هل تتحقق الرؤيا إذا فسرت
هل تتحقق الرؤيا إذا فسرت؟ وهل تتحقق الرؤيا بتفاصيل تفسيرها؟ فإن الرؤى من ضمن الأمور التي تسبب الحيرة والقلق بالنسبة للرائي، وفور تفسيرها إن وجدها خيرًا ينتظر تحقيقه، وإن وجد التفسير شرًا يقلق ويتوتر، فقد وضع علماء الدين بعض الآراء بخصوص ذلك الأمر، واستندوا فيها بأدلة من السنة النبوية، لذا سوف نتطرق إلى عرض إجابة سؤال هل تتحقق الرؤيا إذا فسرت من خلال منصة وميض.
هل تتحقق الرؤيا إذا فسرت
عن أبي قلابة عبد الله بن زيد ـرضي الله عنهـ أن الرسول ـعليه الصلاة والسلامـ قال: “إنَّ الرُّؤْيا تقَعُ على ما عُبِّرَ، ومَثَلُ ذلك كمَثَلِ رجُلٍ رفَعَ رِجلَه فهو يَنتَظِرُ متى يَضَعُها، فإذا رَأى أحَدُكم رُؤْيا، فلا يُحدِّثْ بها إلَّا ناصِحًا، أو عالِمًا.” [حديث مرسل تخريج زاد المعاد].
تختلف الرؤيا أثناء النوم حسب طبيعة الحلم وظروفه، فهناك بعض الرؤى التي لا تكون سوى أضغاث أحلام من الشيطان أو من العقل الباطن للشخص نتيجة مخاوفه أو تفكيره الزائد عن الحد، بينما هناك الرؤى المحمودة التي تكون من الله تعالى وتبشر بالخير.
الحقيقية أن علماء الدين قد استندوا على بعض الأدلة من السنة النبوية بخصوص إجابة سؤال هل تتحقق الرؤيا إذا فسرت، وقسموها إلى عدة نقاط والتي تتمثل فيما يلي بالتفصيل:
1ـ تحقق الرؤيا مطلقًا
يقصد بهذا الأمر الذي أوضحه العلماء أن الرؤيا تتحقق حسب أول تفسير يجده الشخص لها، أي أن أي تفسير آخر لها لن يتحقق بعد ذلك، حتى وإن كان ذلك التفسير يحمل الشر أو الخير، وهو سيكون التفسير المحتمل لها.
استند العلماء بخصوص ذلك على قول رسول الله ـعليه الصلاة والسلام- كما أوضحوا أن المرء يُساق حسب قدره، والقدر مرتبط بما يتفوه به الشخص من لسانه ويتوقع حدوثه من الله تعالى، وهو ما يجعل من الطبيعي أن يكون أول تفسير للرؤيا محتمل التحقق.
اقرأ أيضًا: الفرق بين الحلم والرؤيا وحديث النفس والكابوس
2ـ تحقق الرؤيا على شرط احتماليتها
من ضمن الأمور التي أوضحها الفقهاء بخصوص إجابة سؤال هل تتحقق الرؤيا إذا فسرت، وهي أن التفسير يعتمد على احتمالية كون التفسير صحيحًا أم لا، ولا يشترط هنا أن يكون خطأ أو صواب أو خير أو شر، بل يعتمد على مدى احتمالية حدوثه، حيث إن هناك بعض التفسيرات التي تكون ناتجة عن اللاشيء ولا يكون لها مؤشر كبير للحدوث.
قد استند العلماء في ذلك الحديث الشريف المنقول في السيرة النبوية للرسول الكريم -عليه الصلاة والسلام- فعن عبد الله بن عباس ـرضي الله عنه ـ أن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال: “في حديثٍ طَويلٍ، فيهِ ذِكْرُ رُؤيا عبَّرَها أبو بَكْرٍ رضيَ اللَّهُ عنهُ عندَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقالَ: أصبتُ يا رسولَ اللَّهِ؟ قالَ: أصبتَ بعضًا، وأخطأتَ بعضًا، قالَ أقسمتُ عليكَ، يا رسولَ اللَّهِ قالَ: لا تُقسِمُ” [حديث صحيح نخب الأفكار].
حيث إن الرسول أوضح في الحديث الشريف أنه ليس كل تفسير يصدر عن الفقهاء أو الدارسين قد يكون صحيحًا، وهو ما يجعل الإجابة عن سؤال هل تتحقق الرؤى إذا فسرت بأنه لا، لا يمكن أن يتحقق كل تفسير للرؤى بشكل كبير.
اقرأ أيضًا: هل الحلم يتحقق في النهار
3ـ تحقق الرؤيا حسب الخير والشر
من ضمن الآراء التي تخص إجابة سؤال هل تتحقق الرؤى إذا فسرت، هي أن الرؤيا قد تتحقق على التفسير الأول الخيّر لها، ولا يشترط أن يكون الخير متوقع بذاته، ولا يشترط أن يتم تحقق جميع تفاصيل التفسير بالضبط.
على سبيل المثال، إن قال المفسر إن تفسير الرؤيا يدل على قرب الزواج، فذلك لا يعني أن الزواج هو ما سيحدث بالضبط، لكن يمكن أن يتحقق الخير للرائي، وبالتالي يتحقق التفسير الخير للرؤيا بشكل عام وليس تفاصيل التفسير.
كذلك في حالة كان تفسير الرؤيا يدل على الشر أو حدوث أمر ما غير جيد، ففي تلك الحالة من الممكن أن يتحقق أية أمر غير سار للشخص، ولا يشترط أن يكون التفسير بالتفصيل هو الذي سيحدث كفقد الأموال، أو المرض فيمكن أن يكون أبسط من ذلك.
استند العلماء في ذلك الرأي حسب حديث نبوي من السيرة المنقولة على ألسنة الصحابة، فعن عائشة أم المؤمنين ـ رضي الله عنها ـ أن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ قالت: “…. فقالَ: مَهْ يا عائشةُ! إذا عَبَرْتُمْ للمُسلِمِ الرُّؤْيا، فاعْبُروها على خَيرٍ؛ فإنَّ الرُّؤْيا تكونُ على ما يَعْبُرُها صاحِبُها.” [حديث حسن تخريج شرح السنة].
أي أن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ قد نصح بأن يتم تأويل الرؤيا بأنها خير، حيث إن التفسير الأول للرؤيا والذي يكون خير هو ما يتحقق.
الحسم في تحقق الرؤيا بعد تفسيرها
بعد التعرف على الآراء المختلفة للعلماء في الدين بخصوص سؤال هل تتحقق الرؤى إذا فسرت، نجد أن الفصل بين تلك الآراء سهلًا، فجميعها استندت في أقوالها على أدلة من السنة النبوية الشريفة، وما نطق رسولنا الكريم ـ عليه الصلاة والسلام ـ عن الهوى.
فتتحقق الرؤيا حسب تفسير قيل عنها، سواء كان بالخير أم الشر، بينما يكون الخير أو الشر الممكن حدوثه لا يتعلق بتفاصيل الرؤيا بشكل كامل، فيمكن أن يحدث أمرًا آخر خير غير المذكور في تفسير الرؤيا.
كما أن الرأي الأصوب في الإجابة عن سؤال هل تتحقق الرؤى إذا فسرت، هو المتعلق بأن القدر يُساق إلى صاحبه حسب قوله، وذلك لأن الإنسان ما إن يتوقع شيء في الحياة يجده مسخر بين يديه.
نستنتج من ذلك أنه يجب على الشخص ألا يحاول تفسير الأحلام التي تدل على المكروه أو غير المحبب إلى نفسه، ويكتفي بالنفث على يساره كما علمنا رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام، كما يجب الحرص على عدم تأويل الرؤيا لدى الأشخاص الغير جديرين والحصول على رأي الفقهاء والمتخصصين.
اقرأ أيضًا: تفسير رؤية الموت في الحلم بجميع حالاته
الفرق بين الحلم والرؤيا
بعد التعرف على إجابة سؤال هل تتحقق الرؤيا إذا فسرت، فمن الجدير بالذكر أن يتم التنويه على الفرق بين الرؤيا والحلم، حتى يتمكن الشخص من الرؤيا المناسبة للبحث عن تفسيرها، ولا يعطي بالًا للأحلام التي تكون من عقله الباطن أو الشيطان ليس إلا.
قد أوضح فقهاء دار الإفتاء بأن هناك فارق بين الرؤيا والحلم، والتي تظهر أثناء رؤية الحالم للمنام، وأوضحوا أن الرؤيا بشكل عام تكون مبنية على إيصال رسالة معينة للحالم، بينما يكون الحلم غير مرتب أو مفهوم بالنسبة له، وتتمثل الفروق فيما يلي.
الرؤيا هي أن يرى الحلم الأمر المحبوب إلى قلبه، وتكون الرؤيا من الله تعالى، وهي تكون بمثابة تحذير من شر أو تبشير بالخير القريب من رب العالمين، ومن المُستحب أن يجلس الحالم على جانبه ويصلي ركعتين بعدها.
أما الحلم فيكون من العقل الباطن للإنسان ومن الشيطان، فمتى رأى الشخص مكروهًا في منامه فتلك من أضغاث الأحلام، ولا يجب أن يعطي لها بالًا.
فلا ينبغي أن يتم البحث عن تأويل مثل تلك الأحلام، بل يبصق الحالم على جنبه الأيسر ثلاث مرات كما علمنا رسولنا الكريم ـ عليه الصلاة والسلام ـ ومن ثم يتعوذ بالله تعالى من الشيطان الرجيم.
قدر الإنسان مُعلق بظنّه بالله تعالى، فيجب العلم أنه لن يصيب الإنسان سوى ما يريده الله -عز وجل- من خير، وأن حسن الظن بالله حتى في تفسير الرؤى يجلب الخير.