متى يكون الحلف باطل
متى يكون الحلف باطل؟ وما هي أنواع اليمين ولغته؟ أقره القرآن والسنة النبوية الشريفة إذ أن الحلف بالله باطلاً يعد من الكبائر التي قد يقع فيها المسلم وذلك مصداقًا لقوله عزّ وجل في محكم التنزيل في أكثر من موضع؛ هذا تأكيدًا على أهمية ضرورة إدراك المسلم لما يقول وما قد يودي به حلفه بأيمانٍ من ثم الحنوث بها، ذلك نعلمه من خلال منصة وميض.
متى يكون الحلف باطل
قد جاء في ذلك أحاديث صحيحة كثيرة السند والمتن لأهمية الحلف بالأيمان وكبيرة الحنث به، إذ أن الحنث بالأيمان يعد من الكبائر التي قد يقع فيها المسلم، حيث نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الحلف بالآباء وهو ما أخرجه النسائي وأبو داود في رواية ابن داسة عنه من حديث أبي هريرة، قال صلى الله عليه وسلم “لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد ولا تحلفوا إلا بالله”، فقد نهى النبي وحث المسلمين على عدم الحلف إلا بالله.
كما جعل النبي الحلف بغير الله مخرجًا من الين ويصل للمسلم إلى دائرة الشرك بالله، إذ قال: “ من حلف بغير الله فقد أشرك” ومن ذلك الحديث نستنتج الحكم الشرعي بالنهي عن الحلف بالآباء أو بالحياة أو بأي مخلوقٍ كان؛ فمن حلف بأي شيءٍ غير الله عز وجل قد دخل في دائرة الإشراك ولحقنه كبيرة من الكبائر.
استمرارًا للإشارة إلى إجابة سؤال متى يكون الحلف باطل؟ بالإضافة إلى تأكيد النبي صلى الله عليه وسلم على أن من يحمل يمينه على إسلامه آثمًا في الحالين إن صدقًا أو كذبًا، قال: “مَنْ حلفَ فَقَالَ: إِني برِيءٌ مِنَ الإِسلامِ فإِن كانَ كاذِبًا فَهُو كمَا قَالَ، وإِنْ كَان صادِقًا فلَنْ يَرْجِع إِلى الإِسلامِ سالِمًا ” فمن ذلك نستنتج أن تحميل اليمين على كون المسلم مسلمًا أو غير مسلم يخرجه من دائرة الإسلام ويلحقه بدائرة الشرك بالله.
اقرأ ايضًا: حكم من حلف بِالطلاقِ ولم ينفذ
أنواع الأيمان
في سياق معرفة متى يكون الحلف باطل؟ يمكن تأكيد أن ذلك اليمين يمكن أن يكون في عدة صور.. فالحنث باليمين من الكبائر التي قد يقع فيها المسلم لكثرة حلفه وعدم إدراكه لخطورة لغوه وقسمه بما لا بقدر أو بما لن يستطيع أن يوفيه، ونجد أن العلماء قد قسموا الأيمان لأكثر من نوعٍ ويمكن حصر تلك الأنواع والأشكال إلى ثلاثة أنواع:
أولاً: يمين اللغو
يمكن أن نعرف يمين اللغو بأنه جريان اسم الله والحلف به وتكراره دون إدراكٍ لما يحلف عليه لكثرة تكراره وعدم إدراك خطورة الحنث بذلك اليمين، كأن يقول أحدهم: بالله لتأكل كذا أو والله لتبيتنّ عندنا اليوم، أو والله لتشربنّ، كل ذلك يندرج تحت باب الحلف بالله لغوًا، ومما يندرج تحت يمين اللغو أيضًا أن بحلف المرء على ما يراه وهو ليس كذلك.
مثل قول أحدهم هذا على شخصٍ يراه من مكانٍ بعيد ثم لا يكون هو الشخص الذي حلف أنه هو، فذلك أيضًا من يمين اللغو وحكمه لا يأثم فيه المسلم وذلك مصداقًا لقوله تعالى: ” لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان”.
ثانيًا: اليمين الغموس
استكمالًا لمعرفة متى يكون الحلف باطل؟ يمكن معرفة أن يمين الغموس سميً بذلك الاسم؛ لأنه يغمس صاحبها في نار جهنم، ومعنى اليمين الغموس يمكن أن نفسره أنه حلف المسلم على شيءٍ ما متعمدًا الكذب، كأن يحلف أحدهم على عدم فعل أ, ارتكاب شيئًا ما ويكون قد ترتكبه بالفعل، وقد أطلق عليها بعض العلماء اسم “اليمين الفاجرة” لأنها من باب الفجور وتودي بصاحبها إلى النار.
حكم ذلك اليمين مصداقًا لقوله تعالى” إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ” فإن الذين يحلفون بالله كذبًا يعاقبهم الله بألا يكلمهم ولا ينظر إليهم ويعذبهم عذابًا أليمًا في الآخرة.
اقرأ ايضًا: حكم من قال لزوجته تحرمين علي لو فعلت كذا
ثالثًا: اليمين المنعقدة
هذا النوع من اليمين يمكن أن نفسره بأنه حلف المسلم على أمرٍ لم ينعقد بعد أي على أمرٍ مستقبلي لم يحدث بعد، فعلى سبيل المثال أنه لن يفعل شيئًا ما قد اعتاد على فعله ولكنه قد تاب عنه، أو حلف المسلم أنه لن يذهب إلى دار فلان، أو أنه لن يدخن مرةً أخرى وسيقلع عن التدخين.
تكمن إجابة سؤال متى يكون الحلف باطل؟ في ذلك النوع من اليمين الذي يمكن تكراره بشكل مستمر بفضل ما نقوم به من التسويف في الأمور المستقبلية، حيث يندرج حكمه تحت نمطين:
- النمط الأول: أن يكون ذلك اليمين في شيءٍ حسن وهنا يجب على المسلم عدم الحنث باليمين ومحاولة الوفاء به، ذلك نحو أن يحلف المسلم على أن يقلع عن التدخين أو أنه سيحافظ على الصلاة ففي تلك الحال يجب عليه الوفاء بيمينه ومحاولة الحفاظ عليه.
- النمط الثاني: أن يكون اليمين المنعقدة في شيء محرم، كأن يحلف المسلم مثلا على عدم صلة رحم، أو على عدم إخراج الزكاة أو عدم بر والديه، حيث يجب على المسلم أن بحنق بيمينه وأن يقوم بكفارته.
اقرأ ايضًا: حكم من حلف بِالطَّلَاقِ على شيء لم يحدث
الأيمان وكفارتها
يقع المسلم في ذلك بشكل متكرر لكثرة اللغو وعدم إدراكهم خطورة الحنث بالأيمان، الذي يصل بالمسلم إلا الشرك بالله ووقوعه في درب من دروب الفجور، ولكن رحمة الله بالعباد التي شملت كل شيء والتي تفتح باب التوبة لمن وقع في ذلك الإثم عن طريق الكفارة، وتختلف كفارة كل يمينٍ عن غيره كالآتي:
- كفارة يمين اللغو: ليس ليمين اللغو أي كفارة؛ ذلك لعدم وقوع المسلم في أي إثمٍ إذا حنث بتلك اليمين لقوله تعالى: {لا يؤاخذكم الله باللغو} فلعدم وقوع المسلم في أي إثمٍ لا يجب عليه الكفارة عن تلك اليمين.
- كفارة اليمين الغموس: يعد ذلك اليمين عند جمهور العلماء كبيرةً من الكبائر إذ أنه حلف على الله كذبًا، واتفق جمهور العلماء أن المسلم الذي يقع في الحلف باليمين الغموس لا تجب عليه كفارة وإنما تلزمه توبةً نصوحًا فقط.
- كفارة اليمين المنعقدة: كفارة تلك اليمين كما جاءت في الآيات إما عتق رقبة، فإن كان صعبًا لعدم توافر ذلك الخيار في عصرنا هذا، فإطعام عشرة مساكين أو كسوتهم بما يطعم ويكسي الرجل أهله، ومن لم يستطع فيفتح الله أمامه باب التوبة بأن يكفر عن يمينه بصيام ثلاثة أيام.
الحلف بالله قد يكون طريقًا يأثم به المسلم ويعدل به لطريق الفجور والشرك بالله عز وجل؛ لذلك على كل مسلم أن يعي قيمة الحلف بالله وما يمكن أن يؤدي له.