شعر الإمام علي عن الصبر
شعر الإمام علي عن الصبر من الأشعار الرائعة التي تنزل على القلب الهدوء والسكينة، وتشعره أنه لابد بعد الصبر من جبر، كما أنها كتبت بلغتنا العربية القويمة التي تحتوي على أجمل المعاني والقيم السامية، لذا ومن خلال منصة وميض سوف نتعرف على الكثير من القصائد التي تتحدث عن الصبر، والتي كتبها عليّ رضي الله عنه.
شعر الإمام علي عن الصبر
علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- هو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أول من آمن به من الصبيان، كذلك هو من قام بافتداء رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- حينما أرادوا النيل منه بقتله، فنام -رضي الله عنه- في فراش رسولنا كي تسنح له الفرصة بالهجرة.
لكن الله -عز وجل- أراد أن يكون له العمر المديد ولم يقتل في مكان نوم الرسول صلى الله عليه وسلم، بل حرسه الله بعينه التي لا تنام، كذلك قد تعرض علي بن أبي طالب للكثير من المواقف التي علمته الصبر ليتجلى ذلك في قصائده.
فقد ترك لنا الكثير من أبيات شعر الإمام علي عن الصبر التي سوف نتعرف عليها من خلال السطور التالية، والتي تحمل لنا الكثير من القيم فضلًا عن مواطن الجمال والإبداع الشعري.
1- قصيدة تحيرت والرحمن لا شك في أمري
نستهل أبيات شعر الإمام علي عن الصبر بقصيدة تحيرت والرحمن لا شك في أمري، تلك القصيدة التي تشيد بقوة الصبر التي يتمتع بها القلب المؤمن بالله -جل في علاه- وتدبيره، فالمرء من شأنه أن يجزع بين الحين والآخر، لكن قلبه المشبع بحب الله -عز وجل- هو من يصبره ويؤنسه.. لذلك هيا بنا نتعرف إلى واحدة من أفضل قصائد شعر الإمام علي عن الصبر والتي جاءت أبياتها على النحو التالي:
تحيّرت والرحمن لاشـــــك في أمري
وحاطت بي الأحزان من حيث لاأدري
سأصبـر حتى يعجز الصبر عن صبري
سأصبر حتى يقضـــي الله في أمـــري
سأصبر مغلوبــــًا بغير توجّـــــعٍ
كمـا يصبر الظمــآن في أزمــن الحرّ
سأصبر حتى يعلـــــم النـــاس أنني
صبـرت على شئٍ أمرُّ مـن الصــــبر
ولاشئٍ مثــل الصبر مرٌّ وإنمـــــــا
أمرُّ من الأمرّين إن خاننـي صبري
سرائر سرّي ترجمــــــان سريرتــــي
إذا كــــان سرُّ الســر سرّك في سـرّي
ولو أن مابي من الجبــال لـ هدّمت
وبالنـار أطفأهـا وبالريــح لم تسـر
ومن قـال أن الدهــر فيـه حـلاوة
فلا بــد مـن يومٍ أمرُّ مــن المـرّ
اقرأ أيضًا: قصائد ابن الفارض في مدح الرسول
2- قصيدة رأيت الدهر مختلفًا يدور
تلك القصيدة الرائعة من شأنها أن تخبرنا أنه مهما طال الليل لابد من بزوغ الشمس، حينها يطمئن القلب ويعلم أن بعد الصبر حتمًا جبر، تلك هي الغاية من أبيات شعر الإمام علي عن الصبر، والتي نتعرف على بعض منها من خلال قصيدة رأيت الدهر مختلفًا يدور.. نتناولها عبر السطور التالية:
رَأَيتُ الدَهرَ مُختَلِفًا يَدورُ
فَلا حُزنٌ يَدومُ وَلا سُرورُ
وَقَد بَنَتِ المُلوكُ بِهِ قَصورًا
فَلَم تَبقَ المُلوكُ وَلا القُصورُ
3- قصيدة تنام عيناك والمظلوم منتبه
تلك الأبيات على الرغم من قلة عددها، إلا أنها تبث الرعب في قلب من ظلم وتبشر المظلوم فيصبر ويحتسب، لذا فهي تعد من أفضل وأروع أبيات شعر الإمام علي عن الصبر حيث جاءت على هذا النحو:
ﺗﻨﺎﻡ ﻋﻴﻨﺎﻙ ﻭًاﻟﻤﻈﻠﻮﻡ ﻣﻨﺘﺒﻪُ
ﻳﺪﻋﻮ ﻋﻠﻴﻚ ﻭﻋﻴﻦُ ًاﻟﻠﻪ ﻟﻢ ﺗَﻨَﻢِ
ﻻ ﺗﻈﻠِﻤﻦّ ﺇﺫًا ﻣﺎ ﻛﻨﺖَ ﻣُﻘﺘﺪﺭًا
ﻓﺎﻟﻈﻠﻢُ ﻣﺮﺗﻌُﻪ ﻳُﻔﻀﻲ ﺇﻟﻰ ًاﻟﻨﺪَﻡ
ﺗﻨﺎﻡ ﻋﻴﻨُﻚ ﻭًاﻟﻤﻈﻠﻮﻡ ﻣﻨﺘﺒﻪُ ﻳﺪﻋﻮ
ﻋﻠﻴﻚ ﻭﻋﻴﻦُ ًاﻟﻠﻪ ﻟﻢ ﺗَﻨَﻢِ
فعاقبة الظلم والجور لا تضاهيها عاقبة أخرى، فالله من صفاته العدل، وقد أمر المظلومين بالصبر والاحتساب، حتى يُظهر عدله.
4- قصيدة تغيرت المودة والإخاء
نعم تغيرت المودة وتغيرت كافة الصفات النبيلة بتغير الأزمنة، إلا أن عليًا -كرم الله وجهه- علمنا أنه مهما دار الزمن وجار علينا ينبغي ألا نتخلى عن حسن مبادئنا وليكن لنا كفل عظيم من أجملها، فتهذيب النفس وتقويمها من أفضل ما يصبر الإنسان به على ما يداهمه.
فأبيات شعر الإمام علي عن الصبر قد جاءت لتشمل العديد من الجوانب، لذا دعونا نتعرف على واحد منها من خلال القصيدة التالية:
تَغَيَّرَتِ المَوَدَّةُ وَالإِخاءُ
وَقَلَّ الصِدقُ وَاِنقَطَعَ الرَجاءُ
وأَسلَمَني الزَمانُ إِلى صَديقٍ
كَثيرِ الغَدرِ لَيسَ لَهُ رَعاءُ
وَرُبَّ أَخٍ وَفَيتَ لَهُ بِحَقٍّ
وَلَكِن لا يُدومُ لَهُ وَفاءُ
أَخِلّاءٌ إِذا اِستَغنَيتُ عَنهُم
وَأَعداءٌ إِذا نَزَلَ البَلاءُ
يُديمونَ المَوَدَّةَ ما رَأوني
وَيَبقى الوُدُّ ما بَقِيَ اللِقاءُ
وَإِن غُنّيتُ عَن أَحَدٍ قَلاني
وَعاقَبَني بِما فيهِ اِكتِفاءُ
سَيُغنيني الَّذي أَغناهُ عَنّي
فَلا فَقرٌ يَدومُ وَلا ثَراءُ
وَكُلُّ مَوَدَّةٍ لِلّهِ تَصفو
وَلا يَصفو مَعَ الفِسقِ الاِخاءُ
وَكُلُّ جِراحَةٍ فَلَها دَواءٌ
وَسوءُ الخُلقِ لَيسَ لَهُ دَواءُ
وَلَيسَ بِدائِمٍ أَبَدًا نَعيمٌ
كَذاكَ البُؤسُ لَيسَ لَهُ بَقاءُ
إِذا أَنكَرتُ عَهدًا مِن حَميمٍ
فَفي نَفسي التَكَرُّمُ وَالحَياءُ
إِذا ما رَأسُ أَهلِ البَيتِ وَلّى
بَدا لَهُمُ مِنَ الناسِ الجَفاءُ
5- قصيدة أمن بعد تكفين
ذكرنا مسبقًا حب الإمام علي -كرم الله وجهه- لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد انفطر قلبه بوفاة الحبيب المصطفى، لكنه لم يجلس غائرًا في نوبات الحزن، بل شرع يكتب له شعر الإمام علي عن الصبر التي يسكن بها قلبه ويذكر بها بعض محاسن رسولنا الأمين صلى الله عليه وسلم التي لا تعد ولا تحصى.
فنحن بصدد التعرف على قصيدة أمن بعد تكفين النبي ودفنه، تلك الأبيات الشعرية التي تبين لنا صقل اللغة العربية من قديم العصور وعراقة المفردات وروعة القافية، فهيا بنا نتناول أبيات القصيدة عبر السطور التالية:
أَمِن بَعدِ تَكفينِ النَبِيِّ وَدَفنِهِ
نَعيشُ بِآلاءٍ وَنَجنَحُ لِلسَلوى
رُزِئنا رَسولَ اللَهِ حَقًّا فَلَن نَرى
بِذاكَ عَديلًا ما حَيينا مِنَ الرَدى
وُكُنتَ لَنا كَالحُصنِ مِن دونِ أَهلِهِ
لَهُ مَعقَلٌ حِرزٌ حَريزٌ مِن العِدى
وَكُنا بِهِ شُمُّ الأُنوفِ بِنَحوِهِ
عَلى مَوضِعٍ لا يُستطاعُ وَلا يُرى
وَكُنّا بِمَرآكُم نَرى النورَ وَالهُدى
صَباحَ مَساءَ راحَ فينا أَو اِغتَدى
لَقَد غَشِيَتنا ظُلمَةٌ بِعدَ فَقدِكُم
نَهارًا وَقَد زادَت عَلى ظُلمَةِ الدُجى
فَيا خَيرَ مَن ضَمَّ الجَوانِحَ وَالحَشا
وَيا خَيرَ مَيتٍ ضَمّهُ التُربُ وَالثَرى
كَأَنَّ أُمورَ الناسِ بَعدَكَ ضُمِّنَت
سَفينَةُ مَوجٍ حينَ في البَحرِ قَد سَما
وَضاقَ فَضاءُ الأَرضِ عَنّا بِرَحبِهِ
لَفَقدِ رَسولِ اللَهِ إِذ قيلَ قَد مَضى
فَقَد نَزَلَت بِالمُسلِمينَ مُصيبَةٌ
كَصَدعِ الصَفا لا صَدعٍ لِلشَعبِ في الصَفا
6- قصيدة وما طلب المعيشة
يجب على المرء دائمًا أن يسعى إلى أن يكون له شأن، فيسهر الليالي ويخلص في عمله ويتقي الله -عز وجل- فيه، وبالمقابل سيجد أن الله -جل وعلا- يقف إلى جواره ويسخر له كل ما يحيط به حتى يصل إلى ما يرغب.
ذلك أيضًا نوع من أهم أنواع الصبر كي ينال الشخص مراده بالطرق الشرعية، فقد تناول الإمام علي الصبر من كافة جوانبه، وهذا أكبر دليل أن ديننا لا يهدف فقط للأعمال الدينية ويزهد العمل الدنيوي، بل يجب أن يكون هناك توازن حتى يحصل المرء على كل ما يريد.. لذلك تعالوا نتعرف على قصيدة وما طلب المعيشة بالتمني، كونها من أجمل أبيات شعر الإمام علي عن الصبر حيث جاءت على النحو التالي:
وَما طَلَبُ المَعيشَةِ بِالتَمَنّي
وَلَكِن أَلقِ دَلوَكَ في الدَلاءِ
تَجِئكَ بِمِلئِها يَومًا وَيَومًا
تَجِئكَ بِحَمأَةٍ وَقَليلِ ماءِ
وَلا تَقعُد عَلى كُلِّ التَمَنّي
تَحيلُ عَلى المَقدَّرِ وَالقَضاءِ
فَإِنَّ مَقادِرَ الرَحمَنِ تَجري
بَأَرزاقِ الرِجالِ مِنَ السَماءِ
مَقدَّرَةً بِقَبضٍ أَو بِبَسطٍ
وَعَجزُ المَرءِ أَسبابُ البَلاءِ
لَنِعمَ اليَومُ يَومُ السَبتِ حَقًّا
لِصَيدٍ إِن أَرَدتَ بَلا اِمتِراءِ
وَفي الأَحَدِ البِناءِ لِأَنَّ فيهِ
تَبَدّى اللَهُ في خَلقِ السَماءِ
وَفي الإِثنَينِ إِن سافَرتَ فيهِ
سَتَظفَرُ بِالنَجاحِ وَبالثَراءِ
وَمِن يُردِ الحِجامَةَ فَالثُلاثا
فَفي ساعَتِهِ سَفكُ الدِماءِ
وَإِن شَرِبَ اِمرِؤٌ يَومًا دَواءً
فَنِعمَ اليَومَ يَومَ الأَربِعاءِ
وَفي يَومِ الخَميسِ قَضاءُ حاجٍ
فَفيهِ اللَهُ يَأذَنُ بِالدُعاءِ
وَفي الجُمُعاتِ تَزويجٌ وَعُرسٌ
وَلذَّاتُ الرِجالِ مَعَ النِساءِ
وَهَذا العِلمُ لا يَعلَمهُ إِلّا
نَبِيٌّ أَو وَصِيُّ الأَنبِياءِ
فَكَيفَ بِهِ أَنّي أُداوي جِراحَهُ
فَيَدوى فَلا مُلَّ الدَواءُ
اقرأ أيضًا: قصائد عن السيدة زينب مكتوبة
7- قصيدة أحسين إني واعظ
الإمام عليّ بن أبي طالب -كرم الله وجهه- هو والد الحسن والحسين، وكان دائمًا ما يرسخ فيهما الكثير من الأخلاق والقيم النبيلة التي تمكنهم من تفهم الحياة على حقيقتها والاستمتاع بها بالقدر الذي لا يجعل أي منهما يحصد ذنوبًا وآثامًا في تلك الدنيا.
فالصبر على موبقاتها والأمور الفاحشة التي تجذب الصغار والكبار من أفضل أنواع الحلم، لذا هيا بنا نتناول أجمل أبيات شعر الإمام علي عن الصبر التي قالها لابنه، حيث أتت بالشكل التالي من خلال قصيدة أحسين إني واعظ:
أَحُسَينُ إِنّي واعِظٌ وَمؤَدِّبٌ
فَاِفهَم فَأَنتَ العاقِلُ المُتَأَدِّبُ
وَاِحفَظ وَصِيَّةَ وَالِدٍ مُتَحَنِّنٍ
يَغذوكَ بالآدابِ كَيلا تُعطَبُ
أَبُنَيَّ إِنَّ الرِزقَ مَكفولٌ بِهِ
فَعَلَيكَ بالإِجمالِ فيما تَطلُبُ
لا تَجعَلَنَّ المالَ كَسبَكَ مُفرَدًا
وَتُقى إلَهَكَ فَاِجعَلَن ما تَكسِبُ
كَفِلَ الإِلَهُ بِرِزقِ كُلِ بَرِيَّةٍ
وَالمالُ عارِيَةٌ تَجيءُ وَتَذهَبُ
وَالرِزقُ أَسرَعُ مِن تَلَفُّتِ ناظِرٍ
سَبَبًا إِلى الإِنسانِ حينَ يُسَبَّبُ
وَمِنَ السُيولِ إِلى مَقَرِّ قَرارِها
وَالطَيرُ لِلأَوكارِ حينَ تُصَوِّبُ
أَبُنَيَّ إِنَّ الذِكرَ فيهِ مَواعِظٌ
فَمَنِ الَّذي بِعِظاتِهِ يَتَأَدَّبُ
فَاِقرَأ كِتابَ اللَهِ جَهدَكَ واِتلُهُ
فيمَن يَقومُ بِهِ هُناكَ وَيَنصَبُ
بِتَفَكُّرٍ وَتَخَشُّعٍ وَتَقَرُّبٍ
إِنَّ المُقَرَّبَ عِندَهُ المُتَقَرِّبُ
وَاِعبُد إِلَهَكَ ذا المَعارِجِ مُخلِصًا
وَاِنصِت إِلى الأَمثالِ فيما تُضرَبُ
وَإِذا مَرَرتَ بِآيَةٍ وَعظِيَّةٍ
تَصِفُ العَذابَ فَقِف وَدَمعُكَ يُسكَبُ
يا مَن يُعَذِّبُ مَن يَشاءُ بِعَدلِهِ
لا تَجعَلَنّي في الَّذينَ تُعَذِبُ
إِنّي أَبوءُ بِعَثرَتي وَخَطيئَتي
هَرَبًا إِلَيكَ وَلَيسَ دونَكَ مَهرَبُ
وَإِذا مَرَرتَ بِآيَةٍ في ذِكرِها
وَصفَ الوَسيلَةِ وَالنَعيمِ المُعجِبُ
فَاِسأَل إِلَهَكَ بِالإِنابَةِ مُخلِصًا
دارُ الخُلودِ سُؤالَ مَن يَتَقَرَّبُ
وَاِجهَد لَعَلَّكَ أَن تَحِلَّ بِأَرضِها
وَتَنالَ روحَ مَساكِنَ لا تَخرَبُ
وَتَنالَ عَيشًا لا اِنقِطاعَ لِوَقتِهِ
وَتَنالَ مُلكَ كَرامَةٍ لا تُسلَبُ
بادِر هَواكَ إِذا هَمَمتَ بِصالِحٍ
خَوفَ الغَوالِبِ أَن تَجيءَ وَتُغلَبُ
وَإِذا هَمَمتَ بِسَيِّءٍ فَاِغمِض لَهُ
وَتَجَنَّبِ الأَمرَ الَّذي يُتَجَنَّبُ
وَاِخفِض جَناحَكَ لِلصَديقِ وَكُن لَهُ
كَأَبٍ عَلى أَولادِهِ يَتَحَدَّبُ
وَالضَيفُ أَكرِم ما اِستَطَعتَ جِوارَهُ
حَتّى يَعُدُّكَ وارِثًا يَتَنَسَبُ
وَاِجعَل صَديقَكَ مَن إِذا آخيتَهُ
حَفِظَ الإِخاءَ وَكانَ دونَكَ يَضرِبُ
وَاِطلُبهُمُ طَلَبَ المَريضِ شِفاءَهُ
وَدَعِ الكَذوبَ فَلَيسَ مِمَّن يُصحَبُ
وَاَحفَظ صَديقَكَ في المَواطِنِ كُلِّها
وَعَلَيكَ بِالمَرءِ الَّذي لا يَكذِبُ
وَاِقلِ الكَذوبَ وَقُربَهُ وَجِوارَهُ
إِنَّ الكَذوبَ مُلَطِّخٌ مَن يَصحَبُ
يُعطيكَ ما فَوقَ المُنى بِلِسانِهِ
وَيَروغُ مِنكَ كَما يَروغُ الثَعلَبُ
وَاِحذَر ذَوي المَلَقِ اللِئامِ فَإِنَّهُم
في النائِباتِ عَلَيكَ مِمَّن يَخطُبُ
يَسعَونَ حَولَ المَرءِ ما طَمِعوا بِهِ
وَإِذا نَبا دَهرٌ جَفَوا وَتَغَيَبوا
وَلَقَد نَصَحتُكَ إِن قَبِلتَ نَصيحَتي
وَالنُصحُ أَرخَصُ ما يُباعُ وَيوهَبُ
الظلم ظلمات يوم القيامة، يجب أن يضع المرء تلك العبارة أمام عينه ليهذب نفسه وينأى بها عما يغضب الله جل وعلا، فمن أعظم أنواع الصبر أن يصبر الشخص على نفسه الآمرة بالسوء فينال عظيم الأجر والثواب.. فالمرء مخير في هذه الدنيا بأن يقوم بنسج السبيل الذي يود اتباعه، فإما ظالمًا فيشقى في الدنيا والآخرة، وإما مظلومًا فتحيز له النجاة في الدارين.
اقرأ أيضًا: قصائد المولد النبوي الشريف مكتوبة
8- قصيدة لك الحمد يا ذا الجود
لك الحمد يارب العالمين حين تعطي وحين تمنع، فالقصيدة الأخيرة من أبيات شعر الإمام علي عن الصبر من شأنها أن ترسخ فينا أن حمد الله -عز وجل- وشكره، لا يجب أن يكون مقرونًا بعطائه فقط، بل يجب أن يحمد الله على منعه أيضًا.
فنحن بعقليتنا البشرية لا نعلم ما مدى الخير والحكمة من منع عطاء الله في تلك الآونة، فمن الممكن أن يظل الإنسان عاكفًا داعيًا الله -عز وجل- بأن يمن عليه بأمر ما، ويحزن كثيرًا لعدم نفاذه، وهو لا يعلم مدى نجاته من ذلك، فأمر الله دائمًا لا يأتي إلا بالخير.
لذلك دعونا نتعرف على قصيدة لك الحمد ياذا الجود كونها أفضل ما جاء في شعر الإمام علي عن الصبر حيث تكونت من الأبيات التالية:
لَكَ الحَمدُ يا ذا الجودِ والمَجدِ وَالعُلا
تَبارَكتَ تُعطي مَن تَشاءَ وَتَمنَعُ
إِلَهي وَخَلّاقي وَحِرزي وَمَوئِلي
إِلَيكَ لَدى الإِعسارِ وَاليُسرِ أَفزَعُ
إِلَهي لَئِن جُلتُ وَجَمَّت خَطيئَتي
فَعَفوُكَ عَن ذَنبي أَجَلُّ وَأَوسَعُ
إِلَهي لَئِن أَعطَيتَ نَفسي سُؤلُها
فَها أَنا في أَرضِ النَدامَةِ أَرتَعُ
إِلَهي تَرى حالي وَفَقري وَفاقَتي
وَأَنتَ مُناجاتي الخَفيَّةِ تَسمَعُ
إِلَهي فَلا تَقطَع رَجائي وَلا تُزِغ
فُؤادي فَلي في سَيبِ جُودِكَ مَطمَعُ
إِلَهي لِئَن خَيَّبتَني أَو طَرَدتَني
فَمَن ذا الَّذي أَرجو وَمَن لي يَشفَعُ
إِلَهي أَجِرني مِن عَذابِكَ إِنَّني
أَسيرٌ ذَليلٌ خائِفٌ لَكَ أَخضَعُ
إِلَهي فَآنِسني بِتَلقينِ حُجَّتي
إِذا كانَ لي في القَبرِ مَثوىً وَمضجَعُ
إِلَهي لَئِن عَذَّبتَني أَلفَ حَجَّةٍ
فَحَبلُ رَجائي مِنكَ لا يَتَقَطَّعُ
إِلَهي أَذِقني طَعمَ عَفوكَ يَومَ لا
بَنونٌ وَلا مالٌ هُناكَ يَنفَعُ
إِلَهي إِذا لَم تَرعَني كُنتُ ضائِعاً
وَإِن كُنتَ تَرعاني فَلَستُ أَضيعُ
إِلَهي إِذا لَم تَعفُ عَن غَيرِ مُحسِنٍ
فَمنَ لَمسيءٍ بِالهَوى يَتَمَتَّعُ
إِلَهي لَئِن فَرَّطتُ في طَلبِ التُقى
فَها أَنا أَثْرَ العَفو أَقفو وَاَتبَعُ
إِلَهي لَئِن أَخطَأتُ جَهلاً فَطالَما
رَجَوتُكَ حَتّى قيلَ ها هُوَ يَجزَعُ
إِلَهي ذُنوبي جازَت الطَودَ وَاَعتَلَت
وَصَفحُكَ عَن ذَنبي أَجَلُّ وَأَرفَعُ
إِلَهي يُنجِّي ذِكرُ طَوْلِكَ لَوعَتي
وَذِكرُ الخَطايا العَينُ مِنّيَ تَدمَعُ
إِلَهي أَنِلني مِنكَ روحاً وَرَحمَةً
فَلَستُ سِوى أَبوابِ فَضلِكَ أَقرَعُ
إِلَهي لِئَن أَقصَيتَني أَو طَرَدتَني
فما حِيلَتي يا رَبُّ أَم كَيفَ أَصنَعُ
إِلَهي حَليفُ الحُبِّ بِاللَيلِ ساهِرٌ
يُنادي وَيَدعو وَالمغَفَّلُ يَهجَعُ
وُكُلَهُمُ يَرجو نَوالَكَ راجياً
لِرَحمَتِكَ العُظمى وَفي الخُلدِ يَطمَعُ
إِلَهي يُمنّيني رَجائي سَلامَةً
وَقُبحُ خَطيئاتي عَليَّ يَشيَّعُ
إِلَهي فَإِن تَعفو فَعَفوُكَ مُنقِذي
وَإِلا فَبالذَنبِ المُدَمِّرِ أُصرَعُ
إِلَهي بِحَقِّ الهاشِميِّ وَآلِهِ
وَحُرمَةُ إِبراهيمَ خِلَّكَ أَضرَعُ
إِلَهي فَاِنشُرني عَلى دينِ أَحمَدٍ
تَقيّاً نَقيّاً قانِتاً لَكَ أَخشَعُ
وَلا تَحرِمَنّي يا إِلَهي وَسَيِّدي
شَفاعَتَهُ الكُبرى فَذاكَ المُشفَّعُ
وَصَلِّ عَلَيهِ ما دَعاكَ مُوَحِّدٌ
وَناجاكَ أَخيارٌ بَبابِكَ رُكَّعُ
احتوت أبيات شعر الإمام علي عن الصبر على الكثير من مواطن الجمال الرائعة ومنها نتعلم الصبر والحلم، ومن لنا لنقتدي به سوى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتابعينه، وعلى رأسهم الإمام علي بن أبي طالب.