تعاون الرسول مع أصحابه
كيف تعاون الرسول مع أصحابه؟ وما أهمية التعاون في الإسلام؟ فقد دعانا ديننا الحنيف إلى التعاون ورغب فيه في مواضع كثيرة في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة لما فيه خير للمسلمين وتماسك وحدتهم، وخير الخلق المبعوث رحمة للعالمين كان قدوة ومثال لنا في سيرته الشريفة العامرة بمواقف تعاون مع أصحابه من قبل البعثة مرورًا بالهجرة حتى مماته بعد خطبة الوداع.. وسوف نذكر في هذا الموضوع بعض قصص تعاون الرسول مع صحابته الكرام من خلال منصة وميض.
تعاون الرسول مع أصحابه
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعاون الناس علي الخير حتى قبل بعثته الشريفة فكان يسعى لقضاء حوائج الناس وإعانتهم ويشاركهم أحزانهم قبل أفراحهم، وبعد البعثة كان أيضًا خير رمز للتعاون مع الصحابة ـرضي الله عنهم جميعًاـ فكان يشاركهم ويشاورهم في كل أعماله ولا ينفرد برأي أو عمل دونهم حتى يعلمهم ويعلمنا من بعدهم قيمة التعاون وأهميته من خلال سلوكه وهديه معهم.
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربه من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة) رواه البخاري، وفيما يلي سنشير إلى تعاون الرسول مع أصحابه.
أولًا: التعاون في بداية البعثة
إن التعاون قد استقر في أذهان المسلمين منذ الساعات الأولى من بعثة النبي في مكة المكرمة، فعلمهم رسولنا الكريم تلك المعاني الطيبة فأصبحت جزء من سلوكهم وأخلاقهم، فتعاونوا جميعًا على نشر الإسلام رغم صعوبة الأمر وخطورته حينذاك، لكنهم أخذوا يدعون من يرون فيه خيرًا للاستجابة للإسلام وبفضل ذلك دخل العديد من الأفراد في الإسلام.
خير مثال على ذلك الصحابي الجليل (أبو بكر الصديق) الذي صدق دعوة الرسول -عليه الصلاة والسلام- فور بعثته ولم يكتف بذلك -رضي الله عنه- بل ذهب ونشر الدعوة الإسلامية وأسلم على يديه ثلاثة من الصحابة العشر المبشرين بالجنة، فقد أسلم على يديه عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وعبيدة بن الجراح وغيرهم من الصحابة.
اقرأ أيضًا: ولادة الرسول صلى الله عليه وسلم وتربيته وهو صغير
ثانيًا: التعاون أثناء الهجرة النبوية
نجح رسولنا الكريم في الهجرة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة بعد وضع خطة ممتازة، والذي ساعد على نجاحها التعاون الجيد بينه وبين أصحابه الذي أخفقت قريش بما أوتيت من قوة ومال وعدة وعتاد للتفرقة والإيقاع بينهم.. وكانت قريش قد وضعت خطة إزائية لقتل الرسول -عليه الصلاة والسلام- في فراشه وتفريق دمه بين القبائل حتى لا يستطيع أحد من المسلمين أخذ ثأر النبي.
فقام علي بن أبي طالب بالنوم في فراش النبي -صلى الله عليه وسلم- وتغطى بفراشه حتى تنخدع قريش وتظنه لازال نائمًا بينما هو قد رحل مع أبي بكر الصديق وترك مكانه علي بن أبي طالب حتى ينخدعوا ويرد الأمانات إلى أصحابها من أهل مكة، وقد اختار النبي أبو بكر الصديق حتى يرافقه في هجرته وعندها فرح أبو بكر الصديق فرحًا شديدًا لاختيار النبي لصحبته في الهجرة.
كما استعان الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعبد الله بن أريقط ليرشده الطريق إلى المدينة فقد كان خبيرًا بمسالك الطرق المختلفة وأمين فلن يفشي سر الرسول، كذلك عامر بن فهيره الذي طلب منه الرسول أن يرعي الغنم وراء سيرهم حتى يمحو آثار أقدامهم ولا يستعقب خطواتهم أحد من قريش، ومن أمثلة تعاون الرسول مع أصحابه نجد عبد الله بن أبي بكر الصديق الذي كان يأتي إليهم ليلًا حتى يخبرهم بما يحدث ويتداول في مكة من أحداث وأخبار حتى يأخذوا حذرهم.
اقرأ أيضًا: موضوع تعبير عن الرسول القدوة
ثالثًا: التعاون بعد الهجرة
بعد هجرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- من مكة إلى المدينة المنورة وبعدما مر به من عناء السفر في الصحراء القاتلة كان أول شيء أمر به الصحابة هو بناء مسجد للمسلمين للصلاة فيه وكان -صلى الله عليه وسلم- يساعدهم بيده الشريفة في حمل الطوب ومواد البناء، وكان قد بلغ من العمر حينئذ حوالي ثلاثة وخمسين عامًا.
كان صحابته يطلبون منه عدم القيام بشيء والاكتفاء بتوجيههم إلا أنه كان -صلى الله عليه وسلم- لا يرتضي ذلك وكان يعاونهم في كل شيء رغم صعوبة الأمر عليه حتى تم الانتهاء من البناء كاملًا.
اقرأ أيضًا: متى ولد الرسول صلى الله عليه وسلم ومتى توفي
أهمية التعاون في الإسلام
خلق الله البشر وجعل فيهم صفة الاختلاف رحمة بنا فلن تجد أبد أحد مثل الآخر في كل الصفات حتى لو كانوا إخوة من نفس قرابة الدم والرحم الواحد، وذلك حتى يتعاون البشر فيما بينهم ويظل كل منهم في حاجة إلى أخيه، فقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)، وتتجلى أهمية التعاون في الإسلام فيما يلي:
- إن التعاون بين الأفراد على الخير يؤدي للنهوض سريعًا بالمجتمع، فكلما تماسك المجتمع وزاد التعاون بين أفراده نهض وارتقى.
- التعاون هو أحد وسائل نيل رضا الله في الدنيا، فالمسلم الذي يحرص على تنفيذ ما أمر الله به ويتخلى عن الأنانية وحب الذات ويؤثر مساعدة أخيه المسلم على نفسه، فسيجازيه الله خير الجزاء في الدنيا ويدخله الجنة في الآخرة.
- لا شك أن التعاون يزيد أواصر الإخاء والرحمة والتراحم بين أفراد المجتمع مما يجعله قويا شديد البأس غير قابل للتصدع والتفكك.
- نشر العلم والمعارف والخبرات المختلفة، فالتعاون ليس مقتصرًا على الأمور المادية فقط، فإن تبادل المساعدات المعرفية والأفكار والآراء يعزز البناء الثقافي للمجتمع.
- يؤثر على الفرد والمجتمع بشكل مباشر؛ فهو يسهل وصول الفرد إلى منفعته بسرعة وإتقان بما يوفر الوقت والجهد (فالمرء قليل بنفسه كثير بإخوته).
إنّ مواقف تعاون الرسول مع أصحابه في السنة النبوية متعددة ومختلفة، وهو القدوة الحسنة لنا في كل أفعالنا وأقوالنا، فالأولى بنا أن نهتدي بهديه ونتبع سنته الشريفة، فقد كان خلقه القرآن.