متى يكون الإجهاض حلال
متى يكون الإجهاض حلال؟ وما هي مشروعيته في الإسلام؟ تتعرض الكثير من النساء لحدوث مشاكل صحية أثناء الحمل، أو أحيانً قد لا ترغب في الحصول على طفل في ذلك الوقت، لذلك يكثر السؤال حول متى يكون الإجهاض حلال؟ وما هو رأى الأئمة إذا اضطرت إحدى النساء للقيام به، لذلك سوف نقوم بالإجابة على سؤال متى يكون الإجهاض حلال من خلال منصة وميض.
متى يكون الإجهاض حلال
يمر الجنين في رحم المرأة بعده مراحل مختلفة فيكون نطفة ثم علقة ثم مضغة وهذا ما تم ذكره في القرآن الكريم فقال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز («وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ، ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ، ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ).
تمر كل مرحلة من تلك المراحل لمدة زمنية معينة وتلك المدة هي أربعين يوما، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم “إنَّ أحدَكُم يُجمَعُ خلقُهُ في بطنِ أمِّهِ أربعينَ يوماً ثمَّ يَكونُ في ذلك عَلقةً مثلَ ذلِكَ، ثمَّ يَكونُ مضغةً مثلَ ذلِكَ”
ثمَّ يرسلُ الملَكُ فينفخُ فيهِ الرُّوحَ ويؤمرُ بأربعٍ، كلِماتٍ: بكَتبِ رزقِهُ وأجلِهُ وعملهُ وشقيٌّ أو سعيد”، وقد اتفق علماء الفقه من عدم مشروع الإجهاض بعد نفخ الروح في الجنين، ولكنهم اختلفوا في مشروعية وحكم الإجهاض قبل ذلك.
أوضح الدكتور أحمد بدراوي أمين الفتوى أن الإجهاض للجنين الذي هو أقل من شهرين في رحم الأم مع وجود عذر لا يعد ذنبا أو فيه أثم، لكن إذا تم الإجهاض للجنين أكبر من شهرين في رحم الأم فهو أثم وعلى الأم قضاء كفارة وتكون بالاستغفار والتوبة إلى الله تعالى.
وكان رأى الشيخ محمد عبد السميع أنه من الممكن إجهاض الجنين إذا كان أقل من أربعة أشهر في رحم الأم، أي أقل من 120 يوم، وكان رأيه هذا اتباع لرأى المذهب الحنفي والشافعي، وأكد على أن إجازة الإجهاض يجب أن يقررها الأطباء في حال وجوده واستمرار الحمل خطر على حياة الأم.
اقرأ أيضًا: كم مدة نزول الدم بعد الإجهاض في الشهر الأول
أسباب إجازة الإجهاض في تلك المرحلة
هناك بعض الأسباب التي أوضحها الفقهاء والتي تحمل معها المشروعية في الإجهاض، وهي أن الجنين قبل 120 يوم يكون لم يتخلق منه شيء ولم تنفخ فيه الروح بعد مع تأكيد الفقهاء وجود السبب القوي لذلك، حيث أنه لا يجوز الإجهاض رغم أنه لم يتخلق بعد بدون سبب وتقرير طبي ينصح بذلك.
وبالنسبة للمذهب المالكي ذهبوا إلى تحريم الإجهاض حتى لو بعذر وقبل ال 120 يوم ووافقهم في ذلك الظاهرية.
حكم إجهاض الجنين بعد نفخ الروح فيه
حرم الفقهاء إجهاض الجنين بعد نفخ الروح فيه واتفقوا بالإجماع على ذلك إلا في حالة واحدة وهي إذا كان وجود الجنين في رحم الأم يمثل خطرًا أكيدًا على حياتها وذلك إتباعًا للقاعدة التي تؤكد (دفع الضرر الأشد بالضرر الأخف).
كما أنه إذا حدث تعسر أثناء الولادة وكان الاختيار بين الأم والجنين فتكون الأم هي الأيدي لأنها هي الأساس وذلك يكون بعد تأكيد الأطباء على أنه في حالة محاول الإبقاء على الجنين سوف تتعرض الأم للوفاة.
لكن أختلف بعض العلماء في هذا الرأي حيث أنه لا يمكن إنقاذ نفس بقتل النفس الأخرى، والجنين في تلك المرحلة يكون قد نفخ فيه الروح فلا يجوز قتله ولأن موت الأم ليس بالأمر الأكيد الذي يستطيع الأطباء تأكيده لئلا يعلم الأجل غير الله سبحانه وتعالى.
لكن أغلب فقهاء العصر الحديث اتفقوا على جواز الرأي القائل بالإجازة في حالة وجود خطر على الأم لأنها هي عماد البيت ولا يجوز التضحية بها من أجل الجنين.
اقرأ أيضًا: هل مثبت الحمل يمنع الإجهاض
الإجهاض في حالة إصابة الجنين بالتشوهات
من الأمور التي تعرض الكثير من الآباء والأمهات في حيرة من أمرهم وهو إذا علموا أن الجنين به تشوهات خلقية وكانت الروح قد نفخت فيه.
أختلف الفقهاء في هذا الأمر حيث ذهب البعض منهم إلى عدم جواز الإجهاض طالما تم نفخ الروح فيه وكان بعد مرور الأربعة أشهر حتى إذا كان مصاب بتشوهات، لأنه نفس، وقد حرم الله سبحانه وتعالى قتل النفس وعليهم كوالدين لهذا الجنين بالرضا بقضاء الله وقدره وتحمل مسؤوليته في العلاج.
كما أن من أحد الأسباب الأخرى التي دعتهم لتحريم الإجهاض هو أن الأطباء في الكثير من الأحيان تُخطيء ووقوع أمر التشوه يكون موهوم وليس واقع.
بينما اختلف معهم الفقهاء المعاصرين في هذا حيث أنهم ذهبوا إلى القول إنه إذا كان الجنين مصاب بتشوهات قد تعوقه من ممارسة حياته بصورة طبيعية وأكد الأطباء أن إصابته بتلك التشوهات أمر حتمي ولا يوجد علاج لها؛ فيجوز في تلك الحالة الإجهاض.
لأن ذلك سوف يكون فيه مشقة على الأم والأب من حيث الرعاية الطبية الواجبة له والتي قد لا يستطيع الوالدين تحمل نفقاتها، كما أنه سوف يسبب الحزن والألم لهما وسوف يُعاني الطفل نفسه الألم طوال حياته، ومن الفقهاء الذين ذهبوا لهذا الرأي هما: الشيخ وهبة الزحيلي، الشيخ يوسف القرضاوي، الشيخ محمود شلتوت.
حكم إجهاض الجنين من سفاح
من أحد الحالات الهامة التي يجب التطرق إليها عند الإجابة على سؤال متى يكون الإجهاض حلال هي الإجهاض في حالة الزنا.
لقد اتفق علماء الفقه أنه لا يجوز إجهاض الجنين طالما مر 120 يوما ونفخت فيه الروح، فهو ينطبق عليه الأحكام السابق ذكرها في الإجهاض ولا يؤثر فكرة أنه من سفاح في إجازة إجهاضه، وعلى الزانين التوبة والرجوع إلى الله وأن يلزموا بالاستغفار.
شروط جواز الإجهاض
هناك بعض الضوابط والشروط التي فرضها الشرع في حالة الإجهاض مع وجود الأسباب التي تسمح بذلك وإقرار الأطباء بها وتلك الضوابط هي:
- إذا تم استنفاذ جميع الوسائل التي يمكن بها معالجة الأم وتقليل فرصة تعرضها للخطر.
- أن تكون الأسباب التي أدت لاتخاذ قرار الإجهاض موجودة بالفعل وليست تكهنات من الأطباء.
اقرأ أيضًا: متى تنتهي خصوبة المرأة
عناية الإسلام بالأجنة
إن ديننا أهتم بالإنسان في كل مرحلة من مراحل حياته بداية من كونه نطفة في رحم الأم إلى مماته، واهتم الشرع بتوضيح أهمية الجنين ومراعاة حقوقه حيث حرم الإجهاض إلا في ظروف شديدة الضرورة وبشروط كالسابق ذكرها.
من أدلة اهتمام الإسلام بالجنين أنه أباح للأم إمكانية الإفطار في شهر رمضان أثناء الحمل رغم أن صوم رمضان من العبادات الهامة ومن أركان الإسلام الخمسة، وذلك للاهتمام بصحة الجنين وتكوينه في رحم الأم وصحة الأم أيضا.
كما أن الله سبحانه وتعالى تحدث عن الجنين في كتابه العزيز فقال سبحانه وتعالى (فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ* خُلِقَ مِن مَّاءٍ دَافِقٍ* يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ* إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِر ٌيَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِر فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ). [سورة الطارق :5-9]
الإجهاض من الأشياء التي تُحرمها جميع الأديان ما دام لا يوجد سبب قوي له، على حسب الشروط التي ذكرها الشرع كما أوجب الإسلام على المرأة التي تقوم بهذا العمل أن تلزم الاستغفار حتى يغفر الله لها هذا الذنب.