دعاء قبل الصلاة وجهت وجهي
دعاء قبل الصلاة وجهت وجهي له فضل عظيم للمسلم في زيادة قدر عبادته وثوابها، فقد ورد عن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ في السنة النبوية، ولكن قد رأى الفقهاء أن هناك صيغ مختلفة عنه يمكن ترديدها للحصول على نفس الثواب وهو ما نتناوله فيما يلي عبر منصة وميض.
دعاء قبل الصلاة وجهت وجهي
إن دعاء الاستفتاح في الصلاة من السنن التي يغفل عنها فئة كبيرة من المسلمين نظرًا لقلة نشره والإشادة بفضله بين الفقهاء ودار العلم، ولكنه من الأمور التي أُكد عليها في السنة النبوية الشريفة وأن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ لم يفوت صلاة دون أن يقرأه.
فإن السنة للمؤمن أنه إن قام للصلاة عليه أن يستحضر عظمة الله تعالى والخشوع في أدائه ركعات صلاته، فهو القائل في كتابه الكريم:
(قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ) [سورة المؤمنون الآيات 1- 2 ]،
لذا إليك فيما يلي صيغة دعاء الاستفتاح:
“وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت، أنت ربي وأنا عبدك، ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعاً إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك والخير كله في يديك، والشر ليس إليك، أنا بك وإليك، تباركت وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك”.
الجدير بالذكر أن تلك الصيغة هي النوع الثالث من دعاء الاستفتاح المأثور عن النبي الكريم ـ عليه الصلاة والسلام ـ وقد تم نقله على لسان عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنه ـ في حديث صحيح البخاري، وقد رأى بعض الفقهاء أنه يردد قبل الصلاة والآخرين أنه مستحب في الركعة الأولى وذلك ما نناقشه في موضوعنا فيما بعد.
متى يتم قراءة دعاء وجهت وجهي
من الجدير بالذكر هنا أثناء الحديث عن دعاء قبل الصلاة وجهت وجهي أن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ كان يستخدمه حينما يصلي صلاة الليل، أو صلاة التطوع وقد نوّه الفقهاء أنه في حالة تم استخدامه من قبل المسلم في صلوات الفرائض فلا بأس من ذلك.
لكن المشكلة تكمن في أن ذلك الدعاء طويل ولا يسهل على كل امرء حفظه، لذلك سوف نتناول في فقراتنا التالية الصيغ الأخرى لدعاء الاستفتاح التي قد تم تداولها بين الفقهاء.
اقرأ أيضًا: دعاء السجود في الصلاة
اللهم باعد بيني وبين خطاياي
من ضمن صيغ دعاء الاستفتاح التي يشرع للمسلم أن يقرأها في صلاته هي الواردة عن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ على لسان سمرة بن جندب ـ رضي الله عنه ـ:
“إذَا صلَّى أحدُكم فليقلْ اللَّهُمَّ باعِدْ بيني وبينَ خطايايَ كما باعدْتَ بينَ المشرقِ والمغربِ اللَّهُمَّ إنِّي أعوذُ بِكَ أنْ تصدَّ عنِّي بوجهِكَ يومَ القيامةِ اللَّهُمَّ نقني مِنَ الخطايا كمَا يُنَقَّى الثَّوبُ الأبيضُ مِنَ الدَّنسِ اللَّهُمَّ أحيني مسلمًا وأمتني مسلمًا” [جيد العيني].
كما أن ذلك الدعاء هو المصدق والمؤكد من ابن باز، وهو ثابت في الصحيحين.
صيغة دعاء استفتاح مستحبة وسهلة
بعد التعرف أن دعاء قبل الصلاة وجهت وجهي لا يكون قبل الصلاة بالمعنى الحرفي ولكن يقال بعد تكبيرة الإحرام، فمن الجدير بالذكر أن هناك صيغة أخرى سهلة وردت عن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ ونصح الفقهاء في الدين بترديدها بدلًا من وجهت وجهي نظرًا لسهولة حفظه وترديه، ألا وهو:
“سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك ولا إله غيرك”
، من ثم يقول المسلم أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ويسمي الله تعالى ومن ثم يقرأ سورة الفاتحة وما تيسر من القرآن الكريم وهو من الأدعية المشروعة والجائزة وللمسلم نفس الفضل والثواب.
دعاء اللهم رب جبرائيل
مما ورد عن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ في دعاء الاستفتاح للصلاة واحد من الصيغ السهلة التي يمكن قراءتها، فعن عائشة أم المؤمنين ـ رضي الله عنها ـ عن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ أنه قال:
“عنْ أَبي سَلَمَةَ بنِ عبدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، قالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ أُمَّ المُؤْمِنِينَ: بأَيِّ شَيءٍ كانَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَفْتَتِحُ صَلَاتَهُ إذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ؟ قالَتْ: كانَ إذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ افْتَتَحَ صَلَاتَهُ: اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرَائِيلَ، وَمِيكَائِيلَ، وإسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ، عَالِمَ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بيْنَ عِبَادِكَ فِيما كَانُوا فيه يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِما اخْتُلِفَ فيه مِنَ الحَقِّ بإذْنِكَ؛ إنَّكَ تَهْدِي مَن تَشَاءُ إلى صِرَاطٍ مُسْتَقِي” [صحيح مسلم].
ففي ذلك الدعاء تخصيص للملائكة بالذكر لأن شأنهم عظيم، فإن جبرائيل هو أمين الوحي، بينما ميكائيل المطر والنبات والأرزاق وله منزلة رفيعة عند الله تعالى، أما إسرافيل فهو الموكل بأن يتم النفخ في الصور بأمر من الله تعالى.
فإن علم الإنسان قدر الملائكة يتمكن من فهم مدى عظيم قدرة الله تعالى ويتم شكره ومن عرف الملائكة كذلك يؤمن ويحب الله تعالى لما يعلمه عن استغفارهم له.
أما في بقية الدعاء ففيه اعتراف بأن الله تعالى هو خالق السماء والأرض والعالم للغيب وما يكنه الناس، وطلب من الله تعالى بأن يزيد المسلم من الهداية والسير في طريق الله تعالى والخير.
من ذلك الحديث نستنبط أن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ كان يقرأ ذلك الدعاء في صلاة الليل، وأنه من الواجب على المسلم الطلب من الله لأن يهديه لطريق الحق وأن التقوى بيد الله سبحانه وتعالى.
متى يقال دعاء الاستفتاح
هنا نتطرق إلى توضيح الإجابة عن سؤالك ما هو دعاء قبل الصلاة وجهت وجهي وأنه لا يعد من أدعية قبل الصلاة بل فيها نفسها، فقد رأى الفقهاء أن دعاء الاستفتاح يقال سرًا لا جهرًا، وأنه يكون بعد تكبير الإحرام مباشرةً وقبل الاستعاذة من الشيطان الرجيم.
أما بالنسبة للمالكية فإنهم من رأوا أن ذلك الدعاء يقال قبل التكبير ودخول المسلم في الصلاة، ولكن الأغلبية لرأي قوله بعد تكبيرة الإحرام.
حكم قراءة دعاء الاستفتاح
هنا نتطرق إلى توضيح شق هام في موضوعنا دعاء قبل الصلاة وجهت وجهي، فمن الواجب التنويه أن الفقهاء أوضحوا أن ذلك الدعاء سنة ولا يعد فرضًا، أي أن الصلاة صحيحة في حالة لم يتم قوله، ولكن فضلها يزداد بترديده.
اقرأ أيضًا: دعاء صلاة الفجر بعد الركعة الثانية
دعاء الاستفتاح بالنسبة للأئمة الأربعة
نظرًا لورود عدة صيغ من دعاء الاستفتاح عن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ فقد رأى أئمة كل مذهب وذهب كل واحد فيهم إلى أخذ صيغة معينة كدعاء لمن يتبعهم، وفيما يلي نوضح الصيغة لكل منهم:
- بالنسبة للأحناف: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك أو دعاء وجهت وجهي.
- المالكية كما الأحناف.
- الشافعية رأوا أن دعاء الاستفتاح هو صيغة وجهت وجهي.
- بالنسبة للحنابلة فرأوا أن الدعاء هو سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك، وأجازوا أن يتم ذكره بالنص الخاص بالشافعية.
اقرأ أيضًا: دعاء يغفر الذنوب ولو كانت مثل حبات الرمل
فضل دعاء الاستفتاح
إن دعاء الاستفتاح على الرغم من أنه من السنن عن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ وعدم وجوده لا ينقص من أجر الصلاة شيئًا إلا أن له فضل عظيم للمسلم إن قرأه وهو أحسن ويستحب.
حيث إنه يزيد من تركيز العبد في الصلاة والركعات التي يؤديها لله تعالى، كما يزيد من الخشوع واستشعار عظمة الله تعالى لما فيه من ألفاظ تعبر عن مدى قدرة الله تعالى أو ملائكته، ويغفر الذنوب لأن به دعاء بالمغفرة والهداية وهو ما يكون مطلوب خاصةً في الصلاة لزيادة تقرب العبد من ربه، وفيما يلي نتناول فضله:
- الطرد لوساوس الشيطان.
- زيادة تركيز المسلم في صلاته.
- عدم الشرود.
- الاعتراف بالذنوب والخطايا.
- التربية للمسلم على تعظيم الله تعالى.
- المناجاة ما بين العبد وربه.
- التعبير عن الضعف والتضرع لله تعالى.
إن دعاء الاستفتاح يقال في الركعة الأولى بعد تكبيرة الإحرام، ولا يتم ترديده مرة أخرى في الصلاة وهو من السنن لا الفرائض ولكن فضله عظيم فينصح بترديده.