هل سحب الدم ينقض الوضوء
هل سحب الدم ينقض الوضوء؟ وما هي منقضات الوضوء؟ فالكثير من المسلمين يخافون من خروج أي أمر من أجسادهم خلال وضوئهم خشية أن يُنقضه ولا تُقبل صلاتهم، خاصة وأنه توجد بعض الأمور التي لم يرد بها أحكام في القرآن الكريم أو السنة النبوية بسبب اتصالها بالعصر الحديث، لذا نجيب عبر منصة وميض عن تساؤل نقض الوضوء بسبب سحب الدم.
هل سحب الدم ينقض الوضوء
الوضوء ركن أساسي كي تكون الصلاة صحيحة وتُقبل من الله عز وجل كي ينال العبد ثوابها الكبير، ففي الوضوء وحده قرب من الله تعالى، ولكن كي يكون صحيحًا فإنه يشتمل بعض الشروط كي تصح الصلاة، أبرزها عوامل النقض التي تبطله وتبطل معها الصلاة.
أما عن إجابة سؤال هل سحب الدم ينقص الوضوء؟ فلا، لا يبطل الوضوء، فخروج الدم يبطل الوضوء عن كان خارجًا من إحدى السبيلين أي الدبر والقبل، ولكن دونهما لا ينقض الوضوء.
لكن في حالة أن الدم كثيرًا فاختلف بعض العلماء بذلك الأمر، فمنهم من ذهب إلى نقضه للوضوء، ومنهم من يرى أن الجراحات هي التي تُتنقض الوضوء، أما الآخرين فرأوا أنه لا بأس بذلك.
كما يقول البعض أنه لا يُنقض الوضوء في حال السحب من أجل الضرورة، وذلك لقول الله عز وجل:
(وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) [سورة المائدة الآية 32]
فالآية الكريمة تُبين فضل إحياء النفس أي التبرع بالدم للمرضى المهددة حياتهم بالموت إن لم يحصلون عليه.
ففي أمر التبرع الدم يعد جائز شرعًا لأنه يندرج تحت قواعد الضرورات تبيح المحظورات، وأن الضرر يزال لأن المريض متضررًا، فهو يتعرض للمشقة التي قد تودي بحياته.
لذا فإن عملية سحب الدم لا تُنقض الوضوء، ولكن تجديده أمر مستحب، والدليل على ذلك نعرضه بالنقاط الآتية:
- البراءة الأصلية: أي بقاء الطهارة وعدم إثبات ما يعارض ذلك، فالرسول –صلى الله عليه وسلم- لم يثبت على ما يدل على بطلان الوضوء، وذلك حسب ما ورد عن الإمام النووي –رحمة الله عليه، كما ذكر الشيخ –ابن السعدي- رحمة الله عليه أن القيء والدم وما يشابههما لا يبطل الوضوء سواء في الكمية الكبيرة أو القليلة منه، والاصل هو البقاء على طهارة.
- قيام الرسول –صلى الله عليه وسلم- بالوضوء بعد التقيؤ لا يعني وجوب فعل ذلك، حيث إن أفعال النبي الكريم المجردة الغير مقترنة بدليل لا تعتبر واجبة، لكن قال ابن تيمية شيخ الإسلام أنه يستحب الوضوء بعد القيء والحجامة.
- رواية صلاة الصحابي الجليل عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- وهو جريحًا، كما أضاف الإمام الحسن البصري –رحمة الله عليه- أن المسلمون ما زالوا يصلون بجراحهم.
اقرأ أيضًا: هل تنظيف الطفل من البراز ينقض الوضوء
بطلان الوضوء من سحب الدم لابن عثيمين
قال الشيخ ابن عثيمين، بأن خروج الدم من أي مكان بالجسد غير القبل أو الدبر لا يبطل الوضوء، حيث إنه الراجح أن دم الإنسان ذلك يوجب غسله إلا فقط للنظافة.
حيث إن دم الإنسان طاهرًا، فالميتتة بشكل عام طاهرة، ولكن الدم الخارج من الدبر والقبل نجس، وذلك لقول الرسول –صلى الله عليه وسلم: (…. فاغتسلي واغسلي عنْكِ الدَّمَ ثمَّ صلِّي) رواه عروة بن الزبير.
إلى جانب قوله في ذلك الصدد، فإن الدم الخارج من أماكن أخرى بالجسم، مثل: الجروح أو الأنف أو الأسنان وما يتشابه مع ذلك لا يُنقض الوضوء، لذا فإن ابن عثيمين عملية سحب الدم للتحاليل الطبية لا تبطل الوضوء لأنه لم يتخرج من القبل أو الدبر.
الحنفية وبطلان الوضوء بالدم
بالإضافة على ما تم ذكره عن هل سحب الدم يُنقض الوضوء، فيرى ذوي المذهب الحنفي ان بطلان الوضوء بسبب الدم لا يكون إلا بحالة السيلان، أي تجاوزه موضع خروجه وعلوه من موضع الجرح ثم النزول إلى الأسفل، فهم قد استندوا في ذلك الرأي إلى حديث النبي –صلى الله عليه وسلم- :” الوضوءُ مِن كلِّ دَمٍ سائلٍ” رواه تميم الداري، ولكنه من الأحاديث الضعيفة التي لا يمكن الاستناد بحكمها بقوة.
هل لمس الدم يبطل الوضوء
في صدد تناولنا هل سحب الدم ينقض الوضوء، فإن العلماء في مسألة لمس الدم وبطلان الوضوء قد ذهبوا إلى جواز لمسه حسب مصدره، ففي حالة أنه خارج من إنسان ولا يكون خارجًا من الدبر أو القبل فهو طاهر لا ناقضًا للوضوء.
لكن خروجه من تلك المناطق ولمسه يبطل الوضوء بالطبع لأنه نجس، مثل: دم النفاس والحيض، أما إن كان الدم خارجًا من حيان نجس كالكلب أو الخنزير فإن لمس دمه يبطل الوضوء حتى وإن كان ميتًا.
إنما إن كان الحيوان طاهرًا مثل: الغنم أو الإبل ولكن بعد الموت يكون نجسًا فيجب الوضوء بعد لمس دمه، وذلك استنادًا إلى قول الله تعالى:
(قُل لَّا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَىٰ طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ…) [سورة الأنعام الآية 145].
بعض العلماء يذهبون إلى أن لمس دم الحيوان أو الإنسان ليس باطلًا للوضوء؛ لأن حدوث ذلك لا يتم إلا بخروج النجاسة من الجسم لا حال ملامستها، وأن غسل الملابس والأيدي من الدم كافيًا لا يستدعي إعادة الوضوء.
اقرأ أيضًا: هل قص الأظافر ينقض الوضوء
هل تحليل السكر ناقضًا للوضوء
هو من أنواع التحاليل التي تحتاج إلى سحب عينة من الدم لكشف نتائجه، فالإجابة هنا تكون لا، فعينة الدم يتم أخذها من طرف الإصبع، لذا لا يُنقض لأنه لم يخرج من القبل أو الدبر.
هل الرعاف ينقض الوضوء
في إطار عرضنا إجابة سؤال هل سحب الدم ينقض الوضوء، فالرعاف ينتج عنه نزيف الأنف، فقد ورد عن جمهور العلماء أن الإصابة بتلك الحالة لا تنقض الوضوء بسبب طهارة الدم، فهو غير خارجًا من القبل أو الدبر، كما تم الاستناد إلى ذلك الحكم بعدم توارد أي موقف أو حديث عن الرسول –صلى الله عليه وسلم- يدل على نجاسة دم الأنف ووجوب إعادة الوضوء به.
هل دم الأسنان يبطل الوضوء
استكمالًا لإجابتنا عن سؤال هل سحب الدم يُنقض الوضوء، فإن جمهور العلماء يرون أن خروج الدم من الأسنان ليس مبطلًا للوضوء في أي كمية له، أما الشافعية والحنابلة يرون أن خروجه بالكمية القليلة لا ينقض الوضوء إنما الكمية الكبيرة هي التي تستدعي إعادته كي تصح الصلاة.
حيث تم الاستناد بذلك إلى حديث الإمام ابن قدامة في أن الصديد والقيح بالكمية الكبيرة يُنقض الوضوء، كما أن الرسول –صلى الله عليه وسلم- أخبر فاطمة بنت حبيش:
“إنَّهُ دمُ عرقٍ فتوضَّئي لكلِّ صلاةٍ” روته السيدة عائشة –رضي الله عنها.
اقرأ أيضًا: هل لحم الجمل ينقض الوضوء
هل سحب الدم من النساء يُنقض الوضوء
سحب عينات الدم لا يُبطل الوضوء سواء على من يسحبه أو المسحوب منه، ولكن الرجال العاملين في مجال التحاليل يخشون من بطلانه إن كان من امرأة.
لكن إجابة ذلك السؤال تكون لا، ولكن هناك اختلاف بين الفقهاء على لمس الرجال للنساء، فمنهم من رؤوا أنه لا يجوز بسبب المس، وآخرين ذهبوا إلى أنه أمر محرم شرعًا في حال الشعور بالشهوة خلال المس.
إن سحب الدم لا يُبطل الوضوء، فإن ذلك الأمر يعد من الضروريات، ولكن الأمر ليس قاطعًا فتوجد الكثير من الاختلافات بين الفقهاء حول كمية الدم ولمسه، ولكن الأحوط أنه لا يبطل لأنه ليس نجسًا ولم يخرج من القبل أو الدبر.