أشعار حزينة عن الحياة
يكثر البحث عن أشعارٍ حزينة عن الحياة خلال الفترات التي يشعر المرء بأن البؤس والكآبة احتلا قلبه فيها، فليس هُناك ما هو أبلغ من الأبيات التي كُتبت بلغة الضاد بواسطة من يبرعون في فنونها وآدابها في سبيل التعبير عما يُخالج المرء من أحاسيس خلال هذه المرحلة التي تكون مُرهقةً ومؤلمة، وعبر منصة وميض نستعرض أشعار حزينة عن الحياة.
أشعار حزينة عن الحياة
يُعتبر الحُزن من أكثر صور المشاعر التي تؤثر في الإنسان، وتختلف طُرق التعبير عن الحُزن من شخصٍ لآخر، فهُناك من يُفضل السكوت، والآخر يُحبذ مُشاركة أحد الأصدقاء أو أفراد دائرة معارفه كونه حزينًا، أما البعض الآخر فيلجأ إلى التعبير عن هذا الشعور بعيش طقس حزين قدر المُستطاع.
فيتجه النوع الأخير للاستماع إلى بعض الأغاني التي تعُرف بكونها كئيبة بعض الشيء إن صح التعبير، كتابة بعض الخواطر أو حتى قراءة أشعار حزينة عن الحياة يجدون فيها ضالتهم وما يُشبه شعورهم الحزين، فهُناك العديد من الأسباب التي قد تؤدي إلى الحُزن وتجعل المرء يشعر بهذا الشعور.
كما أن أنواع الحُزن نفسها تختلف وتتمايز، فمنها ما هو لحظي ومؤقت، ومنها ما يطول ليتحول إلى اكتئابٍ حاد، والسبب الرئيسي في هذا الاختلاف يرجع إلى ماهية الحُزن في المقام الأول.
فهل هو حُزن ناتج عن وفاة أحدهم؟ أم أنه بسبب هجر الرجل لحبيبته والعكس، كما أنه قد يكون نتاج الإخفاق في امتحانٍ ما أو حتى الغُربة والابتعاد عن الأهل والأصحاب كما شاع في التُراث العربي خلال فترات الاستعمار والاحتلال.
لكن ما هو أكيد هُنا هو كون صور هذه الأحزان لا تتشابه في قوتها، مدى تأثيرها والوقت الذي يتطلبه الحُزن حتى يزول، ولكل نوعٍ منها صورة مُعينة من الأشعار الحزينة عن الحياة، ومن أبرز هذه الأشعار المُتداولة في يومنا هذا أبيات القصيدة الآتية:
هكذا هي الأيام.. حرمتني حتى من الأحلام
عشقت الوحدة والعذاب.. الأفراح بيني وبينها حجاب
إلى متى يا قلبي.. إلى متى ستؤلمني الأيام
وإلى متى سأكتم الأحزان
فيما يلي من سطور مقالنا هذا سنستعرض لكم أبرز ما يُجمع الأشخاص على قراءته من أشعار حزينة عن الحياة سواء ما كانت مُستمدة من صور الشعر الحديث، الأدب القديم وحتى الجاهلي منه، وذلك في سبيل التأكد من كون الأشعار تُناسب كافة الأذواق، ومن أمثلتها:
1- إن الحياة صراع
تُعتبر هذه القصيدة التي تحمل اسم إن الحياة صراع من أكثر صور ما جاء في التُراث العربي من أشعار حزينة عن الحياة، وهي من كتابة أبو القاسم الشابي، وهو شاعر عربي تونسي يُلقب باسم شاعر الخضراء، وكان مصدر إلهامه الأول التفاخر، النساء، النبيذ وغيرها من صور الرفاهية والترف.
لذا كان توجهه إلى الشعر الحزين أمرًا غريبًا بعض الشيء، وهو ما جعل هذه القصيدة من القصائد الخالدة التي حفرت اسمه في التاريخ بشكلٍ أكبر، وقد قال في أبيات قصيدة إن الحياة صراع ما يلي:
إنَّ الحَيَاةَ صِراعٌ.. فيها الضَّعيفُ يُداسْ
مَا فازَ في ماضِغِيها.. إلاَّ شَديدُ المِراسْ
للخِبِّ فيها شجونٌ.. فكُنْ فتى الإحتراسْ
الكونُ كونُ شقاءٍ.. الكونُ كونُ التباسْ
الكونُ كونُ اختلاقٍ.. وضجَّةٌ واختلاسْ
سِيَّانَ عِنديَ فيهِ.. السُّرورُ والإبتئاسْ
بَيْنَ النَّوائبِ بَوْنٌ.. للنَّاسِ فيه مزايا
البعضُ لم يدرِ إلاَّ.. البِلى يُنَادي البلايا
والبعضُ مَا ذاقَ منها.. سِوى حَقيرِ الرَّزايا
إنَّ الحَيَاةَ سُباتٌ.. سينقضي بالمنايا
وما الرُّؤى فيهِ إلاَّ.. آمالنَا والخَطايا
اقرأ أيضًا: شعر حزين قصير عن الدنيا
2- فلسفة الجراح للبردوني
عبد الله صالح حسن الشحف والمعروف باسم البردوني يُعتبر واحدًا من أشهر شُعراء الأدب العربي الحديث، وهو في الأساس ناقد أدبي ومؤرخ يمني عمل على تأليف العديد من صور قصائد وأبيات الشعر القديم منه والحديث في اليمن.
فتناول في الكثير من الأحيان مواضع سياسية مُرتبطة بما يعيشه اليمن السعيد من صراعات مُنذ فجر التاريخ بين النظامين الملكي والجمهوري هُناك، وفي الكثير من الأحيان كان يغلب على قصائده طابع الرومانسية القومية التي تتعلق بالوطن.
كما مال في أوقاتٍ كثيرة إلى الأسلوب الساخر للرثاء، ولكون فلسفته الشعرية تميل للحداثة عنها للشعر القبلي نالت قصيدة فلسفة الجراح مكانةً عاليةً بين القصائد والأشعار الحزينة عن الحياة، وقال في هذه القصيدة:
متألّم.. ممّا أنا متألّم؟ حار السؤال.. وأطرق المستفهم
ماذا أحسّ.. وآه حزني بعضة.. يشكو فأعرفه وبعض مبهم
بي ما علمت من الأسى الدامي وبي.. من حرقة الأعماق ما لا أعلم
بي من جراح الروح ما أدري وبي.. أضعاف ما أدري وما أتوهّم
وكأنّ روحي شعلة مجنونة.. تطغى فتضرمني بما تتضرّم
وكأنّ قلبي في الضلوع جنازة.. أمشي بها وحدي وكلّي مأتم
أبكي فتبتسم الجراح من البكا.. فكأنّها في كلّ جارحة فم
يا لابتسام الجرح كم أبكي وكم.. ينساب فوق شفاهه الحمرا دم
أبدا أسير على الجراح وأنتهي.. حيث ابتدأت فأين منّي المختم
وأعارك الدنيا وأهوى صفوها.. لكن كما يهوى الكلام الأبكم
اقرأ أيضًا: قصص واقعية قصيرة عن الحب
3- جنازة المرح أكثر الأشعار تعبيرًا
كثيرًا ما يتم وصف قصيدة جنازة المرح بكونها من أكثر القصائد التي تندرج ضمن باب الأشعار الحزينة عن الحياة التي عبرت عن مفهوم الحُزن بشكل إبداعي وأدبي بحت، ويرجع السبب في هذه الاعتبارات إلى الكلمات التي اختيرت بعناية في سبيل تكوين أبيات هذه القصيدة.
كما يُرجع الكثير من النُقاد والشُعراء هذا الإبداع إلى كون القصيدة من نتاج أنامل أُنثى، وهذه الأُنثى هي الشاعرة والأديبة نازك الملائكة، ونازك صادق الملائكة هي واحدةٌ من الشُعراء القلائل الذين يُمثلون الجانب الأُنثوي في الشعر العربي، وتُعتبر قصيدة جنازة المرح من القصائد التي أبدعت فيها، وجاء في بيوتها ما يلي:
سأغلق نافذتي فالضياء.. يعكّر ظلمتي الباردة
سأسدل هذا الستار السميك.. على صفحة القصة البائدة
وأطرد صوت الرياح البليد.. وإشعاعة الأنجم الحاقدة
وأسند رأسي إلى الذكريات.. وأغمس عينيّ في دمعتين
وأرسل حبي يلفّ القتيل.. ويدفىء جبهته الهامدة
لعلي أردّ إليه الحياة.. وأمسح من زرقه الشفتين
سأغلق نافذتي فالقتيل.. يحب الظلام العميق العميق
وأكره أن يتمطّى الضياء.. على جسمه الشاعريّ الرقيق
على جبهة زرعتها النجوم.. ولوّنها ضوؤها بالبريق
وكانت تشعّ الحياة فعاد.. تمجّ الأسى والرّدى والعذاب
تخطّ عليها ذراع الممات.. أساطير عهد سحيق سحيق
أمرّ عليها بكفّي فأصرخ.. رعبا وأسقط فوق التراب
سأغلق نافذتي فالظهيرة.. لا ينتهي حقدها الراعب
تصبّ سكينتها في برود.. ويسخر بي وجهها الغاضب
يطاردني صمتها السرمديّ.. ويكئبني لونها الراسب
نازك شاعرة عراقية من مواليد مدينة بغداد، ودرست هُناك في مسقط رأسها لتتخرج من دار المُعلمين العالية، وهو السبب الرئيسي في امتلاكها للقُدرات الإبداعية في التعبير وقُدرتها العالية على تطويع حُروف وكلمات اللُغة لصالحها، لكن عندما تعرف كون والديها شُعراء سابقين يزول ما شعرت به من غرابة ودهشة بسبب تمكنها من اللُغة إلى هذا الحد.
اقرأ أيضًا: أجمل قصائد الشعر العربي الحديث
كُل ما تم ذكره من أشعار حزينة عن الحياة لا يُعد إلا قطرةً في بحر اللُغة العربية أو حتى مُحيطها مُتسع الأُفق إن صح التعبير، فالأدب العربي وما اشتمل عليه من قصائد شعرية ونصوص نثرية لا يُضاهيه في ثقله وأهميته أي أدب آخر مهما بلغ صيته وانتشاره حول العالم.