ما الفرق بين الحمد والشكر
ما الفرق بين الحمد والشكر؟ وما مفهوم كلٍ منهما؟ فقد جاء الكثير من الآيات والأحاديث الشريفة الناقلة عن أهمية كلٍ منهم، فقد منَّ الله -سبحانه وتعالى- على المؤمنين من نعم الإيمان الكثير، وجاء العلم من بعدها موضحًا أهم النقاط التي توضح مدى أهمية كل عبادة من العبادات في ظل الشريعة الإسلامية، لذا من خلال منصة وميض سوف نتداول سويًا إجابة سؤال ما الفرق بين الحمد والشكر؟ موضحًا أهم النقاط باستفاضة.
ما الفرق بين الحمد والشكر؟
أنعم الله على عباده المسلمين الكثير من النعم والفرص التي يستطيع التقرب إليه من خلالها، كما يوجد هناك العديد من أنواع النعم التي وهبها الله ومنها النعم المادية وهي النعم التي خلقها الله -سبحانه وتعالى- للمسلمين في الأرض كي ينعموا بها، هناك أيضًا النعم الروحية وهي الأديان التي بعثها الله للعباد لكي يهنئوا بها في الأرض والسماء.
فهذه الأديان قائمة على قدر إيمان الإنسان بها والتي يجب على الله الإنسان من خلالها توحيد الله -عز وجل- ويعتبر هذا الأمر الأساسي الذي خلق الإنسان من أجله على الأرض، لذا يجب على الإنسان أن يقوم بالحمد والشكر لله على هذه النعم، فقد وهبه الله الجنة من خلال الكثير من الفرص وبأقل الوسائل.
لذا نأتي لسؤالنا الأساسي وهو ما الفرق بين الحمد والشكر؟ فقد جاء بعض الآراء المتعلقة بالأمر من خلال علماء الإسلام الذين تبينوا أن الحمد هو صفة أعم من الشكر، فمن قام من العباد بحمد الله -سبحانه وتعالى- فيكون كمن شكره وأثنى عليه من فضله، ويوجد بعض الفروق الطفيفة بين الأمرين.
قال ابن منظور في اللسان: “والحمد والشكر متقاربان والحمد أَعمهما، لأَنك تحمد الإِنسان على صفاته الذاتية وعلى عطائه ولا تشكره على صفاته، ومنه الحديث: الحمد رأْس الشكر، ما شكر الله عبد لا يحمده ـ كما أَن كلمة الإِخلاص رأْس الإِيمان، وإِنما كان رأْس الشكر، لأَن فيه إِظهار النعمة والإِشادة بها ولأَنه أَعم منه، فهو شكر وزيادة”.
كما قال تاج العروس:” الحَمْدُ نَقِيض الذَّمِّ، وقال اللِّحيانيُّ: الحَمْدُ: الشُّكْرُ، فلم يُفرّق بينهما”، وأضاف الثعلب أيضًا:” الحَمْدُ يكون عن يَد، وعن غير يَدٍ، والشُّكْرُ لا يكون إِلّا عن يَد”، كما قال الأزهر الشريف: “الشُّكْر لا يكون إِلا ثَنَاءً لِيد أَولَيْتَهَا، والحمدُ قد يكون شُكْراً للصنيعةِ، ويكون ابتداءً للثّناء على الرَّجل، فحَمَدُ الله: الثَّنَاءُ عيه، ويكونُ شُكْراً لِنِعَمه التي شَمِلَت الكُلّ، والحمْدُ أَعمُّ من الشُّكْر”.
الجدير بالذكر أن الشكر ليس مقصورًا على اللسان فقط بل يكون نابع من قلب المؤمن نفسه بشعوره بالخضوع والخشوع لله عز وجل، فمن شكر باللسان كمن ثنى على الأمر أما من شعر به قد أطاع آمن، الفروق التي اختلف عليها أهل العلم بخصوص توضيح ما الفرق بين الحمد والشكر؟ جاءت في قولين.
القول الأول: أن الحمد يعني الشكر ولا وجود فارق بينهما وهذا ما أكده الطبري، أما القول الثاني فيكون: أنه يوجد فرق بين الحمد والشكر وقد أوضحوا هذا الرأي من خلال بعض النقاط التالية:
- يقال إن صفة الحمد تكون نقيضتها الذم، إما صفة الشكر يأتي عكسها الكفر.
- صفة الحمد تكون أعم من الشكر فالحمد يشمل جميع الصفات المتعدية واللازمة وهذا ما أتفق عليه معظم أهل العلم مستشهدين بقول الله سبحانه وتعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
- الشكر لا يقع إلا على بعض الصفات ومنها الصفات المتعدية مثل قول:” شكرته لكرمه وفضله”.
- استكمالًا لمعرفة ما الفرق بين الحمد والشكر؟ فيأتي الحمد من خلال العلم والإيمان بالأمر، إما الشكر فإنه يأتي من خلال الظن برجاحة الأمر.
- إن الحمد يأتي خاص بأمر معين أي الأداة التي يقع بها، فهو يكون من خلال إقرار اللسان والقلب، أما الشكر فهو عام بالأداة التي يقع عليها فهو يكون من خلال القلب واللسان والجوارح.
اقرأ أيضًا: الحمد لله على السلامة بعد إجراء العملية
تعريف لفظ الشكر
بعد التعرف على ما الفرق بين الحمد والشكر؟ يجدر بنا التعرف على معنى كلٍ منهم من أجل تعلم التفرقة بين الأمرين بشكل أكبر من حيث القول والشعور وموضع كلاهما، لذا نوضح معنى الشكر في اللغة والاصطلاح من خلال ما يلي:
1- تعريف الشكر لغةً
هو بالمفيد الاعتراف بالإحسان، حيث يقول العبد: “شكرت الله وشكرت لله وشكرت نعمة الله”، فهي في اللغة يتم التعبير بها في أثر الغذاء في جسم الحيوان، كما يقول البعض أن الشكور هو الدابة الذي يكفيه العلف القليل أو ما يسمن من العلف القليل.
هناك بعض العلماء التي أثبتت أن لفظ الشكر هو نقيد لفظ الكفر، كما أنه يقال عندما يقوم أحد الأفراد بعمل إحسان لفرد آخر فيقول شكرًا، وفي بعض المعاجم العربية هو الزيادة والنماء.
2- تعريف الشكر اصطلاحًا
هو الشعور بفضائل الله -سبحانه وتعالى- في القلوب ومقدار ما قدمه لنا من النعم فهو كما يُقال إنه أثر النعم في قلب المؤمن، كما يقوم الإنسان بذكر الله باللسان بلفظ الحمد والثناء على نعمه باستمرار فهي أفضل طرق العبادة، حيث إن الله يفضل العبد المؤمن الصالح الذي يستشعر نعم الوجود بجوارحه وكيانه والثناء على خالقها الباري باستمرار، ومن أنواع الشكر ما يلي:
- النوع الأول: الإيمان بالله من خلال الشكر بالقلب.
- النوع الثاني: الشكر من خلال اللسان، فيقوم العبد بشكر النعمة عن طريق الحديث عنها والتأمل بها وشكر خالقها على وجودها باستمرار فقد أمر الله تعالى المؤمنين في آياته في قول:” وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ”.
- النوع الثالث: شكر العمل والذي يتلخص في عبادة المؤمن لله -سبحانه وتعالى- من خلال الطاعة والعمل بأوامره في الإسلام والحفاظ على سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- فقد خاطب الله المؤمنين بالشكر في:” (اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا).
بناءً على ما سبق، يجب على الإنسان فعله من شكر النعم والتضرع إلى الله -سبحانه وتعالى- في كل صغيرة وكبيرة حتى في المصائب فهو في مثابة لدرجة الإيمان بالله في قلبك.
اقرأ أيضًا: تجربتي مع قيام الليل بسورة البقرة
فضل الشكر في الشريعة الإسلامية
جاءت الشريعة الإسلامية محملة بالكثير من المعاني الدينية التي يجب الاقتداء بها والعمل على معرفتها، ولا نتوانى عن نعم الله -سبحانه وتعالى- بمتاع الدنيا فهي بالأخير فانية، كما ثبتت الشريعة بعض النقاط حول فضل الشكر ومنها:
- ذكر الله -سبحانه وتعالى- العباد في كثير من الآيات لكن جاء البعض منها خصيصًا لأهل الشكر تقديرًا لثنيهم فقال الله عن نوح عليه السلام: (إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا).
- خاطب الله المؤمنين في آياته الكريمة قاصدًا ذكر نعمه عليهم حتى يقوما بالشكر والثناء والعبادة الكاملة له وذلك من خلال قوله سبحانه وتعالى: (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
- إن الله -سبحانه وتعالى- رؤوفًا رحيمًا بعباده حيث يقبل أقل الأعمال الصالحة التي يقدمها الإنسان مثلما وعد أنه سيدل المؤمن الجنة ولو كان في قلبه مثقال ذرةٍ من إيمان، كما أطلق على نفسه سبحانه لفظ الشكور في قوله: (وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ)، فقد جاء موضحًا للعبد فضل ثنائه هو شكر الله له.
- وعد الله الشاكرين بأحسن الجزاء في الآخرة في قوله: (وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ)، وإن الله لا يخلف وعده أبدًا.
تعريف لفظ الحمد
في سياق التعرف على ما الفرق بين الحمد والشكر؟ وجب تسليط الضوء على تعريف لفظ الحمد بشكل أعم وأوسع، من أجل أن يتمكن العبد من مدى الفرق بينه وبين الشكر لله، وهذا ما نوضحه خلال السطور التالية:
1- تعريف الحمد لغةً
يأتي الاسم من المصدر حَمِدَ ويُقال إن الحمد هو نقيض الذم ومن خلاله يقال أن المحمدة هي نقيد المذمة، قد كثرت مرادفات كلمة الحمد في المعجم والتي ارتبط معظمها بحمد الله -سبحانه وتعالى- على وجه الخصوص مثل التحميد وهو أعم من الحمد، يقصد به حمد الله بتكرار المرة ومنها يأتي قول:” رجلٌ حُمَدَة، وحمّاد ومُحمّد، أي أنّه يحمد الله مرّةً بعد أُخرى، أو هو كثير الحمد.
لفظ (محمد): هو من كثُرت وتَعدّدت خصاله المحمودة. و(أَحمد): أي صار أمره إلى الحمدِ، أو قام بفعلِ ما يُحمد عليه”، كما ذُكِر في الأمثال العربية قول والعَوْدُ أحمدُ، حيث إن الإنسان بطبيعته يترك الأمور الخاطئة من وجهة نظره.
من ثم يستوعب أمر الصواب وأن الخيرة فيما اختاره الله ومن ثم يعود للشيء مرة أخرى بعد أن يعرف قيمته أي الابتداء محمود والعود ألزم وأحقّ بأن يحمدوه، وهذا لتوضيح ما الفرق بين الحمد والشكر؟ بشكل أوسع.
2- تعريف الحمد اصطلاحًا
استكمالًا في الحديث عن ما الفرق بين الحمد والشكر؟ نتعرف على الحمد اصطلاحًا من أجل توضيح الفروق، وهو أن يقوم العبد بالثناء على شيء في شخص ما معبرًا به عن إعجابه وفضل الله به فيقال: “حمدتُ الرّجل”، أي بمعنى: أثنيتُ عليه بفعلٍ جميلٍ قام به اختياره.
اقرأ أيضًا: دعاء الاستيقاظ من النوم للأطفال
فضل الحمد في الشريعة الإسلامية
جاءت الشريعة والكتب التاريخية الإسلامية مُحملة بالكثير من التوصيات الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونقل القرآن الكريم آيات الله سبحانه وتعالى، كلها متحدثة عن فضل الحمد في الإسلام وعن جزاء الله سبحانه وتعالى للحامدين، وتوضيح ما الفرق بين الحمد والشكر؟ ومن خلال النقاط الآتية نوضح فضل الحمد:
- عن أبي مالك الأشعري قَالَ: “قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: الطَّهورُ شطرُ الإيمانِ، والحمدُ للهِ تملأُ الميزانَ، وسبحان اللهِ والحمدُ للهِ تملآنِ (أو تملأُ) ما بين السماواتِ والأرضِ، والصلاةُ نورٌ، والصدقةُ برهانٌ، والصبرُ ضياءٌ، والقرآنُ حُجَّةٌ لكَ أو عليكَ، كل الناسِ يغدُو فبايِعٌ نفسَه فمُعْتِقُها أو مُوبِقُها”.
- روى البخاري في صحيحه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: “قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “كلمتانِ خفيفتانِ على اللسانِ، ثقيلتانِ في الميزانِ، حبيبتانِ إلى الرحمنِ: سبحانَ اللهِ وبحمدِه، سبحانَ اللهِ العظيمِ”.
- قد جاء من الأحاديث الشريفة المعروفة عن وصية رسول الله يقول فيها: “إنَّ اللهَ اصطفى مِنَ الكلامِ أربعًا: سبحانَ اللهِ، والحمدُ للهِ، ولا إلهَ إلَّا اللهُ، واللهُ أكبَرُ، فمَن قال سبحانَ اللهِ كُتِبَ له عشرون حسنةً وحُطَّتْ عنه عشرون سيِّئةً، ومَن قال اللهُ أكبَرُ فمِثْلُ ذلك، ومَن قال لا إلهَ إلَّا اللهُ فمِثْلُ ذلك، ومَن قال الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ مِن قِبَلِ نفسِه كُتِبَتْ له ثلاثون حسنةً وحُطَّتْ عنه ثلاثون سيِّئةً، وفي روايةٍ: مَن قال سبحانَ اللهِ كُتِبَ له عشرون حسنةً وحُطَّتْ عنه عشرون سيِّئةً مِن غيرِ شكٍّ. وفي روايةٍ: فمَن قال سبحانَ اللهِ كُتِبَتْ له عشرون حسنةً وحُطَّتْ عنه عشرون سيِّئةً، ومَن قال الحمدُ للهِ فمِثْلُ ذلك، ومَن قال لا إلهَ إلَّا اللهُ فمِثْلُ ذلك، ومَن قال اللهُ أكبَرُ مِن قِبَلِ نفسِه كُتِبَ له ثلاثون حسنةً وحُطَّتْ عنه ثلاثون سيِّئةً”.
جاء الكثير من صور عبادة الله والتقرب إليه من صلاه وصوم وذكر، وقد جاء أهمها في فضل شكر الله وحمده على نعمه وقد أوصى الله سبحانه وتعالى المؤمنين بضرورة هذه العبادة.