عدد المسلمين والمشركين في غزوة بدر
عدد المسلمين والمشركين في غزوة بدر كان قليلًا مقارنةً بعدد المشركين، ولكن استطاع المسلمون أن يحققوا نصرًا ساحقًا كتب في كتب التاريخ، وتسمى غزوة بدر بغزوة بدر الكبرى، أو غزوة الفرقان، ووقعت الغزوة في العام الثاني من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت بداية لتحقيق نصر عظيم على أمة المسلمين، ومن خلال منصة وميض سنعرف كم كان عدد المسلمين والمشركين في غزوة بدر.
عدد المسلمين والمشركين في غزوة بدر
غزوة بدر من أهم الغزوات التي كتبت التاريخ الإسلامي، ووقعت في السابع عشر من رمضان عام اثنين من الهجر، وقاد الغزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسميت باسم غزوة بدر نسبةً إلى منطقة بدر بين المدينة المنورة، ومكة المكرمة، وكانت آية من آيات الله -جل وعلا- فرغم عدد المسلمين القليل استطاعوا ردع المشركين وهزيمتهم شر هزيمة.
كان عدد المسلمين حوالي ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلًا، وقيل أربعة عشر أو سبعة عشر، وذكر الإمام مسلم في صحيحه أن عددهم كان ثلاثمائة وتسعة عشر رجلًا، وكان منهم 61 رجلًا من الأوس، و170 رجلًا من الخزرج، والبقية من المهاجرين، أما عدد المشركين فكان يفوق الألف، وسبحان من جعل فئة قليلة تغلب فئة كبيرة بإذنه، رغم أن الفارق في عدد المسلمين والمشركين في غزوة بدر كبير.
بعد أن رسخ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مبادئ دولته في المدينة المنورة، اهتم بنشر الاستقرار والسلام في المدينة، ولكن قريشًا كانت تريد الانتقام من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد رجوعه من مكة المكرمة، وكانت علاقة قريش بالقبائل المجاورة قوية فكانت تسعى لإيذاء المسلمين حتى بعد أن خرجوا من مكة.
كانت قريشًا قد سلبت أموال المسلمين في مكة، واستحوذت على أغراضهم، والله -جل وعلا- لم يكن قد أذن للمسلمين بقتال المشركين من قريش، واليهود، إلى أن نزل قوله سبحانه وتعالى:
(أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّـهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) (سورة الحج: 39).
بعد ذلك تغير حال المسلمين وأصبحوا يدافعون عن حقوقهم، وأموالهم من قريش، فكانت البداية التمهيدية لغزوة بدر هو مرور قافلة من قريش محملة بالبضائع تقدر بخمسين ألف دينار، وعلى رأسها أبو سفيان، فأمر الرسول وقتها الاستيلاء على تلك القافلة، وقال صلى الله عليه وسلم: (هذه عيرُ قريشٍ فيها أموالُهم، فاخرجوا إليها لعلَّ اللهَ أن يُنفِلَكموها)، ورأت قريش أن ذلك إنذار بحرب بينهم وبين المسلمين.
اقرأ أيضًا: طلع البدر علينا مكتوبة
أحداث غزوة بدر
بدأ الرسول -صلى الله عليه وسلم- في إعداد تجهيزات الحرب فلم يدرب جنوده على القتل، والبطش، وإنما بدأ بتعليمهم جانب الحرب التربوي، ويوضح لهم مرتبة المجاهد في سبيل الله جل وعلا، ونبهم لأساسيات الحر ألا يقطعوا شجرً، ولا يقتلوا شيخًا أو امرأة، وبدأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قطع الطريق على قوافل قريش المتجهة إلى الشام.
قام النبي -صلى الله عليه وسلم- بعقد مجلس شورى مع أصحابه يستشيرهم في قطع الطريق على قافلة أبو سفيان، فأيد عمر بن الخطاب رأي النبي -صلى الله عليه وسلم- وكذلك المقداد بن عمرو رضي الله عنه، وهنا قال المقداد كلامًا من ذهب لرسول الله صلى الله عليه وسلم:
( يَا رَسُولَ اللَّهِ، امْضِ لِمَا أَرَاكَ اللَّهُ فَنَحْنُ مَعَكَ، وَاللَّهِ لاَ نَقُولُ لَكَ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى: اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاَ إِنَّا هَا هُنَا قَاعِدُونَ، وَلَكِنِ اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاَ إِنَّا مَعَكُمَا مُقَاتِلُونَ، فَوَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَوْ سِرْتَ بِنَا إِلَى بَرْكِ الْغِمَادِ لَجَالَدْنَا مَعَكَ مِنْ دُونِهِ حَتَّى تَبْلُغَهُ).
فقام سعد بن معاذ أيضًا وقال للنبي صلى الله عليه وسلم: (لكأنك تريدنا يا رسول الله؟ … فَوالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، لَوِ اسْتَعْرَضْتَ بِنَا هَذَا الْبَحْرَ فَخُضْتَهُ لَخُضْنَاهُ مَعَكَ، مَا تَخَلَّفَ مِنَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ … فَسِرْ عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ)، وحينها بدأ النبي -صلى الله عليه وسلم- بالاستعداد للحرب الكبرى التي سيقضي المسلمون فيها على أذى المشركين من قريش، وقام وقتها النبي بتوزيع المهام إلى أصحابه.
أسباب غزوة بدر
لم تكن الغزوة بغرض هزيمة قريش فقط، وإنما وجدت أسباب عدة دفعت المسلمين للجهاد في سبيل الله، وسوف نتعرف فيما يلي على أسباب غزو بدر ضمن موضوع مقالنا عدد المسلمين والمشركين في غزوة بدر، لنتابع:
- جعل كلمة الله هي العليا، وكلمة الذين كفرو السفلى، فكان الهدف الأساسي من الحرب هو إعلاء الحق، وإرهاق الباطل.
- إنهاء خطر قريش على المسلمين، وذلك بدايةً من تعطيل طرق قوافل قريش إلى الشام.
- رغبة المسلمين في أخذ حقوقهم، وممتلكاتهم التي نهبتها منهم قريش قبل رحيلهم.
- غضب قريش بسبب ذهاب النبي -صلى الله عليه وسلم- مع سريته إلى منطقة نخلة بين مكة المكرمة، والمدينة المنورة.
إجراءات النبي في الغزوة
بدأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوزع المهام على أصحابه ليستعد للحرب الكبرى، فقام بتعيين مصعب بن عمير قائدًا للواء المسلمين، فجعله يحمل راية بيضاء، وعين الزبير بن العوام -رضي الله عنه- قائدًا لميمنة الجيش، وعين المقداد بن عمرو قائدًا على ميسرة الجيش، ولى ابن أم مكتوم الخلافة على المدينة المنورة، وعلى الصلاة بدايةً.
أعاد بعد ذلك أبا لبابة ليستخلف المدينة بعد وصوله إلى الروحاء، وكان الجيش مقسمًا إلى قسمين، جيش المهاجرين وجيش الأنصار، وجعل علي بن أبي طالب حامل لواء المهاجرين، وسعد بن أبي وقاص حامل لواء الأنصار.
اقرأ أيضًا: هل أبو جهل عم الرسول
تحرُّك الجيش الإسلاميّ
بدأ تحرك الجيش الإسلامي حينما علموا بقدوم قافلة أبو سفيان، فاتجه النبي -صلى الله عليه وسلم- مع أصحابه ليوقعوا بقافلة أبو سفيان، وحينها طلب أبو سفيان الدعم من مكة حيث بعث ضمضم بن عمرو ليستصرخ أهل مكة في اللحاق به، ولكنه لم ينتظرهم، فكان ذا ذكاء وحنكة، واستطاع أن يهرب من جيش النبي صلى الله عليه وسلم، وغير مسار القافلة.
بعدما رأت قريش ضمضم بن عمرو يستصرخهم بدأوا في تحضير عدتهم، وذهبوا متجهين إلى بدر ليلاقوا النبي صلى الله عليه وسلم، بالرغم من أن أبا سفيان أخبرهم بنجات القافلة من الجيش الإسلامي إلا أن أبا جهال اتجه بألف مقاتل، منهم ستمائة يلبسون دروعًا، وكان معهم سبعمائة خيل، وبعير، وراحوا إلى بئر بدر، وظلوا فيه ثلاثة أيام يمكنون سيطرتهم، وهيبتهم.
عندما علم النبي -صلى الله عليه وسلم- بأمر تغير اتجاه القافلة أراد أن يذهب لأقرب بقعة مياه من بئر بدر ليسيطر عليها قبل أن يصل إليها مشركو قريش، وبالفعل نزل جيش المسلمين في مكان أشاره الحباب بن منذر على النبي صلى الله عليه وسلم، وقضى جيش المسلمين مع النبي، وظلوا مستعدين لملاقاة العدو، وظل النبي -صلى الله عليه وسلم- يدعوا ربه، ويستبشر خيرًا.
دعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ربه قائلًا: (اللهمَّ أين ما وعَدتَني؟ اللهمَّ أنجِزْ ما وعَدتَني، اللهمَّ إنْ تَهلِكْ هذه العِصابةُ مِن أهلِ الإسلامِ فلا تُعبَدُ في الأرضِ أبدًا)، وأنزل الله -جل وعلا- عليهم مطرًا ليطمئن قلوبهم، ويثبتها على الحق، حيث قال الله -جل وعلا- في كتابه:
(إِذ يُغَشّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيكُم مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذهِبَ عَنكُم رِجزَ الشَّيطانِ وَلِيَربِطَ عَلى قُلوبِكُم وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقدامَ) (سورة الأنفال: 11).
بداية إندلاع غزوة بدر
كان عدد المسلمين والمشركين في غزوة بدر غير متقارب فكان الجيش الإسلامي ثلاثمائة وتسعة عشر جندي، وجيش المشركين يتعدى الألف مقاتل، وفي اليوم السابع عشر من رمضان لعام اثنين من الهجرة التقى الجيشين، جيش المشركين ويملك ألف مقاتل، بينما جيش المسلمين لا يتعدى ثلاثمائة وتسعة عشر مقاتلًا.
بدأ إندلاع غزوة بدر بتحدي ثلاثة من فرسان قريش لثلاثة من جيش المسلمين، وخرج من المسلمين علي بن أبي طالب، وعبيدة بن الحارث، وحمزة بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم، ومن هنا غضبت قريش وبدأت حربها ضد النبي، واشتعلت الحرب بينهم وكانت من أشرس الحروب التي خاضوها.
ظل النبي -صلى الله عليه وسلم- يدعوا ربه اللهمَّ آتِ ما وعدتَني وظل يتضرع إلى الله -جل وعلا- وكان يحفز جيشه بقوله: (قُومُوا إلى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأرْضُ)، وجاءه أبو بكر الصديق يخبره: (يا نبيَّ اللهِ، كفاك مُناشَدتُك ربَّك؛ فإنَّه سيُنجِزُ لك ما وعَدَك).
جاء أمر الله بأن أوحى للنبي صلى الله عليه وسلم: (إِذ تَستَغيثونَ رَبَّكُم فَاستَجابَ لَكُم أَنّي مُمِدُّكُم بِأَلفٍ مِنَ المَلائِكَةِ مُردِفينَ) (سورة الأنفال: 9)، وأنزل إليه الملائكة يقاتلون معه، ونزل قول الله تبارك وتعالى:
(أَنّي مَعَكُم فَثَبِّتُوا الَّذينَ آمَنوا سَأُلقي في قُلوبِ الَّذينَ كَفَرُوا الرُّعبَ فَاضرِبوا فَوقَ الأَعناقِ وَاضرِبوا مِنهُم كُلَّ بَنانٍ) (سورة الأنفال: 12).
بالفعل قد استجاب الله -جل وعلا- لنبيه آتاه ما وعده، ورغم عدد المسلمين والمشركين في غزوة بدر المتفاوت لكن الله صدق وعده، وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذنه.
اقرأ أيضًا: معلومات عن عمر بن الخطاب
نتائج غزوة بدر
ترتب على غزوة بدر العديد من النتائج المفرحة على قلوب المسلمين، وسوف نعرض لكم نتائج غزوة بدر، وذلك في إطار موضوع مقالنا عدد المسلمين والمشركين في غزوة بدر، من خلال ما يلي:
- إعلاء كلمة الله في الأرض، ورفع لواء الإسلام.
- انتصار المسلمين على المشركين، وبداية حركة الفتوحات الإسلامية.
- قتل زعيم المشركين عمرو بن هاشم، وهو أبو جهل.
غزوة بدر من أعظم غزوات النبي -صلى الله عليه وسلم- فيها بدأ التاريخ الإسلامي يخط سطوره الأولى في كتب التاريخ، ولا أحد يمكنه نكران ذلك، وكان نصر المسلمين في الغزوة بسبب قوة إيمانهم بالله.