لماذا نهى الرسول عن النوم بين الظل والشمس
لماذا نهى الرسول عن النوم بين الظل والشمس؟ وهل توجد وضعيات للنوم والجلوس محرمة؟
مثل تلك الأسئلة كثيرًا ما تتردد من قبل الأشخاص الذين يفاجئون بحديث ما عن النبي أنه قد نهى عنه، ويرون أنها أمر عادي فلم التحريم فيها!
سنوضح من خلال منصة وميض ما هو السبب الحقيقي وراء نهي النبي عن النوم نما بين الظل والشمس، كما سننوه بوضعيات النوم والجلوس الأخرى التي نُهيَ عنها في الإسلام.
لماذا نهى الرسول عن النوم بين الظل والشمس
إن الإجابة عن سؤال لماذا نهى الرسول عن النوم بين الظل والشمس هي أن الشيطان كان يجلس في الموضع الذي يغمره الشمس ثم تخلل إليه الظل، وفي ذلك روى أبو هريرة رضي الله عنه وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا كان أحدكم في الشمس، فقلص عنه الظل وصار بعضه في الظل وبعضه في الشمس فليقم؛ فإنه مجلس الشيطان”
بمعنى آخر لقد نهى النبي عن الجلوس في مثل هذه الأماكن أو المواضع لأن المجلس الصحيح للشيطان هو ما يكون بين الضح “أي الشمس” وبين الظل، وهذا لا يليق ببني آدم وخاصة المسلم بأن يحاكيه فالصحيح إما أن يكون كامل الجسم في الشمس أو يكون كله في الظل، وفي ذلك برهان واضع على بعد نظر النبي صلى الله عليه وسلم وعلمه بما ينفع الإنسان وما يضره.
إن جسم الإنسان عندما يكون على وضع معين إما بارد أو ساخن فإنه في تلك الحالة يكون متوازنًا، ولكن في حال كان جزء منه في الظل والجزء الآخر معرض بشكل مباشر لأشعة الشمس فإن ذلك التوازن يختل، بحيث يصبح نصف جسمه حار ونصفه بارد مما يعود عليه بالضرر، وربما يعد ذلك هو السبب الأهم لدى النبي صلى الله عليه وسلم من فرط حبه في أمته.
اقرأ أيضًا: ومن يتق الله يجعل له مخرجًا سبب نزول الآية وتفسيرها
الأدلة العلمية على كراهة النوم بين الظل والشمس
إن الإجابة عن سؤال لماذا نهى الرسول عن النوم بين الظل والشمس مدعومة بالكثير من الأدلة والبراهين العلمية وبالرغم من قدم عهد النبي صلى الله عليه وسلم وإلقائه لهذا الحديث، إلا أنه في العصر الحديث أثبتت الكثير من الدراسات الطبية الخاصة بالطبيعية البيولوجية لجسم الإنسان أن جسده في تلك الوضعية الخاطئة يعود عليه بالضرر.
كما أشار العلماء في ذلك مؤكدين صحة ما قاله الرسول منذ ما يقرب من ألف وأربعمائة وخمسين عامًا أن نوم أو جلوس الإنسان فيما بين الظل والشمس، يجعله عرضة لمؤثرين شديدي الخطر في نفس الوقت مما ينتج عنه إحداث خلل في الجهاز العصبي المركزي في جسم الإنسان، هذا إلى جانب تركز الأشعة فوق البنفسجية التي تعد جزءً من أشعة الشمس كليًا عند الحد الفاصل مما يعود بالضرر البالغ على صحة الجلد ويجعله عرضة للخطر.
إن تلك الأدلة والحقائق العلمية دفعت الكثير من علماء الغرب إلى الإشادة بعقلية النبي صلى الله عليه وسلم الفريدة وبعد نظره وصدقه، ولقد قال سعيد: “حدثنا سفيان عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي في الشمس فأمره أن يتحول إلى الظل. وفي رواية عن قيس عن أبيه: أنه جاء ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فقام في الشمس فأمر به فحول إلى الظل”
الشيخ الشعراوي ورأيه في النهي عن النوم بين الظل والشمس
لقد ناقش إمام دعاة العصر الحديث والمعاصر محمد متولي الشعراوي رحمه الله الإجابة عن سؤال لماذا نهى الرسول عن النوم بين الظل والشمس مسبقًا، واستدل في إجابته عن هذا السؤال بالأدلة والبراهين التي ذكرت في كتاب الله الحكيم ولقد قال في ذلك:
“إن الشمس هي إعجاز عظيم من الله في خلقه حيث إنها لا تغيب أبداً ويتعدد مشرقها ومغربها في أعين الرائي لها، فيقول تعالى متحدثاً عن ذي القرنين “حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ”
بمعنى أنها لا تغيب قط في عين الإنسان إلا لكي تشرق عند غيره في موضع آخر، لأن التوازن الطبيعي للأرض ولمن عليها من البشر وغير البشر لا يسمح بأن تشرق الشمس وتغرب في نفس الآن، وهذا ما يفسر أن الإنسان لا يجب أن يجلس في مكان تغمره الشمس من ناحية وتغيب عنه من ناحية أخرى.
لأن ذلك فيه إخلال بميزان الطبيعية التي خلق عليها جسم الإنسان من الداخل والخارج وكل ما انتهك قوانين الطبيعة فسد عن آخره، وهذا وفقًا للمثل الواقعي الذي يقول بأن كل ما زاد عن الحد انقلب إلى الضد.
كما قال الشيخ الشعراوي في تفسيره لقول الله تبارك وتعالى: أن القرآن حينما تحدث عن ذي القرنين قال “حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ الشمس”، وفي هذه الآية دلالة واضحة على أن ذكر الله سبحانه وتعالى دائم في كل زمان وكل مكان، فما يحين من مغرب هنا يقابله ظهر هنا، مشيراً إلى أن الشمس دائمة مشرقة، لذا تتعدد المشارق والمغارب، ما يعني دوران ذكر الله في كل الأوقات والأزمان ولا ينتهي فالظهر لله والمغرب لله، ولفظ الأذان لا ينتهي أبداً، لذا كان بعض العقلاء يقولون :”يا زمن وفيك كل الزمن”
اقرأ أيضًا: أضرار النوم على البطن للبنات
الوضعيات الجسدية التي نهى الرسول عنها
إن الإجابة عن سؤال لماذا نهى الرسول عن النوم بين الظل والشمس يجب أن تكون أعم وأشمل وتتخطى ذلك الحد، بمعنى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينهَ فقط عن نوم المسلم في موضع ما بين الشمس والظل فحسب، بل توجد وضعيات جسدية أخرى غير محببة ومنهيّ عنها فيما بين نوم وجلوس ومن بينها:
1- النوم أو المبيت بانفراد
لقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه من غير المستحب أن يبيت الرجل وكذلك المرأة في بيت ليس فيه من أحد، كما قال بأنه من غير المستحب أيضًا أن يسافر الرجل أو المرأة كلٌ منهم منفردًا لكي يبيت في مكان خاوٍ من سواهما، ولقد أورد المناوي في فيض القدير
“لا يستحب أن يبيت الرجل ومثله المرأة وحده أي في دار ليس فيها أحد، فعلى الرجل أن يبحث عمن يبيت معه”
اقرأ أيضًا: لماذا نهى الرسول عن النوم على البطن
2- النوم على البطن
لقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين عن أن ينام أحدهم مضطجعًا على بطنه ولقد قيل أيضًا أن تلك الوضعية هي وضعية أهل النار، وفي ذلك ورد في حديث رواه طخفة بن قيس الغفاري أنّه قال: “ضِفْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ فيمَن تَضَيَّفَه مِن المَساكينِ، فخَرَجَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ في الليلِ يَتَعاهَدُ ضَيْفَه، فرآني مُنبَطِحًا على بَطْني، فأركضني برِجْلِه، وقال: لا تَضطَجِعْ هذه الضِّجْعةَ؛ فإنَّها ضِجْعةٌ يُبغِضُها اللهُ”
من خلال الإجابة عن سؤال لماذا نهى الرسول عن النوم بين الظل والشمس يمكننا الآن التأكد من أن النبي، لم ينهنا قط عن فعل أو قول أو حركة ما إلا لكونها تشكل خطرًا علينا دينًا ودنيا وآخرة.