هل يجوز التراجع عن الحلف
هل يجوز التراجع عن الحلف؟ وما هي أنواع اليمين؟ هل يجوز التراجع عن الحلف؟ وما هي أنواعه؟ ربما يستهين أحدهم بترديد الحلف بشكل مستمر سواء كان مكتوب أو منطوق، كما يمكن أن تطرأ بعض الأمور وتجعله لا يتمكن من تنفيذ ما حلف به، إلا أن اليمين له أحكام يجب عدم التغافل عنها، ومن خلال منصة وميض سيتم الحديث باستفاضة عن ذلك الموضوع.
هل يجوز التراجع عن الحلف
الحلف هو القسم أي تأكيد للكلام الذي نلقيه سواء كان ذلك عن طريق الكلام مباشرة أو من خلال الكتابة، فيعتبر القسم هو الأمر الأساسي في المحاكم القانونية، لكننا نتعرض في مواقف كثيرة تجبرنا على القسم على شيء لا يمكننا القيام به، فهل يجوز التراجع عن الحلف؟
برغم من عظم القسم وأنه يجب ألا نأخذه لهوًا، لكن هل يجوز التراجع عن الحلف في السنة النبوية، وجد في السنة النبوية دليلًا على إجازة الرجوع في الحلف، رواه أبو هريرة رضي الله عنه “مَن حَلَفَ علَى يَمِينٍ، فَرَأَى غَيْرَها خَيْرًا مِنْها، فَلْيَأْتِ الذي هو خَيْرٌ، ولْيُكَفِّرْ عن يَمِينِهِ” الحديث صحيح وذكره مسلم في صحيحه.
أن القسم لا يجوز إلا في عمل الخير، فإن أقسم الإنسان بعمل المعصية والبعد عن طاعة الله، هذا يطلع على في الشرع قسم الفاجرة، فبكل تأكيد لا يجب أن ينفذ قسمة وأن يتحلل منه والعمل على كفارته، لكن إذا كان مسلم عاصي وأقسم بأنه صالح ثم تراجع عن قسمة، هذا باطل.
لا يجوز للمسلم أن يقوم بالقسم بغير الله، فإن القسم بالكعبة أو النبي، توجد لها كفارة وأيضًا قد وقع المسلم في إثم كبير، فيوجد الكثير من الأحاديث النبوية نعي فيها الرسول عن الحلفان بغير الله، فمنها:
- عن عبد الرحمن بن سَمُرَة رضي الله عنه أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: “إن اللَّه ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت” رواه مسلم.
- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلًا يحلِفُ بأبيه، فقال: “لا تحلِفوا بآبائِكُم، مَن حلفَ باللَّهِ فليصدُقْ، ومَن حُلِفَ لَه باللَّهِ فليرضَ، ومَن لم يرضَ باللَّهِ فليسَ منَ اللَّه” رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا تحلِفوا بآبائِكم، ولا بأمَّهاتِكم، ولا بالأندادِ، ولا تَحلِفوا إلَّا بالله، ولا تحلفوا باللهِ إلَّا وأنتُم صادقون” رواه أبو داود وصححه الألباني.
يجب علينا عدم الاستهانة بالحلفان، فإن الله يحذرنا في كتابه الكريم من الحلفان بغير حق، وأن من يفعل ذلك ولا يكفر عنه يعاقبه الله عقابً شديدًا، فمن آيات عن اليمين الكاذب:
- ما جاء في سورة النحل في قوله تعالى: “وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَىٰ مِنْ أُمَّةٍ ۚ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ ۚ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ“.
- كما ذكر في سورة البقرة في قوله تعالى: “ وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ“.
- قول الله تعالى في سورة النور: “ وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ ۖ قُل لَّا تُقْسِمُوا ۖ طَاعَةٌ مَّعْرُوفَةٌ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ“
يجب أن يكون الحلف بالله عز وجل ليس بشيء آخر، فقد أقسم الله في كتابه الكريم كما جاء في سورة الشمس قال تعالي: “وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا “، كما أقسم بالليل في قوله تعالى في سورة الليل: “وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى”، أيضًا أقسم الله عز وجل في سورة القلم وذلك بقوله تعالى: ” وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ”.
اقرأ ايضًا: حكم من قال لزوجته تحرمين علي لو فعلت كذا
كفارة التراجع عن القسم
كفارة الرجوع عن القسم جاءت من آيات كتاب الله تحديدًا في الآية 89 من سورة المائدة “لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الْأَيْمَانَ ۖ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ۖ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ”.
فلقد خيرنا الله في الكفارة من إطعام 10 مساكين، لكن يجب إطعامهم من متوسط ما تطعمون به أهلكم، حتى لا تبخل على الفقير، وذلك لأن الكفارة تأديب حتى لا يقوم المسلم بذلك العمل مرة أخري، ومن الممكن ايضًا أن تكسي 10 مساكين أيضًا، أو تحرير رقبة وهذا غير موجود.
لكن في حالة من يجد بمعنى أنه لا يستطيع بأي شكل من الأشكال توفير المال اللازم لكفارة اليمين، يجب عليك صيام ثلاثة أيام، لكن من الغير صحيح الصيام بدول محاولة عمل ما أمر به أولا، ذلك لذكر الله أنه في حالة من يجد فقط وليس دائمًا كما يقوم بالكثير من البشر بالصيام لكفارة اليمين.
اقرأ ايضًا: كفارة يمين الطلاق بالثلاثة عند الغضب
أنواع اليمين
يجب العلم كفارة التراجع عن الحلفان ليست كما بقول البعض بأنها بالصيام ثلاثة أيام، هذا الكلام بكل تأكيد خطأ فهذا يرجع إلى أهواء الشخص ولا يرجع إلى شرع الله سبحان وتعالى، فقط يظن الكثير من الناس بأنهم كفروا عن حلفانهم فقط بالصيام، فإن كفارة اليمين تتوقف على نوع اليمين، فمن أنواع اليمين:
- يمين اللغو: هو اليمين الذي يكون بشكل غير متعمد، فهي يتم إخراجها من الفم بغير شعور فإن من رحمة الله أنه يعفى عمن يقع فيه وذلك في قوله تعالى: “لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الْأَيْمَانَ“
- يمين المعقودة: هو اليمين الذي يقول فيه الشخص بفعل شيء في المستقبل لكنه لا يفعله، لذلك نسأل هل يجوز التراجع عن الحلف؟
- يمين الغموس: هو من أسوأ أنواع الحلفان وأشدهم عقاب حيث يقوم الإنسان بالحفان لأخذ حق الغير بغير حق، وهي التي قال فيها النبي محمد عليه الصلاة والسلام” من حلف على يمين ليقتطع بها مال امرئ مسلم بغير حق، فقد أوجب الله له النار، وحرم عليه الجنة” في اللفظ الآخر “لقي الله وهو عليه غضبان”.
اقرأ ايضًا: حكم من حلف بِالطلاقِ ولم ينفذ
حكم من حلف بالطلاق ثم أراد الرجوع عن يمينه
تعارضت أراء الشيوخ في ذلك الأمر، فقد قال الكثير من الشيوخ أن في حالة الحلفان بالطلاق على الزوجة لفعل شيء معين ولم تفعله، يعتبر هذا حلفان لغو، فإن فعلت تعليماته أو لا، يستلزم عليه كفارة اليمين.
فإن كفارة اليمين للحفان بالطلاق وذلك بنفس كفارة الحلفان بالله سبحان وتعالى بغير حق، بإطعام 10 مساكين فإن لم تكن تستطع فعليك بالصيام ثلاثة أيام، لكن في حالة استطاعتك لإطعام 10 مساكين يستلزم عليك ذلك، لأن كفارة اليمين هو عقاب من الله لكي يتعلم المسلم بعدم اللهو بالقسم.
من المؤكد أنه يجب كفارة القسم فمن يتعمد إلا يكفر عن قسمة، فهو في آثم، فإن الكفارة لا تسقط على مهما طال الوقت، فقال رسول الله في الحديث الذي رواه عبد الله بن عمرو بن العاص “الكَبائِرُ: الإشْراكُ باللَّهِ، وعُقُوقُ الوالِدَيْنِ، وقَتْلُ النَّفْسِ، واليَمِينُ الغَمُوسُ”.
على المسلم أن يمسك لسانه عن الحلفان على أشياء لا تستحق حتى لا يتوجب عليه التكفير عن ذلك، أما في حالة الرجوع في الحلفان عليه أن يتوب عن ذلك والله يحب التوابين.