سبب نزول سورة العلق
سبب نزول سورة العلق من الأمور التي تشوبها بعض الشوائب لدى المسلمون، فهناك مثلًا من يعتقد أنها نزلت لتكون أول سور القرآن الكريم، بينما يعتقد البعض أنها نزلت لكي تكون مجرد عبرة للمسلمين.
سنتعرف من خلال هذا المقال عبر منصة وميض إلى سبب نزول سورة العلق بالتفصيل، كما سنعرض كل ما يخص هذه السورة الكريمة المباركة وأثرها على النبي صلى الله عليه وسلم.
سبب نزول سورة العلق
إن سبب نزول سورة العلق هو إعلام النبي صلى الله عليه وسلم بأنه المختار والمصطفى على سائر البشر أجمعين لكي يكون مسك ختام المرسلين جميعًا.
فكان نزول جبريل عليه السلام على النبي الكريم في غار حراء هو بداية لبعثته في قومه وفي الناس أجمعين، وبداية لتواصل الله سبحانه وتعالى مع النبي من خلال الوحي.
أما السبب الثاني لنزول سورة العلق هو حث النبي صلى الله عليه وسلم على تعلم القراءة، فكما نعلم جميعًا أن محمدًا عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام كان أميًا، لا يعرف القراءة أو الكتابة.
فما كان ينبغي لنور الإسلام المشرق بطلعته وظله الظليل أن يكون أميًا، فكيف يكون مبعوث النور والهدى لا يعرف القراءة فكيف سيبلغ رسالته إذًا، وكيف له أن يحفظ ما أتاه الله من آيات وأحكام.
اقرأ أيضًا: سبب نزول سورة الأعلى
معلومات عن سورة العلق
إن الذي يود معرفة سبب نزول سورة العلق عليه أن يكون ملمًا ببعض الأمور المتعلقة بها، ومن أهم تلك الأمور:
- إن سورة العلق هي أول سورة أنزلها الله على نبيه عن طريق الوحي.
- نزلت الآيات الخمس الأولى فقط من سورة العلق في غار حراء، أما باقي آيات السورة قد نزلت على النبي فيما بعد.
- سورة العلق هي سورة مكية.
- إن سورة العلق هي السورة رقم ستة وتسعون من ترتيب المصحف الشريف.
- عدد آيات سورة العلق هو تسعة عشر آية.
- سورة العلق تقع في الجزء الثلاثون من القرآن الكريم، وتحديدًا في منتصف الحزب رقم ستون.
- سورة العلق في عهد النبي لم تكن تسمى بهذا الاسم، بل كانت تسمى بسورة اقرأ باسم ربك، ولكن فيما بعد استقرت تسميتها باسم سورة العلق نسبة للفظة العلق الواردة في الآية الثانية من السورة.
أحداث نزول سورة العلق
لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم معتادًا على أن يعتكف في غار حراء لكي يتعبد، وحينما أتم عليه الصلاة والسلام عامه الأربعين كان جالسًا في غار حراء كمثل عادته يتعبد للخالق الذي لم يعرفه بعد، ولكنه كان دومًا منصرف إليه يشعر بوجوده فلا يميل إلى الأوثان وطباع الجاهلية التي شب وترعرع وسطها.
فجأة دب نورٌ عظيم شق ظلمة وعتمة الغار وتجلى جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم، لقد هلع النبي وأصابه الذعر والفزع وتملك منه الخوف من هول مطلع ملاك الوحي وهيبته، وفوجئ بأن هذا الكيان الملائكي يقول له من دون مقدمات اقرأ، والنبي كان أميًا لا يعرف القراءة أو الكتابة فرد بهدوء وأدب يليق بخاتم النبيين قائلًا: ما أنا بقارئ.
اقترب ملاك الوحي من النبي فهلع منه أكثر وتعجب من اقترابه الذي قام بضمه وعناقه عناقًا مجهدًا له، ثم بعد ذلك قرر جبريل عليه السلام طلبه ثانيًا وقال اقرأ، فأجابه النبي للمرة الثانية ما أنا بقارئ، ثم قام جبريل بعناقه مرة أخرى بقوة بلغت من النبي جهدًا كبيرًا وقال للمرة الثالثة اقرأ، فأجاب النبي بتعب ما أنا بقارئ.
لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ضعيف البنية بل كان قويًا سليم البنيان، ولكن ضم جبريل عليه السلام إياه استنفذ منه الكثير من الطاقة والجهد، ذلك بالإضافة إلى ما أصاب النبي من ذعر وخوف شديدين وخاصةً لأنه مدرك تمامًا أن هذا المشهد العظيم الذي يمر به واقعًا مُعاشًا بالفعل وليس كابوسًا أو حلمًا.
قال جبريل عليه السلام في المرة الرابعة (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ* اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ* الَّذِي عَلَّمَ بِالقَلَمِ* عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) [سورة العلق، الآيات 1-5] ثم اختفى جبريل بعد ذلك من أمام الرسول.
اقرأ أيضًا: سبب نزول سورة النصر
حال النبي بعد نزول أوائل سورة العلق
هرع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يكاد يمسك بزمام نفسه، متجهًا إلى منزله ودخل على السيدة خديجة رضي الله عنها وهو يرتجف فزعًا ولقد أصابته الحمى، وكان يتصبب عرقًا ويرتعش خوفًا من هول ما رآه في تلك الليلة المباركة، فأخذت السيدة خديجة تربت عليه في حنوٍ وتهدأ من روعه ولقد وضعت عليه الكثير من الأغطية لكي يكف جسده الشريف عن الرعشة.
لم تدر السيدة خديجة ما الذي أصاب النبي آنذاك ولم تفهم منه الكثير لصعوبة قدرته على الكلام والشرح وهو في تلك الحالة، فلما هدأ قليلًا بدأ يقص عليها ما حدث معه في الغار من الألف إلى الياء، وتعجبت بنت خويلد رضي الله عنها ولم تفهم شيئًا مما قصه عليها النبي، كذلك لم تستطع تفسير ما حدث.
ما كان من السيدة خديجة إلى أن أرسلت إلى ابن عمها ورقة بن نوفل والذي كان يعتنق الديانة المسيحية، من أجل أن تستفتيه فيما حصل مع النبي وعجزت عن فهمه أو تفسيره، ولقد كان ورقة بن نوفل يجيد العبرية ويقوم بكتابة الإنجيل وحفظه باللغة العبرية كما أنه كان شديد التدين، وحينما قصت عليه السيدة خديجة ما حصل لم يتعجب.
إن السر وراء عدم تعجب ورقة بن نوفل مما حدث مع النبي هو إيمانه التام ببشرى المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام الذي نصت على أن النبي الذي سيأتي من بعده سيكون خاتم النبيين وأنه سيكون عربيًا، وما وصفه النبي عن جبريل عليه السلام ورد ذكره مسبقًا في التوراة والإنجيل مما جعل ورقة يؤكد على أن ما أصاب النبي ليس هلوسة أو مدعاة للخوف، إنما هو الناموس الذي نزل على نبي الله موسى عليه السلام.
كما أوضح لهم ورقة بن نوفل أن ملاك الوحي هذا لا ينزل أبدًا إلا على الأنبياء والمرسلين، وأن بشارة موسى وعيسى والأنبياء السابقين جميعهم قد تحققت في شخص محمد بن عبد الله صاحب رسالة لإسلام وخاتم الأنبياء والمرسلين.
اقرأ أيضًا: سبب نزول سورة التين
تفسير أوائل آيات سورة العلق
إن سبب نزول سورة العلق يتضح شيئًا فشيئًا في الآيات الخمس الأولى منها، والتي نزلت على الرسول صلى الله عليه وسلم في غار حراء، لتكون الانطلاقة الأولى لبعثه برسالة الإسلام، والتفسير الميسر المبسط للآيات الخمس الأولى من سورة العلق يتلخص في الآتي:
1- تفسير الآية الأولى من سورة العلق
“اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ”: تعني هذه الآية اقرا يا محمد ما أنزله الله عليك، مفتتحًا غياه باسم الله الخالق الواحد الأوحد.
2- تفسير الآية الثانية من سورة العلق
“خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ”: تصف هذه الآية الكريمة للنبي أن الله الذي يدعوه إلى أن يقرأ ما أنزل إليه، هو الذي خلقه وخلق بني الإنسان من علقة، أي من كتلة صغيرة جدًا من الدم الرطب الغليظ في الأرحام.
3- تفسير الآية الثالثة من سورة العلق
“اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ”: تعني هذه الآية أن اقرأ يا محمد ما أنزله الله إليك، فإن الله هو الكريم الأكرم واسع الإحسان شديد الجهد والعطاء.
4- تفسير الآية الرابعة من سورة العلق
“الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ”: في هذه الآية توضيح كبير بأن الله هو من علم الخلق جميعًا الكتابة بالقلم.
اقرأ أيضًا: سبب نزول سورة التحريم
5- تفسير الآية الخامسة من سورة العلق
“عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ”: أي أن الله هو وحده من علم الإنسان كل شيء كان يجهله، فهو الذي أخرجه من غياهب الظلمات إلى سعة العلم المنير.
بعد التعرف إلى سبب نزول سورة العلق، علينا جميعًا أن نحرص على تعليم أبنائنا مفاهيم وأهداف وماهية تلك السورة، ليدركوا مدى عظم وأهمية مكانة العلم التي تبدأ بالقراءة والخط بالقلم.