ما هي السورة التي تسمى القتال

ما هي السورة التي تسمى القتال؟ ولماذا سميت السورة بهذا الاسم؟ فقد نزل القرآن الكريم كاملًا على سيدنا محمد وكان لكل آية منه غرض وكان نزولها لسبب، فلن نجد من الآيات ما نزل عبثًا، كما أن هناك الكثير من الصور والآيات التي لقب بألقاب مختلفة، لذا سنتعرف من خلال منصة وميض عن السورة التي تمت تسميتها باسم سورة القتال.

ما هي السورة التي تسمى القتال

في القرآن الكريم نجد أن كل آية لها سبب في نزولها على رسولنا الكريم، وكان في كل آية معنى وحكمة، وفيما بعد خلال تفسير هذه الآيات من قبل أهل العلم أصبحوا يضعون بعض المسميات للسور أو الآيات البارزة والتي لها الكثير من المعاني والقيم، أو أنها كانت تحكي عن قصه معينة أو تحمل أحكام لأمر من أمور الدين.

من ضمن هذه السور هي السورة التي سميت بسورة القتال، وهي سورة محمد، حيث تعد سورة محمد أحد السور التي نزلت على الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في المدينة المنورة ونزلت مباشرةً بعد سورة الحديد، وترتيبها ضمن باقي سور القرآن هو السابع والأربعون، والسورة تدور نحو موضوع أساسي وهام في الإسلام وتحمل له الكثير من الأحكام التشريعية، وكان هذا الموضوع هو سبب تسميتها بسورة القتال.

اقرأ أيضًا: سورة تضمنت جميع اياتها لفظ الجلالة

لماذا سميت سورة محمد بسورة القتال

بعد الإجابة عن سؤال ما هي السورة التي تسمى القتال، بالطبع يجب معرفة السبب وراء جعل المفسرين يسمونها بهذا الاسم، فكما سبق وذكرنا أن الموضوع الذي تدور حوله السورة هو سبب تسميتها، أي أن السورة تتحدث عن قتال المسلمين وكثر فيها ذكر لفظ القتال، فقد احتوت السورة على الكثير من أحكام القتال وأحكام الأسرى والغنائم وأحوال المنافقين والجهاد في سبيل الله.

كانت أشهر آيات القتال التي وردت في هذه السورة هي قول الله تعالى:

{يَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ ۖ فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ ۙ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ ۖ فَأَوْلَىٰ لَهُمْ} [سورة محمد: الآية 20].

كذلك سميت السورة بسورة الذين كفروا، حيث وجد بها الكثير من الآيات التي تبدأ بهذا اللفظ، ومن أشهر هذه الآيات:
{الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ * والذينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بالَهُمْ} [سورة محمد: الآية 1]

سبب نزول سورة محمد

في إطار الإجابة عن سؤال ما هي السورة التي تسمى القتال يجب معرفة السبب الذي أدى إلى نزول هذه السورة وحديثها بهذا الشكل عن القتال، حيث نزلت هذه السورة على سيدنا محمد ـ عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ـ لكي تذم من كفر وأشرك بدعوته ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومدح من نصره وآمن به، وكان مقصد السورة بالذين كفروا أنهم أهل مكة والذين آمنوا بالرسول كانوا هم الأنصار.

فقد نزلت الآية الرابعة من هذه السورة
{وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ} في أصحاب النبي، وهم من كانوا شهداء على يد المشركين في غزوة أحد، وهذا التفسير كان صحيح بإسناد، أما الآية الثالثة عشر من السورة
وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ” وكان السبب وراء نزول هذه الآية هو خروج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ رغمًا عنه من مكة المكرمة.

فقد روي عن ابن عباس أنه أثناء خروج الرسول من مكة نظر خلفه إليها قائلًا:
أمَا واللهِ إني لأَخرجُ منكِ وإني لأعلمُ أنك أحبّ بلادِ اللهِ إلى اللهِ، وأكرمهُ على اللهِ؛ ولولا أهلكِ أخرجُوني منك ما خَرجتُ” فأتت الآية لمواساة الرسول والتصديق على حديثه.

كذلك ورد في هذه سورة محمد آية حين قال الله تعالى:
{
وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا} [سورة محمد: الآية 16] فالمقصود من هذه الآية يعود إلى أهل المدينة المنورة الذين اعتادوا الجلوس والاجتماع بسيدنا محمدٍ ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيستمعون لما يقول، فمن كان منهم مؤمنًا فكان يفهم قول الرسول، أما المنافقين فكانوا لا يفهمون ويستهزؤون بالمسلمين قائلين لهم مَاذَا قَالَ آنِفًا

أما عن قوله تعالى:
{
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [سورة محمد: الآية 33] كان سبب نزول هذه الآية هو ظن البعض من الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ أن قول لا إله إلا الله يكفيه ليكون على الدين، فأتت الآية لتخبرهم أن إطاعة الرسول بدونها يبطل العمل.

بعض أحكام القتال الواردة في سورة محمد

سنتعرف من خلال ما يلي إلى مجموعة من أحكام القتال التي أمر بها الله تعالى المؤمنين في التعرف على ما هي السورة التي تسمى القتال، ففي الآية الرابعة من سورة محمد حين قال تعالى:
{فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ} وبهذه الآية يوجد بعض الأحكام التي تتمثل فيما يلي:

  • الطريقة التي يجب على المؤمنين اتباعها أثناء قتالهم من المشركين، وهي ضرب الرقاب، أي أنها كناية عن القتل عن طريق قطع الرقبة.
  • أمر الله تعالى المؤمنين أنه في حال حصل الإثخان وأحس الكفار بالهزيمة وهزموا بالفعل في المعركة أن شدوا الوثاق، وهي كناية عن أخذهم للأسرى المقاتلين من جيوش الكفار.
  • بالنسبة لهؤلاء الأسرى يكون الحكم الواقع عليهم إما الفداء أو المن.

اقرأ أيضًا: ماهي السورة التي ذكر فيها البسملة مرتين

مقاصد سورة محمد

مثل أي سورة تأتي في القرآن الكريم يكون لها مجموعة من المقاصد التي يريد الله إيصالها إلى المؤمنين عن طريق نبيه محمد، فكما سبق وذكرنا أن أغلب مقاصد السورة تدور حول قتال المشركين والعديد من الأحكام التي سنتعرف عليها من خلال ما يلي:

  • بينت السورة الكريمة أن الله تعالى دائمًا ما ينصر عباده المؤمنين الذي اتبعوا نبيه محمد ونهجه، وكانوا دائمًا ما يقفون مع الحق ضد الباطل وأن الهزيمة الحقيقية ستكون من نصيب كل كافر مشرك كان يحاول منع الناس عن اتباع دين الحق.
  • وصف الله تعالى لنعيم الجنة في قوله تعالى:
    {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ}

    [سورة محمد: الآية 15]

  • على الجانب الآخر من الآيات نجد وصف عذاب الآخرة للمشركين والمنافقين، وذلك في قوله تعالى:
    {كمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاء حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ}

    [سورة محمد: الآية 15]

  • كما كانت السورة الكريمة تخبر المؤمنين أن عليهم الثبات حتى النهاية في وجه المشركين الذين يحاربون دينهم، فمن مات منهم شهيدًا في سبيل الله فذكرت الآيات الكريمة ثوابه ومنزلته عند الله تعالى.
  • في الآيات الكريمة وعد الله تعالى المؤمنين الذين يجاهدون بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله بالجنة، كما أنها أمرت المجاهدين بوجوب القتال لرفع راية الحق والدين.
  • منعت الآيات الجنح إلى السلم بدلًا من الحرب في الوقت الذي تضيع فيه الحقوق، كما أنها أنذرت المشركين بدين الله بأن نهاية أمرهم ستكون كنهاية الذين سبقوهم ممن صدوا عن سبيل الله واتخذوا الرسل هزوًا وكذبوا كل نبي أرسل إليهم.
  • كما أن الآيات أكدت على جواز قتال المشركين وحثت المسلمين على ذلك، من خلال قوله تعالى:
    {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاء اللَّهُ لانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ}

    [سورة محمد: الآية 4]

  • يوجد من الآيات أيضًا ما يحذر كفار قريش بالعواقب التي تنتظرهم من سوء المصير في حال ثبتوا على حالهم وكفرهم، وأن عاقبتهم ستكون كالأمم التي سبقتهم، والتي دمرها الله تعالى عقابًا لهم على كفرهم وشركهم بالله وتكذيبهم الرسل، وعلى الجانب الآخر نجد أن هناك من الآيات ما يبشر القوم الصالحين المؤمنين بجزائهم.
  • كما أن أحد الموضوعات الأساسية التي تتناولها السورة الكريمة هي حديث الله تعالى عن المنافقين، واستعجابهم من الآيات الخاصة بالقتال، وأنهم لم يكونوا يتدبروا آيات الكتاب، وكيف أنهم يناصرون المشركين والكفار، كما أوضحت بعض الآيات تهديد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ للمنافقين وأنه سيفشي عن صفاتهم.
  • هناك من الآيات ما كان ينذر المؤمنين من صفات المشركين وأنه من الواجب عليهم اتخاذ الحذر منهم ومن نفاقهم.
  • في نهاية السورة الكريمة ذكر الله تعالى وعده للمسلمين بأنه سيمكن لهم في الأرض، ولكنه كان يحذرهم من الفساد الذي سيسود الأرض إذا آل إليهم أمرها.
  • في الختام حذر الله تعالى من خلال سورة محمد المؤمنين من عدم الاتصاف بالبخل أو قطع الرحم.

اقرأ أيضًا: لماذا سميت سورة البلد بهذا الاسم

لماذا تحدثت سورة محمد عن صفات المنافقين وكشفهم

في إطار حديثنا عن بعض التفاصيل التي تحملها سورة محمد والإجابة عن سؤال ما هي السورة التي تسمى القتال، نجد أن الآيات الكريمة قد عملت على كشف نفاق المنافقين وفضحهم أمام المؤمنين، وذلك على الرغم من وجود سورة من سور القرآن سميت باسمهم وكان حديث الله تعالى فيها عنهم، وهي سورة المنافقين.

السبب ورء كشف المنافقين أمام المسلمين هو علم الله ـ عز وجل ـ بأن خطرهم أشد من خطر الكافرين على المسلمين وجميع الأمة الإسلامية، فهم دائمًا ما يظهرون الود والإيمان بدين الإسلام والشعور بالمودة أمام المؤمنين على الرغم من كونهم أشد الحاقدين والكارهين لهم وللدين الإسلامي.

هنا نجد أن القرآن الكريم وكلام الله تعالى كان يعمل على توضيح صفات المنافقين كنوع من زيادة الحيطة لدى المسلمين عن طريق معرفتهم للمنافين من خلال هذه الصفات وبالتالي يجب عليهم تجنبهم واتقاء شرهم، حيث ورد أبرز صفات المنافقين في الآيات الكريمة حين قال الله تعالى:
{وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ} [سورة محمد: الآية 16]

ما هي السورة التي تسمى القتال هو سؤال يجعلك تتمعن أكثر حول تفاصيل هذه السورة وأحكامها، فسورة محمد من أقوى السور التي نزلت في القرآن الكريم من حيث الأحكام وتوضيح عاقبة أمر الكافرين والمشركين والمنافقين وعاقبة أمر المسلمين.

شاركنا أفكارك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.