لماذا أخفى الله موت سيدنا سليمان عن الجن
لماذا أخفى الله موت سيدنا سليمان عن الجن؟ وما الحكمة من ذلك؟ كان سيدنا سليمان من الأنبياء الذين بعثهم الله إلى بني إسرائيل، وقد ذكره الله في كتابه الكريم؛ لأنه من الشخصيات القوية وله العديد من المواقف والقصص التي يستفاد منها الإنسان عند تأمل تلك القصص، ومن خلال منصة وميض سنجيب على سؤالكم لماذا أخفى الله موت سيدنا سليمان عن الجن.
لماذا أخفى الله موت سيدنا سليمان عن الجن؟
هناك الكثير من الروايات التي قيلت في السبب وراء إخفاء الله خبر موت سيدنا سليمان عن الجن، تختلف الروايات لكن السبب واحد وهو أن نبي الله سليمان أراد من الله أن يثبت للناس أن الجن ليسوا كما يقولون إنهم يعلمون الغيب.
فقد حكى الله لنا خبر موت سيدنا سليمان وإخفاء موته عن الجن حتى تعلم الناس عدم اطلاع الجن على الغيب، ولم يخبرنا الله عن المدة التي جلسوا فيها يعملون ولم يعلموا بموت سيدنا سليمان.
بالإضافة إلى أنه عز وجل لم يخبرنا بحال أهله رضي الله عنه هل عرفوا بأمر وفاته في وقتها أم لم يعلموا؟
هناك العديد من الروايات التي قيلت في وفاة نبي الله سليمان، ومن خلال الفقرات التالية سنعرضها لكم:
1- رواية الإمام البغوي في وفاة نبي الله سليمان
للإجابة عن سؤال لماذا أخفى الله موت سيدنا سليمان عن الجن قد فسر أهل العلم خبر وفاة سيدنا سليمان رضي الله عنه وإخفاؤها عن الجن بالعديد من القصص، حيث أن نبي الله سليمان عليه السلام كان يتعبد إلى الله عز وجل لفترة تصل من السنة إلى السنتين، لم يتمكن أهل التفسير من العلم بالوقت المحدد.
فقد كان يفعل ذلك حتى يتقرب إلى الله، وكان حريص على ألا يدخل عليه أحد أثناء هذه الفترة، وقيل إن خبر وفاته صادف هذه الفترة.
قال الإمام البغوي في تفسيره “ قال أهل العلم: كان سليمان عليه السلام يتجرد في بيت المقدس السنة والسنتين والشهر والشهرين وأقل من ذلك أو أكثر يدخل فيه طعامه وشرابه فأدخله في المرة التي مات فيها.”
اقرأ أيضًا: قصة سيدنا سليمان كاملة
2- رواية الطبري وابن كثير والقرطبي في وفاة سيدنا سليمان
في إطار الإجابة عن سؤال لماذا أخفى الله موت سيدنا سليمان عن الجن اتفق العلماء والمفسرين كلا من الإمام الطبري وابن كثير والقرطبي على أن سيدنا سليمان رضي الله عنه توفى ولم تعلم الجن عن خبر وفاته؛ ويرجع السبب في ذلك إلى أن الجن كانوا يقولون إنهم يستطيعون أن يعلموا الغيب.
كان الله عز وجل قد سخر الجن لخدمة سيدنا سليمان حتى يقوموا على طاعته وفعل جميع ما يأمرهم به، فكانوا يعملون على بناء المحاريب والتماثيل والجفان والقدور الراسيات.
كما أن الله عز وجل علم سيدنا سليمان لغة الطير، فكان سيدنا سليمان يفهم ما يقوله الطير بعضهم إلى بعض، وعلمه عز وجل لغة جميع الكائنات الحية والحيوانات حتى أن كان يسمع النمل، يقول الله تعالى في كتابه الكريم: (حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ) [النمل: 18].
روى الأئمة الثلاثة في خبر وفاة سيدنا سليمان رضى الله عنه للإجابة عن سؤال لماذا أخفى الله موت سيدنا سليمان عن الجن، أن سيدنا داود عليه السلام كان قد بدأ في بناء بيت المقدس وتوفى قبل أن يكمله وأوصى أن يقوم سيدنا سليمان باستكمال بناؤه، فقام سيدنا سليمان بأمر الجن أن يستكملوا بناء بيت المقدس، فأطاع الجن أمر نبي الله سليمان.
فلما أحس نبي الله سليمان بدنو أجله أمر أهله ألا يخبروا الجن بخبر وفاته حتى ينتهوا من بناء بيت المقدس، كان الوقت المتبقي على إتمامه هو سنة كاملة.
قال الإمام ابن جعفر أن هذه الرواية هي أحسن ما قيل في خبر وفاة سيدنا سليمان وإخفاء خبر وفاته عن الجن.
مما قيل أيضا في السبب وراء إخفاء خبر وفاة نبي الله سليمان عن الجن للإجابة عن سؤالكم لماذا أخفى الله موت سيدنا سليمان عن الجن أن السبب في ذلك هو الدعاء، حيث قيل إن النبي سليمان قام بالدعاء حتى يعمى الله عنه أعين الجن فلا يعلمون بوفاته من أجل أن تعلم الإنس أن الجن ليس لهم أن يعلمون غيب السماوات والأرض.
بالفعل حدث ما كان يريده سيدنا سليمان ولم يدخل عليه أحد من الجن حتى انتهوا من بناء المسجد الأقصى أو بيت المقدس، ولم يعرف الجن أمر موت نبي الله سليمان إلى أن دلتهم دابة الأرض على موته، يقول الله عز وجل في كتابه الكريم: (فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ) [سبأ:14].
قصة موت نبي الله سليمان
قال العلماء والمفسرين عن قصة موت نبي الله سليمان أنه كان يتعبد في بيت المقدس بالسنة والسنتين أو الشهر والشهرين، وفي بعض الأحيان أقل من ذلك أو أكثر من ذلك.
كان في خلال تلك الفترة لا يدخل عليه أحد ولا شيء غير الطعام والشراب وفي مرة من المرات التي دخل له فيها الطعام تم اكتشاف وفاته.
قيل إنه كان كل يوم يصبح فيه كانت تنبت في محرابه شجرة، فكان يسألها ما اسمك؟ فكانت تجيب عليه الشجرة وتقول اسمي كذا، فيرد عليها نبي الله سليمان ويقول: لأي شيء أنت؟ فكانت تقول لكذا وكذا، ثم كان يأمر بها فتقطع.
ففي حالة كانت تنبت من أجل غرس غرسها، وفي حالة كانت من أجل دواء كتب، حتى أنها في يوم من الأيام نبتت شجرة، فسألها ما اسمك قالت: اسمي الخروبة، فسألها بأي شيء نبت؟ فردت عليه الشجرة وقالت لخراب مسجدك، فرد نبي الله سليمان وقال: لا يمكن أن يتم خراب مسجدي وأنا حي، ثم قال أأنت التي على وجهك هلاكي وخراب بيت المقدس!
ثم قام أمر بنزعها من مكانها، وأمر بغرسها في حائط له، وبعد ذلك دعا الله أن يعمي عن موته أعين الجن حتى يعلم الناس أن الجن لا يعلمون الغيب.
يرجع ذلك إلى أن الجن كانت تقول للناس أنهم يعلمون الغيب وبإمكانهم أن يعرفوا ما سيحدث في المستقبل ومتى.
فبعد أن دعا الله بذلك قام يصلي في المحراب متكئا على عصاه، فأماته الله وهو قائم، وكانت المحراب قد كوى من خلفه ومن بين يديه، وكان الجن يعملون على بناء بيت المقدس ويقومون بالأعمال الشاقة التي كانوا مكلفون بها في حياته عليه السلام.
فكانوا كلما نظروا إليه ظنوا أنه حي، فكان أمر عدم خروجه على الناس ليس بالأمر الجلل الذي يجعلهم يتساءلون هل مات أم لا؟ لأنه كان كثير التعبد والمكوث في المحراب.
لذلك ظلت الجن تعمل بجد ودائب حتى بعد موته، وظلوا على هذه الحالة لمدة تصل إلى حوالي عام كامل، حتى أن الأرضة أكلت عصا سيدنا سليمان التي كان يتكئ عليها، حينها علم الجن بموت سيدنا سليمان.
قال ابن عباس رضي الله عنه أن الجن قامت بشكر الأرضة؛ لأنها كانت السبب في علمهم بموت نبي الله سليمان.
من هنا فتعد معرفتكم بقصة موت نبي الله سليمان من إحدى الإجابات الوافية لمعرفة لماذا أخفى الله موت سيدنا سليمان عن الجن.
خلافة نبي الله سليمان لنبي الله داود في بناء مسجد بيت المقدس
في نطاق الإجابة عن سؤال لماذا أخفى الله موت سيدنا سليمان عن الجن، فإن الله قد من على كلا من نبي الله سليمان وعلى نبي الله داود من قبله بأن قما ببناء بيت المقدس، وهو من ثاني المساجد التي وضعها الله عز وجل على الأرض، ففي الحديث الشريف عن أبي ذر الغفاري عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (قُلْتُ: يا رسولَ اللهِ، أيُّ مسجِدٍ وُضِعَ في الأرضِ أَوَّلًا؟ قال: المسجِدُ الحرامُ، قال: قُلْتُ: ثمَّ أيُّ؟ قال: ثمَّ المسجِدُ الأقصى، قال: قُلْتُ: كم بيْنَهما؟ قال: أربعونَ سَنةً، فأيْنَما أدرَكتْكَ الصَّلاةُ فصَلِّ، فهو مسجِدٌ) حديث صحيح.
يقول الله تعالى في ذلك في كتابه الكريم: (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا ۖ وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ* وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ۖ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ ۖ أن هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ) [النمل:15-16]
سيدنا سليمان هو ابن نبي الله داود، وسيدنا داود من سبط يهوذا من بني إسرائيل.
اقرأ أيضًا: الحيوانات التي لا تدخل الجنة
من قصص سيدنا سليمان في القرآن
في إطار الإجابة عن سؤال لماذا أخفى الله موت سيدنا سليمان عن الجن حري بنا أن نذكر لكم بعض القصص التي ذكرت في القرآن الكريم عن نبي الله سليمان.
فقد خص الله أنبياؤه بالعديد من الهبات والنعم، ومن النعم التي خص بها الله نبيه سليمان هي تسخير الجن والطير له، وقد منحه الله معرفة لغة الكائنات الحية بداية من النملة وحتى الأشجار والجماد.
1- نعمة معرفة نبي الله للغة الطير والحيوان
قد كان نبي الله سليمان على علم بما يهمس به النمل بعضهم على بعض، وكان بإمكانه أن يأمر تلك الكائنات الصغيرة بالعديد من الأوامر وكانوا يطيعونه، وكان جيش نبي الله سليمان من أقوى جيوش الأرض؛ لأنه كان مكون من البشر والطير والجن، قال الله تعالى: (وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ) [النمل:17].
قال الله تعالي في كتابه الكريم: (حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ* فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أن أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ) [النمل: 18-19].
2- قصة الهدهد والملكة بلقيس
في الحديث عن علاقة نبي الله سليمان والطير، هناك قصة الهدهد حيث إنه في يوم من الأيام كان سيدنا سليمان يمر على الطير ويتفقد خيمتهم حتى يطمئن على جيشه، فنظر ولم يرى الهدهد في مكانه، يقول الله تعالى: (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ) [النمل: 20].
فعندما وصل الهدهد إلى الخيمة بعد أن غاب مدة ليست بالكثيرة، عاد إلى سيدنا سليمان بخبر مملكة سبأ، وأخبره أن هؤلاء القوم يعبدون الشمس من دون الله، ويصلون لها ويسجدون، فأمر نبي الله سليمان أن يقوم الهدهد أن يذهب إليهم بكتابه أي برسالة منه يدعوهم فيها إلى عبادة الله وحده لا شريك له، ثم ينظر ماذا يفعلون، قال الله تعالى: (اذْهَب بِّكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ) [النمل:28].
كان حديث نبي الله سليمان في الرسالة التي بعثها إلى مملكة سبأ أمر منه أن يأتونه مسلمين، يقول الله تعالى: (إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ* أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ* قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّىٰ تَشْهَدُونِ* قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ*قَالَتْ أن الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً ۖ وَكَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ) [النمل: 30- 34].
كانت ملكة سبأ بلقيس من أحكم الرؤساء في المملكة؛ لذلك بعد أن قرأت الرسالة الي بعثها نبي الله سليمان في خطابه لهم وقرأتها على قومها لم تلجأ للعنف أو الثورة كما كان قومها، ولم تتعلى بقوتها وقوة شعبها وجيشها بل فكرت بحكمة وقررت أن تتعامل مع هذا الخطاب باللطف واللين، فأرسلت إلى سيدنا سليمان بهدية.
رد ملكة سبأ على خطاب نبي الله سليمان
كان هذا رد فعل الملكة بلقيس بعد أن شاورت قومها في أمر خطاب سيدنا سليمان، وكان ذلك بناءً على حكمتها في إدارة الأمور حيث أدركت أن نبي الله سليمان لديه من القوة ما لديها وأكثر فهو من ملوك الأرض الذين منحهم الله العزة والرفعة وأمدهم بالقوة.
هذا الأمر يدل على دهاء الملكة بلقيس وذكاءها، فقد آثرت السلم على الحرب، واللطف واللين على الشدة؛ لأنها تعلم أن الملوك إذا دخلوا إلى البلاد سيجعلون عليه القوم أذلة، وأن الرؤساء الذين ينعمون الآن بالسلطة والقوة سيهانون ويكونوا عبرة على غيرهم.
فهذا ما تعلمه من عادات الملوك ينشرون الخراب والدمار في البلاد، وقد أخبرت قومها بهذا الأمر، واقترحت عليهم أن يلجئوا إلى السلم بدلا من الحرب؛ لأن ذلك أجدى إليهم، وأن الملاينة مع الملك سليمان ستكون أفضل من المواجهة والمحاربة.
فكان رد الملكة بلقيس أن أرسلت إليه بهدية، فرفض الهدية وبعث إليهم يفهمهم أنه لا يمكن أن يتم شراء رضاه بالهدايا والمال، إنما رضاه سيكون من خلال أمر أخر وهو أن يأتونه مسلمين يقول الله تعالى: (وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ*فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ* ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ* قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ)[النمل: 35- 38].
رد النبي سليمان على هدية ملكة سبأ
أمر نبي الله سليمان عليه السلام جنوده من الجن والإنس الذين سخرهم له الله بأن يأتيه أي أحد منهم بعرش ملكة سبأ العظيم، وذلك قبل أن يأتونه مسلمين منقادين طائعين.
فقال مارد قوي وشديد من الجن أنه هو من سيقوم بهذه المهمة؛ لأنه قوي على أن يحمل ذلك العرش، وأخبر النبي أن سيكون أمين عليه وعلى ما فيه، سيأتيه به دون أن ينقص منه شيء.
يقول الله تعالى: (قَالَ عِفْرِيتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ ۖ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ* قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ۚ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ۖ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) [النمل:39-40].
فقال الذي عنه علم الكتاب أنه هو من سيقوم بهذه المهمة قبل أن تتحرك أجفان النبي سليمان للنظر إلى أي شيء أخر، فأذن له النبي سليمان أن يقوم بذلك.
فأتي به إليه، فلما رآه حاضرًا أمامه، قال إن هذا من فضل الله ونعمته عليه، فهذا اختبار من الله له حتى يرى ماذا يفعل أيشكر الله أم يكفر نعمته.
اقرأ أيضًا: قصة سليمان عليه السلام كاملة مكتوبة
إسلام ملكة سبأ بلقيس
فأتته الملكة بلقيس وعندما رأت عرشها سألها نبي الله سليمان أهذا عرشك قالت كأنه هو فإنه يشبه كثيرًا، فعلمت قدرة النبي سليمان وتأكدت من صحة نبوته، فأسلمت ودخلت في دين سليمان، يقول الله تعالى في كتابه الكريم: (قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ ۖ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا ۚ قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ ۗ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [النمل: 44].
توفى نبي الله سليمان في عمر الثالث والخمسون سنة، وذكر أهل التاريخ أن مدة حكمه عليه السلام كانت أربعين سنة، وتولى الملك وهو في عمر الثالث عشر، وبدأ في بناء بيت المقدس بعد مرور أربع سنين على ملكه.