قصائد ابن الفارض في مدح الرسول
قصائد ابن الفارض في مدح الرسول يرغب العديد في قراءتها والاستماع لها، حيث قام العديد من الشعراء بمدح النبي في قصائدهم بدءً بمدح صفاته وانتهاءً بغزواته التي قام بها، فهذه القصائد تعكس مدى الشوق والرغبة في رؤيته ومحبتهم الخالصة للنبي، لذا من خلال منصة وميض سوف نتعرف على أهم قصائد ابن الفارض في مدح الرسول بشيء من التفصيل في السطور القادمة.
قصائد ابن الفارض في مدح الرسول
تتوفر الكثير من القصائد التي ذكرت في مدح الرسول (صلى الله عليه وسلم) ومن أبرز الشعراء هو أبو الفارض، ولكن قال إنه لم يقوم بتأليف أي قصيدة في مدح الرسول ولكن تلك القصائد نُسبت له، لأنه كان يلقب بسلطان العاشقين وكانت معظم القصائد التي طرحها تدور حول الحب الإلهي، لكن معظم قصائد مدح الرسول كانت تابعة إلى ابن جابر الأندلسي.
أبو الفارض هو أبو حفص شرف الدين عمر بن علي بن مرشد الحموي، ولد في حماه في سوريا سنة 576هـ، قد لقب بالعديد من الألقاب منها سلطان العاشقين، ويعد من أشهر شعراء التصوف، واتجه في قصائده إلى الحب الإلهي، قد قام بتأليف العديد من الأشعار، وسوف نتعرف في السطور القادمة على أبرز قصائد ابن الفارض في مدح الرسول وهي:
1- قصيدة في كل فاتحة
فِي كُلِّ فَاتِحَةٍ لِّلْقَولِ مُعْتَبَرَةْ
حَقَّ الثَّنَاءُ عَلَى الْمَبْعُوثِ بِالْبَقَـرَةْ
فِي آلِ عِمْرَانَ قِدْماً شَاعَ مَبْعَثُه
ُرِجَالُهُمْ وِالنِّسَاءُ اسْتَوضَحُوا خَبَرَهْ
قَدَّ مَدَّ لِلنَّاسِ مِنْ نُّعْمَاهُ مَائِدَةً
عَمَّتْ فَلَيسَتْ عَلَى الْأَنْعَامِ مُقْتَصِـرَهْ
عْرَافُ مَولَاهُ مَا حَلَّ الرَّجَاءُ بِهَا
إِلَّا وَأَنْفَالُ ذَاكَ الْجُودِ مُبْتَدِرَهْ
بِهِ تَعَلَّقَ إِذْ نَادَى بِتَوبَتِهِ
فِي الْبَحْرِ يُونُسُ وَالظَّلْمَاءُ مُعْتَكِرَهْ
هُودٌ وَّيُوسُفُ كَمْ خَوفٍ بِهِ أَمِنَا
وَلَنْ يُرَوِّعَ صَوتُ الرَّعْدِ مَنْ ذَكَرَهْ
جَابَ دَعْوَةَ إِبْرَاهِيمَ حِينَ دَعَا
بِبَعْثِ أَحْمَدَ فِي الْحِجْرِ الَّذِي عَمَرَهْ
ذُو أُمَّةٍ كَدَوِيِّ النَّحْــلِ ذِكْرُهُــمُ
فِي كُلِّ فَجْرٍ فَسُبْحَانَ الَّذِي فَطَرَهْ
بِكَهْفِ مَولَاهُ نَالَ الْمُلْتَجَا وَبِهِ
بُشْرَى ابْنِ مَرْيَمَ فِي الْإِنْجِيلِ مُشْتَهِرَهْ
سمَّاهُ طَـٰهَ وَأَعْطَاهُ الرِّضَا وَجَلَا
بِخَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ الْحَجَّ وَالْعُمُرَهْ
قَدْ أَفْلَحَ النَّاسُ بِالنُّورِ الَّذِي شَهِدُوا
مِنْ نُّورِ فُرْقَانِهِ لَمَّا جَلَا غُرَرَهْ
أَكَابِرُ الشُّعَرَاءِ اللُّسْنِ قَدْ عَجَزُوا
كَالنَّمْلِ إِذْ سَمِعَتْ آذَانُهُمْ سُوَرَهْ
وَفِيهِ عَنْ قَصَصٍ لِّلْعَنْكَبُوتِ غِنًى
إِذْ حَاكَ نَسْجًا بِبَابِ الْغَارِ قَدْ سَتَرَهْ
فِي الرُّومِ قَدْ شَاعَ قِدْمًا أَمْرُهُ
وَبِهِ لُقْمَانُ شُبِّهَ فِي الدُّرِّ الَّذِي نَثَرَهْ
مْ سَجْدَةٍ فِي طُلَى الْأَحْزَابِ
قَدْ سَجَدَتْ سُيُوفُهُ فَأَرَاهُمْ رَبُّهُ عِبَرَهْ
سَبَاهُمُ فَاطِرُ السَّبْعِ الْعُلَا كَرَمًا
لِّمَنْ بـِيَاسِينَ بَينَ الرُّسْلِ قَدْ شَهَرَهْ
فِي الْحَرْبِ قَدْ صَفَّتِ الْأَمْـلَاكُ تَـنْصُرُهُ
فَصَادَ جَمْعَ الْأَعَادِي هَازِمًا زُمَرَهْ
لِغَافِرِ الذَّنْبِ فِي تَفْضِيلِهِ سُوَرٌ
قَدْ فُصِّلَتْ لِمَعَانٍ غَيرِ مُنْحَصِـرَهْ
شُورَاهُ أَنْ تَهْجُرَ الدُّنْيَا فَزُخْرُفُهَا
مِثْلُ الدُّخَانِ فَيُعْشِي عَينَ مَنْ نَظَرَهْ
عَزَّتْ شَرِيعَتُهُ الْبَيضَاءُ حِينَ أَتَى
أَحْقَافَ بَدْرٍ وَّجُنْدُ اللهِ قَـدْ حَضَـرَهْ
فَجَاءَ بَعْدَ الْقِتَالِ الْفَتْحُ مُتَّصِلًا
وَأَصْبَحَتْ حُجُرَاتُ الدِّينِ مُنْتَصِـرَهْ
بِقَافَ وَالذَّارِيَاتِ اللهُ أَقْسَمَ
فِي أَنَّ الَّذِي قَـالَهُ حَقٌّ كَمَا ذَكَرَهْ
فِي الطُّورِ لَمْ يَعْلُ مُوسَى نَجْمَ سُؤْدَدِهِ
وَالأُفْقُ قَدْ شَقَّ تَصْدِيقًا لَّهُ قَمَرَهْ
أَسْرَى فَنَالَ مِنَ الرَّحْمَنِ وَاقِعَــةً
فِي الْقُرْبِ ثَبَّتَ فِيهَا رَبُّهُ بَصَـرَهْ
أَرَاهُ أَشْيَاءَ لَا يَقْوَى الْحَدِيدُ لَهَا
وَفِي مُجَادَلَةِ الْكُفَّارِ قَدْ نَصَـرَهْ
فِي الْحَشْـرِ يَومَ امْتِحَانِ الْخَلْقِ يُقْبِل
فِي صَفٍّ مِّنَ الرُّسْلِ كُلٌّ تَابِعٌ أَثَرَهْ
كَفٌّ يُّسَبِّحُ للهِ الْحَصَاةُ بِهَا
فَاقْبَلْ إِذَا جَاءَكَ الْحَقُّ الَّذِي نَشَـرَهْ
دْ أَبْصَـرَتْ عِنْدَهُ الدُّنْيَا تَغَابُنَهَا
نَالَتْ طَلاقًا وَّلَمْ يَصْـرِفْ لَهَا نَظَرَهْ
تَحْرِيمُهُ الحُبَّ لِلدُّنْيَا وَرَغْبَتُهُ
عَنْ زَهْرَةِ الْمُلْكِ حَقٌّ عِنْدَ مَن خَبَرَهْ
فِي نُونَ قَدْ حَقَّتِ الْأَمْدَاحُ فِيهِ بِمَا
أَثْنَى بِهِ اللهُ إِذْ أَبْدَى لَنَا سِيَرَهْ
قَدْ سَالَ سَائِلُ نَبْعٍ مِّنْ أَصَابِعِهِ
وَنَاحَ نَوحًا لَهُ جِذْعٌ مِّنَ الشَّجَرَةْ
وَقَالَتِ الْجِنُّ جَاءَ الْحَقُّ فَاتَّبِعُوا
مُزَّمِّلًا تَابِعًا لِّلْحَقِّ لَنْ يَّذَرَهْ
مُدَّثِّرًا شَافِعًا يَّومَ الْقِيَامَةِ هَلْ
أَتَى نَبِيٌّ لَّهُ هَذَا الْعُلَا ذَخَرَهْ
فِي الْمُرْسَلَاتِ مِنَ الْكُتْبِ انْجَلَى
نَبَأٌ عَنْ بَعْثِهِ سَائِرُ الْأَحْبَارِ قَدْ سَطَرَهْ
كَمْ أَنْفُسٍ نَّازِعَاتٍ عَنْ مَحَبَّتِهِ
تَشْقَى إِذَا عَبَسَ الْعَاصِي لِمَا ذَعَرَهْ
إِذْ كُوِّرَتْ شَمْسُ ذَاكَ الْيَومِ وَانْفَطَرَت
ْ سَمَاؤُهُ وَدَعَتْ وَيلٌ بِهِ الْفَجَــرَهْ
وَلِلسَّمَاءِ انْشِقَاقٌ وَّالْبُرُوجُ خَلَتْ
مِنْ طَارِقِ الشُّهْبِ وَالْأَفْلَاكُ مُنْتَثِرَهْ
فَسَبِّحِ اسْمَ الَّذِي فِي الْخَلْقِ شَفَّعَهُ
وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْحَوضِ إِذْ نَهَرَهْ
كَالْفَجْرِ فِي الْبَلَدِ الْمَحْرُوسِ غُرَّتُهُ
وَالشَّمْسُ مِنْ نُورِهِ الْوَضَّاحِ مُخْتَصِرَةْ
وَاللَّيلُ مِثْلُ الضُّحَى إِذْ لَاحَ فِيهِ أَلَمْ
نَشْرَحْ لَكَ الْقَولَ مِنْ أَخْبَارِهِ الْعَطِرَهْ
أَحْلَى مِنَ التِّينِ وَالزَّيتُونِ مَنْطِقُه
إِذَا تَرَنَّمَ وَاقْرَأْ تَسْتَبِنْ خـَبَرَهْ
فِي لَيلَةِ الْقَدْرِ كَمْ قَدْ حَازَ مِنْ شَرَفٍ
فِي الدَّهْرِ لَمْ يَكُنِ الْإِنْسَانُ قَدْ قَدَرَهْ
كَمْ زُلْزِلَتْ بِالْجِيَادِ الْعَادِيَاتِ لَهُ
أَرْضٌ بِقَارِعَةِ التَّخْوِيفِ مُنْتَشِـرَهْ
لَهُ تَكَاثُرُ آيَاتٍ قَدِ اشْتَهَرَتْ
فِي كُلِّ عَصْـرٍ فَوَيلٌ لِّلَّذِي كَفَرَهْ
أَلَمْ تَرَ الشَّمْسَ تَصْدِيقًا لَّهُ حُبِسَتْ
عَلَى قُرَيشٍ وَّجَاءَ الدَّوحُ إِذْ أَمَرَهْ
أَرَيتَ أَنَّ إِلَهَ الْعَرْشِ كَرَّمَهُ
بِكَوثَرٍ مُّرْسَلٍ فِي حَوضِهِ نَهَرَهْ
وَالْكَافِرُونَ إِذَا جَاءَ الْوَرَى طُرِدُوا
عَنْ حَوضِهِ فَلَقَدْ تَبَّتْ يَدَا الْكَفَرَهْ
إِخْلَاصُ تَقْلِيدِهِ شُغْلِي وكَمْ فَلَقٍ
لِلصُّبْحِ أَسْمَعْتُ فِيهِ النَّاسَ مُفْتَخَرَهْ
أَزْكَى الصَّلَاةِ عَلَى الْهَادِي وَعِتْرَتِهِ
وَصَحْبِهِ وَخُصُوصًا مِّنْهُمُ الْعَشَـرَةْ
صِدِّيقُهُمْ عُمَرُ الْفَارُوقُ أَحْزَمُهُمْ
عُثْمَانُ ثُمَّ عَلِيٌّ مُّهْلِكُ الْفَجَرَة
سَعْدٌ سَعِيدٌ زُبَيرٌ طَلْحَةٌ وَّأَبُوعُبَيدَةٍِ
وَّابْنُ عَوفٍ عَاشِرُ الْبَرَرَةْ
أُولَئِكَ النَّاسُ آلُ الْمُصْطَفَى وَكَفَى
وَصَحْبُهُ الْمُهْتَدُونَ السَّادَةُ الْخِيَرَةْ
وَفِي خَدِيجَةَ وَالزَّهْرَا وَمَا وَلَدَتْ
أَزْكَى مَدِيحِي سَأُهْدِي دَائِمًا دُرَرَهْ
عَنْ كُلِّ أَزْوَاجِهِ أَرْضَى وَأُوثِرُ
مَنْ أَضْحَتْ بَرَاءَتُهَا فِي الذِّكْرِ مُسْتَطَرَةْ
أَقْسَمْتُ لَا زِلْتُ أُهْدِيهِمْ شَذَا مِدَحٍ
كَالرَّوضِ يَنْشُـرُ مِنْ أَكْمَامِهِ زَهَرَهْ
اقرأ أيضًا: كلمات في مدح الرسول وعبارات جميلة وشعر الشافعي
يقال إن هذه القصيدة قام ابن جابر الأندلسي بتأليفها بغرض مدح الرسول (صلى الله عليه وسلم) وقد ذكر فيها أسماء العديد من سور القرآن الكريم، ولكن هذه القصيدة تعرضت للعديد من التناقضات لما بها من مبالغة في شخص النبي، ويقال إن بها بعد الأبيات التي تدل على الشرك بالله، بالإضافة على وجود العديد من الأبيات الكاذبة.
فقد توسل الشاعر بالنبي، وقد نهانا الله ورسوله عن هذا الأمر، بالإضافة إلى الغلو في شخص النبي، وقد قام الشاعر بالإطراء في القصيدة وهو يعني أن يمدح الشاعر شخص بصفات ليس فيه، فقد نسب الشاعر بعض من صفات الله عز وجل إلى النبي وهي من الأمور الغير مقبولة شرعًا.
كذلك قد أشار بالضمير إلى رسول الله ببعض الأمور الغير صحيحة التي تندرج تحت بند الافتراء على الله ونبيهن كما أن البيت الذي يقول فيه الشاعر (بجاهة نوح في سفينته) هذا البيت والبيت المقابل له يشير إلى معلومات خاطئة لأن نوح عليه السلام لم يقم نوح بسؤال ربه عن جاه النبي ولم يسأل الله عن جاهه.
هذا البيت يشير إلى حديث كاذب قد أثبت أنه لم يتم تناقله عن النبي، وقد أشار الكثير من الشيوخ أن تلك الأحاديث والأبيات الكاذبة لا يجب تناقلها إلا بغرض التحذير، وبالتالي فإن الشاعر يساهم في نشر الأكاذيب وهذا غير مقبول، الإضافة أن هذا البيت وحضّ الأنبياء على ** حجّ المكان الذي من أجله عمرَهْ، قد قام الشاعر بإعادة الضمير في أجله على النبي وهذا أمر كاذب وافتراء على الله ورسوله، لأن الله عز وجل لم يأمر ببناء الكعبة للنبي (صلى الله عليه وسلم)
قد أشار العديد من الشيوخ أن هذه القصيدة محرمة لما بها أبيات كثيرة تتعارض مع تعاليم الدين الإسلامي، وكانت هذه القصيدة تعد من أحد أهم القصائد التي قيل إنها من قصائد ابن الفارض في مدح الرسول.
2- ولد الهدى فالكائنات ضياء
وُلِـدَ الـهُـدى فَـالكائِناتُ ضِياءُ
وَفَـمُ الـزَمـانِ تَـبَـسُّـمٌ وَثَناءُ
الـروحُ وَالـمَـلَأُ الـمَلائِكُ حَولَهُ
لِـلـديـنِ وَالـدُنـيـا بِهِ بُشَراءُ
وَالـعَـرشُ يَزهو وَالحَظيرَةُ تَزدَهي
وَالـمُـنـتَـهى وَالسِدرَةُ العَصماءُ
وَحَـديـقَـةُ الفُرقانِ ضاحِكَةُ الرُبا
بِـالـتُـرجُـمـ انِ شَـذِيَّةٌ غَنّاءُ
وَالـوَحيُ يَقطُرُ سَلسَلاً مِن سَلسَلٍ
وَالـلَـوحُ وَالـقَـلَـمُ البَديعُ رُواءُ
نُـظِمَت أَسامي الرُسلِ فَهيَ صَحيفَةٌ
فـي الـلَـوحِ وَاِسمُ مُحَمَّدٍ طُغَراءُ
اِسـمُ الـجَـلالَةِ في بَديعِ حُروفِهِ
أَلِـفٌ هُـنـالِـكَ وَاِسمُ طَهَ الباءُ
يـا خَـيـرَ مَن جاءَ الوُجودَ تَحِيَّةً
مِـن مُرسَلينَ إِلى الهُدى بِكَ جاؤوا
بَـيـتُ الـنَـبِـيّينَ الَّذي لا يَلتَقي
إِلّا الـحَـنـائِـفُ فـيهِ وَالحُنَفاءُ
خَـيـرُ الأُبُـوَّةِ حـازَهُـم لَكَ آدَمٌ
دونَ الأَنــامِ وَأَحــرَزَت حَـوّاءُ
هُـم أَدرَكـوا عِـزَّ النُبُوَّةِ وَاِنتَهَت
فـيـهـا إِلَـيـكَ الـعِزَّةُ القَعساءُ
خُـلِـقَـت لِبَيتِكَ وَهوَ مَخلوقٌ لَها
إِنَّ الـعَـظـائِـمَ كُفؤُها العُظَماءُ
بِـكَ بَـشَّـرَ الـلَهُ السَماءَ فَزُيِّنَت
وَتَـضَـوَّعَـت مِـسكاً بِكَ الغَبراءُ
وَبَـدا مُـحَـيّـاكَ الَّـذي قَسَماتُهُ
حَـقٌّ وَغُـرَّتُـهُ هُـدىً وَحَـيـاءُ
وَعَـلَـيـهِ مِـن نورِ النُبُوَّةِ رَونَقٌ
وَمِـنَ الـخَـلـيلِ وَهَديِهِ سيماءُ
أَثـنـى المَسيحُ عَلَيهِ خَلفَ سَمائِهِ
وَتَـهَـلَّـلَـت وَاِهـتَـزَّتِ العَذراءُ
يَـومٌ يَـتـيهُ عَلى الزَمانِ صَباحُهُ
وَمَـسـاؤُهُ بِـمُـحَـمَّـدٍ وَضّاءُ
الـحَـقُّ عـالي الرُكنِ فيهِ مُظَفَّرٌ
فـي الـمُـلـكِ لا يَعلو عَلَيهِ لِواءُ
ذُعِـرَت عُروشُ الظالِمينَ فَزُلزِلَت
وَعَـلَـت عَـلـى تيجانِهِم أَصداءُ
وَالـنـارُ خـاوِيَةُ الجَوانِبِ حَولَهُم
خَـمَـدَت ذَوائِـبُها وَغاضَ الماءُ
وَالآيُ تَـتـرى وَالـخَـوارِقُ جَمَّةٌ
جِــبـريـلُ رَوّاحٌ بِـهـا غَـدّاءُ
نِـعـمَ الـيَـتيمُ بَدَت مَخايِلُ فَضلِهِ
وَالـيُـتـمُ رِزقٌ بَـعـضُهُ وَذَكاءُ
فـي الـمَهدِ يُستَسقى الحَيا بِرَجائِهِ
وَبِـقَـصـدِهِ تُـسـتَـدفَعُ البَأساءُ
بِسِوى الأَمانَةِ في الصِبا وَالصِدقِ لَم
يَـعـرِفـهُ أَهـلُ الصِدقِ وَالأُمَناءُ
يـا مَن لَهُ الأَخلاقُ ما تَهوى العُلا
مِـنـهـا وَمـا يَـتَعَشَّقُ الكُبَراءُ
لَـو لَـم تُـقِـم ديناً لَقامَت وَحدَها
ديـنـاً تُـضـيءُ بِـنـورِهِ الآناءُ
زانَـتـكَ في الخُلُقِ العَظيمِ شَمائِلٌ
يُـغـرى بِـهِـنَّ وَيـولَعُ الكُرَماءُ
أَمّـا الـجَمالُ فَأَنتَ شَمسُ سَمائِهِ
وَمَـلاحَـةُ الـصِـدّيـقِ مِنكَ أَياءُ
وَالـحُـسنُ مِن كَرَمِ الوُجوهِ وَخَيرُهُ
مـا أوتِـيَ الـقُـوّادُ وَالـزُعَماءُ
فَـإِذا سَـخَوتَ بَلَغتَ بِالجودِ المَدى
وَفَـعَـلـتَ مـا لا تَـفعَلُ الأَنواءُ
وَإِذا عَـفَـوتَ فَـقـادِراً وَمُـقَدَّراً
لا يَـسـتَـهـيـنُ بِعَفوِكَ الجُهَلاءُ
وَإِذا رَحِــمـتَ فَـأَنـتَ أُمٌّ أَو أَبٌ
هَـذانِ فـي الـدُنيا هُما الرُحَماءُ
وَإِذا غَـضِـبـتَ فَإِنَّما هِيَ غَضبَةٌ
فـي الـحَـقِّ لا ضِغنٌ وَلا بَغضاءُ
وَإِذا رَضـيـتَ فَـذاكَ في مَرضاتِهِ
وَرِضـى الـكَـثـيـرِ تَحَلُّمٌ وَرِياءُ
وَإِذا خَـطَـبـتَ فَـلِـلمَنابِرِ هِزَّةٌ
تَـعـرو الـنَـدِيَّ وَلِـلقُلوبِ بُكاءُ
وَإِذا قَـضَـيـتَ فَـلا اِرتِيابَ كَأَنَّما
جـاءَ الـخُصومَ مِنَ السَماءِ قَضاءُ
وَإِذا حَـمَـيـتَ الماءَ لَم يورَد وَلَو
أَنَّ الـقَـيـاصِـرَ وَالمُلوكَ ظِماءُ
وَإِذا أَجَـرتَ فَـأَنـتَ بَـيتُ اللَهِ لَم
يَـدخُـل عَـلَـيهِ المُستَجيرَ عَداءُ
وَإِذا مَـلَـكـتَ النَفسَ قُمتَ بِبِرِّها
وَلَـوَ اَنَّ مـا مَـلَكَت يَداكَ الشاءُ
وَإِذا بَـنَـيـتَ فَـخَيرُ زَوجٍ عِشرَةً
وَإِذا اِبـتَـنَـيـتَ فَـدونَـكَ الآباءُ
وَإِذا صَـحِـبتَ رَأى الوَفاءَ مُجَسَّماً
فـي بُـردِكَ الأَصـحابُ وَالخُلَطاءُ
وَإِذا أَخَـذتَ الـعَـهـدَ أَو أَعطَيتَهُ
فَـجَـمـيـعُ عَـهدِكَ ذِمَّةٌ وَوَفاءُ
وَإِذا مَـشَـيـتَ إِلى العِدا فَغَضَنفَرٌ
وَإِذا جَـرَيـتَ فَـإِنَّـكَ الـنَـكباءُ
وَتَـمُـدُّ حِـلـمَـكَ لِلسَفيهِ مُدارِياً
حَـتّـى يَـضيقَ بِعَرضِكَ السُفَهاءُ
فـي كُـلِّ نَـفسٍ مِن سُطاكَ مَهابَةٌ
وَلِـكُـلِّ نَـفـسٍ فـي نَداكَ رَجاءُ
اقرأ أيضًا: من هو شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم
أستكمالًا لحديثنا عن قصائد ابن الفارض في مدح الرسول سوف نتعرف نذكر هذه القصيدة التي ألفها الشاعر أحمد شوقي في مدح النبي (صلى الله عليه وسلم)، وهي تعد من أكثر النصائح التي نالت على الشهرة وذاعت في عصره.
فقد كان الشاعر يقصد بالهدى النبي وهي تعد من أفضل الصفات التي ذكرها، فهو يشير في بداية القصيدة إلى موعد ميلاد الرسول وأنه بمجرد ميلاده قد استطاع الرسول أن ينشر الضوء والسعادة على جميع الأمم، فقد كان مولده رحمه للعالمين، فقد أوضح الشاعر ان كل الملائكة قد قاموا بتبشير العالم بأكمله بمولد النبي العظيم، فقد كان مولده وسيلة فرحة للزمان والمكان والبشر أجمعين.
كما أشار أن كل الدنيا تحتفل بميلاده فهو أطهر من ولد في البشرية، ثم بدأ يمدح الخلق الطيب والجود الذي يتحلى به الرسول، بالإضافة إنه فعل الكثير من الأمور التي لم يفعلها أحد مثله، وبدأ يظهر كرمه وصفاته لم يتحلى به بشرًا من بعده في مختلف العصور
بعد ذلك أخذ يوضح مدى رحمة النبي وشبه رحمته برحمة الأب والأم على الابن، كما ذكر أن توجد العديد من المعجزات التي أيد الله عز وجل بها نبينا الكريم، وأخذ الشاعر يوضح في الأبيات التالية أن كل المخلوقات في السماء والأرض جميعهم كانوا يحتفلون بميلاد النبي العظيم.
في الأبيات الأخيرة أخذ يوضح المعجزة الإلهية التي منحها الله عز وجل لسيدنا رسول الله وهي الإسلام والتي هي أهم من كافة المعجزات، ثم بدأ يوضح أن جميع المخلوقات البشر وغير البشر كانوا جميعًا يحتفلون بميلاد الرسول، وكانت هذه مناسبة القصيدة قد تعرفنا عليها بعد أن تعرفنا على قصائد ابن الفارض في مدح الرسول.
اقرأ أيضًا: قصيدة حسان بن ثابت في مدح الرسول
نبذة عن المديح النبوي
يقصد به القصائد التي ألفها الشعراء في مدح النبي، وهذه القصائد تعكس عواطف الشعراء، وتعكس مدى صدق مشاعرهم، وقد قيل أن معظم هذه القصائد قد طرحها الشعراء بعد وفاة الرسول، أي تندرج أيضًا هذه القصائد تحت بند شعر الرثاء.
لكن قد أوضح كبار الشعراء إنها تصنف من شعر المدح لأن الرثاء يشير إلى الحزن، وكان الغرض من طرح هذه القصائد أن يتم التقرب إلى الله من خلال توضيح أفضل المحاسن والأخلاق الحميدة التي تحلى بها النبي، وأكد الشعراء أن شعر المديح النبوي لا يعد من الفنون المستقلة، لذلك لم يقم النقاد بدراسة إلا قليل من هذه القصائد.
يقال إن هذا النوع قد ظهر منذ زمن قديم في المشرق العربي ولكنه انتشر بشكل كبير في عصر الفتوحات الإسلامية وكان الغرض منه، أن يقوم الشعراء بنشر التعاليم الإسلامية والمبادئ والأسس التي يقوم عليها هذا الشعر، وكان أول من مدح الرسول هو عبد المطلب، لأن ذكر ولادة النبي وشبها بالنور الذي أنار البشرية.
لكن قال بعض من كبار الشعر العربي أن هذا النوع قد ظهر في القرن 7 الهجري، وكانت أول قصيدة على يد البوصيري وبعد ذلك جاء بعده العديد من الشعراء الذين قاموا بمدح النبي، وكانت هذه نبذة مختصرة عن هذا النوع وسوف نتعرف على أنواع شعر المديح بعد أن تكلمنا عن قصائد ابن الفارض في مدح الرسول وهي:
- المدح الصادق: هذا النوع يقوم به الشاعر لكي يعكس مشاعره وعواطفه الجياشة الصادقة، وهذه المشاعر تكون من القلب، بالإضافة ان الشاعر يحاول أن يعكس الأخلاق الحميدة والصفات الطيبة التي يتمتع بها هذا الشخص في حياته ومدى تأثر الشاعر بتلك الأخلاق.
- المدح التكسبي: هذا النوع يكون ليس صادق بالضرورة ويختلف عن المدح الصادق في أنه يكون بغرض كسب المال او السلطة ولكي ينال على رضا هذا الشخص، وبالتالي هذا النوع يفتقر إلى المشاعر الصادقة أي تكون تلك المشاعر غير نابعة من القلب.
يوجد العديد من القصائد التي كتبها ابن قارض والتي يمدح فيها الرسول كثيرًا، والتي كان يمدحه فيها مدحًا صادقًا لما قام به الرسول من أعمال عظيمة.