هل يجوز إرجاع الزوجة بعد الطلقة الأولى بدون علمها
هل يجوز إرجاع الزوجة بعد الطلقة الأولى بدون علمها؟ وما هي الطرق التي يرجع بها الزوج زوجته إلى ذمته بعد الطلاق؟ فالطلاق في الإسلام من الأمور الحلال التي وضعها الله للزوجين ولكنه يعد أبغض الحلال، وللطلاق العديد من الأحكام الدينية التي تحفظ حق الطرفين، لذا ومن خلال منصة وميض سنعرض لكم إجابة سؤال هل يجوز إرجاع الزوجة بعد الطلقة الأولى بدون علمها.
هل يجوز إرجاع الزوجة بعد الطلقة الأولى بدون علمها
أحل الله تعالى لعباده المسلمين الطلاق كأحد الوسائل التي يتم من خلالها حل المشكلات التي تحدث بين الأزواج في حال لم تجدي أيٍ من الحلول الأخرى نفعًا، ولكن هناك العديد من الأحكام والشروط التي وضعت في الإسلام، حيث أتاح الدين إمكانية عودة الزوجين معًا بعد الطلاق، لكن الطلاق ثلاث مرات لا يمكن للزوجين العودة بعده إلا في حال تزوجت من غير زوجها السابق ثم تطلقت منه، وهنا يحل لها العودة له.
فالزواج في الأصل هو عقد دائم لا مؤقت، لكن من رحمة الله تعالى بعباده فقد أوجد الطلاق في حالة وجود خلافات زوجية لا يمكن للطرفين العيش أو التأقلم معها، وقد اختلفت المذاهب حول كون الطلاق مباحًا أم مكروهًا، ولكن ورد عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: “مَا أَحَل اللَّهُ شَيْئًا أَبْغَضَ إِلَيْهِ مِنَ الطَّلاَقِ” [رواه عبد الله بن عمر بإسناد صحيح]، وهنا أتى اختلاف آراء علماء الفقه.
من أحد الأحكام التي وضعت في أمر الطلاق هي إمكانية إرجاع الزوج لزوجته بعد الطلاق لأول مرة بدون علمها، وهنا تختلف الأحكام في حال كانت الزوجة لا زالت في أشهر العدة أم أن عدتها قد انتهت ورغب الزوج في إعادتها، أي أن إجابة سؤال هل يجوز إرجاع الزوجة بعد الطلقة الأولى بدون علمها تنقسم إلى قسمين، والتفاصيل تتضح فيما يلي:
1ـ في حال لا زالت الزوجة في أشهر عدتها
في حال حدوث خلافات بين الزوجين وطلق الزوج زوجته، وبعد الطلاق لم تكن أشهر العدة قد مرت بعد وأراد الزوج إعادة زوجته، فقد أجاز الدين له فعل ذلك، فلا يشترط علم الزوجة ولا حضورها عند إرجاعها في شهور العدة، ولا تتم رجعة الزوجين عند المأذون الشرعي حتى وإن كان الطلاق قد تم عند المأذون.
هذا الرأي هو الرأي الذي أجمع عليه أهل الفقه والعلم، فقد قال ابن قدامة: ” أن زوج الرجعية إذا راجعها، وهي لا تعلم، صحت المراجعة، لأنها لا تفتقر إلى رضاها، فلم تفتقر إلى علمها كطلاقها، فإذا راجعها ولم تعلم، فانقضت عدتها، وتزوجت، ثم جاء وادعى أنه كان راجعها قبل انقضاء عدتها، وأقام البينة على ذلك، ثبت أنها زوجته، وأن نكاح الثاني فاسد؛ لأنه تزوج امرأة غيره” وهذا هو المذهب الذي اتجه إليه أكثر أهل العلم.
لكن على الرغم من الاتفاق على هذا الرأي إلا أنه من المستحب أن يكون هناك من الشهود من يشهد على إرجاع الزوج لزوجته، وهناك بعض الآراء الأخرى التي لا توجب وجود الشهود، وهذا الأمر يسري في حال كانت هذه الطلقة هي الطلقة الأولى أو الثانية، والاختلاف يأتي في وجوب وجود الشهود أم لا.
اقرأ أيضًا: متى تندم المطلقة على طلب الطلاق
2ـ إرجاع الزوجة التي انقضت فترة عدتها
أما في حال كانت شهور عدة الزوجة قد انقضت، وأراد الزوج إرجاعها إلى ذمته، فهذا لا يجوز له، سواءً كان ذلك في الطلقة الأولى أو الثانية، فطالما أن فترة العدة قد انقضت فإن المرأة تكون بحاجة للزواج والنكاح من جديد ويشترط به جود مهر جديد، وهذا ما وضحناه في قول بن قدامة سابقًا.
اقرأ أيضًا: توثيق الطلاق في المحكمة
طرق إرجاع الزوجة مرةً أخرى بعد الطلاق
بعد التعرف إلى إجابة سؤال هل يجوز إرجاع الزوجة بعد الطلقة الأولى بدون علمها ومعرفة أحكام الدين التي وردت في مثل هذا الأمر، فمن الجدير بالذكر أن هناك بعض الطرق المختفلة التي أحلها الدين الإسلامي حول إرجاع الزوجة مرةً أخرى بعد الطلاق، وهذه الطرق تنقسم إلى قسمين وهما الرجعة بالقول أو الرجعة بالفعل، ومن خلال الفقرات التالية سنتعرف إلى كل طريقة بالتفصيل كما يلي:
1ـ إرجاع الزوجة بالقول
اتفق الفقهاء على أن إرجاع الزوجة المطلقة بالقول جائز خلال فترة العدة، فيمكن أن يقول الزوج رددتك إلى عصمتي أو أرجعتك إلى عصمتي أو أي لفظ آخر دال على رد الزوجة إلى زوجها، كما قام الفقهاء بتقسيم ألفاظ إرجاع الزوجة إلى قسمين وهما:
- اللفظ الصريح: وهو اللفظ الذي يكون صريح المعنى مثل أرجعتك أو راجعتك إلى نكاحي، وتكون الرجعة في هذه الحالة صحيحة ولا حاجة للنية.
- اللفظ الكناية: وهو اللفظ الغير صريح لكنه يحمل نفس معنى إرجاع الزوجة، مثل قول أنتِ امرأتي أو أنت عندي كما كنتِ، وهنا يجب أن ينوي الرجل بداخله نية إرجاع زوجته، لأن هذه الألفاظ من الألفاظ التي تحمل الكثير من المعاني.
هناك بعض الألفاظ مثل قول أمسكتك أو رددتك والتي قد يكون لها معاني الكناية أو المعاني الصريحة، فقد اعتبرتها مذاهب الشافعية والمالكية من ألفاظ الكناية التي يلزمها وضع نية إرجاع الزوجة، واعتبرتها بعض المذاهب الأخرى ألفاظًا صريحة لا تحتاج لنية الإرجاع مثل الحنابلة والحنيفية.
اقرأ أيضًا: متى تحرم الزوجة على زوجها بعد الطلاق
2ـ إرجاع الزوجة بالفعل
من ثاني الطرق التي يمكن أن يرجع بها الزوج زوجته إلى ذمته هي الفعل، حيث اعتبر مذهب الحنيفية أن إقامة الجماع أو مقدماته بين الزوجين يعني رجعتهما، وأي فعل سواءً كان صريحًا أو دلالة على نية الزوج إرجاع زوجته فهو صحيح ويعني عودتهما معًا، ومن هذه الأفعال أن يقوم الزوج بتقبيل زوجته بشهوة وغيرها من الأفعال التي تدل على رضاه بعودتهما.
أما في مذهب الحنيفية فقد ارتبط الفعل بالشهوة، فإذا كان فعل الزوج من تقبيل أو النظر أو اللمس بدون شهوة، فهذه الأفعال لا تدل على رجعتهما، أما إذا حدث ذلك من أحد الطرفين بشهوة فهي دلالة على صحة الرجعة بين الطرفين.
رأى مذهب المالكية أن الأفعال أيًا كانت يجب أن تكون مصحوبة بنية الزوج الجادة لإرجاع زوجته، فلا صحة لها إذا كانت تتم بلا نية في الرجعة، وآخر المذاهب وهو مذهب الشافعية فقد خالف كل الآراء التي وردت سابقًا، حيث رأى أهل الشافعية أن رجعة الزوجة إلى زوجها لا تصح بالوطء ولا بالأفعال أيًا كانت، فهم رأوا أن الزوجة المطلقة رجعيًا تصبح أجنبية بالنسبة لزوجها ولا يجب لها القيام بأي فعل أو الوطء بها، ورجعتهما لا تحل سوى بالقول ومن بعدها يأتي الفعل.
اختلفت الآراء والأقوال حول إجابة سؤال هل يجوز إرجاع الزوجة بعد الطلقة الأولى بدون علمها، لكن الرأي الذي سبق ذكره هو الرأي الشائع والمتفق عليه بين الكثير من أهل العلم، وننصح بتحري صحة عودة الزوجة إلى زوجها بعد الطلاق لكيلا يكون وجودها معه غير جائز بغير علم.