كيف أخاطب العقل الباطن
كيف أخاطب العقل الباطن؟ وكيف يمكن التواصل معه؟ يلجأ البعض إلى طرق يمكن بها التواصل مع العقل الباطن ومخاطبته للسيطرة على مجموعة من الأفكار السلبية التي تراودهم بشكل مستمر وتتسبب في الكثير من مشاعر الحزن والإحباط والفشل.
بالتالي يسيطر هذا بشكل كبير على تأدية أنشطتهم اليومية، لهذا سنساعدك اليوم بمنصة وميض في التعرف إلى تلك الحيل التي يمكن بها التواصل مع العقل الباطن.
كيف أخاطب العقل الباطن
تحتاج مخاطبة العقل الباطن لمجموعة من القواعد التي تساعده في أن يغير تلك الاتجاهات المسيطرة عليه بشكل سلبي، وهي حيل يلجأ إليها أغلب الأشخاص الذين على علم ببرمجة العقل، وكذلك علماء النفس عند محاولة استدراج العقل الباطن للتعرف إلى بعض الأمور التي يفكر فيها الإنسان بشكل لا واعي ولها أثر كبير على حياته سواء المهنية أو العاطفية أو حتى الاجتماعية.
حيث إن العقل الباطن يمكن أن يكون السبب وراء شعورك المستمر بالإحباط، وتلك المشاعر السلبية، فالتواصل مع العقل الباطن ليست بالطريقة اللغوية كما يفهم البعض، بل يحتاج ذلك إلى الكثير من الأمور التي يجب أن يدركها العقل الباطن أولًا ليستطيع أن يفكر بشكل مستقل دون تداخل بالتأثير من قبل العقل الواعي.
حيث إن العقل الباطن يستقبل رسائله من العقل الواعي ثم يقوم بتوظيفها وترتيبها بشكل متناسق ليكون السلوك الذي يقوم به الشخص ملائم للموقف الذي هو فيه وكذلك مع تلك المعلومات والرسائل التي استقبلها.
في نفس الوقت لا يعتبر التواصل مع العقل الباطن لإزالة أو حذف أحد تلك الرسائل التي استقبلها أمر سهل، لأن تلك الرسائل التي يستقبلها تحمل مجموعة من المشاعر منها ما هو سلبي أو إيجابي، وفي الغالب يتأثر العقل الباطن بشكل أكبر بتلك الرسائل التي تحمل شحنات سلبية له أكثر من تلك الإيجابية.
على هذا الأساس يمكن مخاطبة العقل الباطن أو اللاوعي من خلال مجموعة من القواعد التي وضعها علماء النفس، وتؤثر عليه بشكل كبير، وذلك سيتضح في الفقرات القادمة:
1- توقف عن الحديث السلبي وتحكَّم بالعواطف السلبية
أولى تلك الخطوات التي يجب عليك فعلها إن كنت تريد مخاطبة العقل اللاواعي هو التوقف عن التحدث بشكل سلبي أو حتى التفكير بالطريقة السلبية المحبطة، وهي أولى خطوات رحلة التواصل مع العقل الباطن فيما يكمن في السيطرة على المشاعر السلبية التي في الغالب تكون مسيطرة عليه.
حيث إن العقل الباطن يتأثر بشكل كبير جدًا بالمشاعر القوية الكبيرة أو تلك العميقة التي أثرت بذاتك، من خلال تسجيل الخطاب السلبي الذي سمعته ولا تستطيع أن تنساه، وهو ما يجعله يترسخ بداخلك بشكل أكثر قوة عما هو في الواقع.
يرى البعض تلك الحالة بأنها تهويل الأمور ولكن في الحقيقة السبب في هذا هو أن تلك الأحداث أثرت بشكل كبير على العقل الباطن مما أثر على نمط حياتك وأفكارك بعد ذلك.
من أجمل الأمثلة التي وردت عن تشبيه العقل الباطن بالملاك الحارس الذي يتبع خطواتك في كل مكان، فإن قلت على سبيل المثال “لم أستطيع تحقيق مع عليّ من متطلبات في العمل اليوم” يقوم بكتابة تلك الجملة ويبدأ في أن يكررها بداخلك، مما يجعلك تقوم بها بالفعل.
كذلك إن قمت بالنظر في المرآة وقلت “أنا شكلي بشع” فأنت بالفعل سوف تظل تشعر بأن شكلك بشع مما يجعلك تفقد الثقة في ذاتك فيما بعد نتيجة أن عقلك الباطن قام بتكرار تلك الجمل حتى تكون معترف بها، ثم يقوم في نهاية اليوم بتحقيق ما طلبت وما قلت بناءً على ما وصله من رسائل سلبية أو إيجابية متأثرة بشحنات عاطفية تجعلك تشعر بالحماس أو الإحباط.
اقرأ أيضًا: علاج العقل الباطن من الخوف
2- العقل الباطن والتكرار ومفهوم التأكيدات الإيجابية
التأكيد على الرسائل الإيجابية التي يرسلها العقل الواعي إلى عقلك الباطن هي واحدة من تلك الطرق التي يمكن من خلالها مخاطبة عقلك اللاوعي، ويمكن تصوير تلك الرسائل بالعبارات التي تقوم بتكراره بهدف تشجيع شخص ودعمه ورفع شعوره بأنه يستحق ذلك بالفعل.
جدير بالذكر أن هناك العديد من الكتب والمؤلفات التي تناولت قضية التأكيد على الرسائل الإيجابية لدعم العقل اللاوعي وتحسين حالته، وكيفية عمل ذلك بآلية يفهمها العقل ويستجيب لها تلقائيًا.
كما أن تلك التأكيدات الإيجابية لا تحتوي على أي نوع من أنواع أدوات النفي أو الاحتمالية بالسلبية؛ لأن ذلك بالفعل سيؤثر أيضًا على حالة العقل الباطن.
كما هو الحال عندما تقول جملة تشجيعية لنفسك ثم يعقبها كلمة لا أو لن أو لكن، فتلك الكلمات بالكاد محبطة للغاية بالنسبة لعقلك اللاوعي ويجب التوقف عنها أو حتى التفكير في احتماليتها.
بل من الضروري أن تكون تلك الكلمات الإيجابية تأكيدية مطلقة، وتستعمل للتأكيد على شيء ستقوم به في المضارع خلال فترة زمنية قريبة، فكل الكلمات الضعيفة أو المهزوزة سيكون لها أثر رجعي بالسلب على عقلك الباطن، لهذا يفضل ألا تكون تلك الكلمات سلبية.
3- رفع الاستحقاق الذاتي في مخاطبة العقل الباطن
الوصول إلى القدرة على مخاطبة العقل الباطن بشكل إيجابي سيحتاج إلى أن تمتلك ثقة عالية من خلال الاستحقاق الذاتي، فإن كنت تقول إنني لا أستحق هذا أو تشعر دائمًا بأن قدرك قليلة سيكون له عامل سلبي للغاية يجعلك تعجز عن توصيل الرسالة الإيجابية لعقلك الباطن.
تذكر أن في كل مرة تقول فيها أنا لا أستحق أو لا يستحق تقديري على أحد الأمور، يقوم في تلك اللحظة عقلك الواعي بإرسال رسالة للعقل الباطن بذلك وهي رسالة سلبية تجعلك تعجز وتعطلك عن دفعك للأمام أو البحث حتى عن فرصة جديدة في حياتك.
لهذا من الأفضل أن تتحدث مع نفسك دومًا عن تلك الإنجازات التي حققتها، وأن قدرك عالٍ لما تفعله من أمور تجعلك محبوب بين الناس، ويجب أن تكافئ نفسك على ذلك حتى ولو بأبسط الأشياء، فهذا سيكون له عامل كبير في مخاطبة العقل الباطن.
اقرأ أيضًا: تجربتي مع العقل الباطن
4- الأهداف المحددة في التواصل مع العقل الباطن
من أكثر الطرق الفعالة التي ستساعدك في كيفية مخاطبة العقل اللاوعي، هي تلك الطريقة التي تعتمد بشكل كبير على وضع أهداف تريد تحقيقها وتخطط لها بشكل مستمر، وهي أحد الوظائف التي يقوم بها عقلك الواعي وليست من وظائف العقل الباطن.
لكنه يستقبلها أيضًا ويرددها، ويكون لذلك أثر إيجابي على تفكيرك، لذا عندما تريد مخاطبة عقلك الباطن من الضروري أن تقدم له مجموعة من الأهداف الواضحة والدقيقة التي تريد أن تقوم بها وتسعى إلى تحقيقها.
إذا قمت بتلك الخطوة سينتبه عقلك اللاواعي لتلك الأهداف ويحاول دائمًا رصد كافة الفرص التي يمكن من خلالها تحقيقها، مما سيساعدك في استثمار جهودك بشكل صحيح، وكلما كانت تلك الأهداف واضحة وخالية من التشوش أو الاحتمالية السلبية كنت أكثر نجاحًا وتطورًا.
5- الروتين ومنطقة الراحة في العقل الباطن
يظل العقل الباطن في حالة من البحث الدائم عن منطقة الراحة التي تتناسب معه، والتي يمكن من خلالها بناء روتين اعتيادي يتوافق معه، ويساعده في الحفاظ على شعور الراحة.
لهذا قد تستيقظ كل يوم وتفكر بمجرد فتح عينك في التعب والإرهاق الذي ستقوم ببذله خلال هذا اليوم، حيث يرفض عقلك الباطن تلك الأمور ويشجعك على الاسترخاء والكسل وعدم الاستيقاظ، لأن هذا يعتبر منطقة الراحة له.
تلك الفكرة التي تتركز فيما ستقابله من مشقة منذ أن تستيقظ سوف تجعلك تشعر بالتذمر الروتيني الذي تمر به، حيث يقوم عقلك الباطن بوضع تلك الأفكار السلبية في منطقة الراحة بالنسبة له، مما يجعلك في كل صباح تبدأ بالشكوى، وتكرر التجربة السيئة مع عدم التوقف عن الشعور بالتذمر.
لهذا من الضروري أن تجعل عقلك الباطن يواجه تلك التغيرات، بأنها أمور طبيعية ويمكنك تغييرها إلى الأفضل والتخلص منها دون أن تشكو لأحد، وعندما تبدأ في ذلك اعِد الرسالة إلى عقلك الباطن، ولكن في تلك المرة سيكون مصاحب لها أنك تستطيع التغلب على كل ذلك.
6- عقلك الباطن يعمل حتى وإن لم تخاطبه مباشرةً
من الضروري أن تدرك أن عقلك الباطن يعمل في كافة أحواله حتى إن لم تطلب منه ذلك أو لم تفكر في أمر أو تعيده أو لا فهو يقوم بتسجيل كافة الأمور التي تتعرض لها.
7- عقلك الباطن يتواصل مع العالم من حولك وليس معك فقط
أنت لست بمفردك الذي يقوم بنقل كافة المعلومات عند ترديدها أو لا ترددها فقط، بل إن جميع حواسك تقوم بذلك أيضًا من خلال السمع والرؤيا، وعند مشاهدتك لأحد الأحداث.
لهذا السبب كن على حذر شديد عند التعامل مع هؤلاء الأشخاص السلبيين الذين يؤثرون عليك من خلال ما تسمعه من نقض ينتقل إلى عقلك الباطن على هيئة رسائل سلبية تتسبب في عجزك عن أداء الكثير من الأمور.
اقرأ أيضًا: السيطرة على العقل اللاواعي
تمهيد العقل الباطن وتشغيله للتعامل معه
حتى يمكن التعامل مع العقل الباطن والبدء في مخاطبته، من الضروري أن تؤهل نفسك على ذلك من خلال مجموعة من الخطوات التي يجب أن تلتزم بها، والتي تتمثل فيما يلي:
- كن هادئ، وحاول أن تصل إلى درجة التأمل.
- ابحث عن المكان الذي يساعدك على الراحة والاسترخاء
- اعترف لنفسك بما تريد بكل صراحة عن تلك الأهداف التي ترجو الوصول إليها حتى تتمكن بالفعل من الوصول.
- حاول أن يكون نقاشك سواء بصوت مسموع أو بذاتك يحمل الإيجابية.
- انظر إلى ما سبق من أمور أثرت على حالته بالسوء على أنها تجربة كان الهدف منها هو التعلم وأنت بالفعل قد تعلمت، وما عليك هو معرفة كيف يمكن ألا تقع في ذلك مرة أخرى.
العقل الباطن يحمل النسبة الأكبر من الذكريات والمشاعر المكنونة بداخلك والتي انتقلت من خلال العقل الواعي الموجه له، لذا حاول دائمًا أن يكون فكرك إيجابي.