من هو امين الامة
من هو امين الامة؟ وما سبب إطلاق ذلك الاسم عليه؟ فالصحابة هم الذين لقوا النبي محمد صلى الله عليه وسلم ومن أوائل من آمنوا به وعاشوا معه فترة طويلة، فهم من بشرهم الرسول بالجنة من شدة إيمانهم بالله وزهدهم في الدنيا وتوحيد هدفهم في نشر الإسلام، وبفضل اتصافهم بالأخلاق الكريمة تم إطلاق اسم على كلًا منهم، ومن خلال منصة وميض يمكن التعرف على اسم الصحابي الذي لُقب بأمين الأمة.
من هو امين الامة
يمكن الإشارة إلى إجابة سؤال من هو امين الامة؟ إنه الصحابي الجليل عامر بن عبد الله بن هلال المُلقب بأبي عبيدة بن الجراح، أبوه هو عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن فهر، ويشير اسم فهر إلى قبيلة قريش فنسب أبو عبيدة بن الجراح هو أول من يتخذ من اسم قريش لقب له، وأمه هي أميمة بنت غنم بن جابر.
لا يمكن معرفة ترتيبه من أوائل من دخلوا الإسلام ولكن ذُكر في عدة مواضع أنه كان بعد ثمانية ممن دخلوا الإسلام، فهو أسلم على يد أبو بكر الصديق وكان ممكن يلتقي بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في دار الأرقم قبل أن يكون عدد من دخل الإسلام أربعون شخص.
في ظل الإجابة عن سؤال من هو امين الامة؟ يمكن القول إنه أبو عبيدة بن الجراح الذي حفظ القرآن منذ بزوغ فجره، بالإضافة إلى أنه هاجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة وآخى صلى الله عليه وسلم بينه وبين زيد بن سهل بن الأسود الخزرجي لكن اختلف العلماء في ذلك فقال البعض الآخر أن رسول الله عليه وسلم آخى بينه وبين سالم مولى أبي حذيفة وقيل مع سعد بن معاذ.
بشر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو عبيدة بن جراح بالجنة في قوله:
(أبو بكرٍ في الجنةِ، وعمرُ في الجنةِ، وعليٌّ في الجنةِ، وعثمانُ في الجنةِ، وطلحةُ في الجنةِ، والزبيرُ في الجنةِ، وعبدُ الرحمنِ بنُ عوفٍ في الجنةِ، وسعدُ بنُ أبي وقاصٍ في الجنةِ، وسعيدُ بنُ زيدِ بنُ عمرو بنُ نُفَيْلٍ في الجنةِ، وأبو عبيدةَ بنُ الجراحِ في الجنةِ).
اقرأ أيضًا: من هو سيف الله المسلول
لماذا لُقب أبو عبيدة بن الجراح بأمين الأمة
حين التعرف أن أبو عبيدة بن الجراح هو الإجابة لسؤال من هو امين الامة؟ يمكن التأكد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو من لقبه بذلك، حيث أتى أهل نجران إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا:
(ابعث لنا رجلاً أميناً، فقال: لأبعثنَّ إليكم رجلاً أميناً حَقَّ أمينٍ، فاستشرَفَ لهُ الناسُ فبعثَ أبا عُبَيْدَةَ بنَ الجَرَّاحِ).
فروى حذيفة بن اليمان رضي الله عنه استكمالًا لإجابةً سؤال من هو امين الامة؟ فقال
(جاءَ العاقِبُ والسَّيِّدُ صاحِبا نَجْرانَ إلى رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، يُرِيدانِ أنْ يُلاعِناهُ، قالَ: فقالَ أحَدُهُما لِصاحِبِهِ: لا تَفْعَلْ؛ فَواللَّهِ لَئِنْ كانَ نَبِيًّا فَلاعَنَّا، لا نُفْلِحُ نَحْنُ ولا عَقِبُنا مِن بَعْدِنا، قالا: إنَّا نُعْطِيكَ ما سَأَلْتَنا، وابْعَثْ معنا رَجُلًا أمِينًا، ولا تَبْعَثْ معنا إلَّا أمِينًا، فقالَ: لَأَبْعَثَنَّ معكُمْ رَجُلًا أمِينًا حَقَّ أمِينٍ، فاسْتَشْرَفَ له أصْحابُ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ: قُمْ يا أبا عُبَيْدَةَ بنَ الجَرَّاحِ، فَلَمَّا قامَ، قالَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هذا أمِينُ هذِه الأُمَّةِ).
كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
(إنَّ لكلِّ أمَّةٍ أميناً، وإنَّ أميننَا، أيَّتُها الأمَّةُ، أبو عبيدةَ بنُ الجرَّاحِ)، فقد أكد صلى الله عليه وسلم على اتصافه بالأخلاق الكريمة قائلًا:
(مَا مِنْ أحدٍ منْ أصحابِي إلَّا ولوْ شئتُ لأخذتُ عليهِ في بعضِ خلقِهِ، غيرَ أبي عبيدةَ بنِ الجراحَ).
كما روى عبد الله بن عمر رضي الله حديث يؤكد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه على حسن خلق أبو عبيدة بن الجراح فقال
(ثلاثةٌ مِن قُرَيشٍ أصبَحُ قريشٍ وجوهًا وأحسَنُها أخلاقًا وأثبَتُها جِنانًا إنْ حدَّثوك لم يَكْذِبوك وإنْ حدَّثْتَهم لم يُكَذِّبوك أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ وأبو عُبَيدةَ بنُ الجَرَّاحِ وعثمانُ بنُ عفَّانَ).
فكان من أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فعن عبد الله بن شقيق رضي الله عنه قال
(قلتُ لعائشةَ: أيُّ أصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ كانَ أحبَّ إليهِ؟ قالَت: أبو بَكْرٍ، قلتُ: ثمَّ مَن؟ قالت: ثمَّ عمرُ، قُلتُ: ثمَّ من؟ قالَت: ثمَّ أبو عُبَيْدةَ بنُ الجرَّاحِ، قلتُ: ثمَّ من؟ فسَكَتَت)، كما قالت أم المؤمنين السيدة عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرتب نفس الترتيب فيمن يخلفه.
اقرأ أيضًا: معلومات عن سيدنا عمر بن الخطاب
أعمال أبو عبيدة بن الجراح
استكمالًا لإجابة سؤال من هو امين الامة؟ يمكن الإشارة إلى قيامه بالعديد من المواقف في الغزوات والفتوحات وهي تتضمن الآتي:
1- غزوة بدر
قال الله تعالى:
(لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَـئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
سبب نزول الآية هم ما قام به أبو عبيدة بن الجراح في غزوة بدر فكان أبوه من المشركين في الغزوة فعند مواجهته لأبوه في صفوف المحاربين تبارز معه حتى قتله، وذلك سبب نزول هذه الآية السابقة.
2- غزوة أحد
عندما اشتدت المعركة ووقع صلى الله عليه وسلم وأُصيب في وجنتيه فر العديد من حوله لكن بقي القليل ومنهم أبو عبيدة بن الجراح فقال عنه أبو بكر الصديق
(أسرعت نحو رسول الله، وإذ برجل يركض نحو رسول الله كالبرق وإذ بأبي عبيدة، فلمّا وصلنا إلى رسول الله هممت بأن أنزع حلقات المغفر من وجنتيه، فقال لي أبو عبيدة: أسألك بالله يا أبا بكر ألا تركتني فأنزعها أنا، فتركته، فأمسك بالحلقة بأسنانه فنزعها، ثمّ سقط على ظهره وفقد ثنيته، ثمّ عاد فأمسك الحلة الأخرى وسحبها من وجنتي رسول الله فانتزعها وفقد الثنية الأخرى).
3- سرية أبو عبيدة بن الجراح
في سياق الإجابة عن سؤال من هو امين الامة؟ يمكن التعرف على موقف من مواقف أبو عبيدة، حيث بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية مكونة من أربعين رجلًا قائدهم أبو عبيدة بن الجراح، فالسرية هي استكشافية لمعرفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن بعض القبائل يرغبون في أن يغيروا عليه، فهجموا عليهم في الليل وأثروا رجل منهم وأخذوا العديد من أمتعتهم وقدموها إلى المسلمين ولما أسلم الرجل أطلق الرسول صلى الله عليه وسلم سراحه.
4- غزوة ذات السلاسل
كان عمرو بن العاص رضي الله عنه هو أمير هذه الغزوة وزاد عدد المشركين عليهم فطلب عمرو بن العاص المدد من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل جيش فيه أبو بكر وعمر وأبو عبيدة رضي الله عنهم جميعًا، فقال عمرو بن العاص رضي الله عنه
(إنّما أنتم مدد لي)، فلمّا رأى أبو عبيدة ذلك، قال:
(تعلم يا عمرو أنّ رسول الله قال لي: إن قدمت على صاحبك فتطاوعا، وإنّك إن عصيتني أطعتك).
اقرأ أيضًا: سبب وفاة النبي يوسف
وفاة أبو عبيدة بن الجراح
عند ظهور مرض الطاعون في بلاد الشام كان عام مليئًا بالجفاف حتى دعا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بنزول المطر حتى أنزل الله عز وجل المطر وسقى الأرض، لكن انتشر المرض وأصاب الكثير من الأشخاص حتى انتشرت جثث الموتى بسبب الجوع والمرض وذلك أدى إلى تفشي المرض وانتشاره بشكل أكبر.
كان أبو عبيدة بن الجراح وقتها أمير لبلد اسمها عمواس في بلاد الشام بالقرب من القدس فانتشر فيها المرض ومات الآلاف من الناس فلم يتمكن من الخروج منها، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
(إذا سَمِعْتُمْ بالطَّاعُونِ بأَرْضٍ فلا تَدْخُلُوها، وإذا وقَعَ بأَرْضٍ وأَنْتُمْ بها فلا تَخْرُجُوا مِنْها).
فكان أبو عبيدة بن الجراح زاهد في الدنيا لا يفكر إلا في الآخرة لكن عمر بن الخطاب كان خليفًا للمسلمين وقتها وكان يحرص على بقاء أبو عبيدة بن الجراح ليستلم الخلافة من بعد حسب ما قالته أم المؤمنين رضي الله عنها، فلم يرغب أبو عبيدة بترك القوم في هذه المحنة وقرر البقاء معهم ومواجهة مصيره حتى بعدما أرسل إليه ليأتي.
طلب منه عمر بن الخطاب أن يحاول أن يخرج قومه من المكان إلى مكان آخر لم ينتشر فيه المرض وأمر أبو موسى الأشعري رضي الله عنه بمحاولة إيجاد مكان جاف، ولما وجد الأرض كان قد أصابه المرض وتأكد من اقتراب موته فكتب وصيته وأرسلها إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
فقد كتب أنه رد كل الأمانات إلى أهلها إلا أمانة واحدة وهي مئة دينار من زوج لامرأة نكحت قبل انتهاء فترة عدتها وأرسل زوجها ذلك المبلغ، وأمر رجاله بإرجاعه مرة أخرى وأوصى بأن يتم دفنه بجوار نهر الأردن ناحية الأرض المقدسة، لكن أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه بأن يُدفن مكان موته حتى لا تكون هذه من عادات الناس وكان ذلك في السنة الثامنة عشرًا من الهجرة.
وقف معاذ بن جبل بعد وفاة أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنهما وخطب في الناس يذكرهم بالموت وبرد الأمانات إلى أهلها وقال رضي الله عنه
“إنّكم أيها المسلمون فجعتم برجل ما أزعم أنني رأيت عبداً أبرّ صدراً، ولا أبعد من الغائلة، ولا أشدّ حباً للعامة، ولا أنصح للأمة منه، فترحموا عليه، رحمة الله، واحضروا الصلاة”.
لجميع الصحابة فضل كبير ومكانة لا يمكن أن يفسدها أحد، حيث تميز كل واحد منهم بالعديد من الصفات فكانوا يتفاضلون فيما بينهم وذلك باتفاق ما روى سيرتهم.