تأخير زكاة الفطر بعد صلاة العيد بدون عذر
إن مسألة تأخير زكاة الفطر بعد صلاة العيد بدون عذر يجب على المسلم الإلمام بها، فزكاة الفطر مقابلة للصوم فهي بسبب الإفطار من الصوم بعد شهر رمضان، وهي من الزكاة المفروضة على المسلم، فرضت في السنة الثانية من الهجرة، لتطهير النفس من الذنوب، وهناك وقت محدد لإخراجها، واختلف الفقهاء في تحديد الوقت الذي يجب إخراج الزكاة فيه، وهذا ما سنوضحه بشكل تفصيلي من خلال منصة وميض.
تأخير زكاة الفطر بعد صلاة العيد بدون عذر
قال بعض العلماء أنه لا يجوز تأخير زكاة الفطر بعد صلاة العيد بدون عذر وحمل عدم الجواز مع الكراهة، والبعض الآخر قالوا بالتحريم، وتأخير زكاة الفطر بعد صلاة العيد بدون عذر عمدًا يعد مخالفة لأوامر الله، ولا خلاف في حرمته، ويأثم لأن النبي أمر بإخراجها قبل صلاة العيد.
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: “أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج زكاة الفطر عن كل صغيرٍ وكبيرٍ وحرٍ ومملوكٍ صاعًا من تمرٍ أو شعيرٍ، قال: وكان يؤتى إليهم بالزبيب والأقِط فيقبلونه منهم، وكنا نؤمر أن نخرجه قبل أن نخرج إلى الصلاة “
اقرأ أيضًا: متى يجب إخراج زكاة الفطر؟
وقت زكاة الفطر
اختلف الفقهاء في الوقت الذي يجب إخراج زكاة الفطر فيه على قولين، قال جمهور العلم أنه يجب إخراج زكاة الفطر عند غروب شمس آخر يوم من رمضان، وقال الحنفية أنه يجب إخراج زكاة الفطر فجر بداية العيد، وأجاز المالكية والحنابلة تعجيل زكاة الفطر وإخراجها قبل الموعد بيوم أو يومين.
لقول نافع: “وَكان ابْنُ عمرَ رَضي الله عَنْهما يُعْطِيهَا الَّذِينَ يَقْبَلُونَهَا، وَكَانُوا يُعْطُونَ قَبْلَ الفِطْرِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْن”،
والشافعية يرون أنه لا يوجد ما يمنع من تعجيل إخراج زكاة الفطر، فيمكن إخراجها طوال شهر رمضان، ولكن يفضل إخراجها عند طلوع فجر يوم العيد قبل الصلاة عند جميع الفقهاء.
كما يمكن إخراجها بعد الصلاة لِمن لم يستطيع إخراجها في وقتها سواء كان بعذر أو بدون مع الكراهية، والأفضل عدم التأخير في إخراجها، وأن آخر وقت لإخراجها هو غروب شمس يوم العيد، فيحرم تأخيرها عن غروب شمس يوم العيد ولا تسقط الزكاة بتأخيرها بل يجب قضاؤها.
هناك قول آخر بأن آخر وقت لإخراج زكاة الفطر هو دخول وقت صلاة العيد، ولا يجوز تأخيرها عن الصلاة، وعند إخراجها بعد الصلاة تخرج من كونها زكاة الفطر، وإنما تكون صدقة، واستدلوا بما روي عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال:
((فرضَ رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم زكاةَ الفِطرِ؛ طُهرةً للصَّائِمِ من اللَّغو والرَّفَثِ، وطُعمةً للمساكينِ؛ مَن أدَّاها قبل الصَّلاةِ، فهي زكاةٌ مقبولةٌ، ومَن أدَّاها بعد الصَّلاةِ، فهي صَدَقةٌ مِنَ الصَّدقاتِ))
هذا يُستدل على عدم جواز تأخير زكاة الفطر بعد صلاة العيد بدون عذر.
حكم زكاة الفطر
أنزل الله زكاة الفطر لتطهير نفس الصائم مما قد يكون وقع فيه من اللغو أثناء الصيام، ومراعاة لحاجة الفقراء وإغناءهم عن السؤال وإسعادهم في هذا اليوم، وزكاة الفطر واجبة باتفاق جمهور العلماء، وذلك عند دخول وقتها على كل مسلم بالغ عاقل مقتدر معه ما يكفي قوت يومه وزيادة أو على من تجب عليه نفقته.
فعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنّه قال:
(أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الفِطْرِ مِن رَمَضَانَ علَى النَّاسِ، صَاعًا مِن تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ، علَى كُلِّ حُرٍّ، أَوْ عَبْدٍ، ذَكَرٍ، أَوْ أُنْثَى، مِنَ المُسْلِمِينَ).
ذهب المالكية أنها سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، واستدلوا برواية عن قيس بن سعد رضي الله عنه:
(كنَّا نصومُ عاشوراءَ، ونؤدِّي زَكاةَ الفطرِ، فلمَّا نزلَ رمَضانُ، ونزلتِ الزَّكاةُ، لم نُؤمَر بِهِ ولم نُنهَ عنهُ، وَكُنَّا نفعلُهُ).
مقدار زكاة الفطر
صاع من الطعام المنتشر في البلد، فيكون صاع من تمر أو صاع من شعير أو صاع من أرز بحسب استهلاك أهل البلد، والصاع تقريبًا يقدر بثلاث كيلوجرام، فعن ابن عمر رضي الله عنهما:
(أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الفِطْرِ صَاعًا مِن تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ)
هناك العديد من الآراء حول نوع الطعام الذي يجب إخراج الزكاة منه، بعد أن تعرفنا على حكم تأخير زكاة الفطر بعد صلاة العيد بدون عذر، سوف نتعرف على تلك الآراء فيما يأتي:
- الحنفية: إن الزكاة تخرج من أحد أربع أنواع من الطعام، وهم: القمح، والزبيب، والتمر، والشعير.
- المالكية والشافعية: إن إخراج الزكاة يكون من غالب استعمال أهل البلد، وخصص المالكية أنواع من الطعام لا يجب خروج الزكاة إلا منها، وهي: الزبيب، والتمر، والشعير، والقمح، والسُّلت، والدخن وهم أنواع من النباتات، واللبن الجاف.
- الحنابلة: إن الزكاة تكون بالأنواع التي ذكرت في الأحاديث عند توفرها، فتكون من التمر، والشعير، والقمح، والزبيب، واللبن الجاف، وعند عدم توافرها فتكون من الحبوب أو الثمار التي يغلب استعمالها في البلد.
- قيل إنه يجوز إخراج الزكاة بدفع قيمتها نقدًا وهو رأي الحنفية، فيجوز في وقت الشدة عند عدم توافر الحبوب، دفع قيمة الزكاة مراعاة لمصلحة الفقير وحتى يستطيع شراء بها ما يريد، والذي قد لا يعرفه مخرج الزكاة بحاجته إليه، وذهب الجمهور إلى عدم جواز إخراج الزكاة نقدًا، لعدم ورود أحاديث تدل على ذلك.
اقرأ أيضًا: كم زكاة الفطر ووقت إخراجها وحكمها
مستحق الزكاة
هناك العديد من الآراء حول معرفة إلى من تؤدى الزكاة، واختلفوا على ثلاثة آراء، وهي:
- جمهور أهل العلم: ذهبوا إلى أن زكاة الفطر يجب إخراجها لنفس الأصناف الذين تُخرج لهم زكاة الأموال، وهم: الفقير، والمسكين، والمجاهد في سبيل الله، وابن السبيل أي: المسافر بعيدًا عن أهله وليس معه مال، والأسير، والرقيق، والقائمين على أمر الزكاة.
- المالكية وابن تيمية: ذهبا إلى أن زكاة الفطر تُخرج للفقراء، والمساكين فقط.
- الشافعية: ذهب إلى أن إخراج زكاة الفطر يكون بإعطائها لمن تُخرج لهم زكاة الأموال، أو للموجود منهم.
كفارة تأخير زكاة الفطر
زكاة الفطر واجبة على المسلم، ويجب إخراجها في وقتها قبل غروب شمس يوم العيد، ولا يجوز أداؤها بعد الخروج عن وقتها، وتأخير زكاة الفطر بعد صلاة العيد بدون عذر والخروج من وقتها ولا يتمكن الإنسان من أدائها فإنه يأثم.
فلا يسقط عنه أداء الكفارة وتبقى معلقة في ذمته، ويجب عليه القضاء، ويكون قضاء كفارة التأخير في تأدية الزكاة بالتوبة والاستغفار، وإخراج الزكاة.
اقرأ أيضًا: هل يجوز إخراج زكاة الفطر نقدا
أحكام تتعلق بالزكاة
من ضمن تعرفنا اليوم عن أحكام الزكاة وخاصةً حكم تأخير زكاة الفطر بعد صلاة العيد بدون عذر، سنوضح العديد من الأحكام التي قد يغفل عنها الكثير من المسلمين، إليك فيما يلي:
- تجب الزكاة على كل مسلم بالغ مقتدر يملك ما يزيد عن مقدار نفقة يومه ونفقة أسرته، وحاجتهم الأصلية.
- زكاة الفطر لا يوجد لها نصاب.
- يجوز للزوج إخراج الزكاة عن زوجته، والأفضل أن تخرج الزوجة الزكاة عن نفسها من مالها.
- تجب الزكاة على الصغير كما تجب على الكبير، فيجب إخراجها عنه إن كان يمتلك المال، وإلا فيخرجها عنه وليه.
- غير واجب زكاة الفطر عن الجنين في بطن أمه، ولا على من توفى قبيل غروب شمس آخر يوم من رمضان.
الزكاة حق للفقراء في أموال المسلمين، ويجب إخراجها في الأوقات التي أمرنا بها الرسول حتى لا نقع في إثم تأخيرها.