أجمل ما قاله المتنبي
أجمل ما قاله المتنبي يجذب النفس الرقيقة ويأسر القلب، فجميعنا لا يغفل عنا دور المتنبي الكبير في إطلاق الكثير من الأشعار في المواقف المختلفة التي تتنوع ما بين الحب والاشتياق والعتاب والغزل، وغيرها من المشاعر الأخرى التي أبدع في قول الأشعار بها، لذا اهتم منصة وميض أن يقدم لكم اليوم أجمل ما قاله المتنبي، وذلك عبر السطور القادمة.
أجمل ما قاله المتنبي
في البداية نتعرف على من هو المتنبي، ونجد أن اسمه الحقيقي هو أحمد بن الحسين أبو الطيب الكندي، ويطلق عليه المتنبي في عالم الشعر والقصائد، ولد المتنبي في مدينة الكوفة في العراق، وأصبح من أشهر شعراء العرب وأكثر تمكن من اللغة العربية بشكل عام.
حيث بدأت علامات النباهة تظهر على المتنبي منذ الصغر فكان يتمتع بقدر عالي من الذكاء الأمر الذي جعله يذهب إلى إحدى مدارس الكوفة، ومن ثم رحل إلى منطقة تطلق عليها بداية السماوة وذلك لينهل من ينابيع، ويحصل على أساس اللغة العربية الفصحى، فبدأ أن يفتح قلبه إلى اللغة العربية القديمة، وحصلت على الكثير من أسراره، فأصبح من أجود الشعرات الذين استخدموا اللغة العربية في كتابة قصائد الشعر المختلفة.
لم يحصل شاعر من شعراء اللغة العربية على المكانة التي حصل عليها المتبني، وذلك لأنه وصل إلى مكانة عالية، فقد كان معجزة إلى الشعراء من بعده، وأصبحت أبياته الشعرية الآن واحدة من مصادر الوحي والإلهام للكثير من الشعراء والأدباء في مختلف المجالات المختلفة.
يعود الأمر في ذلك إلى أن شعر المتنبي كان مبني على مظاهر القوة الشعرية التي قائمة على التجربة الصادقة والإحساس، لذا أبدع المتنبي في شرح أبياته بشكل يأسر القلوب، وذلك لأنه كان يعتمد على المعاني الصافية والجميلة والتي تحمل الكثير من الحكمة، وساعد على إخراج أبيات شعر خالية من القيود والحدود، وابتكر في الطريقة الإبداعية للتعبير عما يشعر به في داخله.
لذا سوف نقدم لكم من خلال هذه الفقرة أجمل ما قاله المتنبي، وذلك كما يلي:
1- أجمل ما قاله المتنبي عن الغزل
يعرف المتنبي بأنه من الشعراء الحكماء، والذين تمكنوا من استخدام اللغة العربية بشكل جيد، ويظل حتى يومنا هذا مصدر إلهام إلى الكثير من الأدباء والشعراء، وذلك لأنه يتصف بالذكاء الشديد، وترك خلفه الكثير من القصائد الرائعة في العديد من المواضع المختلفة.
نشأ المتنبي بين ألفاظ اللغة العربية القديمة، الأمر الذي جعله يميل إلى العاطفة والوجدانية والحكم والمعاني الجميلة، فأصبح يدمج بين الكثير من المشاعر المختلفة، بشكل جعله يسبق الشعراء ويصل إلى درجة عالية من التفوق وخاصة في مطلع قصائده.
كان المتنبي يقوم بإعداد قصائد الغزل والمدح بمهارة كبيرة، وبلاغة متألقة ويعود ذلك إلى أنه كان يتقن فن تأسيس القصيدة على الأسس الفنية الرائعة، مما كان يمنح القصيدة الشخصية المستقلة عن الأخرى.
كما أن أسلوبه كان يمدج ما بين الأسلوب الكلاسيكي للعراق والأسلوب والعناصر الكلاسيكية للشعراء سوريان الأمر الذي جعله من أشهر شعراء العرب القدماء، وأصبح الكثير يكن له المزيد من الاحترام والتقدير وأصبحت قصائده من الأعمال المقدسة لدى البعض، مثل أعمال شكسبير.
بالإضافة إلى أن شعر المتنبي من الأشعار التي تمثل صورة حقيقة وواضحة وصادقة عن التجارب والمواقف والحياة التي عاشها، والتي كانت مليئة بالاضطرابات والثورات المختلفة، وكان يعرض آراءه وآراء المذاهب المختلفة، بالإضافة إلى التمثيل لمشاعره المضطربة خلال هذه الفترة، والتي جعله قادر على التعبير بقوة عما يشعر به.
يعد الشعر من أهم العناصر الثانوية التي كان يشعر بها المتنبي خلال هذه الفترة، يعود ذلك الأمر إلى أنه لم يكن مولع بالنساء ولم ينجذب إلى حياة اللهو والعبث وذلك بسبب انشغاله في حياة طالب المجد والعلى، وكان يسير في هذه القصائد على نفس نهج الشعراء القدامى.
على الرغم من أنه كان يهمل هذا الجانب بشكل كبير ويعوضه بالحكمة أو المدح في أشعاره، فكان يقال على غزل المتنبي الغزل الضعيف، يعود الأمر في ذلك إلى أن غزل المتنبي لم يكن متعلق بامرأة معينة، ولم يكن له الشغف الكبير تجاه واحدة بعينها، فكان يخصص القصائد بشكل مستقل، لغرض الغزل ذاته، كغيره من شعراء الغزل العذري أمثال جميل بثين.
لذا من خلال هذه الفقرة سوف نقدم لكم نموذج من نماذج قصائد الغزل المميزة من ضمن عرضنا إلى أجمل ما قاله المتنبي، وذلك كما يلي:
- كنت ممن يدخل العشق قلبه.. ولكن من يبصر جفونك يعشق
- أغرك مني أن حبك قاتلي.. وأنك مهما تأمري القلب يفعل.
- يهواك ما عشت القلب فإن أمت.. يتبع صداي صداك في الأقبر.
- أنت النعيم لقلبي والعذاب له.. فما أمرّك في قلبي وأحلاك.
- وما عجبي موت المحبين في الهوى …. ولكن بقاء العاشقين عجيب.
- لقد دب الهوى لك في فؤادي… دبيب دم الحياة إلى عروقي.
- خَليلَيَ فيما عشتما هل رأيتما …. قتيلا بكى من حب قاتله قبلي.
- لو كان قلبي معي ما اخترت غيركم … ولا رضيت سواكم في الهوى
- بدلا ً.
- فياليت هذا الحب يعشق مرة….. فيعلم ما يلقى المحب من الهجر.
- عيناكِ نازلتا القلوب فكلهـــــا…… إمـا جـريـح أو مـصـاب الـمـقـتــــلِ.
- وإني لأهوى النوم في غير حينـه… لـــعـل لـقـاء فـي الـمـنـام يـكون.
- ولولا الهوى ما ذلّ في الأرض عاشـق… ولـكن عـزيـز الـعاشـقـيـن ذلـيل.
- نقل فؤادك حيث شئت من الهــــوى…ما الــحـب إلا لـلـحـبـيــــب الأول.
- إذا شئت أن تلقى المحاسن كلها ففـي… وجـه مـن تـهوى جـمـيع
- المحاسن.
- لا تحـارب بنـاظريك فــــؤادي…. فــضــعـيــفــان يــغـلــبــان قـويــــا.
- إذا مـارأت عـيـني جـمالـك مـقـبلاً… وحـقـك يـا روحي سـكرت
- بـلا شرب.
- كـتـب الـدمع بخـدي عـهــــــده… لـلــهــوى والـشـوق يمـلي
- ما كـتـب.
- أحـبك حُـبـين حـب الـهـــــــــــوى… وحــبــاً لأنــك أهـل
- لـذاكـــــا
- رأيـت بهـا بدراً على الأرض ماشـياً… ولـم أر بـدراً قـط يـمشي
- عـلى الأرض.
- قـالوا الفراق غـداً لا شك قـلت لهـم….. بـل مـوت نـفـسي مـن قبل
- الفراق غـداً.
اقرأ أيضًا: لماذا سمي المتنبي بهذا الاسم ؟ وما هي قصة حياته ؟
2- شعر المتنبي عن الحب
هناك الكثير من قصائد الشعر عن حب للمتنبي الذي عمل على كتابتها بأسلوب قوي وتعبير راقي ومشعر دقيقة ورومانسية، وذلك يعود إلى أنه من أفضل شعراء العصر العباسي، الأمر الذي جعله يمدح الكثير من الملوك والأمراء من خلال القصائد المختلفة، وذلك من أجل الحصول على الهدايا والأموال.
فقد نجد أن قصائد المتنبي قد وصلت إلى 326 قصيدة، والتي تتنوع ما بين الحب والمدح والرثاء والهجاء، بالإضافة إلى أنه كان الشاعر الوحيد الذي لا يلقي شعره واقفًا بين يدي سيف الدولة، مما أثار غيرة بقية شعراء البلاط نحوه؛ فكادوا له المكائد.
على الرغم من أن المتنبي له الكثير من القصائد المختلفة التي نالت جميع جوانب حياته المختلفة، وأعماله التي تحتوي على وجهات نظر عديدة، إلا أنه لم يحصل على الاهتمام الكافي في جوانب الحياة الإنسانية المختلفة، وذلك ما سوف نتعرف عليه من خلال عرضنا اليوم إلى أجمل ما قاله المتنبي، وذلك كما يلي:
لِعَينَيكِ ما يَلقى الفُؤادُ وَما لَقي
وَلِلحُبِّ مالَم يَبقَ مِنّي وَما بَقي
وَما كُنتُ مِمَّن يَدخُلُ العِشقُ قَلبَهُ
وَلَكِنَّ مَن يُبصِر جُفونَكِ يَعشَقِ
وَبَينَ الرِضا وَالسُخطِ وَالقُربِ وَالنَوى
مَجالٌ لِدَمعِ المُقلَةِ المُتَرَقرِقِ
وَأَحلى الهَوى ما شَكَّ في الوَصلِ رَبُّهُ
وَفي الهَجرِ فَهوَ الدَهرَ يُرجو وَيُتَّقي
وَغَضبى مِنَ الإِدلالِ سَكرى مِنَ الصِبا
شَفَعتُ إِلَيها مِن شَبابي بِرَيِّقِ
وَأَشنَبَ مَعسولِ الثَنِيّاتِ واضِحٍ
سَتَرتُ فَمي عَنهُ فَقَبَّلَ مَفرِقي
وَأَجيادِ غِزلانٍ كَجيدِكِ زُرنَني
فَلَم أَتَبَيَّن عاطِلاً مِن مُطَوَّقِ
وَما كُلُّ مَن يَهوى يَعِفُّ إِذا خَلا
عَفافي وَيُرضي الحِبَّ وَالخَيلُ تَلتَقي
سَقى اللَهُ أَيّامَ الصِبا ما يَسُرُّها
وَيَفعَلُ فِعلَ البابِلِيِّ المُعَتَّقِ
إِذا ما لَبِستَ الدَهرَ مُستَمتِعاً بِهِ
تَخَرَّقتَ وَالمَلبوسُ لَم يَتَخَرَّقِ
وَلَم أَرَ كَالأَلحاظِ يَومَ رَحيلِهِم
بَعَثنَ بِكُلِّ القَتلِ مِن كُلِّ مُشفِقِ
أَدَرنَ عُيوناً حائِراتٍ كَأَنَّها
مُرَكَّبَةٌ أَحداقُها فَوقَ زِئبَقٍ
عَشِيَّةَ يَعدونا عَنِ النَظَرِ البُكا
وَعَن لَذَّةِ التَوديعِ خَوفُ التَفَرُّقِ
نُوَدِّعُهُم وَالبَينُ فينا كَأَنَّهُ
قَنا اِبنِ أَبي الهَيجاءِ في قَلبِ فَيلَقِ
قَواضٍ مَواضٍ نَسجُ داوُودَ عِندَها
إِذا وَقَعَت فيهِ كَنَسجِ الخَدَرنَقِ
هَوادٍ لِأَملاكِ الجُيوشِ كَأَنَّها
تَخَيَّرُ أَرواحَ الكُماةِ وَتَنتَقي
تَقُدُّ عَلَيهِم كُلَّ دِرعٍ وَجَوشَنٍ
وَتَفري إِلَيهِم كُلَّ سورٍ وَخَندَقِ
يُغيرُ بِها بَينَ اللُقانِ وَواسِطٍ
وَيُركِزُها بَينَ الفُراتِ وَجِلِّقِ
وَيُرجِعُها حُمراً كَأَنَّ صَحيحَها
يُبَكّي دَماً مِن رَحمَةِ المُتَدَقِّقِ
فَلا تُبلِغاهُ ما أَقولُ فَإِنَّهُ
شُجاعٌ مَتى يُذكَر لَهُ الطَعنُ يَشتَقِ
ضَروبٌ بِأَطرافِ السُيوفِ بَنانُهُ
لَعوبٌ بِأَطرافِ الكَلامِ المُشَقَّقِ
كَسائِلِهِ مَن يَسأَلُ الغَيثَ قَطرَةً
كَعاذِلِهِ مَن قالَ لِلفَلَكِ اِرفُقِ
لَقَد جُدتَ حَتّى جُدتَ في كُلِّ مِلَّةٍ
وَحَتّى أَتاكَ الحَمدُ مِن كُلِّ مَنطِقِ
رَأى مَلِكُ الرومِ اِرتِياحَكَ لِلنَدى
فَقامَ مَقامَ المُجتَدي المُتَمَلِّقِ
وَخَلّى الرِماحَ السَمهَرِيَّةَ صاغِراً
لِأَدرَبَ مِنهُ بِالطِعانِ وَأَحذَقِ
وَكاتَبَ مِن أَرضٍ بَعيدٍ مَرامُها
قَريبٍ عَلى خَيلٍ حَوالَيكَ سُبَّقِ
وَقَد سارَ في مَسراكَ مِنها رَسولُهُ
فَما سارَ إِلّا فَوقَ هامٍ مُفَلَّقِ
فَلَمّا دَنا أَخفى عَلَيهِ مَكانَهُ
شُعاعُ الحَديدِ البارِقِ المُتَأَلِّقِ
وَأَقبَلَ يَمشي في البِساطِ فَما دَرى
إِلى البَحرِ يَمشي أَم إِلى البَدرِ يَرتَقي
وَلَم يَثنِكَ الأَعداءُ عَن مُهَجاتِهِم
بِمِثلِ خُضوعٍ في كَلامٍ مُنَمَّقِ
وَكُنتَ إِذا كاتَبتَهُ قَبلَ هَذِهِ
كَتَبتَ إِلَيهِ في قَذالِ الدُمُستُقِ
فَإِن تُعطِهِ مِنكَ الأَمانَ فَسائِلٌ
وَإِن تُعطِهِ حَدَّ الحُسامِ فَأَخلِقِ
وَهَل تَرَكَ البيضُ الصَوارِمُ مِنهُمُ
أَسيراً لِفادٍ أَو رَقيقاً لِمُعتِقِ
لَقَد وَرَدوا وِردَ القَطا شَفَراتِها
وَمَرّوا عَلَيها زَردَقاً بَعدَ زَردَقِ
بَلَغتُ بِسَيفِ الدَولَةِ النورِ رُتبَةً
أَثَرتُ بِها مابَينَ غَربٍ وَمَشرِقِ
إِذا شاءَ أَن يَلهو بِلِحيَةِ أَحمَقٍ
أَراهُ غُباري ثُمَّ قالَ لَهُ اِلحَقِ
وَما كَمَدُ الحُسّادِ شَيئاً قَصَدتُهُ
وَلَكِنَّهُ مَن يَزحَمِ البَحرَ يَغرَقِ
وَيَمتَحِنُ الناسَ الأَميرُ بِرَأيِهِ
وَيُغضي عَلى عِلمٍ بِكُلِّ مُمَخرِقِ
وَإِطراقُ طَرفِ العَينِ لَيسَ بِنافِعٍ
إِذا كانَ طَرفُ القَلبِ لَيسَ بِمُطرِقِ
فَيا أَيُّها المَطلوبُ جاوِرهُ تَمتَنِع
اقرأ أيضًا: شعر المتنبي في الحكمة ومميزات شعره وأهم خصائصه
أجمل ما قاله المتنبي عن الفراق
تنوعت أشعار المتنبي والتي ضمت الكثير من المشاعر المختلفة ومن ضمن هذه الفقرة سوف نتعرف بشكل مفصل حول أشعار المتنبي عن الفراق وذلك من خلال هذه الفقرة، حيث برع المتنبي في شرح مشاعر الفراق وذلك بعد أن ذاع صيت شعره في الكثير من مجالات الحياة المختلفة.
يتميز شعر المتنبي كونه يحمل الكثير من صفات الكبرياء والشجاعة والطموح، بالإضافة إلى الاعتزاز باللغة العربية الفصحى، الأمر الذي اتضح بشكل كبير حول الأبيات الشعرية التي مزجها بين الفخر باللغة العربية والفخر بنفسه.
يقال إن أفضل أشعار المتنبي ما قاله حول المشاعر الاجتماعية المختلفة والتي تتمثل في الفراق والحكمة وفلسفة الحياة بشكل عام، بالإضافة إلى وصف المعارك، ويعود الأمر في ذلك إلى أنه يمتلك الصياغة العربية القوية والتي جعلته مفخرة إلى الأدب العربي بشكل عام.
ذلك لأن شعر المتنبي يحتوي على الإنتاج الغزير بالإضافة إلى الأمثال السائرة التي بها الحكم البليغة، والمعاني والألفاظ المبتكرة، الأمر الذي جعله سهل التنقل والترحال بين الملوك والأمراء بشكل عام، وذلك ساعد بنسبة كبيرة في التطوير من الموهبة الشعرية، وذلك لأنه كان يعتمد على مدحهم في الكثير من أشعاره، وسوف نقدم لكم من خلال هذه الفقرة واحدة من أجمل ما قاله المتنبي عن الفراق والتي تسمى قصيدة فراق ومن فارقت غير مذمم، وتتمثل أبياتها فيما يلي:
فِراقٌ وَمَن فارَقتُ غَيرُ مُذَمَّمِ
وَأَمٌّ وَمَن يَمَّمتُ خَيرُ مُيَمَّمِ
وَما مَنزِلُ اللَذّاتِ عِندي بِمَنزِلٍ
إِذا لَم أُبَجَّل عِندَهُ وَأُكَرَّمِ
سَجِيَّةُ نَفسٍ ما تَزالُ مُليحَةً
مِنَ الضَيمِ مَرمِيّاً بِها كُلُّ مَخرَمِ
رَحَلتُ فَكَم باكٍ بِأَجفانِ شادِنٍ
عَلَيَّ وَكَم باكٍ بِأَجفانِ ضَيغَمِ
وَما رَبَّةُ القُرطِ المَليحِ مَكانُهُ
بِأَجزَعَ مِن رَبِّ الحُسامِ المُصَمِّمِ
فَلَو كانَ ما بي مِن حَبيبٍ مُقَنَّعٍ
عَذَرتُ وَلَكِن مِن حَبيبٍ مُعَمَّمِ
رَمى وَاِتَّقى رَميِي وَمِن دونِ ما اِتَّقى
هَوىً كاسِرٌ كَفّي وَقَوسي وَأَسهُمي
إِذا ساءَ فِعلُ المَرءِ ساءَت ظُنونُهُ
وَصَدَّقَ ما يَعتادُهُ مِن تَوَهُّمِ
وَعادى مُحِبّيهِ بِقَولِ عُداتِهِ
وَأَصبَحَ في لَيلٍ مِنَ الشَكِّ مُظلِمِ
أُصادِقُ نَفسَ المَرءِ مِن قَبلِ جِسمِهِ
وَأَعرِفُها في فِعلِهِ وَالتَكَلُّمِ
وَأَحلُمُ عَن خِلّي وَأَعلَمُ أَنَّهُ
مَتى أَجزِهِ حِلماً عَلى الجَهلِ يَندَمِ
وَإِن بَذَلَ الإِنسانُ لي جودَ عابِسٍ
جَزَيتُ بِجودِ التارِكِ المُتَبَسِّمِ
وَأَهوى مِنَ الفِتيانِ كُلَّ سَمَيذَعٍ
نَجيبٍ كَصَدرِ السَمهَرِيِّ المُقَوَّمِ
خَطَت تَحتَهُ العيسُ الفَلاةَ وَخالَطَت
بِهِ الخَيلُ كَبّاتِ الخَميسِ العَرَمرَمِ
وَلا عِفَّةٌ في سَيفِهِ وَسِنانِهِ
وَلَكِنَّها في الكَفِّ وَالفَرجِ وَالفَمِ
وَما كُلُّ هاوٍ لِلجَميلِ بِفاعِلٍ
وَلا كُلُّ فَعّالٍ لَهُ بِمُتَمِّمِ
فِدىً لِأَبي المِسكِ الكِرامُ فَإِنَّها
سَوابِقُ خَيلٍ يَهتَدينَ بِأَدهَمِ
أَغَرَّ بِمَجدٍ قَد شَخَصنَ وَراءَهُ
إِلى خُلُقٍ رَحبٍ وَخَلقٍ مُطَهَّمِ
إِذا مَنَعَت مِنكَ السِياسَةُ نَفسَها
فَقِف وَقفَةً قُدّامَهُ تَتَعَلَّمِ
يَضيقُ عَلى مَن رائَهُ العُذرُ أَن يُرى
ضَعيفَ المَساعي أَو قَليلَ التَكَرُّمِ
وَمَن مِثلُ كافورٍ إِذا الخَيلُ أَحجَمَت
وَكانَ قَليلاً مَن يَقولُ لَها اِقدُمي
شَديدُ ثَباتِ الطَرفِ وَالنَقعُ واصِلٌ
إِلى لَهَواتِ الفارِسِ المُتَلَثِّمِ
أَبا المِسكِ أَرجو مِنكَ نَصراً عَلى العِدا
وَآمُلُ عِزّاً يَخضِبُ البيضَ بِالدَمِ
وَيَوماً يَغيظُ الحاسِدينَ وَحالَةً
أُقيمُ الشَقا فيها مَقامَ التَنَعُّمِ
وَلَم أَرجُ إِلّا أَهلَ ذاكَ وَمَن يُرِد
مَواطِرَ مِن غَيرِ السَحائِبِ يَظلِمِ
فَلَو لَم تَكُن في مِصرَ ما سِرتُ نَحوَها
بِقَلبِ المَشوقِ المُستَهامِ المُتَيَّمِ
وَلا نَبَحَت خَيلي كِلابُ قَبائِلٍ
كَأَنَّ بِها في اللَيلِ حَملاتِ دَيلَمِ
وَلا اِتَّبَعَت آثارَنا عَينُ قائِفٍ
فَلَم تَرَ إِلّا حافِراً فَوقَ مَنسِمِ
وَسَمنا بِها البَيداءَ حَتّى تَغَمَّرَت
مِنَ النيلِ وَاِستَذرَت بِظِلِّ المُقَطَّمِ
وَأَبلَخَ يَعصي بِاِختِصاصي مُشيرَهُ
عَصَيتُ بِقَصديهِ مُشيري وَلوَّمي
فَساقَ إِلَيَّ العُرفَ غَيرَ مُكَدَّرٍ
وَسُقتُ إِلَيهِ الشُكرَ غَيرَ مُجَمجَمِ
قَدِ اِختَرتُكَ الأَملاكَ فَاِختَر لَهُم بِنا
حَديثاً وَقَد حَكَّمتُ رَأيَكَ فَاِحكُمِ
فَأَحسَنُ وَجهٍ في الوَرى وَجهُ مُحسِنٍ
وَأَيمَنُ كَفٍّ فيهِمُ كَفُّ مُنعِمِ
وَأَشرَفُهُم مَن كانَ أَشرَفَ هِمَّةً
وَأَكبَرَ إِقداماً عَلى كُلِّ مُعظَمِ
لِمَن تَطلُبُ الدُنيا إِذا لَم تُرِد بِها
سُرورَ مُحِبٍّ أَو إِساءَةَ مُجرِمِ
وَقَد وَصَلَ المُهرُ الَّذي فَوقَ فَخذِهِ
مِنِ اِسمِكِ ما في كُلِّ عُنقٍ وَمِعصَمِ
لَكَ الحَيَوانُ الراكِبُ الخَيلَ كُلُّهُ
وَإِن كانَ بِالنيرانِ غَيرَ مُوَسَّمِ
اقرأ أيضًا: من هو الشاعر الذي قتله شعره
هناك الكثير من القصائد الشعرية التي قالها المتنبي في الكثير من المواقف المختلفة، والتي تتمتع بالأسلوب اللائق واللغة العربية المبسطة والمتوازنة لجميع فئات القراء المختلفة، فاستمتعوا بها.