكن من الضروري والمهم جدًا ومن الأفضل أيضًا أن تكون درجة صوت المصلي، أي تكون متوسطة لا هي بمرتفعة ولا هي هامسة وفي ذلك ورد عن بن قتادة رضي الله عنه حيث قال:
“أنَّ النبي صلَّى اللَّه عليه وسلم خرجَ ليلةً فإذا هوَ بأبي بَكرٍ رضي اللَّه عنه يصلِّي يخفضُ من صوتِهِ قالَ: ومرَّ بعمرَ بنِ الخطَّابِ وَهوَ يصلِّي رافعًا صوتَهُ قالَ: فلمَّا اجتمعا عندَ النبي صلَّى اللَّه عليه وسلم قالَ: يا أبا بَكرٍ مررتُ بِكَ وأنتَ تصلَّي تخفِضُ صوتَكَ. قالَ: قد أسمعتُ من ناجيتُ يا رسولَ اللَّهِ. قالَ وقالَ لعمرَ: مررتُ بِكَ وأنتَ تصلَّي رافعًا صوتَكَ. قالَ فقالَ: يا رسولَ اللَّهِ أوقظُ الوسنانَ وأطردُ الشَّيطانَ. زادَ الحسنُ في حديثِهِ فقالَ النبي صلَّى اللَّه عليه وسلم: يا أبا بَكرٍ ارفع من صوتِكَ شيئًا. وقالَ لعمرَ: اخفِض من صوتِكَ شيئًا”رواه أبو قتادة، وحدثه الألباني، المصدر: صحيح أبي داوود، حكم الحديث: صحيح الإسناد.
اقرأ أيضًا: الفرق بين صلاة التهجد وقيام الليل
فضل قيام الليل
حينما نجيب عن سؤال هل يجوز صلاة قيام الليل قبل الساعة ١٢ يجب أن نذكر كل مسلم بأمر بالغ الأهمية، ألا وهو أن أول شيء يسأل الله عنه عبده يوم القيامة هو الصلاة، وصلاة قيام الليل كما سلف وذكرنا هي من السنن الصحيحة للنبي صلى الله عليه وسلم، ومن خير فضائل قيام الليل بالنسبة إلى المسلم:
- تكفير الذنوب وإزالتها من فوق كاهل العبد وعن أبي أمامة الباهلي إنَّ رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- قال: “عليكم بقيامِ الليلِ فإنَّهُ دأبُ الصالحين قبلَكم فإنَّ قيامَ الليلِ قُرْبةٌ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ، وتكفيرٌ للذنوبِ، ومطردةٌ للداءِ عن الجسدِ ومنهاةٌ عن الإثمِ”
- صلاة المسلم لقيام الليل قد يكون سببًا عظيمًا في دخوله للجنة، ولقد وعد الله عباده المسلمين المقيمين لليل بأن يدخلهم جناته ليخلدوا فيها (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَٰلِكَ مُحْسِنِينَ كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) [سورة الذاريات، الآيات 15: 18]
- تكسب صلاة قيام الليل العبد صحة الجسم.
- صلاة قيام الليل تضمن للمسلم مكانة عظيمة عند ربه في الحياة الدنيا وفي الآخرة، ولقد قال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه “إن العبدَ إذا قامَ يصلّي أتاهُ الملك فقامَ خلفهُ يستمعُ القرآنَ ويَدْنو، فلا يزالُ يستمِعُ ويدنُو حتى يضعَ فاهُ على فيهِ فلا يقرأ آيةً إلا كانتْ في جوفِ الملكِ”
- توليد إحساس بالإقبال والحب في أداء الصلوات والعبادات في نفس كل مسلم، فلا ينغرس في حياة الترف أو يهيم في الأمور الدنيوية، بما فيها من شرور ومتاعب ومتاع زائف وزائل.
- تجعل الله سبحانه وتعالى راضيًا عن عبده فيكتب عنده من الذاكرين.
- تجديد الرغبة في قلب المسلم وتقويتها فيما يخص التقرب إلى الله، وتوليد المحبة وحب نيل المكانة الكريمة الخالدة عن الله.
- توليد شعور بالانتماء والإخلاص في عبادة الله تعالى والشعور بصفاء وهدوء في قرارة النفس، من خلال الانعزال عن العالم الخارجي وذلك وفقًا لما أورده سبحانه وتعالى في كتابه العزيز قائلًا (إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلً) [سورة المزمل، الآية رقم 6]
- تعتبر صلاة قيام الليل فرص جيدة جدًا لكي يراجع المسلم ما سبق له وحفظه من القرآن الكريم.
إن معرفة هل يجوز صلاة قيام الليل قبل الساعة ١٢ أمر بالغ الأهمية بالنسبة لكل مسلم، لكي يتمكن من الفصل بين الفروض والسنن والرواتب والنوافل، ويكون مدركًا لقيمة ومكانة وأهمية كل منها على حدة.