اذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب
“اذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب” تلك المقولة من الموروثات الثقافية والتي بدورها تعبر عن بعض الوقائع والمناسبات، ولعلها من أكثر التراث شهرة الأمثال الشعبية والحكم التي يقوم الناس باستخدامها إذا مروا بظروف أو حدث مشابه للحدث الأصلي فيعبروا عنه بمثل أو حكمة، وسوف نتناول هذا المثال ونشأته والكثير من المعلومات عنه من خلال منصة وميض.
اذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب
يرجع أصل المثل الشعبي اذا كان الكلام من ذهب فالسكوت من فضة إلى قصة رجل مسن ملازم الفراش يعيش بمفرده في منزله لا يجد من يخدمه ويأنس به ويتحدث معه، فقرر الرجل العجوز في هذه اللحظة أن يطلب المساعدة من الآخرين ليخرجه من وحشته ووحدته فقام باستئجار أحد الأشخاص لتسليته والتحدث معه وذلك بمقابل مادي.
في حينها قام الحكواتي بمباشرة عمله والتحدث مع الرجل العجوز من الصباح إلى المساء وسرد له العديد من القصص دون كلل أو ملل لأنه أخذ أجرة وفيرة من الرجل العجوز مقابل ذلك، وفي اليوم التالي كرر الحكواتي نفس ما قام به في الأمس من سرد القصص والتحدث مع العجوز وذلك لأن الأجرة التي أخذها من الرجل العجوز في اليوم السابق كانت مرضية بالنسبة له وخلقت لديه دافع للاستمرار.
سرعان ما شعر الرجل العجوز من كلام الرجل الحكواتي وثقله على مسامعه، ففي هذه اللحظة طلب الرجل المسن من الحكواتي التزام الصمت حتى يمضي الوقت إلى المساء وذلك مع أخذ أجرته كاملة وزيادة عنها فنفذ الحكواتي رغبة الرجل المسن في السكوت.
بالفعل في أخر النهار أعطى العجوز الأجرة كاملة للحكواتي مع أضافة مكافأة من المال إليها، فأصاب الحكواتي الدهشة وأخذ يردد في نفسه المثل الشهير
“إذا كان الكلام من ذهب فالسكوت من فضة”، وعلى هذا أنتقل هذا المثل الشعبي الشهير إلى الأجيال وبداية تداوله في الحديث بينهم.
يتداول الكثير أيضًا أن قصة المثل الشعبي إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب إلى قصة أبطالها هم عالم دين، ومحامي، وفيزيائي صدر ضدهم حكم بالإعدام، وعند لحظة الإعدام تقدم عالم الدين إلى ووضعوا رأسه تحت المقصلة، وسأله المنفذ للحكم هل هناك كلمة أخيرة تود قولها؟ فرد عالم الدين فقال” الله هو من ينقذني“، وعند نزول المقصلة إلى رأس عالم الدين توقفت فتعجب الناس المحيطين به وقالوا:
“أطلقوا سراح عالم الدين ولا تنفذوا عليه الحكم فقد قال الله كلمته “فنجا عالم الدين من حكم الإعدام.
أما بالنسبة للمحامي وعندما جاء دوره لتنفيذ حكم الإعدام فسألوه ” هل هناك كلمة أخيرة تود أن تقولها” فقال:
“أنا لا أعرف عن الله جيدًا مثل عالم الدين ولكن أعرف أكثر عن العدالة هي من تنقذني“، وعندما نزلت المقصلة عند رأس المحامي توقفت فتعجب الجميع فقالوا: “أطلقوا سراح المحامي فقد قالت العدالة كلمتها” ونجا المحامي.
أخيرًا جاء دور العالم الفيزيائي لتنفيذ حكم الإعدام عليه فسألوه: “هل توجد لديك كلمة أخيرة حتى تقولها“، فقال:
“أنا لا أجيد معرفة الله كعالم الدين، ولا أعرف العدالة كالمحامي، ولكن ما اجيد معرفته أن هناك عقدة في حبل المقصلة تمنع المقصلة من النزول”، فنظروا جميعًا للمقصلة وتأكدوا فعلًا من وجود عقدة تمنعها من النزول فقاموا بإصلاحها وانزلوا المقصلة على رأس الفيزيائي وتم قطع رأسه.
الحكمة من هذه القصة هي من الأفضل أن تبقي ساكتًا حتى وإن كنت تعرف الحقيقة، ومن هنا جاء المثل الشعبي إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب.
اقرأ أيضًا: فنون الرد عند الحكماء
متى يكون الصمت من فضة وعلاجًا والكلام من ذهب؟
في كثير من الأحيان نسمع كثير من الأقاويل مثل؛ (الصمت حكمة وقليل فاعله)، (إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب)، وأيضًا في الحديث (من صمت نجا)، ومن بين الحكم أيضًا (الندم على السكوت خير من الندم على القول)، ولكن في الواقع هذه الأقاويل غير مناسبة في كل المواقف، فإذا كان هناك صمت بين الزوجين في التعبير عن حبهم لبعض فهل يكون السكوت من فضة؟ وكذلك عند رؤية أحد من الأصدقاء المقربين يصاحب شخص مؤذي فيكون في هذه الحالة السكوت عن إعطائه النصيحة من فضة؟
بل يكون السكوت من ذهب إذا كان يترتب على السكوت معالجة أحد المشاكل أو لتجنب وقع خلاف بين شخصين، وأحيانًا يكون الصمت علاجًا في حالة الغضب الشديد لأن كل إنسان يعرف نفسه في لحظات الغضب إنه إذا تكلم سوف يخسر الآخرين ففي هذه الحالة يكون سكوتك من ذهب.
في جميع الأحوال إذا قرر الإنسان اتخاذ قرار بالصمت في موقف معين فيجب الا يجعله يأخذ وقتًا أكثر من اللازم لان هذا يمكن أن يزيد الموقف أو المشكلة صعوبة وتعقيدًا.
اقرأ أيضًا: أقوال الشافعي في الصمت
ماهي فوائد الصمت؟
أكد الكثيرون بناءً على مثال إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب على أن الصمت في بعض المواقف يمكن أن يعطي الإنسان فرصة للتفكير أكثر في الأمور قبل تقديم رد يترتب عليه الشعور بالندم لاحقًا، ويمكن أن يترتب على الصمت أيضًا النجاة من بعض المشاكل.
ماهي الخطوات المتبعة مع الشخص الذي يتبع الصمت للمعاقبة؟
حتى تستطيع التعامل مع الأشخاص التي تتبع صفة الصمت يجب عليك القيام ببعض الخطوات التي سوف تساعدك في ذلك، وهذا ما سوف نتعرف عليه من خلال الآتي:
- التفكير في الشخص الذي أخذ قرار بالصمت لأنه غالبًا يكون محبطً وغاضب.
- ترك المساحة الكافية للشخص الذي أراد الصمت ولا تلح عليه بالكلام لأنه في الغالب يحتاج إلى وقت ليفكر ويستريح.
- محاولة تفهم وجهة نظره عن رجوعه للكلام وانتقاده إليك، ويجب الاعتذار له عندما تكون مخطئًا، أما إذا لم تكن مخطئًا فلا تعتذر والاكتفاء بتوضيح رأيك بقوة.
- إذا كان الشخص الذي أختار قرار الصمت هو بطبيعته من الشخصيات الانطوائية فيجب تفهم شخصيته لان من وجهة نظره أن هذا القرار صحيحًا ويتماشى مع طبعه، والشخص الانطوائي غالبًا ما يفضل الانسحاب عندما يواجه المشكلة.
اقرأ أيضًا: كلمات عن الصمت والكبرياء
أشهر الحكم عن الصمت
الصمت كما يتم تعريفه فهو ترك الكلام على الرغم القدرة عليه، ولكن دلالة مثل إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب تختلف مع هذا التعريف، فقد يكون الصمت مطلوبًا مع من يريد ذلك ولا يستمع إليك ومن أشهر الحكم عن الصمت ما يلي:
- خير لك أن تظل صامتًا ويظن الآخرون أنك أبله، من أن تتكلم فتؤكد تلك الظنون.
- عندما رأيت أن الصدق يغضب البعض تعلمت أن الصمت حكمه.
- أحيانًا نصمت لأن أجوبتنا قد تقتلنا قبل أن تقتلهم.
- الصمت أبلغ لغات الكلام.
- للصمت فن؛ فإذا كنت فنانًا في صمتك أصبحت مبدعًا في كلامك.
- ليس كل هادئ خالي البال وليس كل صامت لا يبالي ففي الهدوء والصمت ألف حكاية وحكاية.
- الصمت هو شيء يصعب على الجميع تفسيره.
- الصمت هو أفضل جواب لبعض الأسئلة.
- ندمنا على السكوت مرة وندمنا على الكلام مرارًا.
- من لا يشعر بصمتك لن يفهم حديثك.
- الصمت لغة العظماء.
- أول العلم الصمت والثاني حسن الاستماع والثالث حفظه والرابع العمل به والخامس نشره.
- الصمت أكثر ثراء من الكلام، نحن نتكلم حينما يفيض بنا الصمت.
- صمتي لا يعني جهلي بما يدور حولي ولكن ما يدور حولي لا يستحق الكلام.
- أكبر مشكلة في الصمت أنه صديق أخرس وأناني؛ يسمع ولا يجيب.
- الصمت يمنحك متعة التنزه في عقول الآخرين.
- الصمت هو المحاولة الأخيرة لإخبارهم بكل شيء لم يفهموه حين كنا نتكلم.
- الصمت دائمًا ما يقود إلى الحزن لأنه صورة من صور الموت.
حتى يكون الكلام ذهبا، علينا العمل بما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم “من كان يؤمن بالله واليوم الآخِر فَلْيَقُلْ خيرا أو ليصمت” لكن الواقع بطبيعته قد نجد فيه من هذا وذاك، فالبعض حين يتحدث لا توده أن يتوقف لجمال حديثه ولغته وحيوية أفكاره، والبعض الآخر عندما يتكلم يكون السكوت أفضل.