من هو النبي الذي لم يؤمن به أحد
من هو النبي الذي لم يؤمن به أحد؟ وماذا فعل الله في قومه؟ فكما نعلم أن الله سبحانه وتعالى كان يرسل الأنبياء والمرسلين إلى أقوامهم لكي يؤمنوا بالله ويوحدونه ولا يشركون به، وكان هؤلاء الأنبياء يلاقون هجومًا شديدًا ويتحملون العذاب الشديد من قومهم والاستهزاء بهم، ولكن هناك نبي لم يؤمن به أي شخص ففي منصة وميض سوف نتعرف إليه وإلى قصة قومه.
من هو النبي الذي لم يؤمن به أحد
لم يكن الأمر سهلًا بالنسبة للأنبياء الذين اصطفاهم الله عز وجل لكي يكونوا هم المبشرين والمنذرين لقومهم، فغالبًا ما كانوا يلاقون هجوم ورفض شديد من معظم الأشخاص.
كما أن المشركين لم يكتفوا بأنهم يرفضون الدعوة ولكنهم أيضًا كانوا يعرضوهم للأذى والاستهزاء، وكان هناك نبي وحيد لم يؤمن به أحد قط، وهو نبي الله لوط عليه السلام.
فقد أرسله الله سبحانه وتعالى إلى قوم سدوم حتى يهديهم إلى الطريق الصحيح ويدعوهم إلى عبادة الله الواحد الأحد، وذهب إليهم ينصحهم بأرق العبارات والكلمات.
كما جاء لكي يبعدهم عن ضلالتهم وأن يتركون الفاحشة التي كانوا يفعلونها، ولكنهم لم يستجيبوا أبدًا إلى دعوته ولم يهتمون بما يحاول أن ينذرهم به.
اقرأ أيضًا: من هو النبي الذي ابتلعه الحوت
قصة دعوة سيدنا لوط عليه السلام
إذا تدبرنا القرآن الكريم نرى أن الله سبحانه وتعالى كان يروي لنا الكثير من القصص والعبر للأنبياء، فكان نبي الله من عائلة نبوية حيث إن عمه إبراهيم عليه السلام وكان لوط أول من آمن به من الرجال.
عاش لوط مع قوم كانوا يعصون الله أشد معصية، لم يكن هناك قوم أشد فجرًا منهم، وقد بعثه الله إليهم في الأردن بأرض سدوم لكي يمنعهم من ارتكاب المعاصي.
فكانوا لا يتركون محرمًا إلا وفعلوه، فيقطعون الطرقات ويخونون العهود، ولكن الأشد إثمًا تلك المعصية التي لم يفعلها قبلهم أحد، فقد كانوا يأتون الرجال دون النساء، وقد قال الله تعالى في كتابه الكريم:
} ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون * أئنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم تجهلون{ ] النمل: 54-55[.
لذلك أرسله الله تعالى إليهم حتى ينهاهم عن تلك الفاحشة ويردهم إلى الطريق الصحيح، وقد قام نبي الله عليه السلام ببذل قصارى جهده معهم، وظل يدعوهم لشهور وسنوات دون أن يمل.
لكن كل هذا الجهد كان دون فائدة فلم يؤمن به إلا أهله باستثناء زوجته وظلت على ضلالها، وبالرغم من ذلك فإنه استمر في أن يسعى لتحقيق هدفه وجعل قومه يؤمنون بدعوته، لكنهم بدأوا يستهزؤون بما يقوم واستمروا في العناد.
سيدنا لوط واستضافة الملائكة
بعد أن عرفنا من هو النبي الذي لم يؤمن به أحد؟ علينا أن نستكمل باقي القصة التي تكون عبرة لنا وفيها رسائل من الله سبحانه وتعالى لتوضيح قدرته وعظمته، فقد أرسل الله إلى لوط عليه السلام ملائكة في صورة رجال.
طلبوا منه أن يظلوا في بيته كضيوف له، وعلى الرغم من شعور سيدنا لوط بالإحراج ولكنه أوضح لهم بأن أبناء هذا القوم خبثاء، وإنهم قد يؤذونهم ينتهكون حرمة البيت.
فعلى الرغم من محاولاته لٌإقناعهم بعدم المكوث في هذه القرية، إلا أنهم أصروا على ذلك، فاضطر إلى أن يطلب منهم البقاء بالخارج حتى لا يراهم أحد فقط إلى بعد غياب الشمس، وبالفعل قد صار ذلك.
فأدخلهم إلى بيه بعد أن أظلمت البلدة دون أن يراهم أحد، ولكن زوجته ذهبت خلسة لكي تخبر قومها بهؤلاء الضيوف، وظل الخبر ينتشر بين أهل القرية حتى اجتمعوا وذهبوا كلهم إلى بيته: }وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ{ ] هود: 78[.
ففي ذلك الحين حاول سيدنا لوط عليه السلام أن يخرج ما بداخلهم من فطرة ويحاول أن يدخل قلوبهم الإيمان والتقوى حينما قال: }قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ{ ] هود: 78[.
ولكنهم رفضوا مشيرين إلى أنهم لا يريدون بناته ولكنهم يريدون ضيوفه، فشعر النبي بالغضب الشديد حتى دخل إلى بيته يشعر بالخجل من أولئك الضيوف الذين يستضيفهم في منزله.
لكنهم كانوا في أشد حالات الهدوء على الرغم من أن الأبواب كادت أن تنكسر فشهر باليأس وصرخ بشدة.
اقرأ أيضًا: من هو النبي الذي يفر من زوجته يوم القيامة
تدخل الملائكة لحماية سيدنا لوط عليه السلام
}قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ{ ] هود: 80[، تلك الكلمات التي نطق بها النبي صارخًا بعد أن شعر باليأس، ولكن على الفور تحرك الملائكة وأكدوا له أنه بالفعل يأوي إلى الله عز وجل فإنهم من أرسلهم الله له لكي يحموه.
قيل إن هؤلاء الملائكة هم ميكائيل وجبريل وإسرافيل، وأشاروا إلى أن القوم لن يستطيعون أن يصلوا إليه، وحينها انكسر الباب ودخل أهل القرية مندفعين، فأشار جبريل عليه السلام بجناحه حتى طمس أعينهم.
بعدها جاء الأمر من الله من خلال هؤلاء الملائكة أن يأخذ نبي الله أهله ويخرج بهم في الليل، وأشاروا إلى أن قومه سوف يجزون عمل فعلوا من الله سبحانه وتعالى ويلاقون عذاب أليم.
عذاب قوم لوط
من خلال الإجابة عن سؤال من هو النبي الذي لم يؤمن به أحد؟ فأثر ما فعلوه من أذى واستكبار واستهزاء بالنبي ورسالته فهم لاقوا عذاب في الدنيا والآخرة.
أخبر الملائكة النبي بأن يأمر أهله بعدم النظر إلى الأصوات التي سوف يسمعونها لأن هذا العذاب سوف يطلهم بمجرد أن ينظروا إليه، وأكدوا أن امرأته كافرة من هؤلاء القوم وسوف تصاب بما أصابهم.
كما أخبروه بموعد الهلاك: } قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوا إِلَيْكَ ۖ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ ۖ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ ۚ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ ۚ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ { ] هود: 81 [.
فحين جاء أمر الله بالعذاب فرفع المدائن لما فيها بجناحه إلى السماء وأصابهم بالعمى وأسقطها إلى الأرض، وقلبها عليهم حتى أصبحت السماء تمطر عليهم الأحجار.
بالرغم من أن سيدنا لوط أمر أهله بعد النظر خلفهم مهما سمعوا من أصوات، إلا أن زوجته نظرت خلفها وأصابها العذاب.
فأهلكت القرية كلها من الرجال والنساء حتى من لم يكن يفعل الفاحشة فقد كذبوا النبي واستحقوا العذاب: } فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ{ (هود: 82).
اقرأ أيضًا: كم كان عمر النبي عندما نزل عليه الوحي
العبر المستفادة من قصة لوط عليه السلام
من خلال الإجابة عن سؤال من هو النبي الذي لم يؤمن به أحد؟ فقد تطرقنا إلى معرفة قصة هذا القوم وجزائهم.
فإن قصة سيدنا لوط عليه السلام فيها الكثير من العبر والرسائل التي يرسلها إلينا الله سبحانه وتعالى إلى عباده المؤمنين، وفيما يلي سوف نتعرف إلى الدروس المستفادة من قصة لوط عليه السلام وقومه:
- من الضروري تجنب التواجد في أماكن ارتكاب المعاصي.
- لا بد من إكرام الضيف والدفاع عنه فإنها من أخلاق الأنبياء.
- يجب الإصرار على الدفاع عن مكارم الاخلاق والنصيحة.
- ضرورة الإيمان بوجود الملائكة وقدرة الله تعالى على استخدامهم في كل ما يريد.
- كذلك معرفة مدى حرمانية وخطورة ارتكاب هذا النوع من الفاحشة.
إن قصة سيدنا لوط تبين لنا ما يعانيه الأنبياء من أذى وضرر، كما أنها تشير إلى إصرارهم على توضيح رسالتهم وضرورة الإيمان بالله الواحد الأحد، فإن ما يهم الأنبياء هو أن يسير الناس كلها على الطريق المستقيم، ويتركون المعاصي والذنوب.