خصائص النبي صلى الله عليه وسلم
تُعتبر خصائص النبي صلى الله عليه وسلم من الأمور التي لا يوجد مُسلم على وجه الأرض يسعى جاهدًا للتعرف حُبًا في رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما أن التوصل إلى هذه الخصائص يُعد من صور التيمن بالحبيب المُصطفى والتخلص بما تخلص به أشرف الخلق، وعبر منصة وميض سنتطرق إلى أبرز ما تم ذكره من خصائص.
خصائص النبي صلى الله عليه وسلم
هل تساءلت يومًا عن سبب تصنيف مُحمد بن عبد الله خير الأولين والآخرين بكونه الرجل الأكثر نفوذًا في تاريخ البشرية أجمع؟ وهل فكرت من قبل عن السبب وراء المكانة التي يلقاها رسول الله صلى الله عليه وسلم لدى البشر كافة بشكلٍ عام والمُسلمين على وجه الخصوص؟
قبل الإجابة عن كافة هذه الأسئلة والبدء في ذكر خصائص النبي صلى الله عليه وسلم علينا أن نعلم أن النبوة والرسالة تُعد من الأمور التي لا يُكلف الله بها إلا العبد الصالح والإنسان الذي يمتاز بحُسن الخُلق والخصال بشكلٍ غريزي، فلا شكَّ في كون الله تبارك وتعالى لم ولن يعمل على اختيار شخصٍ ليس بأمين على هذه الرسالة العظيمة.
من الجدير بالذكر أنه قد عُرف عن النبي عليه الصلاة والسلام كونه مُتميزًا في خصاله وخصائصه فيما يخص كافة الجوانب الحياتية.
لك فقط أن تتخيل أن أكثر الأعداء كُرهًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يشهدون له بعظيم الخُلق من الصدق، التسامح وغيرها الكثير من الخصال العظيمة التي يتم اعتبارها من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم في الحياة الدُنيا.
مع العلم أنه قد عُرف واشتُهر بها قبيل الإسلام ونزول الوحي الأمين جبريل عليه السلام بالرسالة، فقد كان يُلقب حينها بالصادق الأمين، وكثيرًا ما ينظُر عُلماء الدين الإسلامي وغيرهم من المُفكرين والمؤرخين إلى هذه النُقطة بكونها من أبرز الأمور التي جعلت الناس يُصدقونه في المقام الأول.
فمما لا شك فيه أنه في حال ما لم يكُن رسولنا وشفيعنا على خُلُقٍ عظيم لم يكُن لأحدٍ أن يؤمن به، وهُنا علينا أن نعلم أن هُناك شقين للخصائص فيما يخُص الأنبياء، فمن المعروف أن البشر يمتازون بخصالٍ فيها الصالح والطالح، وهذا في الجانب الدُنيوية.
لكن الأنبياء يختصون بخصائص تتخطى هذا الحاجز لتشمل حياة ما بعد الدُنيا، وقد جاء فيما يخُص خصائص النبي صلى الله عليه وسلم كُل مما يلي:
أولًا الخصائص الدُنيوية لرسول الله
تُعتبر خصائص النبي صلى الله عليه وسلم في الحياة الدُنيا من الأمور التي كثُر الحديث عنها ووردت في قُرآن الله الكريم وقوله العظيم بالإضافة إلى مصادر أُخرى كالسُنة النبوية الشريفة وما تم استمداده من أقاويل السلف الصالح، ومن أبرز ما تم التوصل إليه بالاطلاع على كافة هذه المصادر ما يلي:
1- الحكمة والعقل السليم
من أبرز ما تم التطرق إليه فيما يخُص خصائص النبي صلى الله عليه وسلم في الجانب الدُنيوي وحياة ما قبل الخلود هي فكرة رجاحة العقل، فبالاستناد إلى ما جاء على لسان الصحابة وغيرهم ممن عاشروا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاشوا معه يُعتبر هادي الأُمة ذو عقلٍ سليم وتفكيرٍ ليس له مثيل على الإطلاق.
ظهرت رجاحة عقله صلوات الله عليه في العديد والعديد من القضايا والمسائل على الصعيدين الديني والدُنيوي.
ففي عهد ما قبل الإسلام عُرف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كونه قد منع خلافًا كبيرًا كاد يحتدم ويصل إلى حد القتال والحروب بين أبناء قُريش بسبب اختيار من هو أحق بوضع الحجر الأسود في مكانه بعد أن تم ترميم الكعبة المُشرفة.
من الجدير بالذكر أن هذا الموقف وعلى الرغم من أهميته إلا أنه لا يُعد أبرز ما جاء للتعبير عن خصائص النبي صلى الله عليه وسلم من الناحية الفكرية والعقلية، فبالاطلاع على سيرة رسول الله والبحث بشكلٍ مُتعمق فيها نُلاحظ في كافة أقواله وتقاليده التي أصبحت فيما بعد سُنته تفكيرًا لا يُشابهه أي تفكير آخر.
لكن ما يزيد هذه الخصال حُسنًا كون الحبيب المُصطفى قام بتطويع ما امتلكه من خصالٍ في تصحيح المفاهيم الخاصة بقومه ومن هُم حوله في المقام الأول من الناحية العقائدية، الأخلاقية وغيرها من الأبواب الفكرية، وقد امتد هذا الأثر إلى فكرة الدفاع عن الخير ومُحاربة الشر، كما كان هذا التفكير واضحًا في الغزوات والحروب التي خاضها رسولنا الكريم.
أرخت كافة هذه الخصائص الدُنيوية التي اختصت برجاحة العقل والعمل على إعماله في كُل وقتٍ ولاتخاذ كُل قرار سُنةً نبويةً يتم الاستناد إليها حتى يومنا هذا في العديد من أمور الدُنيا مثل أصول النسب، الميراث، التشريعات والعبادات بالإضافة إلى جانب المُعاملة الحسنة.
اقرأ أيضًا: أجمل صيغ الصلاة على النبي
2- الإخلاص والتفاني
من أسمى خصائص النبي صلى الله عليه وسلم في الحياة الدُنيا من جانب الأخلاق الحميدة والتي قامت عليها شريعته وسُنته الشريفة بشكلٍ كامل فكرة الإخلاص، فقد كان الحبيب المُصطفى مُخلصًا في عمله، مُخلصًا في عبادته، مُخلصًا في حُبه.
كما يكفي بكل تأكيد فكرة الإخلاص في إيصال الرسالة التي منَّ الله عليه بها على الرغم من كثرة ما عاناه على إثرها من صعوبات، وقد عمل خير البرية وأشرف المُرسلين على تطويع كُل ما في قلبه من ذرةٍ لإخلاص في عبادة الله، فقد ورد في كتاب الله الكريم أنه قال:
{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ ۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163) قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ ۚ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا ۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} [سورة الأنعام: الآيات من 162 – 164].
في هذه الآيات الكريمة يظهر التفاني اللامُتناهي للهادي البشير، فقد أخلص رسولنا الكريم الرسالة والعبادة على حدٍ سواء، فلم يتعامل قط على أنه نبي مغفورٌ له ما تقدم وما تأخر من ذنبه ولا حاجة له للاستغفار والصلاة، بل كان أكثر الناس تعبُدًا ومُحافظةً على الصلاة في سبيل شُكر الله والتعبير عن إخلاصه له.
3- التمتع بالأخلاق الحميدة
امتاز الرسول صلى الله عليه وسلم ببعض الخصال الحميدة التي جعلته نعم القُدوة الحسنة لمن يتبعه من المُسلمين والمؤمنين العابدين والطائعين، وما تركه من إرثٍ خالد في سُنته النبوية الشريفة يجعله قُدوةً حية لكافة البشر، وكثيرًا ما يتم النظر إلى كون خصاله وسُنته من أسباب دُخول الناس في الإسلام بعد ما يُقارب الأربعة عشر قرنًا من وفاته.
جاء فيما يخُص الحديث عن خصائص النبي صلى الله عليه وسلم التي اختصها الله به في الحياة الدُنيا وبالتحديد في جانب الأخلاق الحميدة عدد لا نهائي من الأقوال الكريمة لله تبارك وتعالى، رسوله بالإضافة إلى السلف الصالح، ومن أبرز هذه الأقوال ما ورد في القُرآن الكريم حين قال ذو الجلال والإكرام:
{وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ} [سورة القلم: الآية رقم 4].
لا شك في أنه ليس هُناك ما هو أبهى جمالًا وأكثر صدقًا من أن يشهد رب الخلائق أجمعين لك عن حُسن أخلاقك وطيب ما فيك من خصال، وهذا يُعبر حق التعبير عن مدى عظمة ورفعة نبي الهُدى، فالحمد لله الواحد القهار الذي منَّ علينا برسولٍ مثل خير البرية ابن عبد الله صلى الله عليه وسلم.
من الجدير بالذكر أن نشر ما هو حسن وطيب من الأخلاق في المقام الأول كان الهدف والغاية من الرسالة التي أنزلها الله على عبده، فقد ورد في السلسلة الصحيحة بتحديث الألباني أن الصحابي الجليل أبو هُريرة رضي الله عنه وأرضاه قال؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“إنما بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مكارمَ وفي روايةٍ (صالحَ) الأخلاقِ” [صحيح المسند].
4- نال ما لم ينله نبيٌ غيره
الله تبارك وتعالى اختص عبده ونبيه مُحمد بن عبد الله بما لم يختص به غيره من البشر، والحديث هُنا يشمل العامة من البشر والأنبياء على حدٍ سواء في واقع الأمر، ومن أبرز هذه الخصائص كُل ما يلي:
- أخذ الله تبارك وتعالى ميثاقًا على كافة أنبيائه باتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم والإيمان به، وقد عبر الله عن ذلك بقوله في كتابه الحكيم وقُرآنه الكريم:
{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ} [سورة آل عمران: الآية رقم 81].
- غفران الله له لما تقدم وما تأخر من ذنبه في الحياة الدُنيا بفضله ومنه عليه، وظهر ذلك في قول الله الكريم:
{إنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا} [سورة الفتح: الآيات من 1-2].
- أقسم ذو الجلال والإكرام بحياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله تبارك وتعالى لا يُقسم إلا على ما هو عظيم، فقسم الله غليظ، وقد جاء هذا القسم في قوله الحكيم:
{لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} [سورة الحجر: الآية رقم 72].
- نداء الله تبارك وتعالى في كتابه الحكيم لرسوله الكريم لم يأت باسمه قط، فتوقيرًا وتعبيرًا عن حُبه له كان يُعظم من شأنه ويقول يا أيها النبي أو يا أيُها الرسول، وذلك كما ورد في قوله الكريم:
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [سورة الأحزاب: الآية رقم 59].
اقرأ أيضًا: هل صليت على النبي اليوم
ثانيًا الخصائص النبوية في الحياة الآخرة
لفظ الخصائص في المقام الأول يُعبر عن الأمور التي اختص بها الله عبده، ولم يختص ذو الجلال والإكرام أحدًا بكريم الخُلق وعظيم المقام في الحياتين الدُنيا والآخرة كما هو الحال مع رسولنا الكريم، فقد تم التوصل إلى عدد كبير من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم فيما يخُص جانب الحياة الآخرة وعالم الخلود أبرزها:
- وعد الله رسوله الكريم بالمقام المحمود واختصه به في الحياة الآخرة ما بعد البعث، ويكثر الحديث عن هذا المقام، ولكن ذكره رسول الله بقوله الذي ورد على جاء على لسان كعب بن مالك رضي الله عنه وأرضاه في تخريج المسند لشعب الأرناؤوط الذي قال فيه:
“يُبعَثُ الناسُ يومَ القيامةِ، فأكونُ أنا وأمَّتي على تَلٍّ، ويكسُوني ربِّي تبارَكَ وتعالى حُلَّةً خَضْراءَ، ثمَّ يؤذَنُ لي، فأقولُ ما شاء اللهُ أن أقولَ؛ فذاك المَقامُ المحمودُ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا” [صحيح المسند].
- من أقرب خصائص النبي صلى الله عليه وسلم في الحياة الآخرة إلى قلبه كونه أول من سيدخل الجنة بإذن الله وفضله، وهو وعد الله، ووعد الله حل، وقد جاء في ذلك حديثه الشريف الوارد على لسان أنس بن مالك رضي الله عنه وأرضاه في صحيح مُسلم الذي قال فيه:
“آتي بابَ الجَنَّةِ يَومَ القِيامَةِ فأسْتفْتِحُ، فيَقولُ الخازِنُ: مَن أنْتَ؟ فأقُولُ: مُحَمَّدٌ، فيَقولُ: بكَ أُمِرْتُ لا أفْتَحُ لأَحَدٍ قَبْلَكَ” [صحيح المسند].
- رسول الله صلى الله عليه وسلم هو إمام الأنبياء وخطيبهم عليهم السلام أجمعين، وهي من صور خصائص النبي صلى الله عليه وسلم التي تفرد بها عن غيره من الأنبياء وظهرت في ليلة الإسراء والمعراج على الرغم من كونها من صور الخصائص في الحياة الآخرة، وقد قال في ذلك:
“إذا كانَ يومُ القيامةِ كنتُ إمامَ النَّبيِّينَ وخطيبَهم وصاحبَ شفاعتِهم غيرَ فَخْرٍ” [صحيح المسند].
اقرأ أيضًا: كم كان عمر النبي عندما نزل عليه الوحي
كُتب اختصت بالحديث عن خصائص النبي العدنان
في واقع الأمر هُناك العديد والعديد من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم التي كثُّر التعمق فيها في سبيل فهمها والتوصل إلى أبوابها، وقد أفنى عدد لا بأس به من عُلماء الأُمة الإسلامية وفُقهاؤها فترةً من الزمن يُحاولون فيها جاهدين التعبير عن مدى عظم هذه الخصائص، وقد نتج عن ذلك عِدة كُتُب أبرزها:
- غاية السول في خصائص الرسول، من تأليف ابن المُلقن عُمر بن علي بن أحمد الأندلسي الشافعي.
- أنموذج اللبيب في خصائص الحبيب، وهو من تأليف الإمام جلال الدين السيوطي، كما أنه يُعتبر مؤلف كتاب الخصائص النبوية الكُبرى أيضًا، والذي يتم اعتباره واحدًا من أبرز المصادر الخاصة بالخصال والخصائص النبوية في الحياتين الدُنيا والآخرة.
كافة الخصال والخصائص التي اختص بها الله تبارك وتعالى رسوله الكريم تُعتبر من صور الأمور التي تُعبر عن مدى عِظمة الهادي البشير، وقد ذكر الأعداء قبل الموالين ما في الحبيب المُصطفى من خصالٍ طيبة، ويُنظر إلى هذه الخصال بكونها من أسباب غضب وسخط قُريش عليه في المقام الأول فأصله يعود إلى سادات قُريش وخِلته من أكارم العرب.