حكم قول قوس قزح في الإسلام
ما هو حكم قول قوس قزح في الإسلام؟ وهل هناك ما يثبت حرمانية هذا الأمر؟ في الواقع كثرت الأقاويل في هذا الصدد وتضاربت آراء المنقسمين بين مؤيدٍ لكون حكم قول قوس قزح في الإسلام مكروه وبين معارض لذلك الأمر، لذا قررنا أن نقطع الشك باليقين عبر منصة وميض عن طريق توضيح حقيقة ما استند عليه كل طرف.
حكم قول قوس قزح في الإسلام
في الحديث عن حكم قول قوس قزح في الإسلام وردت الكثير من الآراء، وانقسمت هذه الآراء وأصحابها إلى قسمين، القسم الأول رأى أن قول قوس قزح مكروه في الدين الإسلامي الحنيف، والرأي الآخر جاء ينفي هذا الموضوع ويحارب الإثباتات التي وضعها من رأى كراهة في قول قوس قزح على منضدة النقاش والتفاوض.
قوس القزح أو ما يُعرف بالألوان التي تظهر في السماء بعد هطول هو من الظواهر الطبيعية والفيزيائية التي تحدث نتيجة انكسار الضوء الخاص بالشمس وتحلله عبر قطرات المياه الخاصة بالأمطار، وتحدث هذه الحالة عندما تكون الشمس مشرقة.
كما يشتمل قوس القزح على سبعة ألوان ألا وهي أحمر، برتقالي، أصفر، أخضر، أزرق، بالإضافة إلى اللون النيلي والبنفسجي، وهذا التفاوت في الألوان نتيجة اختلاف الأطوال الموجية للألوان، فكيف يكون في ذكر اسم ظاهرة من الظواهر الطبيعية كراهية أو تحريم؟ جاءت بعض التفسيرات التي قالت إن حكم قول قوس قزح في الإسلام مُحرم لكون قزح من أسماء الشيطان.
يُقال إن الشق والصف الذي أيد هذه النظرية يشتمل على كل من شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، بالإضافة إلى الإمام النووي وابن وهب.
فكما نُسب إليهم يعدون جميعهم من مؤيدي نظرية كون كلمة قزح في الإسلام مكروهة لكونها من أسماء الشيطان، وفيما يلي من سطور مقالنا هذا سنعرض لكم التفسيرات الواردة على لسان المؤيدين والمعارضين لكون لفظ قوس قزح محرم أو مكروه في الديانة الإسلامية.
اقرأ أيضًا: ما هو كتاب شمس المعارف وحكم قراءة الكتاب في الإسلام
آراء من رأوا كراهة في لفظ قوس قزح
كما ذكرنا فكل من شيخ الإسلام ابن تيمية، والإمام النووي، بالإضافة إلى ابن القيم وابن وهب ورد عنهم أنهم رأوا أن حكم قول قوس قزح في الإسلام مكروه، وجاءت التفسيرات الواردة على لسانهم كما يلي:
- ورد عن شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس المُكنى باسم ابن تيمية أنه قال إن قوس القزح اسمه قوس الله، وكره في لفظ قوس قزح.
- أما الحنبلي أبو عبد الله شمس الدين محمد ابن القيم الجوزية فقد سار على نهج معلمه ابن تيمية، فقد ورد في العديد من المصادر أنه قد قال إن حكم قول قوس قزح في الإسلام مكروه لنفس السبب، كما قد تناقل الناس على لسانه أنه قال يُكره أن يُقال قوس قُزح لهذا الذي يُرى في السماء، والأفضل قول قوس الله.
- كما جاء على لسان شافعي المذهب يحيى بن شريف النووي والمعروف بالإمام النووي أنه قد وافق كل من ابن تيمية وابن القيم في اعتبار حكم قول قوس قزح في الإسلام مكروه كراهة تحريم.
- بالحديث عن عبد الله بن وهب نجد أنه قد قال في جامعه عن القاسم بن عبد الرحمن أنه قال: “لا تقولوا قوس قزح، فإنما القزح شيطان، ولكنها القوس”
الجدير بالذكر أن كل الأقاويل أعلاه التي نسبها الناس إلى الإمام ابن القيم، الشيخ ابن وهب بالإضافة إلى شيخ الإسلام ابن تيمية والإمام النووي جاءت في الأساس بسبب حديث قيل إن الإمام يحيى بن شريف نقله ورواه على لسان عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وأرضاهما عندما قال إن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال:
“لا تقولوا: قوْسُ قُزَحَ؛ فإنَّ قُزَحَ شيطانٌ، ولكن قولوا: قوْسُ اللهِ عزَّ وجلَّ، فهو أمانٌ لأهلِ الأرضِ” فما صحة هذا الحديث؟ وما هو معنى قزح؟؟ نُجيب عن ذلك في إطار توضيح رأي الطرف الثاني من أطراف طاولة الحوار، وهم الذي قالوا إن لا كراهة ولا ضرر في قول قوس قُزح، فكيف يكون ذلك على الرغم من الحديث الشريف أعلاه!
حديث موضوع… وأمير المؤمنين يدلو بدلوه
في بداية استعراض وجهة النظر المقابلة التي تخص حكم قول قوس قزح في الإسلام، نجد أن الحديث الوارد على لسان الحبيب المصطفى محمد بن عبد الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي قال فيه “لا تقولوا: قوْسُ قُزَحَ؛ فإنَّ قُزَحَ شيطانٌ، ولكن قولوا: قوْسُ اللهِ عزَّ وجلَّ، فهو أمانٌ لأهلِ الأرضِ” حديث موضوع بشهادة الكثيرين.
فالحديث أعلاه من الأحاديث الموضوعة التي لا يجوز أن يتم نسبها إلى النبي العدنان، لذا بكل تأكيد لا يصح أن تكون الحجة وطريقة الإفتاء في حكم قول قوس قزح في الإسلام، وجاء في العديد من المصادر أن خلاصة حكم المحدث في هذا الحديث هو كونه غريب من أبي رجاء، ولم يرفعه إلى من هو أعلم منه إلا زكريا بن حكيم.
كما أن هذا الحديث كان له العديد من صور التخريج، فأخرجه العقيلي في الضعفاء الكبار، كما قام الخطيب بإخراجه في تاريخ بغداد بالإضافة إلى ابن الجوزي في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة، والجدير بالذكر أن هذه الصور من التخريج جاءت ببعض الاختلافات اليسيرة، ولكنهم أجمعوا جميعًا على كونه من الأحاديث الموضوعة.
كما قال الألباني رحمه الله وطيب أثره في سلسلة الأحاديث الضعيفة عما يخص هذا الحديث ما يلي:
“الظاهر أنه من الإسرائيليات التي تلقاها بعض الصحابة عن أهل الكتاب، وموقف المؤمن تجاهها معروف، وهو عدم التصديق ولا التكذيب، إلا إذا خالفت شرعا أو عقلا”
كما جاء على لسان الإمام علي بن أبي طالب أمير المؤمنين كرم الله وجهه أنه قال في فيض القدير لابن الكواء أن القوس علامة كانت بين نوح وربه للتعبير عن الأمان لأهل الأرض من الغرق والفتن والموالاة لقريش.
اقرأ أيضًا: ما معنى اسم وتين وما حكمه في الإسلام
قوس قزح في معاجم اللغة العربية
في سبيل البحث عن حكم قول قوس قزح في الإسلام وجدنا العديد من المعاني لكلمة قُزح، وهي الكلمة التي تُرافق كلمة قوس كظلها مُنذ فجر التاريخ حتى يومنا هذا.
فقيل إن معنى قزح في اللغة العربية يعني الارتفاع، وقيل أيضًا أن كلمة قزح هي من الكلمات التي تعبر عن جمع قزحة، وقزحة هي الطريقة التي يتركب منها القوس من ألوان صفراء وحمراء وخضراء.
ورد أيضًا في لسان العرب، القاموس المحيط والنهاية أن قزح من أسماء الملك الموكل بالسحاب، كما راحت بعض الآراء إلى كون قزح تعبر عن اسم إله الرعد، الخصب والمطر عند أهل الكفر والجهل، وجاءت القليل من التأويلات التي قالت إن كلمة قزح من أسماء ملوك العجم في القدم.
كان قد جاء أيضًا أن هناك جبل في المزدلفة يُسمى قزح، وقد ورد في حديث عن خليل المصطفى أبو بكر الصديق الصحابي الجليل رضي الله عنه وأرضاه أنه أتى على قزح وهو يخرش بعيره بمحجنه، وهو القرف الذي يقف عنده الإمام في المزدلفة.
اقرأ أيضًا: معنى اسم ريا وصفاتها وحكم تسميتها في الإسلام
في خلاصة حكم قول قوس قُزح في الإسلام نجد أنه لم يرد في قول الحبيب المصطفى أو الآيات القرآنية الشريفة ما يعبر عن حرمانية قول قوس قُزح، ولكن أوصانا السراج المنير والهادي البشير باجتناب الشبهات، وإن قلتها عن غير عمد أو سوء نية لم يكن في ذلك شيء والله أعلم.