تعريف الربوبية والألوهية والأسماء والصفات
تعريف الربوبية والألوهية والأسماء والصفات من أسس بناء عقيدة المسلم وتوحيده بالله، وقبل أن نشرع في تعريف تلك المعاني السامية الجليلة يجب علينا أولا أن نشير لعظم علم التوحيد والعقيدة ذلك العلم الذي يعتبر درة العلوم الشرعية وأهمها على الإطلاق ذلك أنه يرتبط بعقيدة المسلم وتوحيده وإيمانه بالله وملائكته وكتبه ورسله والتي سنتعرف عليها من خلال منصة وميض.
تعريف الربوبية والألوهية والأسماء والصفات
التوحيد في الشريعة يعني هو تخصيص الله وحده بالعبادة عن كل من وسواه، حيث قال الله ـ تعالى ـ في كتابه العزيز في سورة البينة:
(وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وذلك دِينُ الْقَيِّمَةِ).
وقوله ـ تعالى ـ أيضًا في سورة الإسراء: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ).
وقوله ـ تعالى ـ في سورة الذاريات: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ).
اقرأ أيضًا: فضل الدعوة إلى التوحيد
ما هو تعريف علم التوحيد
تعريف علم التوحيد في اللغة هو: (وحد الشيء أي جعله واحدا فقط).
أما تعريف علم التوحيد في الاصطلاح: وإفراد الله ـ عز وجل ـ بالعبادة وبما يختص بـ تعريف توحيد الألوهية والربوبية والأسماء والصفات.
وقد عرف الإمام ابن القيم علم ـ رحمه الله ـ علم التوحيد قائلا: (ليس التوحيد مجرد إقرار العبد بأنه: لا خالق إلا الله، وأن الله رب كل شيء ومليكه، كما كان عبَّاد الأصنام مقرين بذلك وهم مشركون، بل التوحيد يتضمن محبة الله، والخضوع له، والتذلل على بابه، وكمال الانقياد لطاعته، وإخلاص العبادة له، وإرادة وجهه الأعلى بجميع الأقوال والأعمال، والمنع والعطاء، والحب والبغض، مما يحول بين صاحبه وبين الأسباب الداعية إلى المعاصي والإصرار عليها).
فتوحيد المسلم بقلبه يبتغي المعرفة الحقيقية لمعنى علم التوحيد والعقيدة بما فيه من معاني النفي والإثبات.
أقسام علم التوحيد (تعريف الربوبية والألوهية والأسماء والصفات)
قام العلماء من أهل السنة بتقسيم علم التوحيد إلى ثلاثة أقسام رئيسية من خلال تفسير القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وهي: ـ
1- توحيد الربوبية
كلمة الربوبية مشتقة من كلمة (الرب) والمقصود بها: إفراد الله ـ عز وجل ـ بالملك والخلق والتدبير، فلا خالق للكون سواه، ولا معبود بحق إلا الله، ولا مدبر لشؤون جميع الخلق غيره، فهو الرزاق ذو القوة المتين، المنعم على خلقه بنعمه الجليلة، هو من رفع السماوات بغير عمد نراها، هو من المحي والمميت، الذي أقرت كل الخلق بقدرته وملكوته؛ حيث قال الله ـ تعالى ـ:
(وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ).
2- توحيد الألوهية
وبالمثل كلمة الألوهية مشتقة من كلمة (الإله)، ويعني هذا النوع من التوحيد أن الله ـ عز وجل ـ وحده لا شريك له ويجب أن يتم إفراده بالعبادة من الصلاة والدعاء والاستعانة به والتوكل عليه وغيرها من العبادات والأعمال الصالحة التي يختص بها الله وحده لا شريك له في ملكه.
ذلك التوحيد الذي دعت له جميع الرسل والأنبياء منذ سيدنا آدم ـ عليه السلام ـ حتى سيدنا محمد ـ عليه الصلاة وأزكي السلام ـ؛ حيث قال الله ـ تعالى ـ في كتابه العزيز :
( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ۖ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ ۚ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ).
اقرأ أيضًا: الفرق بين العقيدة والتوحيد
3- توحيد الأسماء والصفات
ويعني أن يؤمن المسلم بكل ما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة من أسماء الله وصفاته التي نسبها لنفسه في القرآن أو وصفه بها الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في السنة النبوية.
ويختصر هذا القسم كما عرفه علماء الشريعة هو: (إثبات الكمال لله في جميع أسمائه وصفاته).
وذلك الإثبات يجب أن يكون بغير تعطيل ولا تكييف ولا تحريف ولا تمثيل، فيجب علي المسلم الإيمان بما سمى الله به نفسه على وجه الحقيقة لا المجاز.
ومثال توضيحي على ذلك ما ذكره الشيخ محمد صالح العثيمين في المجلد الأول من كتابه باب التوحيد حيث ذكر ذلك:
قال الله تعالى: {وقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ۚ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا ۘ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ}، فهنا قال الله تعالى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}، فأثبت لنفسه يدين موصوفتين بالبسط وهو العطاء الواسع، فيجب علينا أن نؤمن بأن لله تعالى يدين اثنتين مبسوطتين بالعطاء والنعم، ولكن يجب علينا ألا نحاول بقلوبنا تصوراً، ولا بألسنتنا نطقاً أن نكيَّف تلك اليدين ولا أن نمثلِّهما بأيدي المخلوقين.
لأن الله سبحانه وتعالى يقول: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}، ويقول الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}، ويقول عز وجل: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أولئك كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}.
فمن مثَّل هاتين اليدين بأيدي المخلوقين فقد كذَّب قول الله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}، وقد عصى الله تعالى في قوله: {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}.
وأما من كيفهما وقال: هما على كيفية معينة أيّاً كانت هذه الكيفية فقد قال على الله ما لا يعلم، وقفا ما ليس له به علم، وبذلك نكون قد أوضحنا من ذلك تعريف الربوبية والألوهية والأسماء والصفات.
اقرأ أيضًا: كم عدد الذين ركبوا السفينة مع نوح
أهمية دراسة علم التوحيد للمسلم
أمر الله –عز وجل- جميع المسلمين بالتوحيد في آيات القرآن الكريم، وظل النبي -صلى الله عليه وسلم- يدعو ويوجه قومه إلى توحيد الله خلال الثلاث وعشرين سنة التي قضاها في الدعوة إلى الإسلام.
إن التوحيد حق من حقوق الله –عز وجل – على جميع عباده، وعلى كل الناس أجمعين وأداء هذا الحق بإفراد الله وحده بالعبادة، بالدعاء، التوكل، الاستعانة، الخوف، والرجاء، والاستغاثة، وجميع العبادات.
ويجب علينا الحذر أشد الحذر من مناجاة القبور أو الأولياء الصالحين والأنبياء، فالله هو الذي خلقنا ورزقنا وسخر لنا الكون والجبال والشجر والدواب فهو الأحق بالعبادة والتوحيد.
فبعد أن عرفنا جيدا ما هو تعريف الربوبية والألوهية والأسماء والصفات يجدر بنا أن نقول إن الإيمان بأن الله واحد في ذاته، واحد في أسمائه، وصفاته، لا شريك له، ليس له شريك يخلق، أو يرزق، أو يرحم العباد حتى يدخلهم الجنة، وينجيهم من النار، وليس له شريك في القدرة، وأنه قادر على كل شيء، بل هو منفرد بهذا فليس له شريك في إلهيته، ولا في أسمائه، وصفاته، ولا في ربوبيته.
فهو الواحد في الربوبية، هو الواحد في الإلهية، هو الواحد في الأسماء والصفات، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ[الشورى:11]، هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سميا [مريم:65] وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:4] فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ [النحل:74].
ف أسماء الله كلها حسنى، وصفاته كلها علا، وكلها حق ثابت له، وهو موصوف بها حقًا لا مجازًا، فيجب إثباتها لله، وإقرارها كما جاءت، والإيمان والتصديق الكامل بها، فهو ليس كمثله شيء في ذلك، وهو السميع البصير.
تم كتابة ذلك المقال (تعريف الربوبية والألوهية والأسماء والصفات) من خلال موقع ابن الباز