حقوق زوجة الأب على أبناء الزوج
ما حقوق زوجة الأب على أبناء الزوج؟ وهل عليهم الإنفاق عليها؟ نعلمُ أنه لا يُمكن لعقل الابن استيعاب الإرادة الإلهية في وفاة والدته وأن هناك من أحلت محلها، دون إرادة منه أو موافقة، هذا وفي ظل الصورة التي يضعها المجتمع لزوجة الأب باعتبارها امرأة قاسية هادمة للبيت يغفل أبناء الزوج عن حقوقها، لذا أردنا أن نسلط عليها الضوء في منصة وميض.
حقوق زوجة الأب على أبناء الزوج
من الجدير بالذكر أن زوجة الأب تعتبر من المحارم ما إن تمت الزيجة، فيُمكن لأبنائه من زوجته الأولى مصافحتها، والخلوة معها دون محرم، علاوةً على برها والإحسان إليها، وتقديم يد العون إليها إن كانت بحاجة إلى ذلك.
فقد قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: “إنَّ مِن أَبَرِّ البِرِّ صِلَةَ الرَّجُلِ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ بَعْدَ أَنْ يُوَلِّيَ” (صحيح مسلم)، فمن جمال الإسلام لا يعد بر الوالدين مقتصرًا عليهما فحسب، بل كل أحبائهما وأقاربهما في حياتهما وبعد الوفاة.
كما أن عيش الفتاة مع زوجة أبيها لا ضير فيه إن رضت الزوجة بذلك، وكذلك الحال بالنسبة لأبنائه من الذكور إن أمنت الفتنة والفساد، فزوجة الأب تعتبر محرمًا لأبناء زوجها، ومن حقوق زوجة الأب على أبناء الزوج أن يتقوا الله في معاملتها ويبرونها تقديرًا لأبيهم.
اقرأ أيضًا: حق الزوجة على زوجها المسافر
إنفاق الأبناء على زوجة أبيهم
لما كانت النفقة على الأب واجبة من أبنائه إن كان محتاجًا لذلك، فإن تلك النفقة وجبت لزوجة أبيهم أيضًا، إن كانت بحاجة إلى النفقة خاصةً بعد وفاة أبيهم.. وهذا ما نؤكد عليه في حقوق زوجة الأب على أبناء الزوج.
في المذهب الحنبلي والشافعي والمالكي يلزم على الابن أن ينفق على زوجة أبيه، أما المذهب الحنفي فقد ذهب إلى أنه لا لزامًا على الابن أن ينفق على زوجة أبيه إلا في حال كان الأب يعاني من مرض ما يصيبه العجز أو مرض مزمن.
كذلك إن كان الأب فقيرًا، ولم يكن بوسعه أن ينفق على زوجته وأبنائه، وإن كان أبنائه قد ورثوا أموال من زوجة أخرى وهي أمهم، فلهم أن ينفقوا على أبيهم، كما ينفقون على من يعول الأب من زوجة وأبناء.
هل لزوجة الأب مثل حق الأم؟
عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال عن الرسول –صلى الله عليه وسلم- قال: “خَلَقَ اللَّهُ الخَلْقَ، فَلَمَّا فَرَغَ منه قامَتِ الرَّحِمُ، فأخَذَتْ بحَقْوِ الرَّحْمَنِ، فقالَ له: مَهْ، قالَتْ: هذا مَقامُ العائِذِ بكَ مِنَ القَطِيعَةِ، قالَ: ألا تَرْضَيْنَ أنْ أصِلَ مَن وصَلَكِ، وأَقْطَعَ مَن قَطَعَكِ، قالَتْ: بَلَى يا رَبِّ، قالَ: فَذاكِ. قالَ أبو هُرَيْرَةَ: اقْرَؤُوا إنْ شِئْتُمْ: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد: 22]. [وفي رواية]: قالَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: واقْرَؤُوا إنْ شِئْتُمْ: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ}” (صحيح البخاري).
إلى جانب توضيح حقوق زوجة الأب على أبناء الزوج نذكر أن زوجة الأب ليست كالأم في حقوقها، حيث إن لها حقوق من باب الإكرام، تقديرًا من الأبناء لأبيهم، ومراعاة خاطره.. هذا ما جاء به الإمام ابن باز.
على الزوجة مراعاة شعور أبناء زوجها
فضلًا عن حقوق زوجة الأب على أبناء الزوج نذكر أن الله تعالى أعطى لزوجة الأب حرمة، يجب أن يحترمها أبناء زوجها، وفي مقابل ذلك إن كانت زوجة الأب مراعية أبناء زوجها وتعاملهم معاملة حسنة وتعمل على تربيتهم تربية صالحة قويمة، وتتقي الله فيهم وفي زوجها.. فإنها تستحق الكثير من الحقوق.
كما أنها إن عاملتهم على هذا النحو لن تجد منهم إلا الشكر والعرفان، فيؤدون واجباتهم نحوها على أكمل وجه، ويكون لها عظيم الفضل والثواب عند الله تعالى، لأنها تكون مسؤولة أمام الله عن رعاية أولئك الأبناء، فيجازيها عن تربيتهم خير الجزاء.
فضلًا أنه عليها مراعاة الحالة النفسية للأبناء، فهي التي وُجدت عند حرمانهم من أمهم، فكيف لهم تقبل الأمر وهم يرون فيها نمرًا متوحشًا هادمًا، لذا يجب أن تسعى في بادئ الأمر بهدوء ومودة أن تمتص تلك الحالة، والتي سيعبرون عنها بطبيعة الحال أمامها.. على أن تحاول تعويضهم النقص في غياب الأم، وتكون لهم أمًا فاضلة.
اقرأ أيضًا: حكم عدم طاعة الزوجة لزوجها
حكم إنفاق الزوجة على أبناء زوجها
ليس لزامًا على زوجة الأب أن تنفق على أبناء زوجها، لا أثناء حياته ولا حتى بعد أن يموت، حيث إن تطرقنا إلى شروط النفقة، أن المنفق يكون وارثًا لمن ينفق عليه، وإن أخذنا بعدم وجود صلة دم بين الأبناء وزوجة أبيهم فليس عليها أن تنفق عليه.
في ظل تقلبات ظروف الحياة قد يضطر الرجل إلى الزواج من أخرى تربي أبنائه، إما لوفاة الأم أو الطلاق.. فإن اعتبرها المجتمع وسيلة لتخريب البيوت وانهيار الأبناء، فنشير إلى أنها ليست كذلك ولها من الحقوق ما يجب مراعاتها.