متى يقال دعاء الاستفتاح
متى يقال دعاء الاستفتاح؟ وما حكم هذا الدعاء؟ حيث إن الدعاء من أقرب العبادات التي يُفضلها الله – عز وجل – وهي الصلة والرابط الموجود بين الفرد وربه، ونظرًا لعدم معرفة العديد من المسلمين عن التوقيت المناسب الذي يُقال فيه دعاء الاستفتاح؛ فها نحن عن طريق منصة وميض نتطلع إلى متى يُقال ذلك الدعاء وعدد مرات ترديده.
متى يقال دعاء الاستفتاح
يطل العبد من ربه ما يُريد عن طريق الرجاء والدعاء له، ومن المهم أن تكون الأدعية خالصة لوجه المولى – عز وجل –، ومن ضمن الأدعية التي يقولها المسلم بكثرة هو دعاء الاستفتاح.
لذلك يتساءل العديد من المسلمين عن متى يقال دعاء الاستفتاح، حيث إننا نجد أنه من السنة أن يُقال بعد تكبيرة الإحرام وليس قبلها، وهذا رأي أهل العلم، ولكن هناك مجموعة من العلماء أشاروا إلى أن هذا الدعاء يكون قبل تكبيرة الإحرام، وهذا ما سار عليه مذهب المالكية.
حيث إنه جاء في الموسوعة الفقهية أن جميع الفقهاء ما عدا المالكية أشاروا إلى أن دعاء الاستفتاح يُقال في الركعة الأولى بعد تكبيرة الإحرام وقبل التعوذ والبدء في تأدية الصلاة.
اقرأ أيضًا: دعاء الاستفتاح في الصلاة
حكم دعاء الاستفتاح في أول الصلاة
بعد الاطلاع على إجابة سؤال متى يقال دعاء الاستفتاح، من الجدير بالذكر أن نوضح أن الاستفتاح من الأمور المستحبة في السنة، حيث إن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كان يقول إنه إذا صلى المسلم ولم يستفتح تكون صلاته صحيحة عند كافة العلماء.
صيغ دعاء الاستفتاح
بعد الإجابة عن سؤال متى يقال دعاء الاستفتاح، لا بد من معرفة الصيغ المستحب الدعاء بها بعد تكبيرة الإحرام في الصلاة، حيث إنه ورد عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بعض الصيغ والألفاظ في دعاء الاستفتاح، ونذكر تلك الصيغ عبر النقاط التالية:
- ورد عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: “كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَسْكُتُ بيْنَ التَّكْبِيرِ وبيْنَ القِرَاءَةِ إسْكَاتَةً – قالَ أَحْسِبُهُ قالَ: هُنَيَّةً – فَقُلتُ: بأَبِي وأُمِّي يا رَسولَ اللَّهِ، إسْكَاتُكَ بيْنَ التَّكْبِيرِ والقِرَاءَةِ ما تَقُولُ؟ قالَ: أَقُولُ: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وبيْنَ خَطَايَايَ، كما بَاعَدْتَ بيْنَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنَ الخَطَايَا كما يُنَقَّى الثَّوْبُ الأبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بالمَاءِ والثَّلْجِ والبَرَدِ” (المصدر صحيح البخاري).
- ورد عن السيدة عائشة أم المؤمنين – رضي الله عنها – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم – قال: “كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إذا استفتح الصلاةَ قال: سبحانَك اللهمَّ وبحمدِك، وتبارك اسمُك، وتعالى جدُّك، ولا إلهَ غيرُك” (المحدث أبو داود).
- كما ورد أيضًا عن عبد الله بن عمر – رضي الله عنمها – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم – قال: “بيْنَما نَحْنُ نُصَلِّي مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إذْ قالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: مِنَ القَائِلُ كَلِمَةَ كَذَا وَكَذَا؟ قالَ رَجُلٌ مَنِ القَوْمِ: أَنَا، يا رَسولَ اللهِ، قالَ: عَجِبْتُ لَهَا، فُتِحَتْ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ قالَ ابنُ عُمَرَ: فَما تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ ذلكَ” (المصدر صحيح مسلم).
أدعية الاستفتاح
ما زلنا في إطار التطلع إلى إجابة سؤال متى يقال دعاء الاستفتاح، من الجدير بالذكر أن نذكر مجموعة من الأدعية التي كان يدعو بها رسول الله – صلى الله عليه وسلم –، ونوضحها عبر النقاط الآتية:
- ورد عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: “أنَّ رَجُلًا جَاءَ فَدَخَلَ الصَّفَّ وَقَدْ حَفَزَهُ النَّفَسُ، فَقالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، فَلَمَّا قَضَى رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ صَلَاتَهُ قالَ: أَيُّكُمُ المُتَكَلِّمُ بالكَلِمَاتِ؟ فأرَمَّ القَوْمُ، فَقالَ: أَيُّكُمُ المُتَكَلِّمُ بهَا؟ فإنَّه لَمْ يَقُلْ بَأْسًا فَقالَ رَجُلٌ: جِئْتُ وَقَدْ حَفَزَنِي النَّفَسُ فَقُلتُهَا، فَقالَ: لقَدْ رَأَيْتُ اثْنَيْ عَشَرَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا، أَيُّهُمْ يَرْفَعُهَا” (المصدر صحيح مسلم).
- ورد عن عليّ بن أبي طالب – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم – قال:“ عَن رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أنَّهُ كانَ إذا قامَ إلى الصَّلاةِ المكتوبَةِ قالَ: وجَّهتُ وجهيَ للَّذي فطرَ السَّماواتِ والأرضَ حَنيفًا مُسلمًا وما أَنا منَ المشرِكينَ، إنَّ صلاتي، ونسُكي، ومَحيايَ، ومماتي للَّهِ ربِّ العالمينَ، لا شريكَ لَهُ، وبذلِكَ أمرتُ وأَنا مِنَ المسلمينَ، اللَّهمَّ أنتَ الملِكُ لا إلَهَ إلَّا أنتَ أنتَ ربِّي، وأَنا عبدُكَ، ظلَمتُ نفسي، واعترَفتُ بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعًا، إنَّهُ لا يغفِرُ الذُّنوبَ إلَّا أنتَ، واهدني لأحسَنِ الأخلاقِ لا يَهْدي لأحسَنِها إلَّا أنتَ، واصرِف عنِّي سيِّئَها لا يصرفُ عنِّي سيِّئَها إلَّا أنتَ، لبَّيكَ وسعديكَ والخيرُ كلُّهُ في يديكَ، والشَّرُّ ليسَ إليكَ، َأنا بِكَ وإليكَ ، تبارَكْتَ وتعالَيتَ ، أستغفرُكَ وأتوبُ إليكَ” (المحدث الترمذي).
اقرأ أيضًا: عدد ركعات صلاة التراويح
صيغ دعاء الاستفتاح عند صلاة قيام الليل
بعد الوصول إلى إجابة سؤال متى يقال دعاء الاستفتاح، لا بد من توضيح الصيغة المناسبة والأفضل له عند قوله في صلاة قيام الليل، والتي جاءت سنة عن نبي الله – صلى الله عليه وسلم –، حيث إنه كان يدعو بها في بداية صلاته بعد تكبيرة الإحرام، ونذكر تلك الصيغ عن طريق النقاط التالية:
- ورد عن السيدة عائشة أم المؤمنين – رضي الله عنها – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال:“ عنْ أَبي سَلَمَةَ بنِ عبدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، قالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ أُمَّ المُؤْمِنِينَ: بأَيِّ شَيءٍ كانَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَفْتَتِحُ صَلَاتَهُ إذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ؟ قالَتْ: كانَ إذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ افْتَتَحَ صَلَاتَهُ: اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرَائِيلَ، وَمِيكَائِيلَ، وإسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ، عَالِمَ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بيْنَ عِبَادِكَ فِيما كَانُوا فيه يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِما اخْتُلِفَ فيه مِنَ الحَقِّ بإذْنِكَ؛ إنَّكَ تَهْدِي مَن تَشَاءُ إلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ” (المصدر صحيح مسلم).
- ورد عن عبد الله بن عباس – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال:“ كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا تَهَجَّدَ مِنَ اللَّيْلِ، قالَ: اللَّهُمَّ لكَ الحَمْدُ أنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ، ولَكَ الحَمْدُ أنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ، ولَكَ الحَمْدُ أنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ والأرْضِ ومَن فِيهِنَّ، أنْتَ الحَقُّ، ووَعْدُكَ الحَقُّ، وقَوْلُكَ الحَقُّ، ولِقَاؤُكَ الحَقُّ، والجَنَّةُ حَقٌّ، والنَّارُ حَقٌّ، والنَّبِيُّونَ حَقٌّ، والسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لكَ أسْلَمْتُ، وبِكَ آمَنْتُ، وعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وإلَيْكَ أنَبْتُ، وبِكَ خَاصَمْتُ، وإلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لي ما قَدَّمْتُ وما أخَّرْتُ، وما أسْرَرْتُ وما أعْلَنْتُ، أنْتَ إلَهِي لا إلَهَ إلَّا أنْتَ” (المصدر صحيح البخاري).
- كذلك ورد عن السيدة عائشة أم المؤمنين – رضي الله عنها – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: “كانَ رسولُ اللَّهِ يُكبِّرُ عشرًا، ويحمَدُ عشرًا، ويسبِّحُ عشرًا ويُهلِّلُ عشرًا ويستغفِرُ عشرًا ويقولُ اللَّهمَّ اغفِر لي واهدِني وارزقني وعافني أعوذُ باللَّهِ من ضيقِ المقامِ، يومَ القيامة” (المصدر صحيح النسائي).
عدد مرات ترديد دعاء الاستفتاح
هناك وقت معين ومحدد لقول دعاء “سبحانك اللهم وبحمدك” أو أي صيغة لدعاء الاستفتاح، ويجهل بعض المسلمين أمر وجود وقت محدد لهذا الدعاء؛ لذلك نوضح تلك الأوقات عبر النقاط التالية:
- في حال كان المسلم يُصلي 4 ركعات بالتسليم مرتين: يتم قول دعاء الاستفتاح هذا في الصلاة الأولى بعد تكبيرة الإحرام، وفي الصلاة الثانية بع التكبيرة أيضًا.
- في حال صلاة المسلم الفروض: يُقال هذا الدعاء في أول ركعة فقط من كل فرض يؤديه.
- في حالة صلاة 4 ركعات بالتسليم مرة واحدة فقط: يُقال “سبحانك اللهم وبحمدك” مرة واحدة في أول ركعة بعد تكبيرة الإحرام.
- إذا كان المسلم يُصلي نافلة: فيكون الاستفتاح في الركعة الأولى فقط بعد التكبير.
اقرأ أيضًا: حكم دعاء الاستفتاح في الصلاة
آداب الدعاء
بعد معرفة كافة الصيغ الخاصة بقول دعاء الاستفتاح التي وردت عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم –، من الجدير بالذكر أن نوضح أن للدعاء أدب ويجب الالتزام بها عندما يطلب العبد من ربه أي شيء يتمناه، ونذكر تلك الآداب من خلال النقاط الآتية:
- من الضروري الثناء على الله – سبحانه وتعالى – قبل البدء في قول الدعاء المُراد قوله، ويتم ذلك عن طريق حمده تعالى على النعم التي أنعم بها عليك، ومن ثم الصلاة على رسول الله – صلى الله عليه وسلم –.
- أن يمتلئ قلبك باليقين والثقة أن المولى – عز وجل – سوف يستجيب لدعواتك؛ لأن الله تعالى قادر على فعل كل شيء وتغير كل شيء في لحظة، حيث إن الدعاء يرد القضاء.
- تجنب الجهر بالدعاء، حيث إنه يُفضل أن يتم بين الجهر والمخافتة؛ لأن هذا الأمر خاص بين العبد وربه فقط.
- الإحساس بوجود الله تعالى وذلك من خلال خشوع العبد وامتلأ صدره بالخشية من عقاب الله ومشاعر الحب تجاه المولى – عز وجل –.
- لا يجوز الدعاء بالإثم أو قطيعة الرحم، والابتعاد عن الاعتداء في الدعاء.
- إن الله – سبحانه وتعالى – يحب العبد اللحوح في دعائه وطلبه؛ لذلك كُن لحوح في الدعاء وفي ذات الوقت عدم الاستعجال في تلقي الإجابة.
- عدم اتباع أساليب السجع والمحسنات البديعية في الدعاء؛ لأن تلك الأمور غير محببة في الدعاء.
- تكون النية خالصة لله تعالى وأن يمتلئ قلب العبد بالإخلاص، حيث إن الدعاء من أفضل العبادات التي يقوم بها المسلم لتقربه من ربه، والإخلاص بمثابة شرط مهم لقبول أي عبادة.
- أن يكون العبد مؤمنًا بالمولى – عز وجل – وألوهيته وصفاته وأسمائه.
- أن يسأل العبد الله تعالى بأسمائه الحسنى.
إذا لم يقل المسلم دعاء الاستفتاح في بداية صلاته، فتجوز صلاته ويأخذ أجرها بإذن الله، حيث إنها سنة عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وليست فرض على المسلمين، أي أن تم فعلها فيأخذ أجرها وأن لم يفعلها لا يوجد عليه أي شيء.