دعاء سيدنا سليمان المستجاب
دعاء سيدنا سليمان المستجاب قد جاء له تفسيرات مختلفة من قبل كبار المفسرين والفقهاء، وذلك لأن به طلب لا يجب لعبد أن يعتدي به في دعائه وتضرعه لله تعالى، لذا فيما يلي نتناوله عبر منصة وميض بالضبط لفهمه ومعرفة مدى علوّ منزلة الأنبياء لدى الله سبحانه وتعالى.
دعاء سيدنا سليمان المستجاب
إن التضرع لله تعالى من العبادات الجميلة وأقربها إليه، فهي ما تساهم في زيادة الترابط ما بين العبد وربه، كما تقوي من العلاقة ويُعزز قبول الدعوات باتباع آداب الدعاء مع تحري ساعة الاستجابة، ومن الجدير بالذكر أن هناك بعض الأدعية المأثورة عن الأنبياء ـ عليهم السلام ـ يكون في ترديدها خير لقائلها.
فمن السنة ترديد دعاء سيدنا يونس حينما كان في باطن الحوت قائلًا
“لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين”
فإن قائله يخرج من ضيق الكرب والهم إلى واسع الفرج.
كذلك من ضمن الأدعية المأثورة عن الأنبياء ـ عليهم السلام ـ هو
” رب اغفر لي وهب لي ملكًا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب “
وهو دعاء سيدنا سليمان المستجاب، فقد ردده من ثم أعطاه الله تعالى جاه لم يكن لأحد من قبله ولا بعده.
اقرأ أيضًا: دعاء سيدنا سليمان للزواج
اختلاف الفقهاء حول دعاء سيدنا سليمان
من الجدير بالذكر بعد التعرف على دعاء سيدنا سليمان المستجاب التنويه أن هناك اختلاف ما بين الفقهاء بخصوص جواز ترديده من قبل أمة الإسلام، فالبعض منهم قد قال إنه من الجائز ترديده إلى “اغفر لي” ولا يجب أن يتم الطلب من الله تعالى ما هو مستحيلًا.
فمن الآداب في التضرع لله تعالى ألا يكون هناك مجالًا للاعتداء، بينما البعض الآخر قد قال إنه كان دعاء لسيدنا سليمان ـ عليه السلام ـ له معنًا آخر، وفي الفقرات التالية نتناول تفسير الدعاء.
تفسير دعاء سيدنا سليمان
إن دعاء سيدنا سليمان المستجاب قد جاء فيه العديد من التفسيرات لفقهاء كبار، وفيما يلي نتناول معناه بالنسبة لكل منهم:
1- ابن كثير
يقول ابن كثير إن النبي سليمان ـ عليه السلام ـ كان يسأل ربه أن يعطيه الملك الذي لا يكون لأحد من بعده من البشر، والمعنى في هذا يكون ألا يقدر أحد من البشر أن يملكه من بعده أو يسلبه منه.
الجدير بالذكر أن هذا التفسير هو ما يتضح في النص للدعاء، كما أنه جاء في السنة النبوية الشريفة ما يدل على هذا بحديث شريف عن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ الذي يوضح أنه بذات يوم قد كان جن يرغب في أن يقطعه عن الصلاة ويشغله عنها بتشويش أفكاره.
لكن الله تعالى قد مكنّه من دفعه عن نفسه، وأراد النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ أن يقوم بتقييده في عمود من أعمدة المسجد لكي يراه الناس حين يصبحون، ولكنه تذكر دعاء سيدنا سليمان المستجاب “رب اغفر لي وهب لي ملكًا لا ينبغي لأحد من بعدي” فتركه.
حيث إن القدرة على الجن والتسلط عليهم من ضمن مُلك سيدنا سليمان ـ عليه السلام ـ لذلك تركه النبي وامتنع عن ذلك وفي هذا الموقف وفاء من سيدنا محمد ـ عليه الصلاة والسلام ـ ومعنًا آخر ألا وهو جواز ربط الأسير في المسجد وتركه به.
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال:
“ إنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الجِنِّ تَفَلَّتَ البَارِحَةَ لِيَقْطَعَ عَلَيَّ صَلَاتِي، فأمْكَنَنِي اللَّهُ منه فأخَذْتُهُ، فأرَدْتُ أَنْ أَرْبُطَهُ علَى سَارِيَةٍ مِن سَوَارِي المَسْجِدِ حتَّى تَنْظُرُوا إِلَيْهِ كُلُّكُمْ، فَذَكَرْتُ دَعْوَةَ أَخِي سُلَيْمَانَ: رَبِّ هَبْ لي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لأحَدٍ مِن بَعْدِي، فَرَدَدْتُهُ خَاسِئًا.” [صحيح البخاري].
2- تفسير القرطبي
من ضمن التفسيرات التي جاءت في دعاء سيدنا سليمان المستجاب هو الخاص بالشيخ القرطبي، فقال إن نبي الله سليمان قد طلب منه أن يغفر له ذنوبه، وأوضح بالنسبة لنقطة كيف يطلب النبي من الله تعالى دعوة تُذمّ ولا تصح.
قائلًا إن الله تعالى يعطي العباد حقوقهم بقدر ما يستحقون، وأن منزلة العبد ترتفع بإقامة حدود الله تعالى وتعظيم شعائره، وأن الدعاء الخاص بالنبي لم يكن حبًا في الدنيا فمن صفة الأنبياء هي الزهد في الدنيا، ولكنها كانت طلب مملكتها لله، كما طلب سيدنا نوح ـ عليه السلام ـ من الله تعالى أن يهلك من على الأرض.
اقرأ أيضًا: قصة سيدنا سليمان كاملة
3- كتاب السعدي
من ضمن التفسيرات التي وُضعت في معنى دعاء سيدنا سليمان ـ عليه السلام ـ هو أنه طلب من الله تعالى أن يغفر له ذنبه، فاستجاب لذلك الله تعالى، بل وزاده في ملكه بما لم يحصل عليه أحد من قبله أو بعده وهو أن سخر له شياطين يغوصون في البحر كي يستخرجون منه الحلي له ويبنون له، ومن يعصي أمره كان يُصفد.
4- تفسير الطبري
قد قال الطبري إن سليمان ـ عليه السلام ـ قد دعا الله تعالى أن يغفر له ذنبه ويرزقه ملكًا لا يتم سلبه من بعده ولا يتمكن أحد من الحصول على مثله، والسلب هنا كان كما سلبه الشيطان من قبل منه حسب أقوال أهل التأويل.
5- عطاء بن أبي رباح
قد فسر عطاء بن أبي رباح دعاء سيدنا سليمان المستجاب إنه كان يطلب ألا يتم سلب الملك منه كما قد تم سلبه من قبل، وقد قيل إن نبي الله قد طلب منه ذلك حتى تكون معجزته أمام الناس ورسالته، ولكي تكون علامة له بأن توبته مقبولة.
فاستجاب الله له تعالى وقد كان لسليمان ـ عليه السلام ـ ملكًا لم يكن لأحد من قبله ولا بعده، وهو القدرة على تسخير الطير والرياح والجان.
اقرأ أيضًا: أين كان يعيش سيدنا سليمان عليه السلام
أدعية مأثورة عن الأنبياء
بعد التعرف على دعاء سيدنا سليمان ـ عليه السلام ـ المستجاب فمن الجدير بالذكر أن هناك بعض من الأدعية الأخرى التي تساهم في جلب الرزق وزيادة الخير في الحياة، ومن الممكن ترديدها بدلًا من دعاء النبي الذي لا يجب طلب عبد له:
- اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمتُ منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمتُ منه وما لم أعلم.
- رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ المُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ [يوسف 101].
- رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي *وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي [طه 25-32].
- رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ
- لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ.
- اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار، وعذاب النار، وفتنة القبر، وعذاب القبر.
- اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت.
- اللهم أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك.
- رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ.
- قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا * وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا [مريم 2 – 5 ].
إن دعاء سيدنا سليمان ـ عليه السلام ـ قد كان مستجاب لأنه من نبي كريم، وقد جاءت تفسيرات العلماء له مختلفة ولكن من المؤكد أنه كان طلبًا من نبي لربه وهو ما جعله مستجابًا ليصبح معجزته ورسالته.