ما حكم المرأة التي تغضب زوجها
ما حكم المرأة التي تغضب زوجها؟ وما هي الطريقة المتبعة للتأديب في الإسلام؟ فالإسلام حفظ حقوق كلا الزوجين في القرآن وفي السنة أيضًا فأوصى النبي كلا من الزوج والزوجة ببعضهما، فقد شرع الزواج لإعفاء النفس من الوقوع في المحرمات، وليتم هذا الزواج وجب على الزوج والزوجة الالتزام ببعض القواعد لكي تكون علاقتهما علاقة ناجحة لا يشوبها عنف أو تعنيف ونجيب عن سؤال ما حكم المرأة التي تغضب زوجها عن طريق منصة وميض.
ما حكم المرأة التي تغضب زوجها
الأصل أن تطيع الزوجة زوجها في كل شيء ما عدا ما حرم الله، فمتى امتنعت عن طاعته بدون أسباب مبررة يحرم عليها وتعد امرأة ناشز ذلك لقوله تعالى:
(فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ).
فالمرأة القانتة هي المرأة التي تطيع زوجها فمتى امتنعت عن طاعته بغير سبب واضح أو سبب معتبر يحرم عليها ذلك، وللزوج تأديبها بالطرق الإسلامية التي شرعها الله في كتابه والتي فسرها الرسول في الكثير من الأحاديث الشريفة.
وجب التأديب على ذلك العصيان لأن المرأة هي أساس الأسرة، فإذا صلحت أنبتت نباتًا حسنًا صالحًا سواء أكان ذكرًا أو أنثى وبصلاحهم يصلح المجتمع وفسادهم إنما هو دليل على فساد المجتمع، لذا وجب تصحيح جذور الخطأ لتصلح ثماره.
بعد بيان ما حكم المرأة التي تغضب زوجها وتسمى المرأة الناشز في الإسلام وهو التأديب، علينا بيان طرق التأديب التي ذكرها الله تعالى في القرآن وفسرها النبي الكريم في الأحاديث.
اقرأ أيضًا: هل يحق لأبي الزوجة أخذ ابنته من بيت زوجها
نشوز الزوجة في القرآن الكريم
الدليل من القرآن على تأديب المرأة الناشز قوله تعالى:
(وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) سورة النساء الآية ٣٤.
نقسم الآية إلى نقاط محددة وشرح كل نقطة على حدا في النقاط الآتية:
- الخوف: في الآية الكريمة ليس الظن بل اليقين أي لا تعاقب المرأة على مجرد خوف الزوج من أن تخطئ أو ظنًا منه أنها ستكون ناشز، فهذا ظلم وبهتان يقع على المرأة وقد يسبب التحامل عليها الوقوع في الخطأ أو العصيان لزوجها لافترائه عليها.
أما عن اليقين هو أن يتيقن الزوج من نشوز زوجته بحيث يكون رأى منها ذلك في أفعالها وأقوالها وتعاملها معه.
- النشوز: هو استكبار الزوجة على زوجها وعدم الامتثال لطاعته فيما وجب طاعته فيه استعلاءً عليه، وأصل النشوز هو المكان المرتفع عن الأرض، وقيل إن النشوز هو العصيان بلا أسباب.
- فعظوهن: وهذا السبيل الأول في العقاب، فيجب على الزوج أن ينبه زوجته ويعظها عن الخطأ الذي وقعت فيه فإذا امتثلت للتنبيه والوعظ كفاه وأغناه ذلك عن بقية سبل العقاب.
- واهجروهن في المضاجع: تلك هي الوسيلة الثانية إذا المرأة لم تكتفِ بالوعظ، وهي تجب للزوج الإعراض عنها ليبين لها عظم الخطأ الذي قامت به، فالهجران هنا يقتصر على الهجران في الفراش لا الهجران بترك المنزل أو ترك البلد.
- واضربوهن: فالضرب في الآية الكريمة ذكر في آخر الوسائل هذا لكراهة استخدامه، وليس الضرب المبرح الذي يقوم به بعض الرجال ظنًا منهم أنهم يقومون بالصواب هذا خطأ بين، فقد كرم الله الإنسان وكرم الزوجة، فالضرب في الآية فسره الرسول في الحديث وقال -صلى الله عليه وسلم-:
(اتَّقوا اللهَ في النساءِ؛ فإنَّكم أخذتُموهنَّ بأمانةِ الله، واستحلَلْتُم فروجَهنَّ بكلمةِ الله، وإنَّ لكم عليهنَّ ألَّا يُوطِئْنَ فُرُشَكم أحًدا تكرهونَه، فإنْ فعَلْنَ ذلك فاضرِبوهنَّ ضربًا غيرَ مُبَرِّحٍ، ولهنَّ عليكم رِزقُهنَّ وكِسوتُهنَّ بالمعروفِ).
- فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلًا: فإذا انتهت المرأة من عصيانها بالوعظ فيكفيك ذلك أيها الزوج، وإن لم تنتهِ فيكفيك الهجر في الفراش، وإن لم تنتهِ، فيكفيك الضرب غير المبرح حتى لا تعاقب إذا زدت في الاعتداء عليها.
من هنا كان التدرج في العقاب فرض على الزوج فعليه أن يتقي الله ويتبع ما أمر الله به بالطريقة الصحيحة، فيجب عليه أن يبدأ بالوعظ ثم الهجر في الفراش ثم الضرب الغير مؤذي للزوجة.
فإذا قام الزوج باستخدام وسيلة الضرب بشكل مباشر وقع في إثم له حسابه عند الله، فإنما أخر الله ذكر الضرب في الآية الكريمة، لأنه يشق على الزوجة ويؤثر فيها نفسيًا بالسلب، ولكن لا يجب عليه المبالغة حتى لا يقع فيما حرم الله.
من الآيات التي ذكرت فيما حكم المرأة التي تغضب زوجها وفي تأديب المرأة الناشز قوله تعالى:
(وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا) سورة النساء الآية ٣٥.
على الزوج بعد اتباع طرق التأديب المبينة في الآية الأولى ولم تتقوم المرأة، فعليه اللجوء لحكم من أهله وحكم من أهلها يكون كلا الحكمين عادلين ويتم طرح المشكلة أمامهما فقد يستطيعا إن كانا متقين متوافر فيهما الحكمة ويريدان فعلًا الإصلاح، فيقومان بتوجيه الزوج والزوجة بسبب الخلاف الحقيقي والقيام بالإصلاح بينهما خوفًا من الفراق.
فإذا لم تنتهي المرأة عما تقوم به من خطأ في حق الزوج بعد استنفاذ كل تلك المحاولات وجب الطلاق، فعن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال الرسول -صلَّى الله عليه وسلم-: (ثلاثةٌ يَدعونَ اللَّهَ فلا يُستجابُ لَهُم: رجلٌ لَهُ امرأةٌ سيِّئةُ الخلقِ فلم يطلِّقها، ورجلٌ دفعَ مالَ يتيمٍ قبلَ أن يبلغَ، ورجلٌ أقرضَ رجلًا مالًا فلم يُشهِدْهُ).
اقرأ أيضًا: حكم الشرع في الزوجة التي تخون زوجها عن طريق الإنترنت
شروط تأديب المرأة في السنة النبوية
بعد الإجابة عما حكم المرأة التي تغضب زوجها في القرآن وجب بيان الحكم المذكور في السنة، ولأن التأديب أمر لازم الثبوت في حالة النشوز أوجبت السنة بيان ذلك وتقييده حتى لا يعتدي الزوج على زوجته ويستحل ذلك لنفسه، فقيدته بشروط هي:
- أن يغلب على ظنه وتيقن في أن التأديب يفيد في رجوعها عما قامت به.
- ألا يكون التأديب بوسيلة الضرب مبرحًا وذلك متفق عليه عند أئمة علماء المسلمين وأيضًا لحديث النبي -صلَّى الله عليه وسلم-: (اتقوا اللهَ في النساءِ فإنهن عوانٍ عندكم).
- ألا يضرب الزوج زوجته على الوجه أو المهالك أي الأماكن التي تحقق الضرر البدني للزوجة، لقول الرسول -صلَّى الله عليه وسلم- عندما سأله معاوية بن القشيري -رضي الله عنه- قال (قلتُ: يا رَسولَ اللهِ، ما حَقُّ زَوجةِ أحَدِنا عليه؟ قال: أن تُطعِمَها إذا طَعِمْتَ، وتَكسوَها إذا اكتَسَيتَ، أو اكتَسَبْتَ، ولا تَضرِبِ الوجهَ، ولا تقَبِّحْ، ولا تَهجُرْ إلَّا في البيتِ).
- ألا يهجر الزوج زوجته بترك البيت بل يكتفي بتغيير الفراش لتشعر بخطئها.
- حتى والزوجة ناشز لا يحل للزوج قطع النفقة عنها فيحرم عليه ذلك.
اقرأ أيضًا: كيف اجعل زوجي خاتم في أصبعي بالملح
متى تكون المرأة ناشز
هذا الأمر ليس بالأمر السهل الذي يمكن النظر فيه أو الاعتبار به من موقف واحد أو بنظرة بعيدة، فيحتاج الأمر للتأني وفهم الأسباب أولًا قبل أن يحكم على زوجته بالعصيان أو النشوز، ونعرض علامات النشوز في النقاط الآتية:
- أنانية الزوجة واعتدائها بنفسها دون النظر أو الاعتبار بحقوق الزوج عليها، فالحياة الزوجية تعني المشاركة والاهتمام من كلا الطرفين ليس من جهة الزوج فقط.
- السخرية والتقليل من شأن الزوج باستمرار، وتتصيد أخطاءه وتقلل من شأن ما يقوم به من أجلها بشكل دائم، والمعايرة على شكله فإذا كرهت المرأة شكل زوجها لن تستطيع قبول أي شيء منه.
- قلة الاهتمام بالزوج، وتتم ملاحظة ذلك بترك الزوجة التزين لزوجها وتتعمد إظهار القبيح منها ليكرهها.
- التهرب الدائم من واجباتها التي يجب أن تؤدى للزوج، وإهمال الحديث معه وتصنع الانفعالات التي تنم عن الغضب بشكل دائم بدون أسباب.
- عدم احترامها لزوجها في أوقات التجمعات العائلية، أو أمام أي أحد حتى الأولاد، وتتعمد التقليل من احترامه دون اعتبار لأي شيء.
قد أوجب الإسلام على الزوجة احترام زوجها وتقديره، وطاعته في غير ما حرم الله، وإذا خالفت ذلك تقع فيما حرم الله ونهى عنه النبي صلَّى الله عليه وسلم.