حديث الرسول عن ليلة القدر
حديث الرسول عن ليلة القدر وفضلها من الأمور التي يجب أن يحيط بها كل مسلم مؤمن يعلم قيمة هذه الليلة وفضلها، فهي ليلة مميزة جاءت في شهر مميز ألا وهو شهر رمضان المبارك، وعليه فإن فضلها لا تضاهيه ليلة أخرى ولا شهر آخر، وفيما يلي نتعرف بشكل أكثر تفصيلًا عما ورد عن الرسول الكريم بشأنها من خلال منصة وميض.
حديث الرسول عن ليلة القدر
لا تتوقف ميزة ليلة القدر عند أنها في شهر رمضان الكريم فقط، بل كذلك فهي الليلة التي أنزل فيها القرآن الكريم على رسول الله – صلى الله – عليه وسلم – وفيما يلي نتعرف على ما ورد عنه بشأن هذه الليلة:
أحاديث عن فضل ليلة القدر
توجد الكثير من الأحاديث التي وردت عن الرسول – صلى الله عليه وسلم – يمكن ذكرها عند التحدث في موضوع حديث الرسول عن ليلة القدر، وهي أحاديث تخص فضل هذه الليلة وفضل قيامها وعبادتها بمختلف العبادات.
فمن صلى القيام في هذه الليلة إيمانًا بالله وبفضل هذه الليلة وتعبد فيها إرضاءً لله عز وجل وليس من باب الرياء فإن الله يغفر له ما تقدم من ذنوب، وذلك يتجلى في الحديث عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أنه قال:
“مَن يَقُمْ ليلةَ القَدْرِ إيمانًا واحتسابًا، غُفِرَ له ما تَقدَّمَ من ذَنبِه“[ صحيح البخاري وصحيح مسلم].
استكمالًا لفضل هذه الليلة المباركة، فإن فضل عبادتها يتجاوز فضل عبادة ألف شهر، ومن لم يقمها فقد مُنع من خير وفضل كبير للغاية، وذلك يتجلى في الحديث عن أنس ابن مالك – رضي الله عنه – أن رسول الله قال:
” إِنَّ هذا الشهرَ قدْ حضَرَكُمْ ، وَفيهِ ليلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شهْرٍ ، مَنْ حُرِمَها فَقَدْ حُرِمَ الخيرَ كُلَّهُ ، ولَا يُحْرَمُ خيرَها إلَّا محرومٌ” [حديث حسن – صحيح الجامع].
من باب الحرص على إتيان فضل هذه الليلة التي هي في أواخر عشرة أيام من رمضان، كان النبي يتحراها ويسعى في العبادة أكثر وأكثر على الرغم من أن الله قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، عن أم المؤمنين السيدة عائشة – رضي الله عنها – أن النبي:
“كان إذا دخل العشرُ شدَّ مِئْزَرَهُ ، وأحيا ليلَهُ ، وأيقظَ أهلَهُ” [حديث صحيح _ صحيح بخاري وصحيح مسلم].
من باب الهمة في الطاعة لاقتناص ليلة القدر وفضلها وكرمها كان النبي يعتكف العشر الأواخر من رمضان، أي أنه كان يظل في المسجد لا يخرج منه متعبدًا قائمًا لله تعالى، فعن عبد الله بن عمر – رضي الله عنه –:
“أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يعتَكِفُ العَشْرَ الأواخِرَ مِن رَمَضانَ” [حديث صحيح – سنن أبي داود].
اقرأ أيضًا: أفضل دعاء ليلة القدر
أحاديث عن علامات ليلة القدر
كما تعرفنا أثناء الحديث في موضوع حديث الرسول عن ليلة القدر، فإن لها من الفضل والخير ما يجعل تحريها وانتظارها هو الصواب كله، ولكن كيف يمكن أن نعرفها؟، ورد عن النبي بعض العلامات التي يمكن أن نستدل بها عليها.
من العلامات التي يمكن أن تدل على أنها الليلة المنشودة أن السماء تكون صافية فيها والقمر مضيئًا لا تحجبه أي سحب، وتكون ذات حرارة معتدلة فلا هي حارة أو هي باردة وأن شمسها في الصباح تكون مضيئة بلا شعاع أي مثل القمر.
ما سبق ورد في حديث عن النبي الكريم ولكنه حديث ضعيف لا يمكن الاستناد إليه، ولكن يمكن الاستناد فقط إلى مسألة أن الشمس فيها تخرج بلا شعاع وهو ما ورد أيضًا عن صحابة الرسول.
فعن أُبي ابن كعب أنه قال:
“مَن قَامَ السَّنَةَ أَصَابَ لَيْلَةَ القَدْرِ، فَقالَ أُبَيٌّ: وَاللَّهِ الذي لا إلَهَ إلَّا هُوَ، إنَّهَا لَفِي رَمَضَانَ، يَحْلِفُ ما يَسْتَثْنِي، وَوَاللَّهِ إنِّي لأَعْلَمُ أَيُّ لَيْلَةٍ هي، هي اللَّيْلَةُ الَّتي أَمَرَنَا بهَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بقِيَامِهَا، هي لَيْلَةُ صَبِيحَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، وَأَمَارَتُهَا أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ في صَبِيحَةِ يَومِهَا بَيْضَاءَ لا شُعَاعَ لَهَا.” [حديث صحيح – صحيح مسلم].
لكن الذي ورد صحيحًا عن النبي – صلى الله وسلم – أن هذه الليلة يكون فيها القمر مثل شق جفنة أي يشبه نصف طبق الطعام، فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن الرسول أنه قال:
“ تَذَاكَرْنَا لَيْلَةَ القَدْرِ عِنْدَ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: أَيُّكُمْ يَذْكُرُ حِينَ طَلَعَ القَمَرُ وَهو مِثْلُ شِقِّ جَفْنَةٍ؟” [حديث صحيح – صحيح مسلم].
أحاديث عن وقت ليلة القدر
بعد أن تعرفنا على حديث الرسول عن ليلة القدر وعن أمارات يتم الاستدلال بها عليها، نتعرف على الوقت التي يمكن أن تكون فيه، وهو مؤكد أنه في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك ولكن أي ليلة؟
لم يتم تحديد ذلك بشكل صريح ونهائي وذلك لحث المسلمين على الاجتهاد في الطاعة ورفع الهمة في العبادة والقيام والصلاة، فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت:
“كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يجاورُ في العشرِ الأواخرِ من رمضانَ، ويقولُ: تحرَّوا ليلةَ القدرِ في العشرِ الأواخرِ من رمضانَ” [حديث صحيح – صحيح الترمذي].
بعض من أصحاب رسول الله رؤوا في نومهم أن ليلة القدر تقع في آخر سبعة أيام من الشهر الكريم، فعن عبد الله بن عمر – رضي الله عنه –:
“أنَّ رِجَالًا مِن أصْحَابِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أُرُوا لَيْلَةَ القَدْرِ في المَنَامِ في السَّبْعِ الأوَاخِرِ، فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أرَى رُؤْيَاكُمْ قدْ تَوَاطَأَتْ في السَّبْعِ الأوَاخِرِ، فمَن كانَ مُتَحَرِّيهَا فَلْيَتَحَرَّهَا في السَّبْعِ الأوَاخِرِ.” [حديث صحيح – صحيح البخاري].
كما أن الرسول الكريم أخبرنا من باب التيسير أنها ليلة وترية أي يمكن أن تكون اللية الواحد وعشرين أو الثلاثة وعشرين وما تبقى من ليالي وترية، فعن أم المؤمنين السيدة عائشة عن رسول الله أنه قال:
“تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ في الوِتْرِ، مِنَ العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ.” [حديث صحيح – صحيح البخاري].
من باب التيسير والتشجيع على الطاعة في هذه الليلة قد حددها الرسول بشكل أكثر تفصيلًا أنها يمكن أن تكون السابعة أو الخامسة أو التاسعة من آخر أيام الشهر المبارك، فعن عبد الله بن عباس – رضي الله عنه – أن الرسول قال:
“التَمِسُوهَا في العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ لَيْلَةَ القَدْرِ، في تَاسِعَةٍ تَبْقَى، في سَابِعَةٍ تَبْقَى، في خَامِسَةٍ تَبْقَى” [صحيح البخاري – حديث صحيح].
اقرأ أيضًا: متى تكون ليلة القدر
فضل ليلة القدر
بعد أن تعرفنا على موضوع حديث الرسول عن ليلة القدر من عدة جوانب، لا يمكن أن نتغاضى عن الحديث عن فضلها الكبير وما ميزها الله به، فهي الليلة التي أنزل الله تبارك وتعالى فيها القرآن الكريم، الكتاب الذي هو هدى وصلاح ونظام للنفس البشرية، وفي تعليمات الدين الحنيف وسير من سبقونا وغيرها.
يقول الله تعالى:
(إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) [سورة القدر- الآية 1].
ميزها الله وفضلها عن غيرها من الليالي بأن جعلها ليلة مبارك بأن قال:
(إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ۚ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ) [سورة الدُخان – الآية 3]
فالله أنزل كتابه على نبيه في هذه الليلة على مدار ثلاثة وعشرين عامًا، كما أنه أنزل بها صحف إبراهيم والتوراة على نبيه موسى – عليه السلام – والإنجيل على نبيه عيسى – عليه السلام -.
يقُدر الله فيها أمور العباد من أرزاق وعز وذل وغنى وفقر وموت وحياة وكل ما سيحدث على وجه الخليقة في السنة التي تليها، فقال جل وعلى:
(فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) [سورة الدُخان – الآية 4].
عبادة هذه الليلة التي لا تستغرق سوى عدة ساعات تساوي عمل ما يقرب من ثلاثة وثمانين عامًا، فالأجر والثواب فيها كبير ومضاعف، فقال الله تبارك وتعالى:
(لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ) [سورة القدر – الآية 3].
يعمها السلام والأمان والطمأنينة، ففيها تتنزل الملائكة ومنهم جبريل – عليه السلام – ليأمنوا على دعاء العباد، وتتنزل الروح والمقصود بها هم فئة من الملائكة ذات شأن كبير لا يراهم الملائكة العاديين مثلما لا نرى نحن الملائكة، ويظل السلام يعم الأرض حتى تنقضي اللية ويطلع النهار.
فقال الله تعالى:
(تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ، سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ) [سورة القدر – الآيات 4، 5].
اقرأ أيضًا: دعاء اخر ليلة في رمضان
الحكمة من إخفاء ليلة القدر
نختم حديث الرسول عن ليلة القدر بذكر الحكمة الكامنة خلف إخفاء موعدها، فهي من الغيبيات التي يختص الله بها نفسه مثل موعد موت الإنسان وموعد يوم القيامة وغيرها من الأمور التي تخفى علينا، ويمكن القول إن الحكمة من إخفاء هذه الليلة ما يلي:
- ليقوم المسلم بالتركيز في العبادة طوال الشهر الكريم، ولا يختص بذلك الليلة وحدها.
- حتى تكون كافة ليالي الشهر ذات مقدار وقيمة وهمة في العبادة ولا يقتصر على ليلة واحدة.
- تجنب أن يقع المسلم في الإثم الكبير، فمن يقع في معصية وهو يعلم بأنها هي اللية المنشودة ليس كمن يقع في المعصية وهو لا يعلم.
- تحصيل الثواب من الاجتهاد في التماسها وتحريها.
إن ليلة القدر من المنح والنفحات التي يمنحها الله لنا، كما أنه يمنحها في وقت هو في حد ذاته نفحة وهو شهر رمضان الكريم، فعلينا جميعًا أن نشمر عن ساعدي الهمة في العبادة والطاعة طوال الشهر، وأن نقوي من الهمة في العشر الأواخر تحديدًا.