شعر مدح في شخص غالي
شعر مدح في شخص غالي من شأنها أن تكون سببًا في سمو الروح، وتغذيتها بالكثير من المعاني الرائعة التي احتوت عليها لغتنا الجميلة، لذا ومن خلال منصة وميض سوف نتناول عدد لا بأس به من القصائد الشعرية التي تمدح في الأشخاص ذوي المكانة المميزة في قلوبنا، ذلك عبر السطور التالية.
شعر مدح في شخص غالي
لدى كل منا أشخاصه المقربين إليه، والذي لا يمكنه الاستغناء عنهم مهما حدث، فمهما بلغت الخصومة، تظل محبتهم في القلوب لا يتم نزعها ولا تزلزلها، فتلك المحبة التي يزرعها الله في الفؤاد لا يمكن لأي من الأشخاص التحكم بها.
لذا فإن هناك الكثير من القصائد الشعرية التي تندرج تحت مسمى شعر مدح في شخص غالي، والتي يمكنها أن تعبر لذلك الشخص عن مكانته في قلوبنا مهما حدث، لذا دعونا نستمتع بأمسية شعرية من أروع ما يكون عن الأشخاص الغاليين في حياتنا، حيث أتت القصائد على النحو التالي:
1- قصيدة زارتك بعد تمنع
علي الغراب الصفاقسي هو أحد شعراء العرب وله الكثير من القصائد التي تحمل المعاني المتعددة، فضلًا عن أسلوبه المميز الذي جعل قصائده من أشهر الأشعار على الإطلاق، فنحن بصدد التعرف على قصيدة زارتك بعد تمنع، والتي تحتوي على عدد كبير من مظاهر الجمال المتنوعة التي توجد ببحر اللغة العربية الذي لا ينضب.
لذا فهيا بنا نتناول شطور تلك القصيدة كونها جاءت ضمن شعر مدح في شخص غالي، حيث أتت الأبيات على النحو التالي:
زارتك بعد تمنّع وجفاء
بيضاءُ ذات ذوائب سوداء
زارت ومن عجب تزُورُك في العلى
شمس الضّحى في ليلة الظلماء
لولا الذّوائبُ ما غدت من ثغرها
مأمُونة من أعين الرُّقباء
لم أنس حين ذكرت ليلة وصلها
في صدّها أعنّي عظيم شقاء
قالت أيشقى من غدا بسعادة
يُعزى ومنهُ سعادة السّعداء
شيخٌ جليلٌ فاضلٌ علمٌ لهُ
رُتبٌ تُزاحمُ رُتبة الجوزاء
أمست فُنونُ العلم تخدمُ بابهُ
صدرا بهنّ حقائقُ الأشياء
هُو أعقلُ العلماء إلا أنّه
بين الأفاضل أعلمُ العقلاء
هُو أنبلُ الفضلاء إلا أنّهُ
بين الأفاطن أفضلُ النّبلاء
هُو أفصحُ البلغاء إلا أنّهُ
بين الأحبّة أبلغ الفصحاء
هُو أريس العظماء إلا أنّهُ
بين البريّة أشعرُ الأدباء
ما فيه عيبٌ غير أنّ مقامه
بين الورى في الرُّتية العلياء
ذُو همّة بين السّماك وبينها
في الرّفع ما بين السّما والثّراء
ذُو سُؤدد في الصّالحين ورفعة
تنحّط عنها أنجمُ الزّهراء
يا أيّها العلمُ الّذي بين الورى
بالسّبق في التّدريس والإفتاء
لمحن الزّمانُ بصرفكمْ خبرا فعا
بُوهُ وعدُّوهُ من اللّكناء
إذ ليس يصرفُ من لهُ عدلٌ ومع
رفةٌ بها يسموا على النّظراء
لكن صُرفت لضيق ذرع حواسد
قد أسمعت بنميمة شنعاء
قالوا عجيب كيف زال وإنّهُ
علمٌ يفوق كواكب الجوزاء
فأجبتهم إنّ الجبال تزُول من
مكر الدّهاء وحيلة الأعداء
إنّي أتيتك بالرُّجوع مُهنّئا
وإلى عداك مُعزّيا بعزاء
لا لا تلم من لم يلمّ توجّعا
وأتا بعدُ مُهنّئا بهناء
فلرحمة المتوجّعين حرارة
في القلب مثل شماتة الأعداء
من خلال قراءة القصيدة السابقة من قصائد شعر مدح في شخص غالي نجد أن المدح من الأساليب الراقية في التعبير، كونه يحث على التباهي بوجود مثل أولئك الأشخاص في حياتنا.
لذا فمن الممكن أن يقوم أي من الأشخاص باقتباس العديد من تلك الأبيات من أجل تداولها وإرسالها لشخص عزيز لديه كي يعرف مكانته في قلب ذلك المرسل، على الرغم من أن المشاعر الحانية لا يمكن أن تصل كاملة من خلال الكلمات.
اقرأ أيضًا: شعر في مدح الزوجة الصالحة
2- قصيدة سلوا الأمير
أما الآن فهيا بنا نتعرف على قصيدة رائعة من قصائد شعر مدح في شخص غالي والتي كتبها الشاعر وديع عقل، حيث مدح فيها شخصًا غاليًا على قلبه، فأولى الأمر من شأنهم أن يستحقوا قول شعر مدح في شخص غالي، كذلك حاكم البلاد إن كان عادلًا.
فتلك القصيدة تمدح في الأمير وتذكر محاسنه، حيث جاءت أبيات قصيدة سلوا الأمير على النحو التالي:
سلوا الأمير وروحي للأميرِ فدى
هل رادَ في الغرب مثلَ النيلِ أو بردى
وهل رأى كسماء الشرق ناصعةً
من الرقيع أظلت مثله بلدا
وأبصر الجدول الصافي تعانقه
فيحٌ إذا تمتريها درتِ الشهدا
وهل الم بآثارٍ تحدثه
بمثلِ مجدٍ لهذا الشرق قد وئدا
فمصر أهرامها عنه مخبرةٌ
وبعلبك عليه شاهدٌ أبدا
مجدٌ طوى عرشه الدهر العني وما
تمكن الدهر ان يطوي له عمدا
مدت إليه الليالي كف سارقةٍ
مضت به ثم مدت للعطاء يدا
فأفرغتها على الغرب السعيد ولو
لم ينحل الغرب مجد الشرق ما سعدا
فذاك يزداد من ايامه نعمًا
والشرق يزداد من أيامه نكدا
تغشى المطامع أسرابًا مراتعه
كما رأيت على المخضلة الجردا
غرثى فلا أشبعت أرزاقه نهمًا
بها ولا ابتل منها بالخضم صدى
يقظى ونحن نيام ليس يوقظنا
جلاد مرهفةٍ فينا وطعنُ مدى
يستأسدُ الضب من جيراننا طمعًا
فيستهين بليثٍ يسدل اللبدا
حتى البغاث غدا مستنسرًا فمشى
يروعُ النسر في واديه منفردا
تشاكسٌ فل من بأس النسور لدى
جيش البغاث يخوض الحرب متحدا
فما لوى الشرق عن ايام بهجته
إلا تخاذل أسيادٍ له حسدا
لولا بقية آمال ببعضهم
مثل الأمير لعافت روحه الجسدا
سليل من ضربوا من مجدهم طنبًا
في مصر دقوا بلبنانٍ له وتدا
مهندٌ من سيوفِ العلم ما ضربت
به دجى الريب إلا راعهن هدى
في جنبِ عباس معقودُ النجادِ وكم
قد قطعت كفَّ عباسٍ به العقدا
نضته للغرب اخلاق تكلفه
ان لا يظلَّ بوادي النيل منغمدا
فأكبر الغربُ عضبًا مصر تصلته
على الزمانِ إذا ريبُ الزمان عدا
وزورة لربوع الشام راح لها
محمدٌ مثلما راح الندى وغدا
جلت بها يده سفرًا إذا نظرت
عين الحسود به لم تأمن الرمدا
يدٌ تجودُ بدرِّ اللفظِ كاتبةً
كما تجودُ بصرف الدرِّ عند جدا
شهادةٌ بعلاءِ الشام كافيةٌ
من خطها وكفانا قدرُ من شهدا
توسم الشرق منها ان يُفارق اخ
لاق الثياب ليكسى بعدها الجددا
فالشرق من أُمراهُ كان في صببٍ
والشرق من أمراه يأمل الصعدا
ووقفةٍ في ربى كولومبَ قام بها
محمدٌ يكتسي من مجدها بُردا
يحفه من جوالي الشامُ منتظمٌ
لو خف لم يبغِ جيدٌ غيرهُ عقدا
فكان افخر من في قومهم فخروا
وكان امجدَ من في شأنه مجدا
حنا على الشام حتى زارَ هاجره
إن الحبيب مزور اينما وجدا
عطف يعز به الشامي مقتربا
كما يعز به الشامي مبتعدا
فقد رأى منه في مصر له سندًا
وفي سوى مصر منه قد رأى سندا
وما الشآم وما مصر سوى وطن
فرد من الشرق في آياته انفردا
صنوان ما بت ريب الدهر بينهما
حبلًا على الحب قبل الدهر قد عقدا
تغشى سفوحهما غيد الظباء وقد
جرت على إثرها إخوانها الأسدا
كان كل مهاةٍ أنعلت كبدًا
فأثرت في خطاها رسمه الكمدا
يحفها إخوة ما نال عرضهم
عيب ولا زندهم في حادث صلدا
من معشرٍ ترخص الأرواح عندهم
ينبغي على المسلم أن يوفي حاكم بلده حقه إن كان أهلًا لذلك، فهو في تلك الحالة يبات في ظل الأمن الذي دعمه له وجعله غير جائع كونه لم يجر على حقه، فحينها يستحق الثناء عليه من خلال بعض قصائد شعر مدح في شخص غالي كما فعل الشاعر وديع عقل.
اقرأ أيضًا: شعر المتنبي في مدح الرجال
3- قصيدة عليًّا ساد بالتكرم
أبو زبيد الطائي هو أحد الشعراء الذين تفردوا بالأسلوب الراقي والكلمات العذبة التي اختيرت بعناية فائقة من أجل كتابة قصيدة مستساغة الفهم وقوية المعنى.
فبالنظر إلى قصيدته التالية التي تعد من أفضل قصائد شعر مدح في شخص غالي نجد أنها تكونت من أبيات يملؤها الحب والاحترام والتقدير، لذا دعونا نتعرف على أبيات تلك القصيدة القوية، والتي أتت على الهيئة التالية:
إِنَّ عَليًّا سادَ بِالتَكَرُّمِ
وَالحِلمِ عِندَ غايَةِ التَحَلُّمِ
هَداهُ رَبّي لِلصِراطِ الأَقوَمِ
بِأَخذِهِ الحِلَّ وَتَركِ المَحرَمِ
كَاللَيثِ عِندَ اللَبُواتِ الضَيغَمِ
يُرضِعنَ أَشبالًا وَلَمّا تُفطَمِ
فَهوَ يَحامي غَيرَةً وَيَحتَمي
عَبلُ الذِراعَينِ كَريه شَدقَمِ
مُجَوَّفُ الجَوفِ نَبيلُ المَحزَمِ
نَهدٌ كَعادِيِّ البِناءِ المُبهَمِ
يَزدَجِرُ الوَحيُ بِصَوتٍ أَعجَمِ
تَسمَعُ بَعدَ الزَبرِ وَالتَقَحُّمِ
مِنهُ إِذا حَشَّ لَهُ ترَمرم
مُندَلِقُ الوَقعِ جَرِيُّ المُقدَمِ
لَيثُ اللُيوثِ في الصِدامِ مِصدَمِ
وَكَهَمسِ اللَيلِ مِصَكّ مِلدَمِ
عُفروسِ آجامٍ عُقارِ الأَقدَمِ
كَرَوَّسِ الذَفرِي أَغَمّ مكدم
ذو جَبهَةٍ غَرًّا وَأَنفٍ أَختَمِ
يُكنى مِنَ البَأسِ أبا مُحَطِّمِ
قَسورَة عَبسٍ صَفِيِّ شَجعَمِ
صمَّ صَمات مُصَلخَدٍ صَلدَمِ
مُصَمَّتِ الصُمِّ صَموتٍ سِرطِم
إِذا رَأَتهُ الأُسدُ لَم تَرَمرَمِ
مِن هَيرَةِ المَوتِ وَلَم تُجَمجِمِ
رَهبَةَ مَرهوبِ اللِقاءِ ضَيغَمِ
مُجَرمِزٍ شانٍ ضِرارٍ شَيظَمِ
عِندَ العِراكِ كَالفَنيقِ الأَعلَمِ
يَفري الكَمِيَّ بِالسِلاحِ المُعلَمِ
مِنهُ بِأَنيابٍ وَلَمّا تُقضَمِ
رُكنٍ مُماضيغٍ بِلَحيٍ سَلجَمِ
حامي الذِمارِ وَهوَ لَمّا يُكدَمِ
تَرى مِنَ الفَرسِ بِهِ نَضحَ الدَمِ
بِالنَحرِ وَالشِدقَينِ لَونَ العَندَمِ
أَغلَبُ كَم رَضَّ أُنوفَ الرُغَّمِ
إِذا الأسودُ أَحجَمَت لَم يَحجمِ
خُبَعثَنٌ أَشوسُ ذو تَهَكُّمِ
مُشتَبِكُ الأَنيابِ ذو تَبَرطُمِ
وَذو أَهاويلَ وَذو تَجَهُّمِ
ساطٍ عَلى اللَيثِ الهِزَبرِ الضَيغَمِ
وَعَينُهُ مِثلَ الشِهاب المُضرَم
4- قصيدة أشرق نور القمر الزاهر
ليس بالضروري أن يكون شعر مدح في شخص غالي عائد على صديق لنا أو أحد الأقارب، بل من فرط حبنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه من الممكن أن يكون هو ذلك الشخص الغالي.
هذا بالفعل ما قام به أبو المحاسن الكربلائي، فقد كتب تلك القصيدة الرائعة مدحًا في رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث وصفه بنور القمر الزاهر، فهيا بنا إلى أبيات القصيدة الرائعة التي لا يمكن ألا تأخذنا إلى عالم يخلو من الدنس، حيث أتت أبياتها على النحو التالي:
أشرق نور القمر الزاهر
سبط النبي المصطفى الطاهر
يا ليلة قرت بها كل عين
حين أرتنا ثاني الفرقدين
في صبحها أشرق نور الحسين
بدر الهدى بحر الندى الزاخر
فالعيش غض بهج مورق
وكوكب السعد لنا مشرق
وروض آمال الورى مونق
طابت مجاني روضه الناضر
هز له الإسلام أعطافه يشكر
للخالق الطافه
هذا الذي أنزل أوصافه
في الذكر فيه بهجة الذاكر
من معدن اللطف بصنع حكيم
لاح لنا جوهر مجد صميم
ذلك تقدير العزيز العليم
فجل صنع الملك القادر
بشائر دارت بقداحها
فاهدت الروح لارواحها
يا ليلة عمت بأفرادها
كل الهنا في صبحك السافر
هذا سليل المرتضى حيدر
ساقي الورى من سلسل الكوثر
يا شيعة الحق إلا فأبشري
بالحشر في حب بني الحاشر
إجابة الدعوة في قبته
كذا شفاء الداء في تربته
والعفو والغفران في زورته
فالبشر للوافد والزائر
وعترة المختار ساداتنا
بحبهم تقبل طاعاتنا
وفيهم تنجح حاجاتنا
فهم أجل الذخر للذاخر
من كان في نهج الولا مستقيم
فقد أتى الله بقلب سليم
وفاز بالجنة دار النعيم
ولم يخف من زلة العاثر
فعيش من والاهم ناعم
وكل من عاداهم نادم
ليس من الله له عاصم
بعدًا له من خائب خاسر
بالله اسياقي كاس الطلا
لا تسقني غير كؤوس الولا
وانشد الشعر الذي قد حلا
وقل رعاك الله من شاعر
هذا ثنائي والنظام البديع
تزهو كما يزهو رياض الربيع
أودعت در النظم بحر السريع
يهدى إلى بحر الندى الوافر
لا يكتمل إيمان الشخص المسلم، حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إليه من كل نفيس، لذا وبعد أن قرأنا تلك القصيدة الرائعة، علينا أن نتفقه في سيرة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، من أجل التعرف عليه ليزداد حبه في قلوبنا ويبلغ حقه ويكون أغلى من مرت سيرته بأعمارنا.
فرسول الله صلى الله عليه وسلم هو أحق الناس بقول شعر مدح في شخص غالي، لذا قد كتب عنه الشاعر الفضيل أبو المحاسن الكربلائي.
5- قصيدة سما برأسك
هذه القصيدة من أجمل قصائد شعر مدح في شخص غالي حيث كتبها الشاعر أبو المحاسن الكربلائي، واحتوت على الكثير من المعاني المصقلة التي من شأنها أن تدخل القلب دون استئذان، فلغتنا العربية القويمة علاوة على أسلوب الشاعر قد نسج قصيدة من أروع ما يكون.
فقصيدة سما برأسك من القصائد التي تعبر عن مدى الحب والمشاعر الصادقة التي يكنها الفؤاد للشخص الغالي، ذلك الذي لا يوجد سببًا لحبه على الإطلاق، لذا دعونا نتعرف على أبيات تلك القصيدة الرائعة، حيث أتت شطورها على النحو التالي:
سما برأسك تاج نوره سطعا
تاج له السعد والأقبال قد جمعا
يا سيف آل الهدى لا سيف ذي يزن
اشرب هنيئًا عليك التاج مرتفعا
إن توجوك فحق أنت صاحبه
والحق أولى بأن يعطى ويتبعا
سيفًا تقلدته تمضي مضاربه
كأنما حدّه من عزمك انطبعا
نضوت منه صنيعًا مرهفًا خذمًا
طابت به يدك البيضاء مصطنعا
لما دعوت أجبنا أن سنتنا
إن نستجيب إذا داعي الرشاد دعا
فكن لنا خير متبوع نؤمله
فالخير غاية من كنا له تبعا
والشعب يهتف يا ملك العراق اعد
مجدي اخيرًا ومجدي أولا شرعا
كنا على الدهر احرارا وغايتنا
بأن نعيش كما كنا ونجتمعا
أنت المعيد لنا المجد الذي سلفت
أيامه وكأن المجد قد رجعا
وفي ضمانك بعد الله وحدتنا
فاجهد بقومك ألا يذهبوا اشيعا
بالاتفاق ملكنا الأرض ثم غدا
بالاختلاف عظيم الملك منتزعا
يا دولة السادة الأشارف من مضر
وصلت حبل رجاء كان منقطعا
وأنت يا فيصل الأملاك أشرفهم
إذا ابتغوا في مراقي المجد مطلعا
خاض السياسة والهيجاء منك فتى
بالرأي والسيف كل منهما برعا
كنا على ظمأ شوقًا لطلعته
فجاءنا الغيث مرتادًا ومنتجعا
نال العراق مناه اليوم وابتهجت
منا النفوس وشمل الأمة اجتمعا
يوم الغدير صفا سلسال كوثره
فكل وجد بسلسال الصغا نقعا
يوم به السمع والأبصار قد نعمت
بما تشاهده مرأى ومستمعا
يوم به قد رقى عرش العلى ملك
بمجده اعترف العرش الذي افترعا
فأنطق الحب منا السنًا وصفت
ما في القلوب فقد حازت هو أدمعا
فليهنه الملك وليهنى العراق به
فالسعد بالحسنى المحض قد طلعا
الشاعر أبو المحاسن الكربلائي من أبناء العراق، حيث نشأ على أرضها وتربى وترعرع في خيرها، وله العديد من القصائد والدواوين في مختلف المجالات، خاصةً قصائد شعر مدح في شخص غالي كالتي تعرفنا عليها من خلال السطور السابقة.
اقرأ أيضًا: عبارات عن الصداقة قصيرة
6- قصيدة من مبلغ الفتيان
تلك القصيدة هي واحدة من أجمل قصائد شعر مدح في شخص غالي، كتبها الشاعر عبيد الله الجعفي، حيث استخدم فيها الكثير من مواطن الجمال التي احتوت عليها اللغة العربية، والتي توضح العزة والكرامة والرفعة التي يتحدث بها الشاعر.
الجدير بالذكر أن اللغة العربية هي بحر واسع لا يمكن الوصول إلى منتهاه على الإطلاق، لكثرة مرادفاتها، والقادرة على توصيل المعنى وتوضيحه وتوكيده دون عناء، لذا دعونا نستمتع بالقصيدة الرائعة، والتي أتت أبياتها على النحو التالي:
مَن مبلِغُ الفِتيانِ إِنَّ أَخاهُم
أَتى دونَهُ بابٌ شَديدٌ وَحاجِبُه
بِمَنزِلَةٍ ما كانَ يَرضى بِمِثلِها
إِذا قامَ عَنَّتهُ كبولٌ تُجاوِبُه
عَلى الساقِ فَوقَ الكَعبِ أَسودُ صامِتٌ
شَديدٌ يُداني خَطوَهُ وَيُقارِبُه
وَما كانَ ذا مِن عُظمِ جُرمٍ جَنَيتُهُ
وَلَكِن سَعى الساعي بِما هُوَ كاذِبُه
وَقَد كانَ في الأَرضِ العرضَةِ مَسلَكٌ
وَأَيُّ اِمرِئٍ ضاقَت عَلَيهِ مَذاهِبُه
وَفي الدَّهرِ وَالأَيّامِ لِلمَرءِ عِبرَةٌ
وَفيما مَضى إِن نابَ يَومًا نَوائِبُه
دَعاني إِلَيهِ مصعَبٌ فَأَجَبتُهُ
نَهاري وَلَيلي كُلَّهُ أَنا دائِبُه
أَروحُ وَأَغدُو دائِمًا وَكَأَنَّما
أُبادِرُ غُنمًا في الحَياةِ أناهِبُه
فَكانَ حِبائي إِذ أَنَختُ بِبابِهِ
حجولٌ وَأَحراسٌ وَصَعبٌ مَراتِبُه
فَإِنِّي لَم أَنكُث لَهُم عَهدَ بَيعَةٍ
وَلَم آتِ أَمرًا محدثًا أَنا راهِبُه
فَأَنَّى لَكُم مِثلي يُذَبِّبُ عَنكُمُ
إِذا الصَّفُّ دارَت لِلقِراعِ كَتائِبُه
وَإِنِّيَ مِن قَومٍ سَيُذكَرُ فيهِم
بَلائي إِذا ما غَصَّ بِالماءِ شارِبُه
كَأَنَّ عُبَيدَ اللَّهِ لَم يُمسِ لَيلَةً
مُوَطَّنَةً تَحتَ السُّروجِ جَنائِبُه
وَلَم يَدعُ فِتيانًا كَأَنَّ وُجوهَهُم
مَصابيحُ في داجٍ تَوارَت كَواكِبُه
لَعَمرُكَ إِنّي بَعدَ عَهدي وَنُصرَتي
لَكالسَّيفِ فُلَّت بَعدَ حَدٍّ مَضارِبُه
وَقَد عَلِمَ المُختارُ أَنِّي لَهُ شَجىً
إِذا صَدَّ عَنهُ كُلُّ قِرنٍ يُكالِبُه
أَكُرُّ عَلَيهِ الخَيلَ تَدمَى نُحورُها
أُطاعِنُهُ طَورًا وَطَورًا أُضارِبُه
فَكَم مِن صَريعٍ قَد تَرَكتُ بِمَعرَكٍ
عُكوفًا عَلَيهِ طَيرُهُ وَثَعالِبُه
وَحِصنٍ مَنيعٍ قَد صَبَحتُ بِغارَةٍ
وَأَهلِ نَعيمٍ يضربُ الطَّبلَ لاعِبُه
يقول رسولنا الكريم في حديثه الشريف إنه على المسلم أن يكون مناصرًا لأخيه المسلم إن كان ظالمًا أو مظلومًا، وهنا سأل الصحابة الكرام، ينصره إن كان مظلومًا أمر لا شك فيه، لكن كيف ينصره ظالمًا؟ فجاء رد الحبيب بأن يجعله يكف عن ذلك، هذا الأمر بالنسبة إلى الأشخاص المعتادة.
ما بال ذلك إن كان الشخص هو أحد المقربين الذين تتحدث عنهم قصائد شعر مدح في شخص غالي، ففي تلك الحالة من شأن الشخص أن ينصره ويقف إلى جوراه، وهذا هو الهدف من العلاقات السامية التي تدوم طويلًا، والتي تستحق أن يُقال عنها علاقات دائمة مع الأشخاص الغالية.
قصائد شعر مدح في شخص غالي من القصائد التي تضيف على القلب مشاعر المحبة والحنان وتجعله يتغاضى عن أي إساءة قد بدرت من الطرف الآخر في وقت من الأوقات.