من هو جلال الدين الرومي
من هو جلال الدين الرومي؟ وما علاقته بالصوفية وشمس التبريزي؟ تعرف فئة كبيرة من الناس باسم جلال الدين الرومي وتلاحظ ملاصقة اسمه لاسم التبريزي، ولكن القليل جدًا هو من يعرف الكثير عن جلال الدين الرومي.
لذا سنعرف من خلال منصة وميض من هو جلال الدين الرومي وكيف كانت حياته وكيف تغيرت حينما التقى للمرة الأولى بشمس الدين التبريزي.
من هو جلال الدين الرومي؟
إن الإجابة عن سؤال من هو جلال الدين الرومي هي أنه شاعر وعالم أيضًا في فقه الحنفية وبعض أنواع العلوم كما كان متصوفًا، ولقد كان صاحب المثنوي المشهور بالفارسية وصاحب الطريقة المولوية التي تنسب إلى جلال الدين الرومي، ولقد اشتهر جلال الدين الرومي ببراعته في العلوم الإسلامية وبرع أيضًا في كتابة الشعر بالفارسية وبعدة لغات أخرى.
اقرأ أيضًا: من هو مؤسس الدولة الأموية
اسم ونسب جلال الدين الرومي
إن معرفة اسم ونسب جلال الدين الرومي جزء لا يتجزأ من الإجابة عن سؤال من هو جلال الدين الرومي، وهو جلال الدين محمد بن بهاء الدين محمد بن حسين بن أحمد الخطيبي بن القاسم بن المسيب بن عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الملك بن عبد الرحمن بن أبي طاهر محمد بن أحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد ابن أبي بكر الصديق التيمي القرشي البكري البلخي.
ولد جلال الدين الرومي في منطقة بلخ في خراسان والتي تعرف في عصرنا الحالي باسم أفغانستان، ولقد كان مولده في يوم السادس من شهر ربيع الأول من العام ستمائة وأربعة للهجرة، والذي يوافق الثلاثين من شهر سبتمبر لعام ألف ومئتين وسبعة للميلاد، لكن يذهب البعض إلى أنه ولد في بلدة صغيرة تدعى واخش في طاجيكستان حاليًا.
آنذاك كانت مدينة بلخ تتبع الإمبراطورية الخوارزمية الخرسانية ولقد كانت أسرة جلال الدين الرومي قد حظيت بمصاهرة البيت الحاكم في خوارزم، فكانت والدته هي مؤمنة خاتون ابنة خوارزم شاه علاء الدين محمد وكان والدها هو بهاء الدين ولد الذي لقب باسم سلطان العارفين، وذلك لما كان يتمتع به من معرفة واسعة وعلم بالقانون والدين والتصوف.
حياة جلال الدين الرومي
عندما وصل المغول إلى خراسان هاجرت عائلة جلال الدين هربًا من بطش المغول إلى مدينة نيسابور، وهناك التقى جلال الدين الشاب بالشاعر الصوفي فريد الدين العطار والذي أهداه ديوانه الشعري الذي كان يحمل اسم أسرار نامه، ولقد كان هذا الديوان تأثيرًا عميقًا في نفس جلال الدين وهو الذي جعله يتعمق أكثر في بحر الشعر والروحانيات والصوفية أيضًا.
سافر جلال الدين مرة أخرى مع أسرته وارتحل حتى بلغوا الشام ومنها وصلوا إلى مكة المكرمة راغبين في الحج، ثم واصلوا السير حتى وصلوا إلى الأناضول وفي نهاية المطاف استقر وعائلته في كارامان لمدة سبع سنوات ثم ماتت والدته، ولقد تزوج جلال الدين بجوهرة خاتون وأنجب منها طفلان هما سلطان ولد وعلاء الدين شلبي.
توفيت جوهرة خاتون زوجة جلال الدين ولكنه تزوج مرة أخرى بعدها من سيدة غير معروفة ولكنه أنجب منها ولد وهو أمير العلم شلبي وفتاة سماها ملكة خاتون، وفي سنة ألف ومائتين وثمانية وعشرين إلى مدينة قونية التي كانت حاضرة دولة السلاجقة، ولقد كان ذلك بناءً على دعوة من علاء الدين كيقباد حاكم الأناضول واستقروا هناك وعمل والد جلال الدين على إدارة مدرسة مدينة قونية.
كان جلال الدين يتلقى العلم من والده وبعد أن توفي استكمل تعليمه على يد سيد برهان الدين محقق لفترة تربو عن التسع سنوات تعلم فيها كل شيء عن علوم الدين والتصوف، ولقد توفي الشيخ برهان الدين في عام ألف ومئتين وأربعين ومن بعدها قرر جلال الدين أن يزاول العمل العام في التدريس والموعظة في المدرسة.
في هذه الفترة توجه جلال الدين الرومي إلى مدينة دمشق وهناك التقى بالشيخ محيي الدين بن عربي وهو صاحب كتاب الفتوحات المكية، ولقد قام بإهداء جلال الدين بعض الأعمال العربية الخاصة به ولقد قضى جلال في دمشق حوالي أربعة أعوام، درس فيها مع نخبة مميزة من أعظم العقليات الدينية آنذاك وبمضي السنوات صار جلال الدين أكثر تطورًا في الجانبين المعرفة والعرفان.
اقرأ أيضًا: من هو مكتشف الدورة الدموية الكبرى والصغرى
لقاء جلال الدين الرومي بشمس الدين التبريزي
بقدوم عام ألف ومئتين وأربعة وأربعين دخل مدينة قونية الشاعر الصوفي الشهير شمس الدين تبريزي، وكان شمس الدين يبحث عن صديق يأنس به ويجد فيه خير الصحبة، ولم يفترق هذا الثنائي الصديق أبدًا منذ أن التقيا للمرة الأولى حتى أصبحا موضع حقد وحسد من الكثيرين، وذلك لكون جلال الدين قد نال استئثار ومحبة شمس الدين التبريزي الذي كان قطب الصوفية آنذاك.
لم يستمر الوضع بهذه السعادة إلى أمد طويل حيث تم اغتيال شمس الدين تبريزي ولم تتم معرفة الجاني، ولكن قيل إن شمس قبل وفاته مباشرةً قد سمع طرقًا خارجيًا على باب منزله فخرج ليرى من الطارق ولكنه لم يرجع من بعدها، ولقد حزن جلال الدين الرومي حزنًا شديدًا عميقًا لمقتل صديقه المقرب شمس التبريزي، الذي رحل مخلفًا وراءه موسيقى وأشعار ورقصات تحولت فيما بعد إلى ديوان يسمى بديوان شمس الدين التبريزي أو الديوان الكبير.
تعاليم جلال الدين الرومي
في إطار الحديث حول إجابة سؤال من هو جلال الدين الرومي يجدر بنا ذكر أن جلال الدين الرومي كان مسلمًا يؤمن بتعاليم الدين الإسلامي، ولقد استطاع جلال الدين على مدار حياته أن يجذب إليه أشخاصًا كُثُر من ديانات وملل ومذاهب أخرى، أما بالنسبة إلى جلال نفسه وأتباعه فقد كانت هذه الديانات كلها حقيقية وخيرة بمفاهيمها.
إن الدليل الأبرز على ذلك هو أن جلال وأتباعه كانوا يعاملون المسلمين واليهود والمسيحيين معاملة سواسية، ولقد تأثر جلال الدين بشمس التبريزي وعبد القادر الجيلاني ومحيي الدين بن عربي، وبناءً على طلب من مريدي جلال الدين الرومي قام بوضع مبادئه وأفكاره في كتاب خاص به اسمه المثنوي، ولقد استعمل في نظمه خيوطًا من القصص اليومية والإرشادات القرآنية وخلاصة خبراته الحياتية.
لقد تعمد جلال الدين الرومي أن يستخدم الموسيقى والشعر والذكر الديني كوسيلة للتقرب إلى الله، وذلك لأنه كان يرى أن الموسيقى الروحية تساعد كل المريدين في التعرف إلى الله والتعلق به، ومن هنا تطورت فكرة الرقص الدائري التي بلغت حد الطقوس وكان جلال يشجع على حسن الاستماع إلى الموسيقى ولقد نعت هذا باسم صوفية السماع.
صوفية السماع تعتمد على يقوم الشخص بالدوران حول نفسه مع الاستماع إلى الموسيقى، ويعتبر المولويين أن الإنصات إلى الموسيقى هو عبارة عن رحلة روحانية تأخذ الإنسان في رحلة تصاعدية من خلال النفس والمحبة لكي يصل إلى حد الكمال.
وفاة جلال الدين الرومي
توفي جلال الدين الرومي في السابع عشر من شهر ديسمبر لعام ألف ومئتين وثلاثة وسبعين، ولقد حمل نعشه خمسة أفراد من خمسة ملل مختلفة ولقد دفن إلى جوار قبر والده، ولقد سمى مريديه هذا اليوم أو تلك الليلة بالعرس ولا يزالون يحتفلون بتلك المناسبة حتى الآن.
بعد أن مات جلال الدين الرومي قام ابنه بتحويل تعاليمه إلى سلوك للمريد ولقد عرف هذا باسم الطريقة المولوية، ولقد انتشرت هذه الطريقة في شتى أصقاع العالم الإسلامي ولقد لاقت أصداءً واسعة في العالم الغربي أيضًا في العصر الحديث.
اقرأ أيضًا: من هو سيف الله المسلول ولماذا لقب بهذا اللقب؟
أعمال جلال الدين الرومي
إن الأعمال التي تركها ورائه جلال الدين الرومي هي جزء مهم من الإجابة عن سؤال من هو جلال الدين الرومي، ولقد تم تصنيف أعمال جلال الدين على النحو التالي:
- ديوان الغزل.
- الرباعيات.
- المثنوية في ستة مجلدات.
- رسائل المنبر.
- المجالس السبعة.
أما بالنسبة إلى أشعار ومؤلفات جلال الدين الرومي فهي:
1- مثنوية المعاني
إن مثنوية المعاني هي عبارة عن مجموعة قصائد باللغة الفارسية ولقد سماها بعض المتصوفين باسم الكتاب المقدس الفارسي، كما يعتبره الصوفيون من أهم الكتب الصوفية الشعرية ولقد ذكر حسين على محفوظ أن جلال الدين الرومي، قد نظمه باللغة العربية وأن لديه مخطوطة النسخة العربية النفيسة.
2- الديوان الكبير
يسمى هذا الديوان أيضًا باسم ديوان شمس التبريزي ولقد كتبها في ذكرى وفاة صديقه العزيز وملهمه في درب الشعر والتصوف، ولقد كتب فيه جلال أكثر من خمسين قصيدة نثرية وأربعين بيت من الشعر.
3- الرباعيات
إن الرباعيات الخاصة بجلال الدين الرومي هي عبارة عن منظومة قام العالم الإيراني المعاصر بديع الزمان فوزانفر بإحصائها، ولقد وردت في طبيعة بمدينة إستانبول ولقد وجد بديع الزمان أنها تبلغ حوالي ألف وستمائة وتسعة وخمسين رباعية أي بإجمالي ثلاثة آلاف وثلاثمائة وثمانية عشر بيتًا شعريًا.
4- كتاب فيه ما فيه
إن هذا المؤلف هو عبارة عن كتاب فيه واحد وسبعين محاضرة قد قام جلال الدين الرومي بإلقائها على أصحابه في مناسبات متفرقة، ولكن جدير بالذكر أن هذا الكتاب كان مجمعًا من مريديه وليس من نظمه هو.
5- الرسائل
هي عبارة عن مجموعة من الرسائل التي كتبت باللغتين الفارسية والعربية ولقد كتبها جلال الدين الرومي إلى معارفه ومريديه ومعارفه ورجال الدولة والمقربين منه، وهي تدل كيرًا على مدى اهتمام جلال الدين الرومي بمعارف مرديه وما له من تأثير عميق في حياتهم.
6- المجالس السبعة
إن المجالس السبعة هي عبارة عن تجميعة لمحاضرات ومواعظ قد قام جلال الدين الرومي سابقًا بإلقائها في مناسبات وظروف مختلفة، وكان جميعها تقريبًا يتحدث عن مواضيع خاصة بالقرآن الكريم والحديث الشريف، وكان جلال قد ألقى تلك المحاضرات بناءً على طلب بعض من أشراف الناس مثل صلاح الدين زغرب.
اقرأ أيضًا: من هو النبي الذي يفر من زوجته يوم القيامة
قصيدة أنين الناي لجلال الدين الرومي
تعد قصيدة أنين الناي من أجمل القصائد التي نظمها جلال الدين الرومي باللغة الفارسية ولقد ترجمها إلى العربية ونقلها إلينا زهير سالم، ولقد اشتهرت كثيرًا وباتت تصنف كواحدة من أجمل القصائد الفارسية المترجمة إلى العربية وهي تقول:
“أنصت إلى الناي يحكي حكايته..
ومن ألم الفراق يبث شكايته:
ومذ قطعت من الغاب، والرجال والنساء لأنيني يبكون
أريد صدراً مِزَقاً مِزَقاً برَّحه الفراق
لأبوح له بألم الاشتياق..
فكل من قطع عن أصله
دائماً يحن إلى زمان وصله..
وهكذا غدوت مطرباً في المحافل
أشدو للسعداء، وأنوح للبائسين
وكلٌ يظن أنني له رفيق
ولكن أياً منهم (السعداء والبائسين) لم يدرك حقيقة ما أنا فيه!!
لم يكن سري بعيداً عن نواحي، ولكن
أين هي الأذن الواعية، والعين المبصرة؟!!
فالجسم مشتبك بالروح، والروح متغلغلة في الجسم..
ولكن أنى لإنسان أن يبصر تلك الروح؟
أنين الناي نار لا هواء..
فلا كان من لم تضطرب في قلبه النار..
نار الناي هي سورة الخمر، وحمى العشق
وهكذا كان الناي صديق من بان
وهكذا مزقت ألحانه الحجب عن أعيننا..
فمن رأى مثل الناي سماً وترياقاً؟!
ومن رأى مثل الناي خليلاً مشتاقاً؟!
إنه يقص علينا حكايات الطريق التي خضبتها الدماء
ويروي لنا أحاديث عشق المجنون
الحكمة التي يرويها، محرمة على الذين لا يعقلون،
إذ لا يشتري عذب الحديث غير الأذن الواعية“
من خلال الإجابة عن سؤال من هو جلال الدين الرومي أصبح بإمكاننا استنتاج أن جلال الدين هو رائد الصوفية في العالم الإسلامي، ولا تزال ذكراه حية إلى وقتنا الحالي.