حكم التخبيب في الشرع
حكم التخبيب في الشرع من الأمور التي يجب الالتفات لها، فالإنسان يعيش في الحياة يتخبط بين الأفعال المحرمة والذنوب المختلفة وهو لا يدري أنه يكتسب الآثام التي سيحاسبه الله عليها، ومن بين هذه الآثام هي آثام سلوك التخبيب، ولكن ما هو التخبيب؟ وما الأحكام المتعلقة به؟ هذا ما سوف نتعرف عليه فيما يلي من خلال منصة وميض.
حكم التخبيب في الشرع
إن إفساد ذات البين والمشي بين الناس بالنميمة كلها مرادفات لبعضها ولمعنى واحد ألا وهو تدمير العلاقات ونشر الفساد بين الناس، وهو بالتأكيد أمر مُحرم شرعًا.
كما أن من يمارس فعلة التخبيب تلك فهو فاجر، وذلك يتجلى في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: “إنَّ المؤمنَ غِرٌّ كريمٌ، وإنَّ الفاجرَ خَبٌّ لئيمٌ” [حديث حسن].
اقرأ أيضًا: حكم التخبيب بين الزوجين
تعريف التخبيب
بعد أن تعرفنا على حكم التخبيب في الشرع وعلى صفة المخبب الذي وُصف بها من قبل الرسول – صلى الله عليه وسلم -، نتعرف على المعنى أو المقصد من الصفة.
المقصود هو الإفساد والتخريب بين الأشخاص، كأن يفسد الرجل بين المرأة وزوجها، أو أن يفسد العلاقة بين العبد وسيده، بين الصديق وصديقه وغيرها من الأشكال المشابهة.
هذه الفعلة من أفعال الشياطين والسحرة، فقد قال الله تعالى:
(وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ۚ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ ۚ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ۚ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) [سورة البقرة – الآية 102].
إفساد المرأة على زوجها كصورة من صور التخبيب
كما تعرفنا أثناء الحديث عن موضوع حكم التخبيب في الشرع أن له العديد من المظاهر المختلفة ومن بينها أن يفسد الرجل بين المرء وزوجته.
يكون ذلك النوع من أكثر الأنواع شرًا وأكثرها فتنة، فيقوم بإفساد قلب المرأة وجعلها تكره زوجها وتنفر منه لأي سبب كان ذلك من عظائم الذنوب.
فهذه الفعلة كما ذكرنا سابقًا من عمل الشياطين والسحرة، فالتقرب من المرأة والحديث معها عن تفاصيل بيتها وحياتها الزوجية قد حرمه الله ونهى عنه.
ما عقوبة التخبيب شرعًا
تعرفنا على حكم التخبيب في الشرع والذي هو محرم لا جدال في ذلك، ولكن ماذا عن العقوبة التي تقع على مرتكب هذه المعصية؟
يجب أن يصلح ما فعل من خلال رد المرأة إلى زوجها كما أفسد بينهما، ويتوب عن فعلته ولا يعود لها، وبعض من علماء الإسلام يرون أن عقوبة هذه الفعلة يجب أن تكون الحبس.
في حالة زواج الرجل الذي أفسد بين الزوجين من الزوجة التي أفسد قلبها وسحبها إلى شباكه، يرى علماء الدين أنه لا شائبة ولا ذنب في ذلك وأن الذنب يقع عليه فقط لما ارتكب من ذنب في البداية.
مذهب المالكية يختلف مع الرأي السابق، ويرى أن الزواج هذا باطل لأنه بني من الأساس على خداع وعلى ذنب ومعصية لله.
بينما الزوجة التي أنصتت للشخص الفاسد فهي آثمة أيضًا، وذلك لأنها سمحت لغريب بالتحدث معها واستمعت لأفكاره وانقلبت على زوجها، فبذلك قد خانت عهد الزواج القائم بينها وبين الرجل.
أيضًا لا يُشترط أن يكون الإفساد من قبل رجل، يمكن أن يكون امرأة لامرأة أخرى وتقوم بنفس الفعل، ومن الممكن أن تُفسد بين الأصدقاء أو بين الشخص وأهله.
في كل الحالات تلك وغيرها يجب إصلاح الخطأ والاستغفار والتوبة لله، والتعهد بعدم العودة إلى تلك الفعلة ثانية.
عقوبة التخبيب في القانون
أيضًا من التفاصيل التي يجب ذكرها عند الحديث عن حكم التخبيب في الشرع، هي نظرة القانون لتلك الفعلة والعقوبة التي يفرضها.
في الواقع لم يعط القانون أي انتباه لتلك الفعلة في البلدان الإسلامية والعربية عدا دولة الكويت التي وضعت قانونًا للحد من تلك الفعلة.
جاء في المادة 23 من قانون الأحوال الشخصية في دولة الكويت النص التالي: (لا يجوز للرجل الذي خبب امرأة على زوجها أن يتزوجها إلا بشرط أن تعود إلى زوجها أولًا فيطلقها أو يموت عنها).
قالت الدولة أن السبب في إصدار ذلك القانون هو أن إفساد العلاقة بين الرجل وبين زوجته من أكثر الأفعال سوءًا، سواء كان وسيلة الإغواء بالمال أو الوعد بالزواج أو غيرها من الوسائل.
فكان الهدف من هذا القانون هو حماية الأسرة المسلمة والدفاع عنها من هذا الخطر الخفي الخبيث.
اقرأ أيضًا: حكم عدم طاعة الزوجة لزوجها
الأحاديث التي ذكر فيها التخبيب
ورد في القرآن وفي السنة ما ينهى عن التخبيب، فكانت الآية من سورة البقرة خير دليل على انحطاط ذلك الفعل.
وكذلك في السنة النبوية نُهي عن ذلك، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال:
“- ليس منَّا من خبَّب امرأةً على زوجِها أو عبدًا على سيِّدِه” [حديث حسن – أخرجه أبو داود والنسائي وأحمد].
كذلك في حديث آخر يوضح مدى حب إبليس لشيطانه الذي يفسد بين الناس، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن الرسول الكريم قال:
“إنَّ إبليسَ يضعُ عرشَه على الماءِ ، ثم يبعثُ سراياه ، فأدناهم منه منزلةً أعظمَهم فتنةً ، يجيءُ أحدُهم فيقولُ : فعلتَ كذا وكذا ، فيقولُ ما صنعتَ شيئًا ، ويجيءُ أحدُهم فيقولُ : ما تركتُه حتى فرَّقتُ بينَه وبين أهلِه ، فيُدْنِيه منه ، ويقولُ : نعم أنتَ” [حديث صحيح – صحيح الجامع].
الإفساد كله محرم
شرع الدين الإسلامي المعاملات بين الناس في أفضل صورة لها، فلذلك حرم التخبيب وحرم النميمة والغيبة وكل ما يمكن أن يفسد العلاقات بين الناس.
إن الأمر لن يتوقف عند فساد العلاقات والقطيعة بين الأرحام، ولكن الأمر يمكن أن يصل إلى القتل والفتنة بين الناس.
قال الله تعالى:
(ذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ) [سورة النور – الآية 15].
الإفساد بين الزوج وزوجته تدمير للأسرة والمجتمع
إن الأسرة هي نواة المجتمع الأولى وهي أصل قوة وترابط المجتمع وصموده، وهذه الرابطة تنهار وتُدمر عندما تفسد العلاقة بين الزوجين.
الادعاءات التي تفصح عن الرغبة في تخليص المرأة من ظلم زوجها أو سوء المعاملة أو غيرها من الادعاءات التي تتُخذ ذريعة للتفرقة بين الأزواج ليست مبرر ولا تعفي من الإثم، فلا يمكن الإفساد للقيام بالإصلاح.
اقرأ أيضًا: ما حكم الزوجة التي تكره أهل زوجها
أسباب التخبيب
عرفنا الكثير من التفاصيل التي تخص التخبيب ولا يتبقى سوى معرفة أسباب حدوثه المختلفة، وهي مهم العلم بها حتى نتجنب التعرض لها، وهذه الأسباب هي كما يلي:
- الحسد من إحدى الصديقات لصديقتها التي تمتلك زوجًا رائعًا.
- معاناة المرأة مع زوجها بصور مختلفة فتحكي لصديقتها التي تنصحها بالانقلاب عليه.
- رغبة الرجل بالزواج من زوجة صديقه.
- عدم التوافق بين أم الرجل وبين زوجته، فتصير تخبره الصفات السيئة عنها.
- نصح الرجل لصديقه بمعاملة زوجته بقسوة أو نصحه بخيانتها.
إن التخبيب من الآثام الكبيرة التي يجب الحذر من الوقوع فيها، كذلك يجب الانتباه إلى كل لفظ يُنطق وكل كلمة تقال وأين موضعها، فكثير من الكلمات العابرة التي نقوم بنطقها ولا نلق لها بالًا فتحدث من ورائها المشكلات العظيمة.