هل الغفوة تنقض الوضوء
هل الغفوة تنقض الوضوء؟ وما هي منقضات الوضوء؟ الوضوء هو الركن الأساسي لصحة الصلاة، فبطلان الوضوء يبطل الصلاة، وهناك الكثير من السلوكيات التي يقوم بها الفرد فينقض وضوءه، فهل منها الغفو أو النوم، هذا ما سنعرفه من خلال منصة وميض.
هل الغفوة تنقض الوضوء
يوجد الكثير من الأمور الفقهية التي يجب أن يكون كل فرد مسلم على دراية بها، ومن أهم هذه الأمور هي معرفة أحكام الصلاة والوضوء وكيف يكون الوضوء صحيحًا فتصلح الصلاة ومتى ينقض الوضوء ويكون من الواجب إعادة الوضوء، ومن المتعارف عليه أن أول مبطلات الوضوء هي النوم في سباتٍ عميق وهنا يجب تجديد الوضوء قبل إقامة الصلاة.
لكن هل الغفوة تنقض الوضوء، وهل الأمر ذاته في النوم العميق ينطبق على الغفوة، وعند المقارنة بين النوم والغفوة نجد أن النوم ينقض الوضوء فقط في حال كان النوم عميقًا وفقد الفرد أثناءه الشعور بنفسه، ولن يكون على دراية ما إذا كان قد أحدث أثناء النوم أم لا، وهنا يجب عليه أن يتوضأ.
أتى ذا الحكم استنادًا لحديث الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولحديث صفوان بن عسال رضي الله عنه؛ قال: “أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنا سفرًا: أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن؛ إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم” [رواه الترمذي في سنه بإسنادٍ صحيح] كما روى أبو داود “العين وكاء السَّه، فإذا نامت العينان؛ استطلق الوكاء” [رواه أبو داود في سننه]
أما عن السؤال عن هل الغفوة تنقض الوضوء فالإجابة هي لا، لا ينقض الوضوء إذا غفا المسلم وهو جالسًا، وكان هذا هو المذهب الأشهر في المالكية ومن بعد ذلك اتبعه أبو عبيد وابن الباز وابن عثيمين.
كان الدليل الذي استندوا إليه من السُنة هو ما روى أنس بن مالك حين قال: ” كان أصحابُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ينتظرونَ العِشاءَ الآخِرةَ حتَّى تخفِقَ رؤوسُهم، ثمَّ يُصلُّون ولا يتوضَّؤون” [رواه أبو داود وصححه الألباني بإسنادٍ صحيح] وعند مسلم حيث قال قتادة أنه سمع أنسًا يقول: ” كان أصحابُ رَسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم ينامونَ ثم يُصَلُّونَ ولا يتوضَّؤون. قال: قلتُ: سِمْعتَه من أنسٍ قال: إي واللهِ” [أخرجه مسلم بإسنادٍ صحيح]
اقرأ أيضًا: هل الشمة تبطل الوضوء
حكم الغفوة أثناء الصلاة
بعد التعرف على إجابة هل الغفوة تنقض الوضوء نجد أن بعض المصلين يتساءلون عن حكم الدين في أن يغفو المسلم ولكن أثناء صلاته، فقد يكون المسلم مجهد أو أنه لم يحصل على قسط كافٍ من الراحة، وجد أن هذا الأمر يتكرر كثيرًا وتحديدًا في صلاة الفجر، فعندما يستيقظ لأدائها ربما لا يكون في كامل وعيه ولم يفق بعد، فيحدث أن صلاته ربما انتهت وهو نائم أو يشعر أثناء السجود أنه غفا لثوانٍ.
في هذه الحالة ماذا يجب عليه أن يفعل؟ وهل عليه إعادة صلاة هذا الفرض؟ وماذا عن الوضوء هل ينقض؟ وهنا قال الفقهاء إن الإجابة تتوقف على الشعور بالصلاة حينها، فإذا كان الفرد يشعر بالصلاة ويعقلها ويتابع الحركات المتبعة في الصلاة خلف الإمام ويتلو ما يتلى في كل ركعة لكنه شعر بالغفوة، فإن صلاته صحيحة والأصل هنا أنه أدى صلاته وراء الإمام.
أما إذا وصل به الأمر أنه شعر أنه لم يقرأ الفاتحة فيجب عليه قراءتها ثم يسلم بعد ذلك، وفي حال شعر أنه لم يقرأ التشهد فليأتي به ثم يسلم، أما إذا علم أنه غفا أو نام بعد أن انتهى الصلاة فلا ذنب على المصلي وهذا ما يتحمله الإمام لأنه المسؤول في الأساس عمن يأمهم، أي أنها ليست من نواقض الوضوء.
وتأكيدًا على هذا الرأي نجد أنه في الحنيفية يعد النوم في أي وضع من وضعيات الصلاة كالسجود أو الركوع أو غيره لا ينقض الوضوء، ففي النهاية ظل المسلم متمسكًا بصلاته، وكانت أحد أدلتهم هو قول أنس بن مالكٍ ـ رضي الله عنه وأرضاه ـ حين قال: ” كانَ أصحابُ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ينتظِرونَ العِشاءَ الآخرةَ حتَّى تخفقَ رءوسُهُم، ثمَّ يصلُّونَ ولا يتَوضَّؤونَ” [رواه الألباني بإسنادٍ صحيح].
نواقض الوضوء المتفق عليها
في إطار الإجابة عن سؤال هل الغفوة تنقض الوضوء يكون من الهام معرفة أن هناك الكثير من الأفعال التي إذا ارتكبها المسلم فوجب عليه إعادة الوضوء لتكون صلاته صحيحة، والتي تتضمن ما يلي:
1ـ الخارج من السبيلين
هذا العنوان يتضمن في إطاره الكثير من النقاط، حيث يشتمل كل ما يخرج من السبيلين على:
- الغائط أو البول، وذلك استنادًا لقوله تعالى في كتابه الكريم: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [سورة المائدة: الآية 6]
- إخراج الريح بالصوت أو بالرائحة، وذلك اتباعًا لقول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ {إذا وجَدَ أحَدُكُمْ في بَطْنِهِ شيئًا، فأشْكَلَ عليه أخَرَجَ منه شيءٌ أمْ لا، فلا يَخْرُجَنَّ مِنَ المَسْجِدِ حتَّى يَسْمع صَوْتًا، أوْ يَجِدَ رِيحًا} [رواه مسلم عن أبي هريرة بإسنادٍ صحيح]
- المًذي، والذي يكون عبارة عن ماء أبيض اللون وقوامه لزج، يخرج عند الرغبة في الجماع أو التفكير فيه، وهذا ما قصده الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين قال: “ توضَّأْ واغسِلْ ذكَرَك” [رواه البخاري عن علي بن أبي طالب بإسنادٍ صحيح]
- المني، والذي يكون عبارة عن ماء أصفر اللون ورقيق لدى السيدات وغليظ أبيض اللون لدى الرجال، وهو ناقض للوضوء في حال خرج لغير الشهوة مثل الشعور بالحر أو البرد الشديد، أي أنه لا يوجب الغسل لكنه ينقض الوضوء، وهذا هو الرأي الشائع، أما في الشافعية فوجب الغسل في هذه الحالة حتى وإن كان خروجه بغير شهوة وعلى الرغم من كونه طاهرًا.
اقرأ أيضًا: هل الوشم يمنع الوضوء
2ـ زوال العقل أو غيبته
من الممكن أن زوال العقل للكثير من الأسباب ومنها:
- النوم.
- التعرض للإغماء أو الصرع أو جنون الشخص المرضي.
- تعاطي أي نوع من المخدرات والمسكرات.
نواقض الوضوء الغير متفق عليها
يوجد أيضًا البعض من نواقض الوضوء التي كان هناك اختلاف بين العلماء لأجلها، ومنها:
1ـ مس الفرج باليد دون وجود حائل
فكان رأي المذاهب الأربعة فيه كالتالي:
- بالنسبة للمالكية فقد قالوا إن مس المرأة فرجها لا ينقض وضوءها، أما الرجل فينقض وضوؤه، وهذا تبعًا للحديث الشريف: ” من مسَّ ذكرَه، فلا يصلي حتى يتوضأَ” [رواه الألباني بإسنادٍ صحيح] وذلك سواءً كان المس بشهوة أو بغير شهوة.
- أما الشافعية فرأوا أنه في كل الأحوال أحد نواقض الوضوء.
- خالفتهم الحنيفية فقد رأوا أنه لا ينقض الوضوء.
- والحنابلة قالوا إن المس بشهوة ينقضه والمس بغير شهوة لا ينقضه.
2ـ مس الرجل لمرأة لا تحل له
أتى اختلاف المذاهب حول هذا الأمر كالتالي:
- في الحنيفية قالوا إن مس الرجل للمرأة لا ينقض الوضوء إلا إذا خرج منه شيء، أي في حال المعاشرة أو التقاء الفرجين.
- أما الإمام مالك رأى أنه ينقض الوضوء إذا كان المس بشهوة.
- وقول الشافعي هو أنه ينقض الوضوء حتى وإن كان بلا شهوة.
3ـ تغسيل الميت
هذا رأي الإمام أحمد حيث قال إن المغسل يفقد وضوءه بعد الغسل، أما باقي آراء العلماء فقد خالفته.
4ـ أكل لحم الإبل
كان الإمام أحمد أيضًا من رأى نقض للوضوء في حال تناول المصلي لحوم الإبل نيئةً أو مطهوة، أما رأي الجمهور فقد خالفه.
اقرأ أيضًا: هل سحب الدم ينقض الوضوء
5ـ الارتداد عن الإسلام
هناك البعض مثل الحنابلة والمالكية من رأوا أن الارتداد عن الإسلام ناقض للوضوء استنادًا إلى قوله تعالى: {وَمَن يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} [سورة المائدة: الآية 5] والبعض الآخر من الفقهاء رأى أنه لا ينقض الوضوء استنادًا إلى قوله تعالى: {وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَـٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} [سورة البقرة: الآية 217] فقد اشترط الموت لبطلان العمل.
هل الغفوة تنقض الوضوء هو سؤال يوجب ذكر كافة نواقض الوضوء التي يجب على المسلم أن يكون على دراية بها لتكون صلاته وعمله مقبول من الله، ففي الآخرة نجد أن أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة هو صلاته.